“درب” تنشر استجواب النائبة مها عبدالناصر حول تصفية “الحديد والصلب”: تقاعس وتقصير وشُبهة إفشال متعمد وإضرار بالمال العام
أكثر من ٢٢ صفحة فضلاً عن المرفقات تناول فيها الاستجواب كافة مقومات الشركة وعروض وفرص التطوير المقدمة للشركة
الاستجواب: تقاعس وتقصير من رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام في ممارسة دورهم الدستوري والحفاظ على مقدرات الشعب
هناك شبهة إضرار بالمال العام من خلال تصريحات وزير قطاع الأعمال بأن المصنع “لا يساوي 10 قروش” لتأثيره السلبي على تقييم الأصول والقيمة السوقية
كتب – أحمد سلامة
تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، باستجواب إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس البرلمان، موجه ضد وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، لشروعه ودفعه تجاه قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية.
وحصلت “درب” على نُسخة من الاستجواب الذي تقدمت به النائبة، والذي قالت فيه إنه جاء بشأن “تقاعس وتقصير رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام في ممارسة دورهم الدستوري في الحفاظ على مقدرات الشعب المصري الاقتصادية ممثلة في شركة الحديد والصلب المصرية”.
وتضمن الاستجواب أكثر من ٢٢ صفحة فضلاً عن المرفقات، تناول فيها كافة مقومات الشركة، وحجم التقصير والتغاضي عن عروض وفرص التطوير المقدمة للشركة، كما يبين الاستجواب حجم مسؤولية وزير قطاع الأعمال في الدفع والتوجيه نحو تصفية الشركة، ويفند ادعاءات الوزير القائلة بعدم جدوى أو فرص للتطوير .
وأشارت النائبة خلال الاستجواب المقدم إلى المسؤولية السياسية الواقعة على كل من السيد رئيس الوزراء والسيد وزير قطاع الأعمال العام والتقاعس عن ممارسة دورهم الدستوري في الحفاظ على الشركة، إضافة إلى غياب الرؤية في إدارة ملف شركة هامة لقطاع الأعمال العام ذات أهمية استراتيجية للدولة المصرية.
واتهم الاستجواب وزير قطاع الأعمال بالتقصير في الحفاظ على الشركة من خلال عدم تنفيذ خطة تطوير الشركة بالرغم من وجود أكثر من عرض للتطوير، إضافة إلى شبهة الإضرار بالمال العام من خلال تصريحاته بأن المصنع “لا يساوي 10 قروش” والتأثير السلبي على تقييم أصول الشركة والقيمة السوقية لها قبل الشروع في قرار التصفية على الرغم من حجم الأصول الكبير لها.
وطالب الاستجواب بإصدار بيان حول وقائع وتفاصيل قرار تصفية شركة الحديد والصلب بما فيها تقرير لجنة الخبراء الذي قضى بتصفية الشركة، كذلك ما انتهت إليه اللجنة المثمنة للمتلكات شركة الحديد والصلب الذي صرح الوزير على إثره بأنها لا تساوي 10 قروش.
وأشار الاستجواب إلى أن الشكوك تمتد إلى شُبهة “الإفشال المتعمد”.. لافتًا إلى تصريح سابق للوزير قال فيه إنه “لا جدوى من تطوير الشركة” خاصة في ظل عدم الاستقرار الإداري الذي عانت منه “الحديد والصلب” طوال السنوات الأربع الماضية.
وشددت النائبة على عدم صحة تصريحات الوزير فيما يتعلق بعدم جدوى التطوير في ظل وجود خطط إنقاذ عاجلة تم التقدم بها.. واستعرضت -خلال الاستجواب- نماذج لعدد من خطط الإنقاذ التي تقدمت بها عدة شركات كما أرفقت مذكرة العضو المنتدب التنفيذي المهندس علي عبدالمحسن والتي كان من المفترض تقديمها للعرض على اجتماع الجمعية العامة غير العادية بتاريخ 11 يناير 2021 غير أنه لم يتم عرضها.
تجدر الإشارة إلى أن رسائل تضامن دولية مع عمال الحديد والصلب المعتصمين توالت لرفض تصفية الشركة، حيث أعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب تضامنها المطلق مع عمال شركة الحديد والصلب المهددين بفقد وظائفهم ومورد رزقهم الوحيد بعد قرار وزير قطاع الأعمال بتصفية الشركة وإغلاقها.
وقال بيان للكونفدرالية الديمقراطية، إن عمال مصر كمال المغرب يعانون جراء سياسات الخصخصة وانسحاب الدولة من القطاعات الإنتاجية والخدماتية المختلفة.
وتابعت أن هذا الأمر يزيد من معاناة العمال في كل مكان، وعلى وجه الخصوص إذا كانت سياسات التضامن والحماية الاجتماعية مازالت قاصرة ولا تستطيع استيعاب وحل مشكلات العمالة التي تفقد شغلها وهو ما عرته بوضوح جائحة كورونا.
وذكرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أنه “انسجامًا مع مبدأ التضامن النقابي الدولي مع العمال في كافة أنحاء العالم الذين يتعرضون لهجمة رأسمالية متوحشة تستهدف حقوقهم ومكتسباتهم وحرياتهم النقابية، وإذا تتضامن مع عمال شركة الحديد والصلب المعتصمين للدفاع عن حقهم في العمل”.
وأضافت أنها تتضامن العمال دفاعًا عن تاريخ طويل من العمل الشاق والمضني بنت منه مصر تاريخًا مشرفًا من الصناعة العربية والإفريقية، أنها تؤكد على مسؤولية الدولة في ضمان الحماية الاجتماعية للعمال وضرورة بناء وتجسيد وحدة نقابية دولية لمواجهة الشرسة على حقوق الطبقة العاملة.
كما أعلن الاتحاد العربي للنقابات تضامنه مع عمال شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان وعائلاتهم، وتقديره لمبادرة التصدي لقرار التصفية، داعيا المنظمات النقابية في العالم للتضامن مع العمال في مواجهة عمليات التفويت والتصفية التي تشهدها المؤسسات الصناعية المصرية الكبرى.
وأوضح الاتحاد، في بيان له، أن إعلان الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب، في اجتماعها 11 يناير الحالي، غلق وتصفية مصانع الشركة، وفصل نشاط الناجم عن المحاجر في شركة مستقلة، واضعة بذلك مصير آلاف العمال وعائلاتهم أمام المجهول، يعد استهتارا تاما بمصالح أكثر من 8 آلاف عامل.
وأكد أن القرار خلف احتجاجات عمالية كبيرة، انطلقت بإعلان العمال في 17 يناير الدخول في اعتصام مفتوح داخل مقر الشركة، وسط تضامن شعبي وإعلامي، وانتقادات كبيرة لتصفية أكبر صرح صناعي في مصر، دفع من أجله العمال شهداء خلال إضرابي 1971 و1989.
وتابع: “كان هذا القرار كالقطرة التي أفاضت الكأس، أمام عمليات التصفية والتفويت في المؤسسات الكبرى ذات القدرة التشغيلية العالية، التي تتبعها الحكومة المصرية، بدعوى العجز الاقتصادي لهذه المؤسسات، في غياب تام لخطط إصلاح جدية، توفق بين المردودية الاقتصادية ومصالح العمال.
كانت دار الخدمات النقابية والعمالية ناشدت في وقت سابق كافة المواطنين المصريين من حاملي أسهم شركة الحديد والصلب المصرية الذين آلت إليهم عن طريق الوراثة أو بأي طريق آخر، الانضمام إلى الإجراءات القانونية المزمع اتخاذها بصفتهم أصحاب مصلحة في وقف قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية وإلغائه.
وتقدمت دار الخدمات، بالتعاون مع نواب حزب الإصلاح والتنمية الذي يترأسه النائب السابق محمد أنور السادات، إلى رئيس مجلس النواب بطلب عقد اجتماع مشترك للجنتي الصناعة والقوى العاملة للاستماع إلى وجهات نظر الأطراف ذات الصلة، بشأن قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان.
وقالت الدار في طلبها أن قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية ذات التاريخ العريق والأهمية الكبيرة أصاب الكثير من قطاعات الشعب المصري بالصدمة وأثار جدلاً كبيراً واعتراضات لا يستهان بها داخل البرلمان، وأنها – الدار- من أصحاب المصلحة في بقاء هذه الشركة المتضررين من تصفيتها.
وأرفقت الدار بطلبها تقريراً موجزاً يتضمن أهم المشروعات المقدمة لتطوير الشركة، والمزايا والعائد لاختيار تقرير شركة تاتا، وملخص موجز التقرير النهائي المقدم من شركة تاتا TSC، بشأن إعداد خطة حاكمة لتطوير الشركة للوصول إلى الطاقة التصميمية 1.2 مليون طن منتج نهائي سنوياً، ورؤية مستقبلية للتطوير.
كان عدد من عمال شركة الحديد والصلب المصرية، بالتعاون مع دار الخدمات النقابية والعمالية، أقاموا الدعوى رقم 26731 لسنة 75 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس مجلس الوزراء بصفته، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار بصفته، ووزير قطاع الأعمال العام بصفته، ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية ورئيس الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب المصرية بصفته.
وطلب العمال في دعواهم إلغاء القرار الصادر بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ هذا القرار، وتشكلت هيئة الدفاع عن العمال من كل من الدكتور أحمد حسن البرعي أستاذ التشريعات الاجتماعية، ووزير القوى العاملة الأسبق، والدكتور محمد طه عليوة عضو مجلس الشيوخ ، والمحامي محسن البهنسي، فضلاً عن أشرف الشربيني، ورحمة رفعت.
وتابعت دار الخدمات النقابية والعمالية وقائع الجلسة العامة الساخنة التي شهدها البرلمان يوم الخميس الماضي، التي دُعي إليها وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، لعرض خطة وزارته واستراتيجيات عملها، ومناقشة النواب هذه الخطة وإبداء الرأي فيها.
وعرض الوزير تقريره عن أعمال وزارته وخطة عمله بشأنها، وتحدث في الجلسة 50 نائبا، أبدى غالبيتهم العظمى رفضهم خطة الوزارة واعتراضهم على الأخص على قرار تصفية شركة الحديد والصلب ذات التاريخ العريق والمكانة الخاصة في وجدان الشعب المصري، وأكد المتحدثون على أهمية الشركة كصرح هام من صروح الصناعة المصرية تجب حمايته وتوفير الإمكانيات اللازمة لاستمراره.
وأوضحت الدار أنها إذ تتقدم بالتحية إلى البرلمانيين من كافة الاتجاهات السياسية والانتماءات الحزبية الذين أبدوا اعتراضات جوهرية على القرار الصادم بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية، تبدي دهشتها رغم ذلك من انتهاء الجلسة دون قرار أو نتيجة ملموسة.
وأضافت: نربأ بالبرلمانيين المعترضين أن يكون أداؤهم وجهدهم المتميز في هذه الجلسة مجرد تفريغٌ للغضب الشعبي الذي أثاره قرار تصفية شركة الحديد والصلب، أو استكمالاً لشكل ديمقراطي خالٍ من المضمون، حيث تستمر وزارة قطاع الأعمال في تنفيذ قرارها وخطتها لتصفية الشركة وكأن شيئاً لم يكن.
وأعلنت الوزارة الاتجاه إلى صرف تعويضات سخية للعمال مقابل إنهاء خدمتهم مع تصفية الشركة في محاولة واضحة الغرض لإثناء العمال عن موقفهم القوي وصمودهم العظيم دفاعاً عن شركتهم، وهو ما يعني استمرار خطوات تصفية الشركة رغم الاعتراضات والرفض الشعبي.
وأهابت الدار بالنواب – وعلى الأخص أعضاء لجنة الصناعة- سحب الثقة من وزير قطاع الأعمال العام، والتمسك بالوقف الفوري لقرار تصفية شركة الحديد والصلب، بكل ما يترتب عليه، ثم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق تستمع للأطراف ذات الصلة، وتدرس خطة مجلس إدارة شركة الحديد والصلب العاجلة، والخطط التي سبق أن تقدم بها خبراء محل ثقة وهيئات دولية متخصصة في صناعة الحديد والصلب مثل شركة تاتا للاستثمارات TSC الذين أكدوا جميعاً إمكانية إنقاذ الشركة وإعادة تأهيلها لتحويلها من شركة خاسرة إلى شركة رابحة.
وتابعت: “نطالب أعضاء البرلمان أن يستمعوا إلى صوت سبعة آلاف عامل معتصمين دفاعاً عن شركتهم التي يتمسكون بها وبالعمل من أجل إنقاذها، وأن يحتكموا إلى ضمير ووجدان الشعب المصري وحلمه التاريخي بصناعة وطنية كانت الحديد والصلب صرحاً كبيراً من صروحها”.