حوادث الطرق.. ثقب أسود يبتلع المصريين| 21 ضحية جديدة في “أتوبيس الدقهلية”.. كيف يمكن وقف نزيف ضحايا الأسفلت؟
مصرع 21 بينهم 3 أطفال والبحث مستمر عن ضحايا جدد.. والشرطة تتحفظ على سائق الأتوبيس لحين انتهاء التحقيقات
الإحصاءات الرسمية الخاصة بالوفيات الناجمة عن حوادث السيارات على الطرق تشير إلى أن عام 2021 شهد ارتفاع قدره 15.2%
مطالبات نيابية بإدارة احترافية للطرق الحديثة مع زيادة القوة الشرطية الموزعة على هذه الطرق بالإضافة لتغليط العقوبات على المخالفين
كتب – أحمد سلامة
تتوالى حوادث الطرق وتتكاثر وتنتشر، تتوسع كالثقب الأسود الذي يلتهم أجساد المصريين وحياتهم، تلقي بهم الحوادث على الأسفلت الأسود وسط بِركٍ حمراء من الدماء، أو تقذف بهم إلى التُرع ليلقون مصيرهم غرقًا.
ليست واقعة محافظة الدقهلية جديدة، ذلك الحادث الذي أسفر عن مصرع 21 بينهم 3 أطفال، وإصابة آخرين، ليس الأول من نوعه، لتستمر مأساة المصريين الذين يواجهون خطر الموت في كل مرة يقررون فيها السير على الطرق.
في مصر، تشهد الطرق السريعة من آن لآخر حوادث مروعة، تسفر عن سقوط ضحايا كثر، وتتعدد أسباب هذه الحوادث التي تتكرر بشكل شبه يومي، ما يستلزم خطوات جادة للحد من هذه الحوادث المروعة التي تودي بحياة الآلاف سنويا.
في حادث اليوم المروع، ارتفع ضحايا حادث أتوبيس الدقهلية إلى 21 حالة وفاة بينهم 3 أطفال، عقب انتشال ضحية جديدة من مياه الترعة، فيما تواصل قوات الإنقاذ البحث عن ضحايا جدد.. في وقت تحفظت فيه قوات الشرطة على سائق الأتوبيس، لحين انتهاء التحقيقات في واقعة انقلاب الأتوبيس الذي كان يستقله أكثر من 46 شخصا -أغلبهم طلاب- في ترعة المنصورية قرب قرية منشأة عبدالنبي بمركز أجا محافظة الدقهلية.
الحادث الكبير دفع وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج إلى التوجيه بسرعة التعامل مع تداعيات الحادث لمساعدة الأسر، حيث انتقلت لجنة الإغاثة التابعة لمديرية التضامن الاجتماعي بالمحافظة على الفور لموقع الحادث لمعاينته وحصر الخسائر في الأرواح ومساعدة الأسر والمصابين.
وذكرت الوزارة أنه تقرر صرف مبلغ ٥٠ ألف جنيه في حالة وفاة رب الأسرة، ومبلغ ٢٥ ألف جنيه في حالة وفاة أحد أفراد الأسرة، ومبلغ ٥ آلاف جنيه لكل حالة إصابة وفقا لمدة بقاء المصاب بالمستشفي، كما تقرر صرف مساعدة تكافلية للأسر وتسجيل الأسر على برنامج الدعم النقدي “تكافل وكرامة”.
من جهته، كلف محافظ الدقهلية، الدكتور أيمن مختار، بسرعة التعامل الفوري مع تداعيات حادث بسرعة التعامل الفوري مع تداعيات حادث انقلاب الأتوبيس، ووجه بتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية الفورية، وصرف المساعدات المالية للمصابين ومتابعة حالتهم الصحية أولا بأولا.
في الوقت ذاته، انتقل فريق من النيابة العامة بمركز ميت غمر التابعة لنيابة جنوب المنصورة الكلية لموقع سقوط الأتوبيس، وبدأ فريق النيابة العامة في إجراء معاينة للأتوبيس ومكان سقوطه، وكذلك فريق من الأدلة الجنائية وإدارة مرور الدقهلية لتحديد أسباب الحادث.
تشير الإحصاءات الرسمية الخاصة بالوفيات الناجمة عن حوادث السيارات على الطرق إلى أن عام 2021 شهد 7101 حالة وفاة بارتفاع 15.2 في المائة مقارنة بعام 2020 الذي شهد 6164 حالة وفاة، بينما لقي 6722 شخصا حتفهم في حوادث الطرق في عام 2019، وفيما يتعلق بالإصابات فإن عام 2021 شهد 51511 إصابة بنسبة انخفاض 9.3 في المئة عن العام الذي سبقه والذي سجل 56789 إصابة.
باتت الطرق تثير فزع المواطنين ومخاوفهم في ظل ارتفاع معدلات الوفاة وتقارب الحوادث، ففي أكتوبر الماضي، وبالتحديد في الخامس عشر منه، باشرت النيابة العامة التحقيق في حادثة الطريق الدائري بعد أن تلقت إخطارًا صباح يوم 13 أكتوبر الجاري باصطدام سيارة نقل ثقيل بعدد من السيارات الأخرى في الاتجاه القادم من مدينة السادس من أكتوبر إلى منطقة المريوطية، والذي أسفر عن وفاة شخص وإصابة سبعة آخرين من بينهم أربعة أطفال.
بيان النيابة العامة الذي أصدرته أهاب البيان بكافة المواطنين الالتزام بقواعد وآداب المرور التزامًا حقيقيًّا نابعًا من معتقد الأشخاص أنفسهم، دون انتظار لرقابة أو سعي للفرار منها، فإعمال هذا الفكر بالتطبيق والالتزام الجادِّ الحقيقيِّ هو عنوان للانضباط، ومصدر من مصادر اكتساب الاحترام أمام الشعوب الأخرى، كما أنه مقياس واقعي لتحضر الأمم، ومظهر من مظاهر الاحترام لقوانين البلاد ورقي المجتمعات وتقدمها، وبه تُحفظ الأرواح والممتلكات العامَّة والخاصَّة، ويعمّ به الأمن والسكينة في مجتمعاتنا، وتُصان به الأوطان.
واختتم البيان “وفي هذا الإطار فإن النيابة العامة تحذّر الكافَّة من عدم الالتزام بقواعد وآداب المرور، وتؤكد تصديَها بكلِّ حسمٍ وجديَّةٍ لكافَّة المخالفات المرورية، حتى يعم الانضباط والالتزام في الشوارع المصرية، ويأمن الملتزمون من عواقب رعونة وعدم اكتراث الغير بمخالفاتهم وقلة وعيهم، ويصبح الانضباط مسلكًا طبيعيًّا يتسم به كافَّة المواطنين في ربوع بلادنا الحبيبة”.
قبلها بأيام، لقيت معلمة مصرعها، وأصيبت 14 معلمة أخرى، من بينهن 3 شقيقات، بجروح وكسور متفرقة، في حادث اصطدام سيارة “ميكروباص” بعمود إنارة وانقلابها على الطريق، وذلك في أثناء توجههن من مدينة نجع حمادي بقنا إلى مدرسة خاصة بمركز دارالسلام شرق سوهاج.. وجرى نقل الجثة والمصابين إلى مستشفى دار السلام والمستشفى الجامعى ورفع آثار الحادث من على الطريق الزراعي الشرقي وتولت الجهات المختصة التحقيق.
وفي أغسطس الماضي، وقع حادث مروع في مدينة سمالوط في محافظة المنيا، أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص، وإصابة 13 آخرين، إثر اصطدام سيارة نقل تقل عمالا، وسيارة نقل أخرى.
وقبلها بأيام قليلة، شهد طريق الصعيد الصحراوي الغربي بالقرب من محافظة سوهاج، حادثا مروعا أيضا، أودى بحياة 17 قتيلا، وأدى إلى إصابة خمسة آخرين. ونجم هذا الحادث عن تصادم حافلة نقل ركاب صغيرة (ميكروباص)، بسيارة نقل أثناء محاولة الأخيرة تفادي السيارة التي أمامها.
في شهر يوليو، من بين عدة حوادث، شهدت مصر حادثا مفجعا أيضا إثر اصطدام حافلة ركاب بسيارة نقل بالطريق الصحراوي بمركز ملوي التابع لمحافظة المنيا، جنوبي مصر، وأسفر عن وفاة 23 شخصا وإصابة 33 آخرين.
وتتعدد أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة، ومنها حالة الطرق، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعات المقررة، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وغياب الرقابة والقوانين الرادعة لبعض المخالفات الخطيرة أثناء القيادة، وغيرها.
في تصريحات سابقة، كان ضياء الدين داوود، عضو مجلس النواب، قد قال إنه لا يعرف سبب التغاضي عن زيادة حمولة سيارات النقل، وهي أحد مسببات الحوادث على سبيل المثال، مضيفا “وكما أن الطرق الرديئة تؤدي لحوادث، فإن الطرق السريعة بدون رقابة تتسبب في حوادث أكثر”.
وطالب النائب البرلماني ضياء الدين داوود بإدارة احترافية للطرق الحديثة مع زيادة القوة الشرطية الموزعة على هذه الطرق، بالإضافة لتغليط العقوبات على المخالفين.
تقول منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها، إن نحو 1.3 مليون شخص يلقون حتفهم سنويا نتيجة حوادث الطرق حول العالم، وإن نصف هؤلاء من المشاة ومستخدمي الدراجات الهوائية والنارية، كما ذكر التقرير أن الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق هي السبب الأول لوفاة الأشخاص البالغين من العمر 15 إلى 29 عاما.. فيما تشهد الدول منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل 90 في المائة من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في العالم، على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45 في المائة من المركبات الموجودة في العالم. وتكلف حوادث الطرق في معظم البلدان نحو ثلاثة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.