حنان فكري تكتب : مواسم التكفير واستفراز الأقباط

للتكفير مواسم، فلا يقتصر التكفير على اتباع دين بعينه، أو الجهر بايمان مختلف امام شخص مأفون دينياً، ولا يقتصر على الدواعش والإرهابيين، ولا حتي يمكن القول بأنه ينتمي إلى منطق المتشددين دينياً فقط، الذين يقولون :” انت لا تؤمن بعقيدتي إذاً انت كافر بالنسبة لي فيما يخص عقيدتي”، ودعونا لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فهذا الأمر ضارب في جذور الطائفية المقيتة التي تقبع داخل نفوس العديد من اتباع كل الديانات ولا يقتصر على المتشددين من اتباع ديانة بعينها، ولكن.

والحديث بعد لكن، يختلف عما قبلها تماماً، لأن هناك ما يشبه عملية الارتباط الشرطي، بين مواسم اعياد الاقباط وبين التكفير، فنجد هوجة تكفير تسبق اعياد رأس السنة، والغطاس وأحد السعف،
، والقيامة، وكأن هناك من يتعمد تنغيص متعة وبهجة العيد على الاقباط.

ويبدو أن اقتراب احتفالات رأس السنة الميلادية، استفز مشاعر الفنانة المعتزلة، حنان ترك واشعل فيها الغيرة والدفاع عن السلوك الذي تعتبره صحيحاً من وجهة نظرها، لتستفز هي ايضاً الاقباط، بتصريح على صفحة فيس بوك منسوبة لها، تطالب فيه بعدم الاحتفال تعليقاً علي شراء شجرة عيد الميلاد الكريسماس، التي تعتبر إحدى تقاليد عيد الميلاد وأوسعها انتشارًا، وناشدت متابعيها قائلة: “بلاش صور مع شجرة الكريسماس وبلاش صور مع أي مظاهر معموله للاحتفال بالكريسماس، وبلاش نشتري لاولادنا لبس في حاجة بتدل على الكريسماس او بابا نويل، عشان احتفال الكريسماس عيد ميلاد الرب، يعني ضد ديننا وعقيدتنا اننا نحتفل بيه، بلااااش نحتفل ومتتكسفوش انكم تقولوا للناس مينفعش احنا كمسلمين نحتفل بالكريسماس، واختتمت حنان ترك منشورها لتؤكد للجميع علي وحدانيه الله وكأنها تتعمد زرع الفتنه حيث قالت: “الله لم يلد ولم يولد”

هذا التحريض العلني على الفتنة الطائفية، والتحريض على مقاطعة الاقباط في مناسباتهم الدينية، والتلميح والتصريح بفساد عقيدتهم طبقا لتفسيرات شيوخ الفتنة الذين اكتوينا بفتاواهم، منذ عقود، وما زال الوطن كله يدفع الثمن غالياً، كل ذلك يستوجب المساءلة القانونية، فالكلفة التي ندفعها في ليالي الاعياد غالية جداً، ودائما ما تبدأ بجملة تحريضية مثل تلك التي نشرتها ممثلة معتزلة تتصور ان هذا يقربها الى الله، على حساب سلام وحياة الاقباط. أو انها تجامل الشيوخ الذين استقت من تعاليمهم خلال فترة اعتزالها بعد ان اعتبرت الفن حرام وخطيئة.

الارهاب يبدأ بفكرة، التكفير فكرة، الاخوان فكرة، وللأسف الترويج للأفكار اصبح اكثر سهولة، وللأسف ايضاً الافكار الشاذة تحظى برواج هائل، لذلك نعود الى الوراء بسرعة الصاروخ، فيما يتعلق بالخصوصية العقائدية، وعدم خلطها بالحياة الاجتماعية، لان المستوىات القاعدية من المجتمع تتأثر بالافكار والدعايات المُضلة عبر التواصل الاجتماعي اكثر من المستويات العليا التي تنخرط في العمل العام ولا تعير تلك الدعايات انتباهاً بل تعتبرها حالات طارئة و”تريند” يعبر ثم يأتي آخر.

ربما يقول البعض ان الاهتمام بهذه الدعايات يعتبر في حد ذاته ترويجاً لها، او يدعي البعض سطحيتها وتفاهتها مقارنة بالوضع البائس للاعياد منذ سنوات، لكن على الطرف الآخر من المعادلة هناك من يستغيث:” ماتستخسروش فينا الفرح، والسلام الاجتماعي المبني على الألفة، ماتنكدوش علينا في الاعياد، ولا تحرقوش قلوبنا” أمنيات تصعد الى السماء قبل كل مناسبة قبطية، نحمد الله انها مستجابة منذ ثلاث سنوات فقط، ونتمنى ان يديمها سَكْينة. لكن هذا لن يحدث بدون ردع لمن يجاهر ويحرض ويتباهي ويفخر بتكفير الآخر الديني. لن يحدث دون ارادة جادة في التغيير، امتلكتها السعودية في شهور ، وما زلنا نقاوم منذ عقود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *