حنان فكري تكتب: دُعاة التكفير
مجدي يعقوب، اسم سيخلده التاريخ، عطاء بلا حدود، لا يمكن اختزاله فى سطور راقدة على صفحات الجرائد، امر يدعو للفرح والشكر والتقدير، لكنه يدعو للغيرة ايضاً، تلك الغيرة التي تحسد المعطاء وتتمني له السقوط، والحقد الذي يدفع البعض لتدمير أى طاقة خلاقة، وافساد أى عمل حقيقي، وتشويه كل إنجاز حٌر، ووصم كل مُستقل فى هذا الوطن، لمجرد انه مختلف دينياً، هذا ما فعله البعض مع الإسطورة مجدي يعقوب، الجراح المصرى العالمى الحاصل على جائزة فخر بريطانيا ووسام الاستحقاق البريطانى، وقلادة النيل العظمى لجهوده الوافرة فى مجال جراحة القلب ومؤسس مركز أسوان للقلب.
ففي الأسبوع الماضي ثارت ضجة حول الداعية المتشدد عبدالله رشدي، بعد نشره تلميحات حول تكريم الدكتور يعقوب، عقب ظهوره فى تكريم خاص بالإمارات،أذ كتب رشدى على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”:” ان العمل الدنيوي مادام ليس صادراً عن الإيمان بالله ورسوله، فقيمته دنيوية بحتة، تستحق الشكر والثناء والتبجيل منا نحن البشر في الدنيا فقط، لكنه لا وزن له يوم القيامة: “وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً”.
وكأن الله اعطى كامل علمه لرشدي!! وكأنه نائب الآخرة الذي يقرر من له وزن ومن ليس له وزن يوم القيامة، والتقطت بعض الفضائيات ما كتبه رشدي للتدليل على تشدده، فثار وهاج مقدما بلاغ ضد البعض متهما اياهم بالإفتراء عليه، وعلى المقابل قدم البعض بلاغات ضد رشدي تتهمه ببث تصريح طائفى من شأنه إحداث الفتنة الطائفية بين أبناء النسيج الواحد، وتستمر البلاغات التي دائماً ما تنتهي إلى لا شىء، فى ظل غياب الارادة لوقف تلك المهزلة ، وتظل الأفكار طائرة من دماغ لدماغ حتي تستقر فوق فوهة سلاح يتم تفريغه فى صدور الأقباط لاحقاً، وهنا لن نقف عند تصريح الداعية عبدالله رشدي محل الجدال، والذي تنصل منه وبث مقطعا مرئياً، يؤكد فيه انه لم يذكر اسم الدكتور مجدي يعقوب- في استخفاف فج للرأى العام المصري- لكننا سنمر مروراً سريعا على مجمل افكاره المنشورة عبر صفحته الرسمية على موقع فيس بوك، وبها عشرات الالاف من المريدين والمتابعين.. وهنا مكمن الخطر.
فعبدالله رشدي اعتاد بث آراء، وأفكار تمس سلام المجتمع، واعتاد الحديث عن الكفر والايمان، وتكفير كل من هو غير مسلم قائلاً بوضوح: “ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعددنا للكافرين سعيراً” ولسنا مُطَالبين بمجاملَةِ أحدٍ، وأولئك الذين يجاملون الخلقَ على حساب الحقِّ إنما يكذبون على الله”
ان وصفه لكل من يبتعد عن التكفير بانه يجامل ويكذب على الله، يبرزه في ثوب العالم علم السماء، و كأنه وكيلاً لله فى الارض، امام من يصدقونه، ويمنحون عقولهم امراً بالتوقف،فى حين ان ما يفعله يدخل فى اطار التحريض المعلن على كل مُختلف، وعلى كل من يحاول اعمال عقله ليتعايش سلمياً نداً لند مع الآخر الديني. فيواجه بدعاة تكفير لا يريدون له البقاء فى هذا الوطن سالماً آمناً ابداً. ويتحمل الاقباط دائماً نتائج تلك الاراء، التي يتلقفها المأفونين دينياً، ويطبقونها بلا تفكير. بل وبتجويد يضاف اليه جهل وسوء تصرف.
وإمعاناً فى الوكالة المطلقة تعمد توريط الأزهر فى الآراء الشاذة التي ينشرها، فكتب قائلاً:” التيار التخريبي العلماني الذي يسعى ليل نهار في القنوات والصحُفِ لزعزعةِ إيمان المسلمين بدينهم قد تلقى في الفترة الأخيرة ضربتين موجعتين، الأولى فهي رعاية السيد الرئيس للمؤتمر تجديد الخطاب الديني، الذي انطلق الإمام فيه-كعادته- أسداً هصوراً،والثانية هى كلمات الإمام الأكبر التي جاءت على نسق علمي هادئ رزين، فبينت مواطن التناقض في ذلك الفكر غير السَّوي” وهنا يتحدث رشدي عن تجديد الخطاب الديني وازمة الطيب مع الخشت على هامش ذلك المؤتمر والتي كتبنا عنها هنا سابقاً
الا يعد ذلك تأليباً للنفوس بعضها على البعض، واتخاذه من راي امام الازهر ذريعة لتكفير وسب الناس، واستخدامه لرعاية الرئيس للمؤتمر لاثبات صحة افكاره المتطرفة، ما هى الا تلفيقات تستحق المساءلة القانونية، مما اضطر مؤسسة الازهر بعد الضجة التي احدثتها تصريحاته لإصدار بيان تقدير للدكتور مجدي يعقوب، لتتبرأ من اراء عبدالله رشدي بعدما قررت دار الافتاء وقفه عن اعتلاء المنبر للخطابة، على اثر ما حدث، فماذا ننتظر لوقفه عن توظيف النص للزج بالمجتمع الى مزيد من التوترات الطائفية؟ ماذا ننتظر لحصر مجمل افكاره وارائه، وادانته بها؟ نعم نحن علمانيون فماذا تريد منا ؟ هل تريد قتل العلمانيين الداعين لتجديد الخطاب الديني، يا فضيلة الداعية المجتمع ليس مجموعة من الدعاة، ولا شلة من تجار الدين، حتي تحكمه شريعتك الخاصة، التي تستمدها من توظيف كل ما يرد امامك من نصوص. المجتمع ليس كما وصفته:” ثلة من المرتزقة تمالؤوا على نخب تراث المسلمين، وقد بان فشلُهم” المجتمع نحن جميعنا، ونخب التراث التي تدافع عنها، خرج شيوخ سبقوك بعشرات السنين ليعتذروا عن فتاواهم المستمدة من تلك النخب، وفندها من قبلك دعاة اخرين بهدف تنقية التراث، لا أخفيك سرا يا فضيلة الداعية، انت اخطر على دينك من الملحدين والكفار الذين تقرر انهم فى النار لانهم لم يؤمنوا بالإسلام، انت اخطر على المجتمع من الإرهابيين لانك انت الذى تمهد العقول لكى يحتلها التطرف.