حنان فكري تكتب: الرجم بالحجارة فى موسم “كورونا”

كل الصروح التي شيدها البشر باسم الله، ثم تناحروا على حماية بعضها، وهدم البعض الآخر ها هي تغلق اليوم، بسبب فيروس “كورونا”، كل المعابد والكنائس والمساجد، التي تفوق في أعدادها اعداد المشافي اللازمة لمواجهة المرض، كل الذين كفرونا وباسم الدفاع عن الدين عذبونا ، ثم أباحوا دمائنا، وقتلونا، ولعنوا الغرب الكافر وحاصرونا، اليوم معظمهم يلتزم الصمت، وكما يقول الدكتور طلال صبوح الكاتب السوري: “أنظار الشرق تبحث عن أحفاد جابر ابن حيّان وابن الهيثم وابن سينا والرازي لعلّ في جيوبهم حبة دواء، وعندما تأكدوا أنهم قتلوهم، وغيّبوا ذريتهم بحد السيف، ارتموا بأحضان الغرب الكافر بحثاً عن الحل، ولم ينتظر أحدٌ في الغرب ظهور المخلّص، ولم يسأل أحدٌ في الشرق عن ظهور المهدي، كلّ البشر يحبسون أنفاسهم وينتظرون العلماء.”  لكن هنا نبتة شريرة، رواها الشيطان لا تمل رفع راية الخلاف.

الكل يخضع لذات الإجراءات، الحج والعمرة والتقديس، المعبد والمسجد والكنيسة وكثيرون ممن ظلوا بؤرة تهييج للبسطاء، تنحوا عن المشهد اليوم، وتركوا الكلمة الأخيرة للعلم، لكن النبتة الحرام التي نبتت فى ارض التطرف، وفى شرنقة الاضطهاد،  تأبي التخلي عن فوبيا المؤامرة على بيوت الله، فبعد عدد كبير من الاجراءات الاحترازية، التي اتخذتها الدولة ما زلنا امام هيستريا يصدرها البعض على الجانبين، المسيحي والاسلامي مصحوبة بعند البعض بعد الاغلاق المؤقت للكنائس والغاء صلاة الجمعة،

ما زالت بعض النفوس ترفض العلم، والمنطق، وتستعين بالقدرية التي لا صلة لها بالايمان،وللاسف “اون لاين” فقط، فكثير من اولئك المُتشنجين لا ينزل فعلياً الى دور العبادة، انهم فقط يجلسون خلف الشاشات، ويقومون بعمل اشبه بالعمل الكتائبي،  ويتحدثون عن ايمان مختلف، ايمان القدر، الذى يوازى الاستهتار ويكرس لفكرة ايذاء الآخر والانتحار بترك العلة، وعدم الانصياع لرأى العلم،اما الايمان الحقيقي فى اى دين، فيرفض هذا الفكر، ولا يضع الايمان الذي نحياه بالروح، فى مواجهة مع المنطق والعلم، الذي نستوعبه بالعقل، الايمان لا يدفع الانسان لايذاء الاخر ين تحت دعوى الصلاة فى بيوت الله، هذه البيوت التي اغلقت فى العديد من الدول دون مزايدة من أحد على الدولة او المؤسسة الدينية، والتزم كل مؤمن بيته تاركاً خلفه صلبان الكنائس، حافظاً اياها فى قلبه، فاراً من سجادة الصلاة، مفترشاً اياها فى منزله. تركوا كنيسة المهد والمسجد الحرام، فصارت قلوبهم مذبحاً وكعبة. ولم يكفر احدهم.

وبالرغم من عدم توجه اى شخص من المتشنجين -فيما يخص تحديد او غلق دور العباد-  باعتراض رسمي على اى قرار،الا انهم مستمرون  فى “السفسطة” الفيسبوكية، ولم يتوقف تشنجهم على الايقاف المؤقت للتجمعات فى دور العبادة، بل راحوا ينشرون في المجتمع ان “كورونا” تاديب الهي، وعقاب سماوي، وبينما تواجه الشعوب ازمتها بالأغاني مثلا يحدث فى ايطاليا، نواجه نحن ازمتنا بالشعور بالذنب الديني، ونرجم بعضنا البعض باحجار الخطية، ونجلد ذواتنا، وكأننا نحن سبب خراب الأرض وغضب الله عليها، لذلك جلب لنا “كورونا”!!

 ما كل هذه المشاعر المريضة؟ الله لا يريد حوائطاً مُشيدة وقلوباً غليظة، الله لا يجبر احداً على التوبة، ولا يهدد البشر بالمرض حتى يعودوا اليه،  الله اعطانا الحرية لنسلك ونختار كما نريد، وليس كما هو يريد والا على اى شىء سوف تكون الدينونة ان لم نكن احراراً؟ فها هى الآية الكتابية تقول: ” قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ،” (تث 30: 19) ، الله ليس بظالم حتى يضرب الارض بالوباء لتاديب البشر، لا تنسبوا لله ما ليس فيه، ابقوا صامتين،فالله لا يريد بيوتاً امثالكم يحمونها، ولا ترضيه اوبئة تحصد بنيكم وذويكم، ابقوا صامتين لان كل منكم يسىء لما ينتمى اليه من معتقد. وقد حانت الفرصة العظمى لسقوط مباخر المشعوذين، كما سقطت اقنعتهم فى معركة كورونا.

One thought on “حنان فكري تكتب: الرجم بالحجارة فى موسم “كورونا”

  • 23 مارس، 2020 at 7:08 ص
    Permalink

    ولما رئيس وزراء ايطاليا يكون دا كلامه
    لقد فقدنا السيطرة، الوباء قتلنا نفسيا بدنيا وعقليا، لم نعد نعي ماذا سنفعل، لقد إنتهت جميع الحلول على وجه الأرض، الحل متروك للسماء

    ولما صحف العالم تتكلم عن تقرير صحيفة نيوزويك
    https://arabic.cnn.com/world/article/2020/03/21/prophit-mohammad-coronavirus-newsweek-report-social-reactions

    حضرتك والدكتور طلال صبوح اللى بتستشهدى بكلامه وهو بيقول ( ارتموا بأحضان الغرب بحثا عن الحل )
    اعتقد ان نظرتكم ضيقة جداا وعلمكم على قدكم لأن واضح دلوقتى مين اللى ارتمى بأحضان مين بحثا عن الحل .
    الحل فى ديننا الإسلامى بشهادة الغرب اللى انتوا منتظرين منهم حل

    Reply

اترك رداً على محمد ابوشنادى إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *