حزب التحالف الشعبي الاشتراكي يرفض قانون المسئولية الطبية ويحذرمن خصخصة قطاع الصحة
كتب – أحمد سلامة
أعرب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن رفضه القاطع لمشروع القانون، محذرًا من تداعياته السلبية على القطاع الصحي والأطباء والمواطنين على حد سواء. وأكد الحزب في بيان له أن القانون يمثل امتدادًا لسياسات الخصخصة التي تستهدف قطاع الصحة المصري وتزيد من الأعباء على المواطنين.
وأشار الحزب إلى أن القانون الجديد يأتي في سياق إجراءات وصفها بالعدوانية ضد حق المصريين في الصحة، مشددًا على أن هذه الإجراءات بدأت بالقانون رقم 87 لسنة 2024 الذي ينظم منح التزام إدارة وتشغيل المنشآت الصحية العامة للقطاع الخاص. وأوضح الحزب أن هذه السياسات شملت إعادة تسعير الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية، وتقليص نسبة الأسرَّة المخصصة للعلاج المجاني إلى 25% فقط، بالإضافة إلى قرارات رفع رسوم الكشف الطبي والإقامة بالمستشفيات الحكومية. كما انتقد الحزب زيادة تكلفة النقل بسيارات الإسعاف، والتي أصبحت عبئًا إضافيًا على المواطنين.
وأكد البيان أن قانون المسئولية الطبية الحالي يُعد جزءًا من استراتيجية تسليم القطاع الصحي للقطاع الخاص، تنفيذًا لتوصيات الدائنين الدوليين، بحسب تصريحات وزيري المالية والصحة. وأوضح أن هذه السياسات تتزامن مع نقص حاد في عدد الأطباء العاملين داخل البلاد، حيث يعمل فقط 82 ألف طبيب من إجمالي 212 ألف طبيب مسجلين وحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة. وأشار الحزب إلى أن هذا النقص الكبير ناتج عن هجرة الأطباء للخارج أو استقالاتهم من العمل الحكومي، إذ بلغت استقالات الأطباء 4300 حالة في عام 2022 و4127 حالة في عام 2021.
وعلى الرغم من وجود قوانين مشابهة للمسئولية الطبية في دول أخرى، أكد الحزب أن القانون المصري يتسم بعيوب خطيرة. وأشار إلى أن مشروع القانون الجديد ينزع اختصاص مساءلة الأخطاء الطبية من نقابة الأطباء ولجانها المختصة، ويضعها في يد رئيس مجلس الوزراء، مما يشكل تهديدًا لاستقلالية المهنة. كما أشار البيان إلى أن العقوبات الجنائية، بما في ذلك عقوبة الحبس، تجعل الأطباء عرضة لضغوط كبيرة، مما قد يدفعهم للامتناع عن إجراء التدخلات الجراحية الضرورية أو الحالات المعقدة خوفًا من المساءلة الجنائية.
وفي هذا السياق، شدد حزب التحالف الشعبي الاشتراكي على ضرورة التوصل إلى تشريع يوازن بين حقوق المرضى والأطباء. وأكد البيان أن الأخطاء الطبية قضية علمية تحتاج إلى معالجة متخصصة وليس إلى عقوبات جنائية. وأوضح أن النقابة العامة للأطباء سبق أن قدمت مشروع قانون متكامل يُفرق بين المضاعفات والأخطاء والجرائم الطبية. ووفقًا لهذا المشروع، يتم التعامل مع المضاعفات دون عقوبة، بينما تُعوض الأخطاء من صندوق خاص يساهم فيه جميع الأطباء، وتُترك الجرائم الطبية الواضحة لقانون العقوبات.
وأكد الحزب أن مشروع القانون الحالي مليء بالثغرات، أبرزها تغييب دور لجنة المسئولية الطبية في تحديد الأخطاء، واللجوء مباشرة للقضاء. كما أشار إلى فرض أعباء مالية جديدة على مقدمي الخدمات الصحية لصالح صندوق التعويضات، دون توفير الحماية الكافية للطواقم الطبية من الاعتداءات. واعتبر الحزب أن العقوبات المقررة على المعتدين على الأطباء ليست كافية لردع تلك الممارسات.
وطالب الحزب الحكومة بالرجوع إلى التجارب الناجحة في الدول العربية والأجنبية، والعودة إلى مشروع القانون الذي قدمته نقابة الأطباء، والذي يتضمن حلولًا علمية ومتوازنة. كما دعا الحزب إلى وقف خصخصة القطاع الصحي، وزيادة الإنفاق الحكومي على الصحة لضمان حق المصريين في الحصول على خدمات صحية مناسبة وميسرة.
وأكد حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن السياسات الحالية لا تضع في اعتبارها واقع القطاع الصحي الذي يعاني من نقص في الموارد والبنية التحتية. وأشار إلى أن تحميل المرضى الفقراء تكاليف علاج تفوق قدراتهم هو انتهاك صريح لحقوقهم الأساسية. وختم الحزب بيانه بشعار: “لا لخصخصة الصحة.. لا لقانون المسئولية الطبية.. نعم لزيادة الإنفاق الحكومي على الصحة”، معربًا عن استعداده للعمل مع القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني للتصدي لهذه السياسات التي تضر بمصالح الشعب المصري.
ويُتوقع أن يستمر الجدل حول مشروع القانون في ظل تصاعد الانتقادات من الأطباء والأحزاب السياسية وبعض المنظمات الحقوقية، التي ترى أن القانون يمثل تهديدًا لمستقبل القطاع الصحي في مصر. وفي الوقت ذاته، يدعو الحزب إلى حوار وطني شامل للوصول إلى حلول تحقق العدالة بين جميع الأطراف وتحافظ على حق المصريين في الصحة كحق دستوري وأخلاقي.