جهود مهدرة وتحركات مقيدة.. نرصد مبادرات الأحزاب والمجتمع المدني لمواجهة كورونا وكيف تعاملت الحكومة معها

عشرات المبادرات ومقترحات الحلول طرحتها الاحزاب والقوى المدنية والمنظمات.. وإعلاميون يتساءلون: فين الأحزاب

مبادرات لبناء مستشفيات وسداد وتجميد ديون مصر وتأمين الفئات الأكثر احتياجا وإطلاق السجناء كان نصيبها التجاهل

أكرم إسماعيل: هناك انقطاع بين الدولة والمجتمع المدني.. والدولة تخسر موارد وقدرات ممكن تقدم كتير أوى.. محدش مستعد يفهم

الزاهد: أحزاب على مستوى العالم تفاعلت مع مبادرة إسقاط الديون.. ولم نتلق رد من الداخل

صباحي يدعو لتشكيل لجنة اقتصادية اجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد وأعمال وممثلين عن العمال لحماية الاقتصاد

أحمد فوزي: المناخ الحالي لم يعد يسمح بعمل المجتمع المدني ومُغلق بسبب التضييقات والمعوقات التشريعية والأمنية

كتب – أحمد سلامة

“شاركت في تصميمات مستشفى ميداني، تحسبًا لتفشي فيروس كورونا.. محصلش إن مسؤول التفت إلينا وقال لنا تعالوا ابدأوا” هكذا يعرض المهندس أكرم اسماعيل العضو المؤسس لحزب العيش والحرية، كيف تعاملت الحكومة مع إحدى المبادرات التي اطلقها المجتمع المدني للتعامل مع أزمة كورونا.

 ما طرحه أكرم اسماعيل لم يكن حالة وحيدة بل أن مبادرات عدة طرحتها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية تم التعامل معها بطرق مشابهة إما بالتجاهل، التام مثلما جرى مع العديد من مبادرات الأحزاب والقوى المدنية أو مع مبادرة الدكتور ممدوح حمزة لبناء مستشفى للعزل بتكلفة أهلية، وهو ما امتد ايضا لمبادرات الأحزاب للتعامل مع الأزمة، وكذلك ما طرحه عدد من نواب البرلمان، والتي تم تجاهلها رسميا وإعلاميا وقت طرحه، ثم مالبثت أن عادت نفس المنصات الإعلامية للهجوم على الجميع متسائلة أين هم؟

السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك قابلية لمبادرات الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات والتجمعات الأهلية، وهل يتم تبنيها، أم أن هناك حرص على تجاهل هذه المبادرات؟ كما يشعر بعض أصحابها.

منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا، قدمت الأحزاب والمنظمات والمؤسسات الاهلية العديد من المقترحات التي تطرح وجهة نظرهم بما يمكن من السيطرة على الآثار الناجمة عن الجائحة.. ما تم تنفيذه منها تم دون الإشارة إلى أصل المقترح، فيما تم تجاهل الغالبية العظمى منها.

أفكار تم تبنيها جزئيا.. وتجاهل أصحابها

لم يكن التجاهل نصيب كل ما تم تقديمه من مبادرات، حتى لو كان الهجوم الإعلامي نصيب من قدموها، واتهامهم بأنهم غائبون عن الصورة، فقد اقترح النائب هيثم الحريري أن يتم ربط الحوافز المقدمة من الدولة للمستثمرين بالإبقاء على العاملين، وهو نفس الطرح الذي طرحته دار الخدمات النقابية والعمالية في ورقة موقف حول احتياجات العمال وضرورة دعم العمالة المهمشة، ليتم تجاهل دعوتهما تماما، وبعدها بأيام  خرج الدكتور محمد معيط، وزير المالية، ليعلن أن أحد شروط تمتع القطاع الخاص بالمزايا هو الحفاظ على العمالة الموجودة لديها، فنحن أسرة واحدة كمصريين ولا بد أن نتكاتف معًا.

كذلك كان من بين المقترحات لدعم الفئات الأكثر احتياجا، ما تقدم به النائب أحمد طنطاوي في مبادرة رفعها إلى د. علي عبدالعال رئيس مجلس النواب كان من بين بنودها الثمانية خصم 50 % من رواتب الوزراء ونوابهم وأعضاء مجلس النواب والمحافظين ونوابهم، لصالح دعم العمالة غير المنتظمة، وبينما تم تجاهل طلب النائب تماما وحصاره إعلاميا، فقد خرجت جميع الصحف ووسائل الاعلام لتهلل لتنفيذ الحكومة لـ 40 % من مقترح طنطاوي حيث أعلن مجلس الوزراء والمحافظين أنه سيتم خصم 20 % من رواتب الوزراء والمحافظين ونوابهم للتبرع لصندوق تحيا مصر من أجل تعزيز إجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا ودعم العمالة المتظمة.. فيما ظل السؤال المطروح إعلاميا هي المعارضة فين؟ .

مطلب من المطالب الرئيسية والمقترحات التي رفعتها الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني منذ اللحظة الأولى كان دعم القطاع الصحي، ورفع بدل العدوى للأطباء ، وتشكيل لجنة تدير كل المؤسسات الصحية التابعة للجهات المختلفة، ورغم صدور قرار رئاسي برفع قيمة بدل المهن الطبية بنسبة 75% إلا أن الدكتور إيهاب الطاهر، وكيل نقابة الأطباء، أكد إن القرار أعقبه حملة إعلامية تحاول تصدير فكرة أن الأطباء قد حصلوا الآن على حقوقهم بدليل رفع قيمة بدل المهنة الطبية بنسبة 75% (كاملة)، ثم زيادة مكافأة طبيب الإمتياز لتصبح ألفين جنيه.

وأضاف “هذه رسائل سلبية بل ومستفزة، حيث أن قيمة الزيادة الصافية في بدل المهن الطبية ستكون حوالي 400 جنيه (أربعمائة فقط حتى لا يتصور البعض أنها أربعة آلاف)، أما زيادة مكافآة أطباء الإمتياز فهذه تمت بقانون صدر فى سبتمبر 2019 (منذ ستة شهور كاملة) وهذا القانون فرض امتحان قومي (جديد) على جميع أطباء الإمتياز ومنحهم زيادة فى المكافأة (أى أن القانون منح زيادة فى المكافأة مقابل زيادة فى الإلتزامات”.

وتابع “أذَكر كل هؤلاء بأن بدل العدوى للطبيب الذى يخرج من بيته لمكافحة مرض قاتل مازال 19 جنيه شهريا.. بالطبع أكرر أننا لا نمن على أحد فهذا واجبنا الذى نقوم به نحو أهلنا وبلدنا ودون النظر لأى مقابل في هذه الظروف الصعبة، ومهما كان المقابل فلن يعوض الطبيب عن العدوى بمرض خطير أو يعوض أسرته عن فقدان حياته”.

وخاطب أمين الأطباء المسؤولين قائلا: “من فضلكم: فقط وفروا لهم مستلزمات الوقاية، من فضلكم: فقط شدوا على أيديهم، من فضلكم: فقط توقفوا عن رسائلكم السلبية”.

أفكار من المجتمع المدني وحملات إعلامية مضادة

لم يكن حظ بقية المقترحات التي قدمتها الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الأهلية مثل حظ المبادرات السابقة، بل أن التجاهل ظل سيد الموقف من جميع الأطرف.

فمع بداية أزمة كورونا ورغم الأزمات المالية التي تواجه الجميع، اندفعت عدة قطاعات بالمجتمع حزبية وأهلية، نحو المساهمة في حل الأزمة بكل إمكانياتها المادية والفنية والمجتمعية، من خلال حملات لتطهير وتعقيم القرى والشوارع والمؤسسات مرورا بحملات تبرع وامتدت لعروض ببناء مستشفيات ووضع تصميمات لمستشفيات ميدانية يمكن أن تكون حجرًا صحيًا إذا خرجت الأمور عن السيطرة.

طلب بناء مستشفى يتحول لشكوى

المهندس ممدوح حمزة، على سبيل المثال، تقدم بمقترحات لإنشاء مستشفيات ميدانية بتمويل أهلي.. لكن الغريب أن مقترحاته قوبلت بالتجاهل، ووصل الأمر لحد رفض استلام طلبه ومع إصراره تحول الطلب بقدرة قادر لشكوى.

وأكد الدكتور ممدوح حمزة، الاستشاري العالمي، في تصريحات لدرب أن مكتب محافظ القاهرة رفض استلام طلبه لإنشاء مستشفى مؤقت، بتمويل أهلي لعلاج المصابين بكورونا، وأشار إلى أنه اتصل بمكتب المحافظ لعرض الفكرة عليه، فقالوا إن المحافظ غير موجود وأنه في مرور، فطلب الحديث لأي مسئول آخر، فرد عليه مدير مكتب المحافظ، فعرض عليه الفكرة فرحب مدير المكتب بها، وطلب منه تقديم طلب رسمي بالفكرة وطريقة تنفيذها.

وأشار حمزة ، إلى أن مكتبه أعد الطلب في عجالة، وأرسل به مندوب من مكتبه، هو أسامة الشربيني، لكن مدير المكتب الذي رحب بالفكرة خلال الاتصال التليفوني، رفض تسلم الطلب وأحال المندوب لمكتب خدمة المواطنين.

وأضاف حمزة أن موظفة مكتب خدمة المواطنين، التي أحالوا أسامة الشربيني مندوب مكتبه لها، رفضت في البداية استلام الطلب أيضا، متسائلة عن كيفية تمويل الفكرة، فردوا عليها إنه تمويل أهلي لمساعدة الدولة في مواجهة كورونا، فقالت إن الأمر يحتاج لقرار بتخصيص الأرض مما يستلزم إجراءات، وأن ذلك ليس من سلطة مكتبها، مما دفع مندوب المكتب للاتصال بدكتور حمزة وأخبره رفض استلام الطلب للمرة الثانية.. وفي النهاية تم تقديم المقترح بصفته “شكوى” وليس “طلب”.

مستشفى ميداني آخر

ما جرى مع حمزة تكرر في واقعة أخرى حكاها لـ “درب” المهندس أكرم إسماعيل العضو المؤسس بحزب العيش والحرية، يقول ” شاركت في تصميمات مستشفى ميداني، تحسبًا لتفشي فيروس كورونا.. محصلش إن مسؤول التفت إلينا وقال لنا تعالوا ابدأوا”.

وأضاف “لسنا الوحيدين الذين تقدموا بمقترحات ورسومات لمستشفيات ميدانية، لكن كل المقترحات تم تجاهلها.. فمن متابعتي لمبادرات المستشفي الميداني وتصنيع الفنتلاتور.. من السهل جدا أن نكتشف الانقطاع بين الدولة والمجتمع المدني.. بل بين الدولة والجيش”.

ويوضح “يعني من أول الأزمة الحكومة شغالة بالمؤسسات الحكومية اللي هي في الأصل المفروض تدير الأزمة.. وبعدين الجيش عمل مستشفيات ميدانية بسرعة وظهرت فجأة.. السؤال هل كان المجتمع المدني والشركات قادرة على تنفيذ مقترحاتها مستشفيات وجهود الفنتلاتور؟ ” ويرد نعم كان ممكنا ..لكن بتنظيم من الحكومه وهذا لم يحدث “

وتابع أكرم إسماعيل “المجتمع المدني عنده موارد وقدرات كانت ممكن تشتغل وتساعد على المستوى الفني والتنظيمي لو في إرادة لاستغلال الموارد والجهود من الدولة وقنوات للتواصل مع المبادرات.. لكن الاتصال مقطوع.. الخناقة نفسها اللي حاصلة دي بين رجال الأعمال والدولة جزء منها غياب مجتمع مدني يرشد التفاعلات ويوزن الحاجات ويساهم هو نفسه في حماية الأضعف مايبقاش الموضوع في إيد ساويرس وأبو العنين في آلاف الناس الذكية ومعاها شوية فلوس او خبرات وعايزه تساعد.. اللي حاصل مبادرات فيها مجهود كبير جدا بتسبح كده في فلكها كانت ممكن تقدم كتير أوى.. المشكلة كمان إن محدش مستعد يفهم”.

ورغم العوائق وضعف الاستجابة استمرت المبادرات ” مجلس أمناء مؤسسة مستشفى 25 يناير أعلن عن تخصيص مبلغ 5 ملايين جنيه لشراء أجهزة تنفس صناعي وتجهيز وحدة رعاية مركزة، لتكون جاهزة لاستقبال أي حالات تحتاج الرعاية المركزة جراء الإصابة بفيروس كورونا، وقالت المؤسسة في بيان لها، إن القرار يأتي دعمًا لجهود الدولة في علاج مصابي الفيروس.

وقالت المؤسسة إنه سيتم تقديم الوحدة كاملة التجهيز للدولة في المكان الذي تحدده السلطات المصرية، على أن تتولى وزارة الصحة تشغليها والإشراف عليها طبياً ومالياً وإدارياً.

ولم يتوقف نشاط المستشفى الذي أقيم بجهود فردية، فقد أعلن محمد الجارحي رئيس مجلس الأمناء المستشفى قرر وضع مبنى المستشفى بمحافظة الشرقية تحت أمر وتصرف وزارة الصحة حتى تنتهي الأزمة لاستخدامه في الحجر الصحي أو استقبال وفحص وعلاج أي حالات، مشتبه بها أو مصابة بالفيروس، على أن تتحمل المستشفى كافة المستلزمات الطبية والأدوية وأي احتياجات أخرى لعلاج أهلنا خلال هذه الفترة.. كما أطلقت المستشفى مباردة لتعقيم المدارس والمساجد وكل “المنشآت الحكومية”.

إجراءات حكومية .. وأحزاب ومنظمات تستجيب

لم تكن مستشفى 25 يناير فقط هي من اطلقت مبادرة للتعقيم بل أن العديد من المبادرات انطلقت في العديد من المحافظات، من المنوفية للشرقية وحتى الصعيد والقاهرة كما اتسعت حملات التطهير والتعقيم لتشمل الكوادر الحزبية.. كذلك حرص الكثير من المنظمات والأحزاب على الاستجابة الفورية والمساعدة في تنفيذ بعض القرارات الحكومية كتسجيل العمالة المنتظمة، واطلقت دار الخدمات النقابية حملة، دعت فيها كل الأطراف والأحزاب لتسجيل العمالة المنتظمة رغم مطالبة الجميع بزيادة الدعم الحكومي من 500 إلى 1000 جنيه”

يقول مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف، لـ”درب” إن الحزب وجه الوحدات المحلية جميعا بمساعدة العمال في تسجيل أنفسهم على قوائم العمالة غير المنتظمة من أجل الحصول على المساعدة المقررة، بالإضافة إلى أنه تم تدشين فرق ببعض المناطق للمساعدة في عمليات التعقيم والتطهير مثل إمبابة و 6 أكتوبر وإهناسيا ببني سويف وسوهاج وعدة محافظات أخرى.

كما دعى حزب العيش والحرية، إلى إن هناك ضرورة فتح باب التطوع لمساعدة أجهزة الدولة في مقاومة انتشار العدوى، ووضع كافة المستشفيات بلا استثناء تحت إشراف وزارة الصحة، وفرض رقابة صارمة على الأسواق والصيدليات، وتوفير السلع وإعفاء الفئات الأقل استهلاكاً من دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز.

من الاجراءات العاجلة لاقتراح السياسات للخروج من الأزمة

لم يتوقف الأمر عند الإجراءات العاجلة التي اقترحتها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وسعت لتنفيذها بل أنها ايضا سارعت بطرح مقترحات وبدائل للسياسات، كجزء من رؤيتها للتعامل مع أزمة كورونا، فمع بدايات الأزمة أطلق عدد من الأحزاب والمنظمات عدة مقترحات إجرائية يمكن أن تسهم في الحفاظ على مكتسبات حقوق الفئات الأكثر احتياجا.

عن ذلك يقول مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن حزبه وضع روشتة من المطالب والسياسات التي يمكنها طبقا لرؤيته من تخفيف آثار الأزمة، وعلى رأسها صرف إعانة بطالة بحد أدنى 2000 جنيها لكل أسرة، وزيادة دعم البطاقات التموينية 100 جنيه شهريا، بالإضافة إلى إعفاء 6 أشهر من فواتير المياه والكهرباء والغاز لحاملي بطاقات التموين وكل من يقل دخله عن 4 ألاف جنيه شهريا.

واستكمل: وحتى لا يقول أحد إن يدنا في الماء البارد فقد طرحنا الموارد لتمويل هذا المشروع من البدائل التالية، أولا من الـ 100 مليار المخصصة لمعالجة آثار الوباء، من صندوق التأمينات الذي يشمل إعانات بطالة بالفعل، بالإضافة لضرورة رفع الضريبة التصاعدية ليكون سقفها 25% ، بينما هي في الدول الرأسمالية تصل إلى 60% وفرض ضريبة ثروة لمرة واحدة على من زادت ثروته على 100 مليون جنيه، بالإضافة لحملات التبرعات بين الأهالي أو بعض رجال الأعمال من المتطوعين.

نفس المقترحات قدمها ايضا حزب “العيش والحرية – تحت التأسيس”، والذي أصدر بيانا شمل عدة مقترحات لمواجهة آثار فيروس كورونا، كان من بينها إصدار تشريع عاجل يسن ضريبة على الثروة للأفراد الذين تتخطى ملكيتهم 10 مليون لمرة واحدة لتمويل وزارتي الصحة والتموين.

الغرض مما طرحه حزب العيش والحرية كان تمويل وزارة التموين من أجل استمرار توافر السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بالإضافة إلى تمويل وزارة الصحة من أجل توفير المستلزمات الطبية للمرضى.

مبادرات لتجميد ديون مصر ودول الجنوب

ومن المساعدة في رسم السياسات إلى قيادة مبادرة للتخفيف من أعباء الأزمة، وهي المبادرات التي قدمها عدد من الأحزاب، حيث تبنى كل من التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب الإصلاح والتنمية مبادرتين لاسقاط الديون أو تجميد فوائدها، لمدة 6 شهور فيما دعا المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، رئيس الجمهورية خلال رسالة وجهها إليه لتبني مطلبين، أولهما هو تشكيل لجنة اقتصادية اجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد وأعمال وممثلين عن العمال بهدف بلورة حزمة قرارات متماسكة ومتكاملة تكفل حماية الاقتصاد القومي من آثار هذه الجائحة بالسنوات القادمة من ناحية وتحقق منذ بنفس الوقت وبشكل عاجل الحماية والمسئولية الاجتماعية الواجبة تجاه الفئات الأكثر تضرراً والأشد احتياجاً.

وأشار صباحي في حديثه إلى دراسة أساسية ومبادرة قدمها الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار تمنى أن يتم إدراجها على جدول أعمال هذه اللجنة، وهي دراسة “تقدير الموقف” والتي تضم ما وصفه صباحي بـ “خطوات راشدة للخروج من الأزمة”، وشدد على أهمية التواصل مع هذه الخبرات والعقول التي وصفها بـ”الوطنية”، وقال: ما أكثر أمثاله من المصريين الأكفاء المخلصين الذين يستطيعون عبر حوارٍ جاد عاقل في مناخ من الحرية أن يقدموا لمصر خير القول المفضي إلى خير العمل.

مبادرات ذات طابع دولي

أما مدحت الزاهد فقال إن الحزب خرج من إطار طرح المبادرات المحلية إلى مخاطبة المجتمع الدولي، فقد وجه حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رسالة –بخمس لغات مختلفة هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية بالإضافة إلى العربية- إلى الأحزاب والمنظمات الديمقراطية في العالم للتضامن معه في مبادرته الخاصة بتأجيل سداد ديون مصر ودول الجنوب وتوجيه مخصصاتها لدعم الملايين الذين ضربتهم كورونا.

وأبدى التحالف في رسالته التي وجهت للدول ومؤسسات التمويل الدولي أمله في أن تتضامن الأحزاب والمنظمات معه من أجل بناء حملة عالمية تستهدف الاستجابة لهذا المطلب العادل لتخفيف أثر الكارثة.

وقال مدحت الزاهد، إن الحزب أرسل الخطابات، بالفعل إلى أحزاب ومنظمات اشتراكية وديمقراطية في كل دول العالم وإلى البرلمان الأوروبي وسكرتارية مجموعة الـ ٧٧ بجنيف والمجلس الاقتصادي الإجتماعي للأمم المتحدة بنيويوك، مشيرًا إلى أن حملة رسائل الحزب ستتواصل لحين خلق موجة واسعة لتبني المبادرة.

كما دشن عدد من الشخصيات العامة على مستوى العالم حملة توقيعات على موقع “أفاز” تطالب دول مجموعة العشرين بإعفاء الدول الأكثر فقرا من ديونها في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليا بسبب مكافحة انتشار جائحة كورونا، فيما اقترب عدد الموقعين حتى الآن من 300 ألف شخص.

ولفت الزاهد إلى أن كثير من الأحزاب على مستوى العالم تفاعلت مع المبادرة، الأمر وصل إلى حملة عالمية، تلاها قرار البنك وصندوق النقد الدولي تخفيض الديون تريليون دولار عن دول الجنوب.

المعتقلون والمسجونون والمحبوسون احتياطيًا

من بين المطالبات الرئيسة التي أطلقها المجتمع المدني، المطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا والمسجونين من أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، خشية تفشي فيروس كورونا بالسجون المصرية.

ففي وقت بدأ العالم فيه الاتجاه للإفراج عن المسجونين، انطلقت الحملات من المجتمع المدني للإفراج عن المحبوسين في مصر، غير أنه لم يتم الاستجابة لهم حتى الآن إلا بقدر بسيط.

وأطلقت الحركة المدنية الديمقراطية مبادرة برسالة للنائب العام موقعة من الأحزاب المشاركة فيها وعدد من رؤسائها وقياداتها، والشخصيات العامة بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا فى قضايا الرأى، وذلك كخطوة أولى تتلوها خطوات ضرورية لتخفيف ازدحام السجون وإصلاح أوضاعها، بالنظر في أوضاع بقية السجناء ومن يستحق العفو سواء صحيا او لأسباب أخرى، على ضوء تفشى فيروس كورونا وتحذيرات منظمة الصحة العالمية التى اتخذت اجراءات للتعامل معه كوباء عالمى وما شرعت فيه الحكومة المصرية من تدابير.

أيضا طالب تكتل ٢٥-٣٠ البرلماني النائب العام ورئيس الجمهورية بخمسة خطوات تخص المحبوسين احتياطيا والمحبوسين والمحتجزين على ذمة قضايا رأي والسياسيين والحالات الحرجة من المرضي والمسنين من غير المتورطين في اعمال عنف، تطبيق قواعد الافراج الشرطي والصحي على المسجونين، وقال التكتل في بيان أصدره إن ذلك يأتي في إطار الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا.

وبدوره، طالب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بالإفراج عن المسجونين احتياطيا على ذمة قضايا الرأي، مراعاة لحالة التكدس داخل السجون، في محاولة مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.

فيما طالب حزب الدستور، النائب العام المصري، بإخلاء السبيل فوريا لجميع المحبوسين احتياطيا في السجون وقاية من تفشى فيروس كورونا بينهم، خاصة مع إعلانه وباء عالميا. وأضاف «لا يوجد مبرر لاستمرار حبسهم خاصة المحتجزين منهم على ذمة قضايا رأى وتعبير، ويمكن الإفراج عنهم مع اتخاذ التدابير والضمانات القانونية اللازمة”.

نفس الطلب رفعه حزب العيش والحرية تحت التأسيس الذي طالب أن يمتد الإفراج للجنائين الذين لا يشكلون خطوة على المجتمع وكذلك ضرورة تفعيل العفو الصحي للسجناء من كبار السن والمهددين صحيا.

كما وجه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي نداء لرئيس الجمهورية لـ “الإفراج عن السجناء”، حدد فيه الفئات المستهدفة من وجهة نظره وهي  سجناء الرأي من كل اتجاه و كل المحبوسين احتياطيا و المحكوم عليهم في جرائم لا تمثل خطراً على المجتمع. وفي مقدمتهم كبار السن، والمرضى، والغارمين والغارمات، ومن قضى نصف العقوبة.

وانتقد تجاهل الحكومة لهذه الخطوة التي اعتبرها خطوة رئيسية في الوصفة الدولية لمواجهة الوباء، وخطوة فارقة في البيئة السياسية المواتية لتحقيق الوحدة والتضامن الوطني في هذه المحنة.

حملات الافراج عن المعتقلين شاركت فيها أيضا كافة منظمات المجتمع المدني والتي أطلقت عدة نداءات في هذا الإطار وقع عليها شرات المنظمات بينها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان والمفوضية المصرية للحقوق والحريات ومركز النديم ومركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان وأكثر من 40 منظمة مصرية وعربية .

مبادرة لرعاية النساء والحد من العنف

نظرة المجتمع المدني للأزمة لم تكن قاصرة عند الزوايا الأشهر وإنما ضربت عمق المشكلات المجتمعية، لتصدر مقترحاتٍ وصفها البعض بأنها شديدة الأهمية، حول تأثير كورونا على العنف الأسري بسبب العزل، وقدم مقترحاته في هذا الصدد.

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أصدرت متابعة دورية لتأثيرات السياسات العامة في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد على النساء والفئات المهمشة في مصر، مشددة على أن الأولى برعاية الدولة في هذا التوقيت هي الفئات الأضعف التي ينبغي مساواتها بالشركات والأفراد المستفيدين من تسهيلات البنك المركزي.

السؤال أين المشكلة؟

يقول المحامي الحقوقي أحمد فوزي إن كل الجهود والمبادرات التي طرحتها الأحزاب والمؤسسات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني جاءت رغم المناخ السياسي والقانوني الذي يمنع حركتها، فالأحزاب ممنوعة من الحركة خارج مقراتها، وأي محاولة للحركة يتم مواجهتها أمنيا؟ والمجتمع التنموي والحقوقي مُعطل بسبب عدم صدور لائحة تنفيذية حتى الآن لقانون الجمعيات الأهلية، ويقتصر دوره على إطلاق المبادرات وهو أمر يغل يد العمل.

ويضيف، كان يمكن للمجتمع المدني أن يقوم بدور توعوي قوي خلال الأزمة الحالية وصيانة حقوق الطبقات الأفقر ضد رجال الأعمال الذي يلوحون بتخفيض الأجور أو بالفصل من الخدمة، لكن الأمر اقتصر على إطلاق المبادرات والتحركات المحدودة.

ويتابع فوزي، المشكلة أن المناخ الحالي لم يعد يسمح بعمل المجتمع المدني ومُغلق بسبب التضييقات، وبسبب المعوقات التشريعية والأمنية.

وتساءل فوزي “الآن حزب مستقبل وطن مسموح له القيام بحملات توعية، لكن هل باقي الأحزاب يُسمح لها أن تقوم بذلك؟”.

وأكد فوزي أن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لو حصلت على الفرصة المناسبة، لكانت استطاعت تحويل جزء كبير من مبادراتها إلى عمل حقيقي أعمق من ذلك وأكثر أثرا.

ويضيف المهندس أكرم إسماعيل العضو المؤسس بحزب العيش والحرية، المجتمع المصري مليئ بالكوادر، والخبرات، والشباب العباقرة بالإضافة إلى آلاف الجماعات الأهلية، وكلهم ليس لديهم ما يمنع من المشاركة في المساهمة في التصدي لجائحة كورونا.. لكن المشكلة أن الدولة في ظل النظام القائم تعادي قدرة المجتمع على تنظيم نفسه.

وأشار إسماعيل إلى أنه كان يمكن أن يكون هناك حملات شعبية للتبرعات يقوم بها المجتمع من خلال تنظيماته بما يساهم في توفير احتياجات الطبقات الأكثر احتياجا.. إلا أن التضييق الذي يتم ممارسته على المجتمع المدني حال دون ذلك.

وأضاف “الأزمة الحقيقية أن هناك عدم رغبة في تعزيز قدرة المجتمع على تنظيم نفسه، وسأضرب مثلا بالنقابات المستقلة، هذه النقابات تعرضت لضغوط كبيرة جدا وعمليات شطب لأعضائها، لكن في ظل هذه الأزمة فإن المجتمع بات بحاجة إلى هذه النقابات التي كان يمكن أن تكون وسيطًا قادرًا على خلق الثقة بين العمال ورجال الأعمال، كان يمكن أن يكون لها دور رئيس في إدارة التفاوض مع رجال الأعمال للضغط عليهم من أجل عدم فصل أي عامل أو تخفيض راتبه”.

واستكمل “الحقيقة أننا نخسر في كل يوم لا يستطيع فيه المجتمع تنظيم نفسه بنفسه.. وهذه هو دور المجتمع المدني الذي يرغب البعض في محوه”.

أين الأحزاب؟ .. بين محاصر ومسجون

ما قاله أكرم إسماعيل واحمد فوزي اكدته ورقة موقف للشبكة العربية لحقوق الإنسان بعنوان “في السجون.. ورقة للرد على سؤال أين الأحزاب السياسية؟”، رصدت فيه وقائع القبض على أعضاء وقيادات 6 أحزاب سياسية شرعية في مصر.

ورصدت الورقة، 65 عضوا وقيادة في 6 أحزاب سياسية شرعية، هي، الدستور، المصري الديمقراطي الاجتماعي، العيش والحرية – تحت التأسيس –، مصر القوية، الكرامة، وأخيرا التحالف الشعبي الاشتراكي بين معتقلين حاليين أو معتقلين سابقين قضوا فترات حبس احتياطي متفاوتة في قضايا سياسية، وأخلي سبيلهم بعد ذلك، واشارت إلى انها لم ترصد جميع معتقلي الأحزاب.

وفي ردها على سؤال “أين الأحزاب؟”، والذي تم طرحه مؤخرا من جانب بعض الإعلاميين قالت الشبكة في وقتها إنه “سؤال ملتوي وشرير، اعتاد الإعلاميون المقربين من السلطات المصرية طرحه، وكأنهم لا يعلمون أو مندهشين”.

وأضافت الشبكة: “هذه الورقة تجيب على السؤال، إنهم بالسجون، إنهم محاصرون، إنهم مستهدفون بالتشهير، جميعها، كل الأحزاب المعارضة المدنية الجادة عرضة لهذه الانتهاكات، السجن لأعضائها وقياداتها والتشهير والتضييق على أنشطتها والكثير من رموزها للتهديد الأمني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *