جميلة إسماعيل: لن نتوقف عن سؤال السلطة و”نغزها”.. والساعون للديمقراطية حولوها إلى “طقس لطميات”
جميلة: الموقف الألماني الداعم لمجازر الإبادة يأتي من أحزاب يسارية وليست ليبرالية.. والأحزاب المصرية تقوم على الاحتجاج لا السياسة
قالت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، إنه “منذ أكثر من 70 عامًا أو يزيد ونحن نتكلم عنها باعتبارها كائنًا غريبًا ووليدًا، وأكبر دليل على غيابها هو تكرارنا الممل للكلام عنها، وعشنا معلقين نسميها التحول الديموقراطي أحيانًا، والانتقال الديموقراطي أحيانًا، ونبتعد أكثر عنها لنحولها لحالة ووصف، بينما النظم الدكتاتورية تحولها إلى “عرس ديموقراطي” أي احتفال عابر يقبلون به مضطرًين من أجل أن تكون صورتهم لائقة أمام العالم، أما نحن المقاتلين أو الساعين من أجل الديموقراطية نحولها إلى طقس لطميات نندب فيه حظنا مع الديمقراطية الغائبة”.
وأضافت جميلة، بيان أمس الاثنين 4 ديسمبر لكلمتها في افتتاح الجلسة الأولى في اللقاء العربي للحرية في الرباط، بعنوان ا”لانتقال الديموقراطي العربي بين العثرات والتحديات”: “لن نتوقف أبدًا عن سؤال السلطة و”نغزها”. ربما يفقد بعضنا إيمانهم بها كأداة؛ لكننا دائمًا سنسعى لظروف أفضل، سنسكت أحيانًا مضطرين، فقط لا تأمنوا صمتنا، فالمفاجآة بالتعريف ودائمًا تأتي من حيث لا تحتسبون وغالبًامختلفة عن سابقتها”.
وطالبت رئيسة “الدستور” بتأمل ما حدث ويحدث في غزة من زاوية فضحه لعدم التعامل بالمساواة مع الشعوب، وهو ما يكشف عن الاحتياج لمراجعة فكرة الديموقراطية بشكلها الحالي “حتى في دول من المفترض أنها مستقرة ديموقراطيًّا، ويكشف هذا أيضًا عن مقدار ابتعاد الأنظمة عن (الرأي الشعبي)، إذ تحولت الديموقراطية من فكرة بسيطة بأن يوجد ممثلون عن الشعب إلى ممثلين عن مصالح وشركات.
وتساءلت: “كيف نستطيع اليوم الحديث عن أهمية الديموقراطية والسعي لها في ظل انهيارها شعبيًّا في دول غربية كثيرة في أوروبا مثلاً، كما تنهار فكرة الأحزاب السياسية تقريبًا أمام التحكم الواضح لشبكات المصالح الخلفية التي تمثل مصالحها أو تضغط عليها”.
وتابعت: “في الأسابيع الماضية وللمرة الأولى توجد صدمة في ألمانيا على سبيل المثال من الموقف الداعم لمجازر الإبادة يأتي من أحزاب يسارية أو تميل لليسار قليلاً، فقد ترتبط موقف ألمانيا بالحزب الأخضر لا بأحزاب ليبرالية مثلما نتوقع، وفي أمريكا يتخذ الديمقراطيون قرارات ويسنون القوانين ضد حرية التعبير في بلادهم، وضد فكرة الحرية والتحرر لشعب من شعوب العالم”.
وواصلت: “الأجيال الأصغر ذات العدد الكبير جدًا لديها مجالات أوسع عبر وسائل السوشيال ميديا؛ وعبر تقنيات وآليات تهرب من المراقبة والتربص على هذه الوسائل. فتولدت موجات غضب عالمية ترفع شعار “الحرية لفلسطين” متجاوزة السلطة ومتجاوزة لتاريخ حروب الفصائل. والسباقات المحمومة على عرش السلطوية، واحتكار الفعل والحركة والقرار، بين الحكومات التي تتوارث السلطة وبين الجماعات ذات النزوع، وكل طرف يقيم الحواجز بأنواعها ليحمي احتكاراته من الوطنية إلى الدين، كما حاولت تفادي السلطوية التي تحتقرها، وتعاملت معها كتراث قمعي يمكن تحييده وكسر هيمنته، وسحب احتكار الفعل منه، وتركت للسلطة ومنافسيها رد الفعل”.
وأشارت إلى أن “الأحزاب في منطقتنا تقوم على فكرة الاحتجاج وليس السياسة. حتى أنا شخصيًّا كرئيسة حزب مصري مررت بهذه المشكلة، وهي كيف أنتقل من وضع المحتج وأحث من حولي على الانتقال من وضع الاحتجاح إلى وضع السياسة. نحن فى مصر عندنا دستور منذ ١٠٠عام وأحزاب من نفس العمر ومجالس نيابية، لكن الأحزاب ما زالت تقوم على الاحتجاج لا السياسة وهي أفعال على نبلها، تعطل الديموقراطية، والاحتجاج مرحلة لا بد أن يتبعها بناء سياسي وتكوين شبكات اجتماعية تدخل للمجال العام، وتضغط للوصول إلى السلطة دفاعًا عن مصالحها”.
واستكملت: “إن التوقف عند مرحلة الاحتجاج هي انتظار مزاج السلطة في منح أذون الاحتجاج، أو انتظار عقابها على الاحتجاج دون إذن. والكتل الاجتماعية بعيدة، في موقف المشاهدة على اعتبار أنها فى معركة لا تخصهم، يعني ديموقراطيًّا انتفاء شرط المساواة وتحول الديموقراطية إلى حرب ديكة في التوك شو، برعاية أموال تقوم على البروباجندا، أو فى الندوات أو في السوشيال ميديا، لكن تتحول إلى مساومة على تحقيق الأمن مقابل التنازل عن الحريات والحقوق. في معادلة تحولنا إلى دول وشعوب تتعفن في معاناتها. والنزوع الديموقراطي يتحول إلى حلم مثير للريبة”.