جمال أنور يكتب: في ذكرى ميلاد محمد شحرور
في مثل هذا اليوم، الحادي عشر من أبريل عام 1938، ولد الدكتور والباحث والمفكر السوري محمد شحرور، الذي يُعد في نظري أحد أهم منظري الفكر الإسلامي في العصر الحديث.
وعلى الرغم من الهجمة “الكهنوتية” التي مورست ضده طوال سنوات عمله وحتى وافته المنية في 21 ديسمبر عام 2019، إلا أن أثره أقوى من كل “التحصينات الدفاعية” التي اعتصم بها خصومه.
فالآراء والأفكار التي تركها الراحل، جددت بشكل ملحوظ كثير من الموروثات الدينية، وأضافت بذكاء بُعدًا عصريًا انقطع عنه “فقهاء المؤسسات” الذين تمسكوا بأفكار لم تعد -في أفضل الأحوال- تناسب العصر الحالي ووتجاهل حركة التطور المجتمعي والتاريخي.
لذلك فإن شحرور -خريج كلية الهندسة- تفوق في نظري على خصومه رغمًا عنه وعنهم.. ومرجع ذلك في نظري إلى أنه اجتهد بشكل حُر بعيدًا عن الوقوع في أسر التفسيرات والفلسفات القديمة.
ورغم ما وجه إليه من انتقادات انصب معظمها على أنه “غير متخصص”، فإن ذلك في رأيي كان نقطة قوة، فبالإضافة إلى اجتهاده الذي استمر سنوات في البحث والتقصي قبل أن يصدر كتابه الأول “الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة”، يمكن اعتبار أن “عدم تخصصه” اتاح له سعة اطلاع على مجالات أخرى واحتكاكه بثقافات أخرى عززت أفكاره التي انطلقت من كونه الرسالة الإسلامية هي رسالة عالمية وليست محلية قاصرة على المجتمعات العربية.
التفريقات والتفصيلات التي وضعها شحرور جعلت من أفكاره تحمل الكثير من الإجابات على أسئلة عميقة تُركت قرونًا بلا أجوبة، وخشي فقهاء المؤسسات الدينية في الدول العربية من الإجابة عليها، فاتسع الفارق كليًا بين الفقه من جانب وبين مسارات المجتمعات من جانب آخر لتترك الناس بلا إجابات يتخبطون في أمواج من الحيرة وعدم الفهم.
وربما لم يُجب شحرور على كل الأسئلة وربما جاوزه الصواب أحيانا، غير أنه ليس مطلوبًا منه بالقطع أن يضع لكل الأسئلة إجابات كما ليس مطلوبًا منه أن يبقى على الصواب دائما، إنما هو يصيب ويخطئ ككل مجتهد، لكن اجتهاده يضيئ الطريق للقادمين.