جاسر عبدالرازق في خطر.. تفاصيل ثلاثة أيام من التنكيل بمدير المبادرة المصرية.. وبلاغ للنائب العام اليوم يحمل النيابة مسئولية سلامته
المبادرة: جاسر خضع لمعاملة مهينة ولا إنسانية تعرض صحته لخطر جسيم.. وبهجت: المسئول عن هذه الانتهاكات سيدفع الثمن
نجاد البرعي: جاسر محبوس بزنزانه انفراديه بها دورة مياه قذرة وسرير بلا (مرتبة) وسلموه ملابس خفيفة لا تردع برد الشتاء
بيان للمبادرة يكشف تفاصيل التحقيق: النيابة سألته عن 18 بيان وعدد من التقارير المتعلقة بمراقبة منظومة العدالة الجنائية
البيان: حبس جاسر وبشير وعنارة وباتريك جانب بسيط من الانتهاكات الممنهجة وإهدار مبدأ سيادة القانون في بلدنا
كتب – خالد البلشي
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة، في خطر، مشيرة إلى أن جاسر عبد الرازق كشف في جلسة استكمال التحقيق معه، بخضوعه لمعاملة مهينة ولا إنسانية في محبسه تعرض صحته وسلامته لخطر جسيم، حيث لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم حيث ينام على سرير معدني بدون “مرتبة” ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة. وتم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة “صيفية” ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا اليوم 23 نوفمبر، جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لاستكمال التحقيقات بشأن الاتهامات الموجهة له على ذمة القضية 855 لسنة 2020 والتي يواجه فيها اتهامات بعضوية جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب من حسابات التواصل الاجتماعي لترويج معلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
وأوضحت المبادرة أن محاموها ، والمحامون المتضامنون معهم، تمكنوا من رؤية جاسر أخيرًا للمرة الأولى منذ إلقاء القبض عليه يوم الخميس الماضي 19 نوفمبر.
وأثبت المحامون ما ذكره جاسر في التحقيقات، كما طالبوا بالذهاب لمحبس جاسر لتحديد المسئولين عن هذه المعاملة. وشددت المبادرة على أن المحامين سيتوجهون غدًا بشكوى رسمية لمكتب النائب العام تُفصلّ وقائع إساءة المعاملة التي يتعرض لها جاسر. كما طالب المحامون بانتداب قاضي تحقيق لاستكمال التحقيقات حيث لم تتح نيابة أمن الدولة العليا للمحامين الاطلاع على محاضر التحريات أو الانفراد بالمتهم.
من جانبه أكد نجاد البرعي المحامي، أنه حضر جلسة التحقيق مع جاسر عبدالرازق مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وروى البرعي تفاصيل التنكيل الذي تعرض له جاسر في محبسه، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قائلا “عدت الآن من جلسه التحقيق مع الأستاذ جاسر عبدالرازق ، جاء جاسر إلى التحقيق يرتدي قميص وبنطلون من قماش الدمور الخفيف الذي لا يردع برد الشتاء.. كدت أن أبكي وأنا اسمعه يقول ووجهه ضاحك للمحقق (أنا بردان)”.
وتابع البرعي “سجانوه لم يعطوه أي ملابس مما كان يحملها معه، وفي عز برد نوفمبر صروفوا له ملابس تصلح لحر أغسطس، منذ الجمعة الماضي وهو محبوس في زنزانه انفراديه بها دورة مياه قذرة وبها سرير لا يوجد عليه (مرتبة)”.
وأضاف “سلمه السجانون بطانيتان -وفقا لوصفه- رقيقتان أحدهما يضعها فوق سريره بدل المرتبة والثانية يلتحف بها”. وتابع “رغم وجود مال له في (كانتين السجن) لم يسمحوا له باستعماله لشراء طعام يقتات به ويعينه على تحمل برد الشتاء القارص”.
وأردف البرعي “أنا قد أفهم -لا أوافق طبعا- أسباب القبض عليه، ولكن ما لا يمكن أن يفهمه إنسان؛ أن يتم تعريض حياة سجين وصحته للخطر دون سبب واضح إلا محاوله النيل من إرادته؛ أو إذلاله”.
واستكمل “كان جاسر يبتسم طول التحقيق، وكأنه يواجه سجانيه بضحكاته، طلبنا ندب قاض للتحقيق بدل من نيابه أمن الدوله العليا التي لم تتح لنا كدفاع الحق في الانفراد بالمتهم أو الاطلاع على التحقيقات”.
وأشار البرعي إلى الطلبات التي تم التقدم بها حرصا على صحة جاسر، حيث قال”طلبنا من النيابة الانتقال إلى محبس الأستاذ جاسر لمعاينته وسؤال المتسببين؛ وإنزال حكم القانون فيهم، وطلبنا السماح بإدخال الأغذية والأغطية والملابس له حتى لا يصاب بمرض صدري من البرد في زمن كورونا، ومن الغد سنعمل على أن نسجل كل ما طلبناه في تحقيقات النيابة اليوم في عريضة منفصلة ترفع للجهة القضائية المسئولة؛ وننتظر ردها”.
وتابع “سلامة جاسر عبدالرازق الصحية مسئولية النيابة العامة المشرفة على السجون؛ و أثق في أن النائب العام سوف يقوم بما يلزم من إجل إنفاذ القانون”.
واختتم البرعي تدوينته قائلا “للتذكرة فقط، تنص المادة 55 من الدستور المصري على أنه (كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون)”.
وكان حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ورئيس مجلس إدارتها، قد قال إن جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة، كشف للمحامين عن العديد من الانتهاكات التي تعرض لها منذ القبض عليه.
وكتب بهجت عبر حسابه على “تويتر”، مساء اليوم الاثنين: “جاسر قال للمحامين إنه محبوس انفرادي في ليمان طرة، وحلقوا له شعره تماما وصادروا جميع المتعلقات الخاصة به وأمواله”. وأضاف بهجت: “قال إنه ينام على سرير حديد بدون مرتبة أو ملابس شتوية، ولم يخرج من الزنزانة الانفرادية منذ فجر الجمعة ويشعر بالبرد طول الوقت.. المسؤول عن هذه الانتهاكات سيدفع الثمن”.
كان جاسر عبد الرازق قد أُلقي القبض عليه يوم الخميس الماضي، 19 نوفمبر، بعد القبض على كل من كريم مدحت عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة يوم 18 نوفمبر، ومحمد بشير المدير الإداري بالمبادرة يوم 15 نوفمبر. ويواجه الزملاء الثلاثة اتهامات متماثلة “بعضوية جماعة إرهابية” و “استخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار ومعلومات كاذبة من شأنها الإخلال بالسلم والأمن العام”.
وقالت المبادرة المصرية إن أي من المتهمين الثلاثة لم يواجهوا بأدلة أو محاضر تحريات تدعم تلك الاتهامات المرسلة بينما تركزت التحقيقات حول مجمل نشاط المبادرة في السنوات الأخيرة، خصوصًا رصدها وتوثيقها لانتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز والسجون والزيادة غير المسبوقة في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. وهو ما تكرر اليوم مع جاسر عبد الرازق حيث سألته النيابة عن 18 بيان وعدد من تقارير المبادرة المتعلقة بمراقبة منظومة العدالة الجنائية في مصر. ويدعم هذا التركيز ما ذهبنا إليه في بياناتنا وتصريحاتنا السابقة أن ما تواجهه المبادرة هو هجوم منسق الغرض منه “عقابها” على مجمل نشاطها.
وشددت المبادرة المصرية، على أن السلطات لم تكتف بالمخالفات الصريحة للدستور والقانون، عندما احتجزت زملاءنا لساعات طويلة معصوبي الأعين في مقرات قطاع الأمن الوطني، واستجوابهم بدون حضور محاميهم، وعدم مواجهتهم بتحريات أو أدلّة يعتد بها، وعدم تمكين المحامين من الانفراد بالمتهمين، وحبسهم احتياطيًا بدون ضرورة، ولكنها تتعمد التنكيل بجاسر، وتخالف الدستور والقانون مخالفات صريحة إضافية. فالدستور المصري ينص في المادة 55 على أن “كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً”. أما المادة 82 من لائحة تنظيم السجون – التى تقرر عقوبة بالوضع فى غرفة شديدة الحراسة – قد وضعت اشتراطات صحية للغرفة لا تتوافر في حالة جاسر، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن جاسر عبد الرازق محبوس احتياطيًا وليس محكوماً عليه ولم نعلم أنه يخضع لعقوبة الوضع في غرفة شديدة الحراسة. وحددت المادة 83 من لائحة تنظيم السجون كيفية تأثيث غرفة المحبوس احتياطيًا، والتي لم يتوافر أي شئ منها في حالة جاسر.
وحملت المبادرة النيابة العامة مسئولية صحة جاسر وما يتعرض له وقالت “لمّا كانت السجون تخضع للإشراف القضائي، وفقًا للمادة 55 من الدستور المصري، فإننا نحمل النيابة العامة المسئولية الكاملة عن صحة وسلامة جاسر عبد الرازق التي تعرضها ظروف محبسه لخطر جسيم، ونطالبها بالاستجابة الفورية لمطالب محامينا بالتوجه لمحبس جاسر وتحديد المسئولين عن هذه المعاملة اللاإنسانية. كما نكرر مطالبنا بالإفراج الفوري عن جاسر عبد الرازق وكريم عنّارة ومحمد بشير وباتريك جورج زكي – عضو فريق المبادرة المحبوس احتياطيًا منذ فبراير الماضي باتهامات مشابهة – وإسقاط كافة التهم المرسلة الموجهة لهم”.
وأعربت المبادرة عن امتنانها العميق لحملة التضامن المحلي والدولي غير المسبوقة التي كشفت عنها محنة زملائنا الأربعة، وقالت “نرى فيها تعبيرًا عن جوهر رسالتنا في الانحياز المبدئي غير المشروط لكل ضحايا الحرمان الاقتصادي والتهميش الاجتماعي والاستبداد السياسي في عالمنا”.
ودعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جميع المؤمنين بهذه الرسالة في مصر والعالم إلى تكثيف ومواصلة تضامنهم حتى حصول أعضاء وقيادات المبادرة الأربعة المحبوسين، على حريتهم، مشيرة إلى أن حبسهم يشكل جانبًا بسيطًا من صورة أكبر تتسم بانتهاكات ممنهجة لمجمل الحقوق المكفولة دستوريًا وإهدار لمبدأ سيادة القانون في بلدنا لم تشهده من قبل.