تقرير: تركيا تتخلى عن الأويغور وتعيدهم للصين مقابل صفقات اقتصادية.. العشرات في مراكز الاحتجاز والترحيل بأنقرة
محمود هاشم
قالت صحيفة تليجراف، البريطانية، إن تركيا تساعد الصين على إعادة مسلمي الأويغور إلى وطنهم عن طريق إرسالهم إلى دول ثالثة يمكن أن تستلمهم منها بكين.
ويصور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه كحامي للمسلمين في جميع أنحاء العالم، وقد سعى ما يقدر بنحو 50 ألفا من الأويغور إلى تركيا من القمع في الصين، يعتقد أن حوالي 1.5 مليون من الأويغور محتجزون في معسكرات الاعتقال في جميع أنحاء الصين.
وقالت صحيفة التلغراف إن عددا متزايدا من الأويغور في تركيا يخشون من وصول الصين، ويجادل بعض النشطاء بأن اعتماد أنقرة الاقتصادي المتزايد على بكين يضر بقدرتها على تحمل الضغوط الصينية وحماية الأويغور، ووثقت صحيفة التلغراف عدة حالات أرسلت فيها تركيا الأويغور إلى دول مثل طاجيكستان، حيث يسهل على الصين تأمين تسليمهم.
وقال إبراهيم إرجين، وهو محام متخصص في قضايا الترحيل، إن أنقرة لن تسلم الأويغور مباشرة إلى بكين، لذا فإن الصين تحاول جعل حياتهم بائسة قدر الإمكان، وإرسالهم إلى بلدان أخرى حيثما أمكن، مضيفا أن الأويغور خسروا معركتهم مع تحسن العلاقات بين الصين وتركيا.
وجعل الاقتصاد التركي المتعثر والعلاقات السيئة مع أوروبا تركيا أقرب إلى الصين، حيث استثمرت الشركات الصينية المليارات في تطوير البنية التحتية التركية كجزء أساسي من استراتيجية بكين للحزام والطريق، وتهدف بكين إلى مضاعفة الاستثمارات إلى أكثر من 6 مليارات دولار في تركيا بحلول نهاية عام 2021.
وقال إسماعيل جنكيز، وهو ناشط بارز من الأويغور في تركيا، لـ”تليجراف” إن استثمار بكين جاء على حساب الأويغور، وتابع: “هناك الكثير من الأموال على المحك، وقضيتنا تأتي في المرتبة الثانية بعد ذلك”.
على الرغم من أنها تدعم علانية محنة الأويغور، فإن أنقرة ملزمة بموجب اتفاقيات ثنائية مع وزارة العدل الصينية للتحقيق في الشكاوى الصينية ضد الأفراد، وأدى ذلك إلى قضاء عشرات من الأويغور أشهرًا في مراكز الاحتجاز والترحيل في أنقرة دون اتهام بشأن المطالب القضائية الصينية، وقال جنكيز: “هناك تهديدات منظمة، الصين تريدنا أن نعتقد أنها يمكن أن تقودنا إلى أي مكان.”
وفي تصريح سابق له في منتصف يوليو الحالي، قال البرلماني التركي المعارض عمر فاروق جرجرلي أوغلو، إن حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم توقفت فجأة عن المناداة بحقوق الأويغور ذوي الأصول التركية مقابل صفقة اقتصادية ضخمة مع الصين، بحسب صحيفة “زمان” التركية.
واعتبر جرجرلي أوغلو أنه تم التخلي رسميا عن الأتراك الأويغور، وقال: “أقولها صراحة إن حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية باعا حقوق أتراك الأويغور إلى الصين مقابل 50 مليار دولار”.
والشهر الماضي رفض نواب تحالف الجمهور الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية مقترح “التحقيق في مشاكل الأويغور الذين يتعرضون لممارسات قمعية على يد السلطات الصينية” الذي طرحه حزبا الشعب الجمهوري والخير أمام البرلمان.
والشهر الماضي وافق الكونجرس الأمريكي على قانون يسمح بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين بسبب الانتهاكت التي تتعرض لها أقلية الأويغور الذين تعود أصولهم إلى الشعوب التركية (تركستان).
كما استقبلت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هذا الشهر، أول دعوى للتحقيق مع الحكومة الصينية في الانتهاكات التي يتعرض لها الأويغور، حيث قال نشطاء تركستان وأجانب إن الحكومة ترتكب “جرائم ضد الإنسانية”، ودعوا لتطبيق عقوبات على المسئولين.
وبعدما كان الرئيس التركي رجب أردوغان يتبنى قضية الأويغور ويهاجم الحكومة الصينية في المحافل الدولية، تراجع عن فعل ذلك مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، وتجاهل الصين لتركيا في مشروع طريق الحرير الجديد.
ووصل الأمر إلى درجة أن الرئيس التركي رجب أردوغان ناقض مواقفه السابقة المدافعة عن الأيغور، حيث نقل عنه التليفزيون الرسمي في الصين خلال زيارته إلى بكين في مطلع يوليو الماضي العام الماضي قوله إن “الأويغور يعيشون حياة سعيدة في إقليم سنجان”.
تصريحات أردوغان الصادمة للأويغوريين الداعمة لسياسات الحكومة الصينية ضد أبناء جنسه، فسرها مراقبون بأنها محاولة من أردوغان للتقرب من حكومة بكين، بغية أن تكون منقذًا للاقتصاد التركي المتعثر.
وفي إطار التفاهمات الجديدة رحلت حكومة أردوغان عددًا من مسلمي الأويغور إلى الصين، بموجب باتفاقية “تسليم المجرمين” بين أنقرة بكين.
وكانت الأمم المتحدة أعربت عن قلقها في أغسطس الماضي من التقارير التي تحدثت عن الاحتجاز الجماعي لأعداد كبيرة من الإويغور المسلمين، ودعت إلى إطلاق سراح المحتجزين تحت “ذريعة” الإرهاب، وأفادت تقارير أممية بأن ما يصل إلى مليون مسلم أويغوري في منطقة سنجان غربي البلاد تم احتجازهم في معسكرات “إعادة التثقيف”.