تطورات أزمة سد النهضة: مصر ترفض مقترحًا إثيوبيا بتشكيل آلية لتبادل البيانات حول الملء الثاني.. والسودان: الخيارات مفتوحة
كتب: عبد الرحمن بدر
مازالت تطورات أزمة سد النهضة تتصاعد بعد إعلان فشل المفاوضات، وقرب الموعد الذي حددته إثيوبيا للملء الثاني وسط رفض من مصر والسودان.
وأعلنت وزارة الموارد المائية والري، أن مصر رفضت مقترحاً إثيوبياً يدعو لتشكيل آلية لتبادل البيانات حول إجراءات تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة التي أعلنت إثيوبيا أنها تنوي تنفيذها خلال موسم الأمطار المقبل في صيف العام الجاري.
وأضافت الوزارة، في بيان مساء السبت، أن هذا المقترح جاء في خطاب تلقاه الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والرى من نظيره الإثيوبى وتضمن العديد من المغالطات والإدعاءات التي لا تعكس حقيقة مسار المفاوضات على مدار السنوات الماضية.
وأوضح محمد غانم، المتحدث باسم الوزارة، أن هذا المقترح الإثيوبي يخالف مقررات القمم الأفريقية التي عقدت حول ملف سد النهضة والتي أكدت ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وأضاف أن هذا المقترح الإثيوبي لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لاستخلاص إقرار مصري على المرحلة الثانية من الملء التي تنوي إثيوبيا تنفيذها خلال صيف العام الجاري حتى لو لم تصل الدول الثلاث لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة، مشدداً في هذا السياق، على أن مصر ترفض أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا ولن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاءً سياسياً وفنياً للمساعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب.
واختتم المتحدث الرسمي تصريحاته بالتأكيد على أن مصر متمسكة بضرورة التوصل لاتفاق متكامل حول ملء وتشغيل سد النهضة تنفيذاً لأحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم في عام 2015، مضيفا أن مصر تحلت على مدار عقد كامل من المفاوضات بالمسؤولية وأبدت قدراً كبيرا من المرونة من أجل التوصل إلى اتفاق على سد النهضة يراعي مصالح وحقوق الدول الثلاث، وأنه أصبح الآن على إثيوبيا أن تتخلى عن تعنتها وتبدي الارادة السياسية اللازمة للتوصل إلى الاتفاق المنشود.
بدوره قال وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، إن كل الخيارات تبقى مفتوحة أمام السودان بشأن مسألة سد النهضة بما فيها اللجوء لمجلس الأمن، عقب فشل جولة كينشاسا للمفاوضات.
وأكد عباس خلال مؤتمر صحفي أن عملية ملء السد دون اتفاق؛ تهدد السودان بشكل مباشر، وتعرض حياة 20 مليون مواطن يعيشون أسفل السد للخطر.
وتابع: “هذا القول ليس من قبيل الدعاية والتهويل الإعلامي ولكن توصيف للحقائق، إذ تبلغ السعة التخزينية لخزان الروصيرص سبعة مليار متر مكعب، ويبعد 15 كلم فقط من سد النهضة في حين أن سعة التخزين بسد النهضة تبلغ 74 مليار متر مكعب”.
وشدد على موقف السودان الثابت الذي يدعو إلى ضرورة تعديل منهجية التفاوض التي ينبغي أن تفضي لاتفاق قانوني وملزم لجميع الأطراف وعدم التسويف بغية كسب الوقت على غرار ما تفعل وتنتهج اثيوبيا.
كانت إثيوبيا أعلنت أن عملية الملء الثانية لسد النهضة ستتم في موعدها في موسم الأمطار المقبل، وأبدت استعدادها لتبادل المعلومات عن عملية الملء مع مصر والسودان.
وشدد بيان صادر عن الخارجية الإثيوبية يوم السبت، على أهمية الإبرام الفوري للاتفاق على القواعد والمبادئ التوجيهية بشأن الملء، وفقا لإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015.
كما دعا وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، السودان ومصر لترشيح مشغلي السدود، لتبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار القادم، المتوقع ما بين يوليو وأغسطس المقبلين.
وفي الرسالة الموجهة إلى وزيري شؤون المياه في السودان ومصر، دعا بيكيلي البلدين إلى ترشيح الأشخاص المحوريين (مشغلي السدود) لتبادل البيانات بين البلدان الثلاثة، خلال اجتماع تستضيفه أديس أبابا في وقت لاحق لم يحدد.
كانت مصر والسودان قد أعلنت فشل جولة المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة، التي عقدت منذ أيام في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، وأشارت بيانات صادرة إلى تبادل الاتهامات بين الأطراف المعنية وعدم التوصل إلى أي اتفاق حول إعادة استئناف المفاوضات، وكانت القاهرة قد وصفت مفاوضات كينشاسا بـ “الفرصة الأخيرة”.
وقال بيان صادر عن الخارجية المصرية، الأسبوع الماضي، إن الجانب الإثيوبي تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.
وحذّر الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا من “عدم استقرار لا يمكن تصوره” قد تواجهه المنطقة بسبب السد الإثيوبي، قائلا إنه “لن يسمح لأحد بأخذ قطرة واحدة من مياه مصر”.
وقال السيسي، إنه من الأفضل ألا نصل إلى مرحلة المساس بنقطة مياه من مصر لأن “الخيارات كلها مفتوحة”، مؤكدا على أن “التعاون والاتفاق أفضل كثيرا من أي شيء آخر”.
وترى مصر، التي تعتمد على النيل في حوالي 97 في المئة من مياه الري والشرب، في السد تهديدا وجوديا. كما يعرب السودان عن قلقه من أثر السد على تدفق المياه في أراضيه.
أمّا إثيوبيا، فتعوّل على السدّ في تعزيز قدرتها على توليد الكهرباء، فضلا عن دفع التنمية الاقتصادية.
ويدور الخلاف بين مصر وإثيوبيا حول فترة ملء وكيفية تشغيل سد النهضة الذي أقامته إثيوبيا على مجرى نهر النيل.