تريزة سمير تكتب: مخاوف كورونا.. وآلام الغربة.. وعالم بلا روح
الألام تتضاعف في الغربة، المخاوف تقتلني كل لحظة، متى يرحل كابوس فيروس كورونا؟ متى يرحل بدون وجع أو حزن على أهالينا أو رفاقنا .. العالم أصبح جزيرة معزولة ممنوع الإقتراب.. ممنوع السفر.. المدن تحولت إلى أشباح مخيفه، العالم بأكمله أصبح شبح مخيف وقاسي، واختفى جمال أعظم المدن لانها اصبحت بلا بشر (روما، باريس، أسبانيا، نيويورك …… ) فرغم جمال تلك المدن إلا انها أصبحت بلا بشر في الشوارع، الجميع اختفوا تماما وأصبحت الأماكن بلا روح، اختفى جمالها … اختفى تماما وأصبحت وحيدة حزينة ، الأن أدركت ان البشر هم من يعطون الجمال للمكان ، الأن صارت العواصم والمعالم الجمالية في كل العالم (شبح) مخيف وحيد
لا صوت يعلوا فوق صوت الخوف من المجهول، الخوف من الغد، ومن ارتفاع أعداد ضحايا الفيروس، الذي يقتل المئات والآلاف يوميا في العالم.
من كان يفكر لحظة أن العالم كله بجميع دوله المتقدمة والنامية، سيكون ضعيفا لهذا الحد، الدول التي كانت تستعرض قوتها في الاقتصاد، والأخرى في النووي، وغيرها وغيرها وقفت عاجزة، باكية على ما يحدث، فالحزن يخيم على كل العالم، ياله من تحول مخيف، كيف تحولت الشوارع بلا مارة، رغم جمالها أصبحت متحجرة ، البشر هم من يضعون لمساتهم للأماكن … اليوم يمر بصعوبة بالغة، نراقب ونتابع في كل لحظة ما هو جديد، علاج هنا، احلام هناك، مخاوف ووحده تلتهم صدرنا .
ما أبشع كل هذا، من كان يتصور ان يتحول الإنسان لكائن مخيف وأكثر شراسة من أي حيوان مفترس، فالإنسان يستطيع ان يميت مجموعة من البشر ، أصبحنا أداة ناقله للموت، أصبحنا أخطر أدوات القتل ، العالم صار شبح ونحن صرنا قتلى، بل يمكننا قتل المئات والملايين ، تلك القوة الفتاكه من الشر (الإنسان) صار أداة حرب من كان يتخيل ان نكون هكذا .
نحن الأن ننحصر وننصهر معا، ربما نكون أكثر نقاءا وآدامية فيما بعد، حتى ان نقدم قلوبنا الى الله .
لم يكن لدينا إلا الصلاة كوسيلة للشعور بالراحة، وبأن الله هو من يعتني بنا اليوم والغد
ورغم إغلاق الكنائس والمساجد بقى (القلب) فقط هو الذي يستطيع، القلب فقط ليست المذابح بالكنسية او المساجد، ففي الكتاب المقدس الكثير من الآيات ومنها
( ياأبني اعطني قلبك) (أم 23: 26)
فالله يريد قلوبنا (اريد رحمة لا ذبيحة “هو 6: 6) وفي المصحف الشريف الكثير من الآيات القرآنية التي تعطي الطمأنينة َ{ وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّه }
الله يريد الرحمه ان نرحم من حولنا، الله ينظر إلى قلوبنا المليئة بالرحمة فلنردد في كل وقت (ارحمنا يالله) ارحم الإنسان… ارحم خليقتك من كل تلك الأوجاع والمحن ..
رفقا بمن حولكم.. رفقا بالانسانية طبقوا الاجراءات الوقائية لفيروس كورونا وألتزموا بها، حتى يعود العالم لطبيعته، لتعود الأشباح تحت الأرض.
رفقا بأهاليكم وبكل من حولكم حافظوا على السلالة البشرية، فليحمينا الله ويرحمنا، فنحن نعيش أكبر محنة، لعلنا نتعلم وبعد ذلك نصير بشر أكثر رفقا بمن حولنا، نعود إلى طبيعتنا بعد ان تحولنا وحوش مفترسة تفتك بمن حولها وتلتهم أقرب الناس لها دون قصد .
كورونا حولت العالم إلى قطع جامدة من الأصنام، والمدن الصاخبة شبحا مخيفا، العالم كله شبح والإنسان كائن مفترس .
ليرحمنا الله وينقذنا لإنه خالقنا ، ونخرج من هذه المحنة أشد قوة وإرادة وحب للأخرين
فلنتحول إلى قوة منتجة لمجتمعنا الذي حاول الحفاظ علينا، وحجبنا عن الشارع والعمل للحفاظ علينا، فلنبني مجتمعاتنا معا بلا رتابة، بلا ضجر لأننا أدركنا قيمة العمل والحياة أيضا… فلنصلي جميعا ان نكون بشر كما خلقنا الله.. وليذهب هذا الوباء بكل ما حمله من ألم، بكل ما علمنا من دروس موجعة ومؤلمة وحارقة للقلب والنفس …. وليحفظنا الله سالمين