بين تصريحات وردّية وواقع مرير| بدء العام الدراسي: زحام وتدافع وضياع أطفال وشائعات وفاة.. وجانب آخر لرواية الطفل الباكي
كتب – أحمد سلامة
1 – تصريحات وردية
في وقت توالت فيه التصريحات الرسمية من جانب وزارة التربية والتعليم بجدية مساعي الدولة في اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية في مواجهة وباء كورونا، جاء الواقع -مع بداية العام الدراسي- مريرًا ويكاد يُكذب ما أعلن عنه.
عودة “نظام الفترتين” في بعض المدارس، و”ماسح حراري” بـ 57 ألف مدرسة، وآليات لغلق المدارس والمجمع الدراسي في حال ظهور إصابات.. كل ذلك لم يمنع حالة الزحام الشديدة التي تعرض لها الطلاب والتلاميذ فور عودة العام الدراسي الجديد.
رضا حجازي، نائب وزير التربية والتعليم، أكد في تصريحات قبيل بدء العام الدراسي أن الوزارة اتخذت كافة الاستعدادات للموسم الجديد، مشددًا على أن عودة الدراسة أمر حتمي و”أننا تأخرنا كثيرًا بسبب تعطل الدراسة سابقا بسبب كورونا”.
خلال التصريحات ذاتها، علّق نائب وزير التربية والتعليم انزعاج المواطنين من ربط استلام الكُتب المدرسية بدفع المصاريف، فـ ردّ قائلا “هنقدم الأنشطة منين؟ الطالب اللي عنده مشكلة يعمل (بحث حالة اجتماعية)”.
وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أكدت في بيانات رسمية توفير مناخ وبيئة تعليمية (صحية) للطلاب داخل المدارس تزامنًا مع انطلاق أول يوم بالعام الدراسي الجديد، موضحة أنه سيتم متابعة تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية داخل الفصول من لحظة دخول الطلاب المدارس حتى خروجهم، مع تلقى أي شكاوى واستفسارات من أولياء الأمور على مدار الساعة.
وحذرت الوزارة المدارس من التهاون فى تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية على الطلاب والمعلمين خلال اليوم الدراسى، مع تنفيذ الخطة الدراسية بشكل دقيق والالتزام بالمنهج الدراسى وفق توزيع المقررات الدراسية، مشيرة إلى أن تقليل الكثافات الطلابية داخل الفصول من خلال تطبيق الفترتين الدراسيتين.
تصريحات نائب الوزير، حول الاستعدادات وحول “عدم التهاون في تحصيل المصاريف”، جعلت البعض يعتقد أننا بمثابة أوضاع جديدة في عام جديد يشمل تقديم أنشطة وإجراءات تنظيمية عالية الدقة والصرامة، غير أن ذلك لم يحدث.. فالطلاب وأسرهم شهدوا حالات تكدس وتدافع رهيبة ساعدت في انتشار شائعات حول وقوع وفيات.
2 – الطفل الباكي.. والجانب الآخر للرواية
في واقعة اعتبرها البعض طريفة، بث عددٌ من القنوات الفضائية مقطع فيديو لطفل يبكي أثناء زيارة محافظ الدقهلية لإحدى المدارس تزامنًا مع بدء الدراسة.. الطفل أثناء بكاءه قال لـ المحافظ “إديني الواجب وخليني أروّح”.
بابتسامات وضحكات متبادلة، كشف الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية، تفاصيل واقعة طفل “أديني الواجب عايز أروح”، في مدرسة منية سندوب للتعليم الأساسي، قائلًا: “إنه عند مروره وتفقده لعدد من المدارس في المنصورة السبت، وجد طفل يبكي داخل الفصل”.
مختار أضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج “على مسئوليتي” على فضائية “صدى البلد”، أنه عندما سأل الطفل حول سبب بكاءه، أجابه أنه أنهى الواجب الدراسي وقام بكتابة اسمه في الكراسة ويرغب في الذهاب إلى منزله وهو يبكي بشدة قائلا : “إديني الواجب عايز أروح”.
وتابع: “الطالب كان شايف إنه عمل الواجب اللي عليه وعايز يمشي وقالنا نبلغ والده أنه أنهى الواجب اللي عليه.. وإحنا ماشين لقينا الطفل ماشي ورانا”، موضحًا أنه قام بتهدئته وقام الجميع بالتصفيق له حتى يرفع من روحه المعنوية.
لكن الرواية الباسمة في نظر المحافظ والإعلامي أحمد موسى كان لها جانب آخر يرويه والد الطفل، في مداخلة مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامجها “كلمة أخيرة”.
والد الطفل قال “ابني يعاني من (خوف نسبي)، الزحام أمام البوابة الأمامية للمدرسة كان سببًا في زيادة الخوف لدى ابني”.. يضيف الأب “مفيش تأمين نهائي ولا تنظيم أمام البوابات الرئيسية للمدرسة”.
ويتابع والد الطفل “كان هناك اندفاع من الطلاب والأهالي، ما زاد من خوف ابني، لذلك بكى.. يا فندم ابني كره المدرسة بسبب اللي حصل، دا في أهالي ضربوا بعض بسبب الزحام.. كل دا ابني شافه.. فين اللي بيحمي التلاميذ من اللي بيحصل؟”.
لميس الحديدي حاولت من جانبها تبرير الواقعة حيث قالت إنه في أول يوم دراسي كثيرا ما تشهد المدارس زحاما واندفاعات.
3 – قرار الفترتين يتسبب في كارثة.. وإحالة للتحقيق
في واقعة توصف بالإهمال الشديد من قبل مسؤولي مدرسة عمر مكرم الابتدائية التابعة لإدارة المنتزة التعليمية بالإسكندرية، تسبب في إحداث حالة من الهرج والمرج بين أولياء أمور الطلاب، قام مسؤول الأمن في المدرسة بفتح أبواب المدرسة وإخراج الطلاب في الصفوف الأولى قبل الموعد الرسمي المحدد لخروجهم بنصف الساعة تقريبا.
وعند ذهاب الأهالي إلى المدرسة لاستلام أبنائهم في الموعد المحدد من قبل، فوجئوا بخروج الطلاب قبل ذلك الميعاد ولم يجدوهم.. ما تسبب في ضياع الأطفال في حالة هرج ومرج ودخل بعض الأهالي في شجار مع مسؤولي المدرسة، فيما دخلت بعض الأمهات في حالة بكاء شديد ودوى صراخهن ليرج أرجاء المنطقة وتعرضت بعض الأمهاء لانهيارات وإغماءات.
الدكتور محمد سعد محمد وكيل أول وزارة العربية والتعليم في الإسكندرية أحال المتسببين في واقعة خروج طلاب مدرسة عمر مكرم التابعة لإدارة المنتزه التعليمية في الإسكندرية قبل الموعد المحدد إلى الشؤون القانونية للتحقيق في الواقعة.
وقام مسؤول الأمن في المدرسة بفتح أبواب المدرسة وإخراج الطلاب في الصفوف الأول من المدرسة قبل الميعاد الرسمي المحدد لخروجهم وعند ذهاب الأهالي إلى المدرسة لاستلام أبنائهم في الموعد المحدد من قبل، فوجئوا بخروج الطلاب قبل ذلك الميعاد المحدد.
خروج الأطفال جاء تنفيذًا للقرار الصادر بعمل المدرسة على “فترتين” لتخفيف الزحام، وهو ما تسبب في حالة الهرج والمرج بين خروج الأطفال قبل موعدهم ودخول أولياء أمور الفترة الثانية لاختيار الصفوف الأولى لأبنائهم.
وقالت نادية فتحي وكيل المديرية إن الأمن هو المسؤول عن الواقعة كونه هو من قام بفتح البوابة لأولياء الأمور خاصة أنه ممنوع دخول الأهالي إلى حرم المدارس، وشددت -حسب جريدة المصري اليوم- على أن الواقعة “لن تتكرر مرة أخرى”، متمنية أن يثق أولياء الأمور في مسؤولي التعليم في هذا الشأن.
4 – شائعات تزيد الأمر سوءًا
لم يقتصر الأمر على الواقع المُعاش، وإنما امتد إلى “شائعات” لقيت انتشارًا كالنار في الهشيم بسبب ظلال الواقع.. أو بمعنى أدق فقد صدقها بعض الناس “لأن مفيش نار من غير دخان”.
فبعد أن عايّن المواطنون والأهالي الزحام بأنفسهم وبعد أن تجرعوا “مرارة اليوم الدراسي الأول”، انتشرت في محافظة الجيزة شائعات بوفاة ثلاثة أطفال بسبب الزحام الشديد.
لقيت الشائعة انتشارًا كثيفًا، وتصديقًا من جانب المواطنين بسبب ما وجوده من حقيقة تتعلق بالنصف الأول من الشائعة.. الزحام.
الأمر دفع مجدي الجيار، مدير مديرية التربية والتعليم والتعليم الفني، في محافظة الجيزة، إلى الحديث عن حقيقة وفاة 3 طلاب في إحدى المدارس التابعة لإدارة الهرم التعليمية، مؤكدًا أنَّها مجرد شائعات ولا صحة لها، مشدداً على الطلاب وأولياء الأمور بضرورة تنفيذ كل التعليمات الخاصة بسير العملية التعليمية وانتظام الدراسة.
وأضاف الجيار في تصريحات نقلتها لـ”الوطن”، أنَّ غرفة العمليات المركزية التي تمّ تشكيلها في المديرية لم ترصد أي حالات وفاة بين الطلاب بسبب تزاحم أولياء الأمور أمام الدراس، مؤكّداً أنَّ المديرية كثفت من استعداداتها للعام الدراسي وإنتظام العملية التعليمية.
وتابع أنَّه تم التواصل مع إدارة الهرم التعليمية لكشف حقيقة وفاة 3 طلاب بإحدى المدارس التابعة للإدارة، وتمّ التأكّد من عدم صحة هذه الأخبار، مشدداً على ضرورة عدم الانسياق وراء مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى انتظام العملية التعليمية في ثاني أيام الدراسة حتى الآن.
من جهته، أكّد ناصر شعبان، مدير إدارة الهرم التعليمية، أنَّه لا صحة لوفاة 3 طلاب نتيجة للتزاحم أمام المدارس، موضحاً أن الأخبار المتداولة بشأن وفاة 3 طلاب في مدرة عمر بن الخطاب التابعة للإدارة التعليمية مجرد شائعات ولا صحة لها.
لم تأت بداية العام الدراسي كما أرادها المواطنون، ولا كما خططت لها وزارة التربية والتعليم.. وحالات الزحام والتكدس المعروضة ليست إلا “نماذج” لشكاوى الأهالي، فهل من مستمع لشكاواهم؟