بعد ساعات من واقعة سجن “إيفين” الإيراني.. طهران تُدين انتهاك حقوق الإنسان في أفغانستان وتطالب كابول بحكومة تعددية
كتب – أحمد سلامة ووكالات
ليس غريبًا أن تتحول “حقوق الإنسان” إلى لُعبة صريحة في يد بعض الساسة، يستخدمونها في الضغوط والتفاوضات، لكن الغريب أن تتحلى دولة بالجراءة على مطالبة دول أخرى بالالتزام بحقوق الإنسان، رغم ما تشهده من تراجع في ذلك الملف ورغم تزايد انتهاكاتها.
“إيران” تنصح “أفغانستان” بـ”حقوق الإنسان”، ربما يحلو للبعض أن يرى ذلك من سُخرية القدر، فالدولة التي وجهت النُصح هي بالأساس دولة دينية تنعدم فيها الحريات بشكل كامل، ويضاف إلى ذلك القضية التي أثارت ضجة كبرى حين تم الكشف عن الانتهاكات التي وقعت بأحد سجون طهران مؤخرًا.. والدولة “المنصوحة” لا تقل أهمية عن منافسة إيران في ذات المضمار، مضمار السلطة الدينية وحصار الحريات وإعدام التعددية.
سفیر ومندوب إیران الدائم لدی مکتب منظمة الأمم المتحدة فی جنیف، إسماعیل بقائي هامانة، أكد أن طهران تدین بشدة أي شکل من أشكال العنف والتطرف وانتهاك حقوق الإنسان في أفغانستان.
وفي کلمته أمس الثلاثاء خلال اجتماع خاص عقد حول حقوق الإنسان في أفغانستان بمكتب منظمة الأمم المتحدة في جنیف قال المندوب الإيراني: إن “الأفغان یستحقون العیش في سلام ووئام في وطنهم وبناء علاقات طیبة مع الجوار، من دون التدخلات العسکریة غیر القانونیة”.
وأضاف: أن “هذا الأمر یتحقق فقط عن طریق تشكیل حكومة شاملة وتعددیة تضم جمیع الفئات المذهبیة والقومیة في المجتمع الأفغاني. ومسیرة السلام والمصالحة یجب الإسراع بها بقیادة أفغانستانية وبتوجیه منها، ولا ینبغي تعریض مكتسبات الشعب الأفغاني للخطر”.
وحول أعمال العنف في أفغانستان قال: إن “إیران تدین بشدة أي شكل من أشكال العنف والتطرف وانتهاك حقوق الإنسان والقوانین الإنسانیة في أفغانستان، لا ینبغي ترك أي جریمة من دون عقاب”.
وأضاف: أن “الأوضاع الراهنة في أفغانستان لیست من دون علاقة بالتدخل العسكري طویل الأمد بقیادة الولایات المتحدة الأمريكیة، التي جلبت لأفغانستان الدمار والمعاناة والیأس اللامحدود وعدم الاستقرار، ووسعت نطاق زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وحمل سفیر إیران الأمريكیین المسؤولية قائلا: “إنهم لا یمكنهم التهرب من المسؤولیة تجاه العواقب الوخیمة لتواجدهم العسکري الكارثی فی أفغانستان. وإیران الدولة الجارة بعلاقاتها الوثیقة جدا مع أفغانستان استضافت علی مدة العقود الأربعة الماضیة ملایین اللاجئین الأفغان”.
ودعا بقائی هامانة، المجتمع الدولي للقیام بمسؤولیته المشترکة، ومنها المساعدة بتخصیص اللقاحات المناسبة لتطعیم اللاجئین الأفغان ضد فیروس کورونا.
وأکد السفیر الإیرانی في ختام تصریحاته بأن إیران بذلت خلال العقود الماضیة کل جهودها للمساعدة بتقدم أفغانستان کدولة مستقرة وآمنة، وقال: “سنبذل کل جهودنا لتسهیل مفاوضات السلام بین الأفغان، وسنواصل ذلك”.
وتأتي التصريحات الإيرانية بعد ساعات قليلة من كشف قضية انتهاك كبرى لحقوق الإنسان وتعذيب محبوسين بأحد السجون الإيرانية، حيث اعتذر رئيس مصلحة السجون الإيرانية بعد تسريب مقاطع فيديو تظهر إساءة معاملة محتجزين في سجن إيفين سيء السمعة بطهران.
ونشر قراصنة مقاطع تظهر الحراس يضربون السجناء ويجرون أحدهم على الأرض.. وتُظهر لقطات المراقبة التي نشرتها مجموعة قرصنة عدة حراس يضربون رجلاً مكبل اليدين.
وفي مقطع فيديو آخر، شوهد رجل مسن ينهار في موقف للسيارات قبل أن يقترب الحراس ويبدأون في جره على الأرض عبر السجن.. كما وتُظهر لقطات أخرى حراسًا في غرفة التحكم في سجن إيفين وهم يتفاعلون مع ظهور عبارة “هجوم إلكتروني” باللغة الفارسية على الشاشات أمامهم، كما أظهرت الشاشات التي تم اختراقها رسالة تقول: “سجن إيفين وصمة عار على عمامة رئيسي السوداء ولحيته البيضاء”، في إشارة إلى الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
ويوم الثلاثاء، اعتذر الحاج محمدي علنا للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، والبلاد عن الانتهاكات التي شوهدت في مقاطع الفيديو.
وكتب على تويتر “أتحمل المسؤولية عن مثل هذا السلوك غير المقبول وأتعهد بمحاولة منع تكرار هذه الأحداث المريرة والتعامل بجدية مع المخالفين”.