الولايات المتحدة ترفع أسعار فائدة لأعلى معدل منذ عقدين.. وخبراء مصرفيون يوضحون آثار القرار على الفائدة في مصر
أعلن البنك المركزي الأمريكي، الأربعاء، عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقدين (22 عاما)، وذلك في إطار معركته الحالية لكبح جماح ارتفاع الأسعار السريع. وعلى إثر هذا، توقع خبراء ومصرفيون مصريون أن يتجه البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة بين 0.5 و2% خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في 19 مايو الجاري.
وقال مجلس الاحتياطي الفيدرالي إنه رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين 0.75 بالمئة و 1 بالمئة بعد زيادة طفيفة سابقة في مارس الماضي، بحسب موقع “بي بي سي”.
ويأتي هذا بعد أن سجل التضخم في الولايات المتحدة أعلى ارتفاع له في 40 عاما، ومن المتوقع أن يواصل التضخم الارتفاع مستقبلا.
تمثل زيادة الفائدة أحدث الجهود الأمريكية لاحتواء ارتفاع تكاليف المعيشة التي باتت تؤرق العائلات في جميع أنحاء العالم.
واتخذت المزيد من دول العالم إجراءات مماثلة، حيث أعلن البنك المركزي الهندي يوم الأربعاء، عن زيادة مفاجئة في سعر الفائدة، بينما قام البنك المركزي الأسترالي مؤخرا برفع سعر الفائدة لأول مرة منذ أكثر من عقد.
ومن المتوقع أيضا أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة يوم الخميس، والتي ستكون رابع زيادة منذ ديسمبر.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، في مؤتمر صحفي في واشنطن يوم الأربعاء إن “التضخم مرتفع للغاية ونحن نتفهم المصاعب التي يسببها”.
وأكد أنهم “يتحركون بسرعة لخفض التضخم”.
ومن خلال رفع أسعار الفائدة، ستجعل البنوك عملية الاقتراض أكثر تكلفة على الأفراد والشركات والحكومات، بينما تشجعهم على إيداع الأموال للاستفادة من الفائدة المرتفعة.
وسيؤدي هذا بحسب التوقعات إلى تهدئة الطلب على السلع والخدمات والتأثير على القوة الشرائية، مما يساعد على تخفيف تضخم الأسعار.
لكن هذه القرارات تدفع العالم لخطر إحداث تباطؤ اقتصادي حاد، لا سيما مع ظهور تحديات جديدة، مثل الحرب في أوكرانيا وعمليات الإغلاق الأخيرة في الصين بسبب تفشي فيروس كوفيد19.
وعلق الاقتصادي دونالد كوهين، الذي خدم سابقا في لجنة تحديد الأسعار في الاحتياطي الفيدرالي، بأن هناك “مسارا ضيقا يتعين السير فيه”، “ستكون مهمة صعبة للغاية.”
وبلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 8.5 بالمئة في مارس الماضي، وهو أعلى معدل سنوي منذ عام 1981، وتفاقم الوضع بسبب التسارع في ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة.
ويفوق هذا بكثير هدف البنك المركزي الأمريكي الذي كان عند حدود 2 بالمئة، وأصبح هذا الارتفاع يمثل قضية سياسية متفاقمة لرئيس الولايات المتحدة جو بايدن.
ويرى العديد من الاقتصاديين أن الاحتياطي الفيدرالي كان بطيئا في الاستجابة لهذه المشكلة، والتي تتأثر بعدة عوامل منها نقص الإمدادات المرتبط بتفشي فيروس كوفيد19، وصدمة أسواق الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي الهائل في الولايات المتحدة لدعم الاقتصاد بعد انتشار الوباء، وإجراء فحوصات طبية مباشرة للأسر.
وقال توماس هونيغ، زميل مركز ميركاتوس التابع لجامعة جورج ميسون، والذي قضى قرابة 40 عاما في الاحتياطي الفيدرالي ، “إنهم متأخرون كثيرا عن المنحنى. أعتقد أن معظم البنوك المركزية متأخرة”.
وأضاف: “لكن إذا حاولوا تصحيح هذا الخطأ بخطأ آخر ، أي إحداث صدمة في الاقتصادات بزيادات كبيرة جدا في أسعار الفائدة، أعتقد أنهم سيدفعون ثمنا باهظا من حيث الركود المحتمل جراء ذلك.”
جاء قرار زيادة أسعار الفائدة يوم الأربعاء بالإجماع. وسيدفع ما يفرضه بنك الاحتياطي الفيدرالي على البنوك للاقتراض إلى ارتفاع يتراوح بين 0.75 بالمئة و 1 بالمئة، مع زيادة التكاليف المرتفعة للمستهلكين والتي تأت في شكل قروض عقارية أعلى تكلفة من الماضي، وبطاقات ائتمان وقروض أخرى.
كما قام البنك بوضع خطط مفصلة لإزالة الدعم الاقتصادي عن طريق إنهاء ميزانيته العمومية، التي تضخمت أثناء الوباء حيث اشترى الأصول، بما في ذلك ديون الحكومة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، لتعزيز الاقتصاد.
وبدءا من يونيو، قال البنك إنه سيخفض ما يستحوذ عليه بمقدار 47.5 مليار دولار شهريا، لتصل إلى 95 مليار دولار في سبتمبر/أيلول.
وفي مصر، توقع خبراء ومصرفيون أن يتجه البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة بين 0.5 و2% خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية المقرر عقده في 19 مايو الجاري، على إثر القرار الأمريكي.
وبحسب موقع “مصراوي”، توقع محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 1% في اجتماع لجنة السياسة النقدية خلال الشهر الجاري بهدف الحد من خروج الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع كبير للفائدة على الدولار اليوم، بحسب ما قاله لمصراوي.
ورجح بدرة أن يسهم رفع المركزي الفائدة في تخفيف الضغط على العملات الأجنبية، واستقرار سعر الصرف مما يحد من زيادة معدل التضخم.
وتوقع أن يصدر بنكا الأهلي ومصر شهادة جديدة بسعر فائدة مرتفع 17% سنويا لأجل 3 سنوات لامتصاص السيولة واستيعاب الضغوط التضخمية.
ونقل موقع “مصراوي” أيضا عن تامر الصادق، نائب رئيس قطاع المعاملات الدولية في ميد بنك، قوله، إنه من المحتمل أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 0.5% في اجتماعه المقبل، بهدف معادلة التضخم المستورد بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة.
وأضاف الصادق أن البنك المركزي قد يتجه لإصدار مبادرات جديدة بهدف دعم القطاعات الاقتصادية الإنتاجية لتقليل التبعات السلبية الناجمة من التضخم والحرب الروسية على أوكرانيا.
وذكر الصادق أن رفع المركزي للفائدة سيسهم في السيطرة على الضغوط التضخمية المستوردة وتداعياتها على مصر، وكذلك امتصاص السيولة للحد من قروض الأفراد للسلع الترفيهية.
وأوضح أن قرارات المركزي السابقة سواء رفع الفائدة في اجتماعه الاستثنائي في مارس الماضي أو صدور شهادة الـ 18% في بنكي الأهلي ومصر ساهمت في تقليل تداعيات قرار الفيدرالي الأمريكي بشكل مسبق.