«النيل عطشان يا بهية».. ماتيسر من سيرة شاهندة مقلد .. المناضلة رفيقة درب صلاح حسين التي حاربت الإقطاع (بروفايل)
النيل عطشان يا صبايا
للحب والحنين
والشط لانور ولا نسمه
ولا ناي ولا عود يا سمين
يا شاهندة وخبرينا
يا أم الصوت الحزين
يا أم العيون جناين
يرمح فيها الهجين
إيش حال سجن القناطر
إيش حال السجانين
ايش لون الصحبه معاكي
نّوار البساتين
بهذه الأبيات، كتب أحمد فؤاد نجم، عن المناضلة الراحلة شاهندة مقلد خلال حبسها ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وتحل هذه الأيام ذكرى رحيلها، ورغم وفاتها منذ 2016 مازالت ذكراها حاضرة، بكل ما قدمته في العقود الماضية، ودفعت الثمن من حريتها.
ولدت شاهندة عام 1938 بقرية كمشيش بالمنوفية، ورثت النضال منذ صغرها عن والدها ضابط الشرطة الذي زرع فيها حب الفلاحين والعمال، وأكملت النضال مع زوجها الذي كافح ضد الإقطاع.
قصة شاهندة مع رفيق دربها صلاح حسين، تكشف جانبًا من شخصيتها القوية، وتمسكها باختياراتها. فبعد طلاقها من ضابط تزوجته «مجبرة»، ووفاة والدها، أصرت على الزواج من «حسين»، ورفضت والدتها: «أضربت عن الطعام، وهربت مرتين». تزوج الرفيقان بعد محاولات عديدة، وشقا طريقهما معاً في النضال لمدة 9 سنوات، إلى أن اُغتيل زوجها على يد الإقطاعيين من عائلة تُدعى الفقي بقرية كمشيش.
أكملت شاهندة مقلد طريقها بعد مقتل زوجها، وفي زيارة المناضل جيفارا لـ«كمشيش»، مع الرئيس جمال عبدالناصر، حيا كفاحها ضد الإقطاع، مرتدية الزي الأسود حداداً على زوجها.
وقال جمال عبد الناصر: لو تحركت الثورة المضادة بعد مقتل نصير الفلاحين صلاح حسين لأرتديت لباس العسكر (الكاكي) ونزلت للشارع لأحارب عن الثورة بدمي في وجه الاقطاعيين.
حصلت شاهندة مقلد والفلاحون على 4 مقاعد من أصل عشرة فى الاتحاد القومي لتوزع الأرض التي صادرتها الدولة من الاقطاعيين على الفلاحين، وظلت تناضل من داخل كمشيش من خلال فضحها لممارسات الاقطاع إلى أن فرضت الحراسة على أموالهم.
اتخذت موقفًا معاديًا من السادات قبل وصوله للرئاسة، وحكت التفاصيل في حوار تليفزيوني، قائلة: ذات مرة استعان الإقطاعيون بمجموعة من المجرمين، واحتلوا قرية كمشيش، وهددوا الأهالي، فالأهالي بعثوا ببرقيات تحكي ما يحدث، السلطة لم تهتم، فاضطر الأهالي للهجوم على المجرمين وقتلوهم، فالسادات وكان عضو مجلس قيادة الثورة عن دائرة كمشيش، نزل القرية، واعتقل 25 فلاحاً، وقال لهم إنني أحكم بلا معقِّب وسأقيم لكم المشانق في كمشيش.
دخلت شاهندة السجن مرتين في عهد السادات، الأولى في السبعينات بسبب مظاهرة في حلوان، والثانية مع مئات المثقفين في سبتمبر 1981.
بعد اغتيال السادات خلعت شاهندة ثوبها الأسود، وبقيت تناضل ضد نظام حسني مبارك، وشاركت في الاحتجاجات والمظاهرات التي نظمتها حركة «كفاية»، حتى ثورة 25 يناير 2011، وأطاح بمبارك، بعدها شاركت في الاحتجاجات الرفضة لحكم محمد مرسي حتى عزله.
وفي مساء 2 يونيو أسلمت شاهندة الروح عن عمر ناهز الـ78 عامًا بالمركز الطبى العالمى بعد صراع طويل مع المرض، لكن سيرتها الطيبة ستبقى طويلاً.