المنتحرون: 203 حالات انتحار في 6 شهور.. بينهم 52 طالبًا وعاملًا و15 اختاروا الموت بديلا لـ الديون (تقرير حقوقي)
المؤسسة العربية: الطلاب أعلى انتحارا بـ 32 حالة يليهم العمال 20 حالة و36 حالة انتحار في مرحلة الطفولة
15 حالة بسبب الضائقة المالية وتزايد الديون .. و5 حالات انتحار بسبب الكورونا وامام مترو الانفاق
التقرير: الذكور الأكثر لجوءا لانهاء حياتهم بـ 150 حالة مقابل 53 حالة انتحار للإناث.. والشنق أكثر الوسائل ثم اقراص الغلال
الحالة النفسية والخلافات الزوجية والديون والخوف من الفشل في التعليم أبرز الأسباب.. وهلالي: احتجاج ضمني على الأوضاع
كتب – محمود هاشم
رصدت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق والإنسان، 203 حالات انتحار و12 محاولة انتحار، في الفترة من يناير إلى يونيو 2020، في تقريره عن النصف الأول من العام الحالي، كاشفا عن المحافظات التي شهدت الحالات المذكورة، والتصنيف النوعي والمهني والعمري للمنتحرين.
كما رصد التقرير ماهية الأسباب التي تؤدي المنتحرين إلى اتخاذ هذا القرار الصعب، وكيفيته، ومدى كونه نوعا من الاحتجاج على الظروف الاقتصادية والأوضاع الحالية، التي تؤدي إلى انتشار فكرة اليأس من تغيير المجتمع، وبالتالي من تغيير الوضع الاجتماعي للأفراد.
وقال شريف هلالي المحامي والمدير التنفيذي للمؤسسة أن الفترة محل الرصد شهدت وقوع 203 حالة انتحار، كانت أعلاها في شهر فبراير بـ44 حالة بنسبة 21.67%، يليها شهر يناير بـ41 حالة بنسبة 20.2 %، ثم شهري مايو ويونيو بمعدل 31 حالة انتحار لكل منهما بنسبة 15.27 %، ويأتي شهر أبريل في الترتيب التالي بـ27 حالة انتحار، ثم شهر مارس بـ29 حالة .
وأضاف هلالي أن هذا الرصد قد لا يمثل بالضرورة عدد حالات الانتحار الحقيقية، التي قد تصل إلى عدة آلاف سنويا ويمكن رصدها من محاضر الشرطة ودفاتر وزارة الصحة شهريا، بل من خلال رصد التناول الصحفي للظاهرة ودلالاتها، ونشر أخبار عنها بعدد من المواقع الصحفية المصرية.
وجغرافيا، تأتي القاهرة في الترتيب الأول بـ32 حالة انتحار بنسبة 15.67%، يليها الجيزة بـ20 حالة بنسبة 9.85 %، وفي المركز الثالث تأتي محافظة كفر الشيخ بـ16 حالة ، ثم القليوبية بـ15 حالة، وفي المركز الرابع تأتي محافظة البحيرة بـ14 حالة بنسبة 6.9 %، ثم محافظة الشرقية في الترتيب الخامس بـ13 حالة بنسبة 6.4 %، ثم تأتي محافظة سوهاج في الترتيب السادس بـ12 حالة بنسبة 5.9 % وهي أعلى محافظات الوجه القبلي، تليها محافظة المنيا في الترتيب السابع بـ10 حالات بنسبة 4.92 %.
وفي الترتيب الثامن تأتي محافظة المنوفية بـ9 حالات بنسبة 4.43 %، تليها محافظتا الإسكندرية وقنا بـ7 حالات انتحار بنسبة 3,44 %، يليها محافظتي الدقهلية والاسماعيلية بـ6 حالات لكل منهما بنسبة 2.95 %، يليها محافظة بني سويف بـ5 حالات انتحار بنسبة 2,46 %، يليها محافظات دمياط والسويس وأسيوط بـ4 حالات لكل منها بنسبة 1.97 %، تليها محافظتا الأقصر والبحر الأحمر بحالتي انتحار لكل منها بنسبة 0.98 %، وفي الترتيب الأخير تأتي محافظات بورسعيد، ومرسى مطروح، وجنوب سيناء بحالة انتحار لكل منها بنسبة 0.49 % لكل منها، وخلا عدد من المحافظات من حالات انتحار خلال هذه الفترة، ومنها الفيوم وأسوان وشمال سيناء .
وجاءت محافظات الوجه البحري – مضافة إليها الإسكندرية – أعلى المعدلات بـ81 حالة بنسبة 39.9 %، تليها محافظات القاهرة الكبرى الثلاث بـ67 حالة انتحار بنسبة 33%، ثم محافظات الوجه القبلي – مضافة إليها محافظة البحر الأحمر – بـ42 حالة انتحار بنسبة 20.68 %، وفي الترتيب الأخير تأتي محافظات القناة – مضافة إليها محافظة جنوب سيناء – بـ12 حالة انتحار بنسبة 5.91 %، ثم محافظة مرسى مطروح بحالة انتحار واحدة بنسبة 0.49 %.
وبشأن التصنيف النوعي والاجتماعي، يمثل الذكور أغلب حالات الانتحار بـ150 حالة بنسبة تقترب من نسبة 73.9 %، مقابل 53 حالة انتحار للإناث بنسبة 26.1 % .، أما عن الحالة الاجتماعية، سجل أعلى معدلات الانتحار طوال فترة التقرير لدى غير المتزوجين بـ72 حالة بنسبة 35.46 %، بينما وصلت لدى المتزوجين بـ36 حالة بنسبة 17.73 %، ولم يتمكن التقرير من رصد المعلومات الخاصة بـ95 حالة بنسبة 46.8 % .
ورصد التقرير 12 وسيلة من وسائل الانتحار خلال الشهور الستة الماضية، كانت أعلى وسيلة من وسائل الانتحار بالشنق بـ89 حالة انتحار بنسبة 43.84 %، تليها وسيلة تناول قرص غلة سام، أو مبيد حشري بـ45 حالة بنسبة 22.16 %، ثم الانتحار بالقفز من مكان عال بـ35 حالة بنسبة 24.17 %، يليها الانتحار بإطلاق النار على النفس، أو بالانتحار غرقا في نهر النيل أو فروعه بـ9 حالات لكل منها بنسبة 4.43 %، وفي المركز السادس يأتي الانتحار أمام قطارات مترو الانفاق بـ5 حالات انتحار بنسبة 2.46 %، ثم الانتحار بقطع الشرايين أو الانتحار حرقا بـ3 حالات لكل منها بنسبة 1.47 %.
وكانت الوسيلة المفضلة للانتحار للإناث هي تناول قرص غلال أو مبيد حشري أو دواء بإجمالي 30 حالة انتحار بنسبة 66.6 %، بينما جاءت في الترتيب الثاني الانتحار شنقا بـ11 حالة بنسبة 11.35 %، ثم القفز من مكان عال بـ8 حالات بنسبة 22.85 %، فيما يتعلق بالذكور كانت الوسيلة المفضلة هي الشنق بـ78 حالة بنسبة 87.64 %، يليها القفز من مكان عال بـ26 حالة بنسبة 74.28 %، وفي الترتيب الثالث الانتحار بقرص حفظ الغلال أو “الكيماوي” بـ15 حالة انتحار بنسبة 33.3 %.
أما بشأن التصنيف المهني، مثَّل الطلاب والطالبات أعلى فئة في حالات الانتحار بـ32 حالة بنسبة 15.76 %، منها 22 حالة لغير الجامعيين، يليهم العمال سواء لدى القطاع الخاص أو القطاع الحكومي بـ20 حالة، وفي نفس الترتيب جاء العاطلون عن العمل بـ20 حالة، وفي الترتيب الرابع جاء تصنيف ربات المنازل بـ14 حالة بنسبة 6.9 % .
وبلغ عدد المنتحرين من الجنسية غير المصرية 5 حالات منها سودانيين ويمني، وبينما بلغ عدد المنتحرين من المهنيين 6 حالات منها 3 في قطاع التدريس و2 من المهندسين وممرضة بنسبة 2.95 %، فضلا عن حالتين في قطاع الشرطة لأمين شرطة بمحافظة الأقصر، وحالة أخرى لمجند شرطة.
وفي التصنيف العمري، كانت أعلى مرحلة عمرية في حالات الانتحار من 21 إلى 30 عاما بـ65 حالة بنسبة 32%، تليها المرحلة العمرية من 1 إلى 18 سنة بـ36 حالة بنسبة 17.73 %، وفي الترتيب الثالث المرحلة العمرية من 31 إلى 40 عاما بـ41 حالة، ثم المرحلة العمرية من 19 إلى 20 عاما بـ18 حالة.
وبلغت أسباب الانتحار 17 سببا، أعلاها سوء الحالة النفسية التي تسبق حالات الانتحار بـ78 حالة بنسبة 38.42%، يليها مرضى الاكتئاب والأمراض النفسية بـ27 حالة بنسبة 13.3 %، والمنتحرين بسبب الخلافات الزوجية والأسرية بـ36 حالة، ثم بسبب الضائقة المالية وتزايد الديون بـ15 حالة بنسبة 7.38 % ، وفي المركز السادس يأتي الانتحار لأسباب عاطفية سواء بسبب رفض الزواج من قبل أسرة أحد الطرفين، أو لعدم القدرة المالية، أو بسبب فسخ الخطوبة بـ7 حالات بنسبة 3.44 % .، ثم المنتحرين بسبب إصابتهم بكورونا أو لوجود مخاوف من المرض به بـ5 حالات بنسبة 2.46 %، تم تسجيلها في الشهرين الأخيرين، جاءت أعلاها في شهر يونيو بـ4 حالات، وحالة واحدة في شهر مايو .
وفي نفس الترتيب جاء المنتحرون بسبب الفشل في التعليم أو الخوف من امتحانات الثانوية العامة بـ5 حالات بنسبة 2.46 %، وفي الترتيب ذاته جاء الانتحار بسبب إدمان الخمر أو المخدرات بـ5 حالات بنسبة 2.46 %، وفي الترتيب التالي جاء المنتحرون بسبب الفشل في الحصول على عمل أو ترك العمل، الحزن على وفاة قريب، والإصابة بأمراض الشيخوخة وأمراض مزمنة بحالتي انتحار لكل منها بنسبة 0.98 %.
وتنوعت الأسباب الأخرى إلى منتحر بسبب زواج والدته، ولعبة الحوت الأزرق، ووفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك وكانت في محافظة الشرقية، وسحب الموبايل بمعدل حالة واحدة لكل منها بنسبة 0,49 %.
كما رصد التقرير 12 محاولة انتحار، كانت 6 منها لذكور ومثلها لإناث، وعلى المستوى الجغرافي حظيت محافظة القاهرة بأعلى عدد منها بـ4 محاولات، ثم محافظتي الجيزة والبحيرة بمحاولتي انتحار، ثم الدقهلية والمنوفية وسوهاج والمنيا بحالة انتحار لكل منها .
بالنسبة لوسيلة الانتحار في تلك المحاولات، حظيت تناول حبة حفظ الغلال السامة بـ3 محاولات منها، القفز من كوبري عال سواء في أحد فروع النيل أو غير ذلك بـ3 محاولات، ومحاولة من القفز من أعلى أحد البنوك بوسط القاهرة من موظف بالبنك لنقله تعسفيا وتمكن مسئولو البنك من إقناعه بالعدول عن ذلك، ومحاولة اخرى لسيدة أمام مترو أنفاق السادات بالقاهرة، ومحاولة أخرى بإطلاق النار على المنتحر بعد قتله لخطيبته بنفس الطريقة، ومحاولة بتسريب الغاز من المنزل.
وفيما يتعلق بالجانب المهني للمنتحرين، تنوعت حالات الانتحار بين الصفة الطلابية لفتاتين إحداهما في الثانوية الأزهرية والأخرى في المرحلة الإعدادية لظروف خاصة بالمخاوف من النتيجة السيئة للامتحان، ومحاولة انتحار لنجار مسلح، وعامل، وموظف بنك، وربة منزل، فضلا عن 5 محاولات لم نتمكن من رصد عملهم بسبب نقص المعلومات .
أما فيما يتعلق بالأسباب تنوعت أسباب تلك المحاولات بين الإجابة بشكل سيئ في الامتحان، وتنوعت الأسباب الأخرى بين الأزمة النفسية والخلافات الزوجية والنقل التعسفي من العمل، وغيرها، وفيما يتعلق بالشريحة العمرية جاءت أعلى محاولات الانتحار في الشريحة العمرية، (21 ـ30 عاما) بـ4 محاولات، ثم الشريحة العمرية من (1 ـ18 عاما) بـ3 محاولات انتحار، يليها الشريحة العمرية من (41 ـ 50 عاما) بمحاولة وحيدة.
وقال هلالي إن تصاعد حالات الانتحار خلال الشهور الستة الماضية يبدو أنه يمثل احتجاجا ضمنيا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الحالية، ومنها حالات الانتحار أمام قطارات مترو الأنفاق مرة أخرى، وعودة الانتحارات الجماعية لأكثر من شخص، وتزايد الانتحار من جنسيات غير مصرية من السودان واليمن، سواء بسبب الضائقة المالية وتزايد الديون والفشل في الحصول على عمل، وتزايد الاضطرابات والأزمات النفسية الناتجة عن ذلك، أو حتى بسبب الخلافات الأسرية والفشل في الزواج، والخلافات بين الزوجين التي قد تؤدي إلى انتحار أحدهما.
كما أوصت المؤسسة أجهزة الدولة ووزاراتها ونقاباتها والمجتمع المدني بوضع حلول لمواجهة تصاعد هذه الظاهرة لدى الفئات الأصغر سنا، سواء بالتوعية أو بوجود خط ساخن يساهم في حل المشاكل الاجتماعية والنفسية، أو بتوفير علاج نفسي مباشر لمعالجة هذه الظاهرة، ومناقشة مراكز البحوث المصرية الأسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة ووضع حلول لها.
كما دعت المؤسسة الحكومة ومجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني المهتمة والنقابات المهنية لوضع استراتيجية لمناقشة أسباب هذه الظاهرة، وكيفية مواجهتها، وصولا إلى حصار هذه الظاهرة سواء بوضع ضوابط على بعض الوسائل المستخدمة في الانتحار، مثل حبوب حفظ الغلال أو غيرها .