“المحاكمة في مظلمة كالحياة في مقبرة”.. تقرير للشبكة العربية عن المحاكمات بمعهد أمناء الشرطة: لا يليق بتطبيق العدالة
أول محاكمة في معهد أمناء الشرطة بدات في 2013 وبعد 7سنوات ارتفعت عدد قاعات المحاكمة بالمعهد لستة قاعات
المحاكمة بالوزارة: 60% من الجلسات السياسية في 2019 تمت بمعهد الامناء ارتفعت لـ 65% في 2020
التقرير: الهلع ينتاب آلاف المحبوسين حين تتم محاكمتهم فيه.. والإصرار على عقد المحاكمات به رسالة أن أمن النظام فوق العدالة
كتب – أحمد سلامة
قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان إن معهد أمناء الشرطة لا يليق بتطبيق العدالة، مشيرة إلى أن 60% من جلسات المحاكمات السياسية في 2019 و65 % من الجلسات في 2020 عقدت بقاعات المحاكمات بالمعهد . زأصدرت الشبكة العربية اليوم تقريرًا حول معهد أمناء الشرطة وانعقاد المحاكمات به، مشيرة إلى أن شعور من الهلع ينتاب آلاف المحبوسين حين تتم محاكمتهم فيه، موضحة أن إصرار السلطة على عقد المحاكمات به بذريعة (الدواعي الأمنية) بمثابة رسالة للمواطنين بأن أمن النظام فوق كل شيء، بما في ذلك العدالة”..
وقالت الشبكة إن المعهد “ليس سجنا، ولم يكون، لكنه كان بؤرة تعذيب، رغم أنه على الورق كان معهد لتدريس المواد الشرطية والقانونية لمدة عامين لشباب يحملون شهادة متوسطة، ليصبحوا أفراد شرطة، في مكانة وسطى بين الضباط والجنود، وهي الرتبة المعادلة لرتبة (كونستبل) في الشرطة البريطانية.. لكنه كان يستخدم ، كبؤرة تعذيب خلال حكم حسني مبارك.. ومنذ سبعة سنوات، بات المقر ألاساسي للمحاكمات السياسية ، سواء كانت حقيقية أو ملفقة”.
وأضاف تقرير الشبكة “تأسس معهد أمناء الشرطة في أواخر الحقبة الناصرية -نهاية الستينيات- بهدف تخريج عددا من أفراد الشرطة الذين يحظون بقسط من التعليم، يمكنهم من التعامل المدني مع المواطنين وكذلك لتأهيل بسطاء المواطنين لأن يصبحوا ضباط شرطة بعد الخدمة كأمين شرطة لمدة 15 عاما، خاصة وأن كلية الشرطة كان لها شروط عسكرية لقبول الطلاب، إلى جانب ما يسمى بالهيئة الاجتماعية”.
وتابع التقرير “كان هذا هو الهدف، أو على الأقل هو الهدف المعلن. لا يمكننا الجزم بالأهداف غير المعلنة لوزير الداخلية الأسبق شعراوي جمعة حين أسس هذا المعهد، لكن يمكننا الجزم بالنتيجة وما آلت إليه الأوضاع الشرطية وعلاقة الشرطة بالشعب بعد تأسيس المعهد وتخرج عدد من أمناء الشرطة الذين أصبحوا حلقة الوصل بين المواطن وضابط الشرطة، لكنها كانت الحلقة الأكثر إزعاجا للمواطنين”.
وأردف “وحين قررت الدولة إنشاء معهد أمناء الشرطة، انشأته في منطقة طره، وتحديدا داخل منطقة سجون طره وهي المنطقة الأكبر والأقدم للسجون في مصر، وتم انشائه بأقرب من سجن الاستقبال وسجن المزرعة وشديد الحراسة من جهة طريق الاوتستراد، وأيضا بالقرب من سجن طره تحقيق من جهة كورنيش النيل.. وهذا ما جعل المنطقة بأكلمها ثكنة عسكرية للداخلية المصرية، كثيرا ما تقوم الداخلية بإغلاق الطريق الوحيد الواصل بين طريق الاتوستراد وكورنيش النيل في هذه المنطقة، باعتباره يمر بين معسكرات وسجون طره”.
وفي عام 2005 خرجت دراسة عن وزارة الداخلية بحصر المحاكمات العسكرية ومرتكبيها وتبين أن فئة مندوبي الشرطة هى أكثر الفئات ارتكابا للمخالفات تليها فئة اﻷمناء فصدر قرار بإلغاء المعهد وعدم قبول أي طﻻب به وتم تعويض اﻷعداد عن طريق زيادة أعداد المقبولين بمعاهد ضباط الصف والجنود وترقية البعض منهم عند استيفاء الاشتراطات لدرجة أمين شرطة، وفي فبراير 2016 تقدم مجلس الشعب بمبادرة لإلغاء معهد أمناء الشرطة ردا على ثورات الأمناء المتتالية ومطالباتهم الدائمة بتغيير الصورة النمطية لهم من خلال تغيير أوضاعهم – حسب التقرير.
وأشار التقرير إلى أن محاكمة حسني مبارك مثّلت بداية لما يعرف بظاهرة المحاكمة في الوزارة، والتي يقصد بها أن المحاكمات التي ينبغي أن تعقد في المحاكم الخاضعة لوزارة العدل، باتت تعقد في مقرات شرطية تخضع لوزارة الداخلية، حيث عقد أهم وأولى محاكمات مبارك في مقر أكاديمية الشرطة في صيف 2011… كانت محاكمة مبارك الاولى التي تعقد في مقر تابع للداخلية ، لكنها لم تكن الاخيرة.
ويستكمل “ومنذ هذا التاريخ، تصاعدت وتم التوسع في عقد المحاكمات بمعهد أمناء الشرطة، وبدلا من اعتباره مقرا استثنائيا للمحاكمات ذات الطابع الخاص، سواء من ناحية ضخامتها أو طابعها السياسي، أصبح معهد أمناء الشرطة، مقرا لأغلب المحاكمات التي تعقد في قضايا الرأي والقضايا السياسية”.
وتابع “بدءا من عام 2013، تاريخ عقد أول محاكمة في معهد أمناء الشرطة، أصبحت أغلب المحاكمات السياسية تعقد في هذا المق ، وبدلا من قاعة واحدة للمحاكمات، أصبحت في 7سنوات، ستة قاعات”.
وذكر التقرير “عدد القاعات حتى عام 2019 = ثلاثة قاعات (1 ،2 ،3 )، في عام 2020 تم استخدام مبنى جديد انشئ في نهاية 2019 به ثلاث قاعات جديدة (4، 5 ، 6 )، قاعة 4 ، 6 لجنايات أمن الدولة ، وقاعة 5 للمحاكمات العسكرية. وقاعة 1و2و3 مغلقين الآن.. إجمالي عدد جلسات المحاكمات السياسية التي أحصتها الشبكة العربية في كل المحاكم خلال عام 2019= 1331 جلسة، عدد الجلسات التي عقدت في معهد الأمناء وحده خلال هذا العام = 783 جلسة، عدد الجلسات في المحاكمات السياسية التي رصدتها الشبكة العربية في كل المحاكم خلال عام 2020 “حتى شهر نوفمبر” = 1048 جلسة ، منهم 624 جلسة في محكمة معهد الأمناء وحده”.
وأردف “6 قاعات للمحاكمة بمعهد الأمناء الذي يقع ويخضع لسلطة وزارة الداخلية.. نحو 60% من الجلسات السياسية التي عقدت في 2019 تمت في معهد الامناء، نحو 65% من الجلسات السياسية التي عقدت في 2020 تمت في معهد أمناء الشرطة”.
وأضاف التقرير أن “غياب شروط العلانية في محاكمات معهد الأمناء يعصف بكثير من الحقوق، فكثير من المحامين والصحفيين وذوي المتهمين يتعرضون لمضايقات عند دخولهم إلى قاعات الجلسات”.
وتابع التقرير “معهد أمناء الشرطة بتاريخه، ومكانه، وطبيعة قاعات المحاكمة به، لا يليق بتطبيق العدالة وإعمال حكم القانون.. بدءا من شخص وزير الداخلية، شعراوي جمعة، الذي أسس المعهد، وتاريخه الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، وباستعراض طبيعة المحاكمات والتي تتم في أغلبها والنسبة العظمى بها لمحاكمة رموز والمنتمين لثورة يناير، وحتى قمع حراك ائتلافات أمناء الشرطة الذين ألهموا بالثورة وأرادوا يوما أن يخرجوا عن الصورة النمطية لهم ، بعدما تنامى غضب الشارع المصري من جهاز الشرطة ، لتندلع الثورة في يومهم الرسمي (عيد الشرطة) فإن معهد أمناء الشرطة ليس بالمكان المناسب أبدا لأن يكون ساحة المحاكمات التي من المفترض أن يكون هدفها تحقيق العدالة”.
واختتم التقرير “إن إصرار السلطة على أن تعقد المحاكمات في معهد أمناء الشرطة بذريعة (الدواعي الأمنية) لهو بمثابة رسالة إلى المواطنين بأن أمن النظام فوق كل شيء، بما في ذلك العدالة”.