الكاتب السعودي تركي الحمد: مصر بواقعها الحالي هي مصر البطالة والأزمات.. كانت تقرض المال وتساعد المحتاج واليوم هي أسيرة صندوق النقد
كتب – أحمد سلامة
انتقد الكاتب السعودي تركي الحمد، الذي يعتبره بعض المراقبين مقربًا من الأسرة الحاكمة بالمملكة، الأوضاع المصرية الحالية خاصة على المستوى الاقتصادي والذي يتجلى في عدة أزمات من بينها البطالة والمعضلات المجتمعية الجذرية والمتقلبة، حسب الكاتب.
وفي سلسلة تغريدات، قال الحمد إن “الحديث عن مصر ليس حديثا عن أية دولة عربية أخرى، وليس تدخلا في شؤونها الداخلية، فمصر كادت أن تكون في يوم من الأيام هي كل العرب، وتاريخها الحديث يكاد يكون تاريخ كل العرب في طموحاتهم ونجاحاتهم وإخفاقاتم، لذلك فإن الحديث عنها هو حديث عن مصير عربي مشترك، فماذا يجري في مصر اليوم؟”.
وأضاف الكاتب “مصر في الذهن العربي ليست مصرا واحدة،بل هي (مِصرَان): فهناك مصر (النموذج)، سواء كان هذا النموذج هو مصر التنوير والحداثة والنهضة منذ بدايات مصر الحديثة في عهد محمد علي الكبير، أو كان النموذج الناصري منذ عام 1952، نموذج الثورة والتنمية والمكانة الدولية المميزة. بمعنى أن لدينا نموذجان لمصر: مصر المزدهرة قبل عام 1952، ومصر الطموحة بعد ذلك التاريخ، وينقسم المراقبون إلى مؤيد ومعارض لهذا النموذج أو ذاك. في المقابل، هنالك مصر بواقعها الحالي، أي مصر البطالة، وأزمات الاقتصاد والسياسة ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة التي لا تنتمي لأي نموذج، ملكيا كان أو جمهوريا”.
وأردف “فما الذي حدث لمصر الثرية بثرواتها وإمكانياتها، وهي التي كانت تقرض المال وتساعد المحتاج، وها هي اليوم أسيرة صندوق النقد الدولي، مشرئبة العنق لكل مساعدة من هنا أو هناك، وهي أرض اللبن والعسل؟ حقيقة لا يمكن تفسير الحالة المصرية بعامل واحد، وخاصة بعد سقوط الملكية،وبدايات (الصعود إلى الهاوية)”.
وأوضح “بل هي عدة عوامل لعل من أبرزها، أولا: هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش، وبإشراف الجيش، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش، كما يرى بعض المراقبين مكامن الأزمة وجذورها، وكل ذلك على حساب مؤسسات المجتمع الأخرى، سواء كنا نتحدث عن القطاع الخاص، أو مؤسسات المجتمع المدني، والذي كان في أقوى حالاته في العهد الملكي”.
وأردف “ثانيا:البيروقراطية المصرية الهرمة المقاومة للتغيير، والتي تقف حجر عثرة في وجه أي استثمار اقتصادي ناجح، سواء داخلي أو خارجي،رغم أن مصر عبارة عن كنز لا ينضب من الفرص الاستثمارية”.
واستكمل “ثالثا:الثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة والمنتظرة لكل ما يأتي من (فوق)،سواء كان هذا الفوق هو السماء ومفاجأتها وأبطالها المقبلين من الغيب،أو الدولة بجلال قدرها وفرعونها ذو الصولجان، (المالك) لمفاتيح التغيير وخزائن (المن والسلوى)، مع غياب شبه تام لحس المبادرة المجتمعية المستقلة.. هذه الثقافة ريفية الجذور، فرعونية التاريخ، ربما لها علاقة بالنيل في فيضانه وانحساره، وبالفرعون في بسطه وانقباضه.مثل هذه الثقافة كانت شبه قاصرة على القرية المصرية طوال التاريخ المصري، ومعزولة تماما عما تمور به المدن، وخاصة القاهرة والاسكندرية تحديدا، من حركات تحديث وتنوير ومبادرات مجتمعية مستقلة في العصر الحديث،ولكن مع فتح الباب لاجتياح الريف للمدينة في أعقاب حركة يوليو،أصبحت هي الثقافة السائدة كليا في كل مصر تقريبا.هذه هي أهم ثلاثة عوامل لا يمكن فهم ما يجري في مصر دون أخذها في الاعتبار وفق ظني،وليس كل الظن إثم في كل حال”.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية كانت من أكبر المساندين لـ مصر خلال الفترة التي تلت 2013، إذ قدمت على رأس دول الخليج مساعدات مالية عقب ثورة 30 يونيو، حيث قررت الرياض تقديم دعم عاجل لمصر بقيمة خمسة مليارات دولار، والإمارات بثلاثة مليارات دولار، والكويت بأربعة مليارات دولار، لدعم استقرار مصر.
وهو ما أكده عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية بالقاهرة في رمضان الماضي، حيث قال “لولا تدخل الأشقاء العرب بعشرات المليارات من الدولارات في عامي 2013 و2014 لم تكن لمصر قائمة حتى الآن”.