الفن وميراث التُهم المُعلبة.. قصة اتهام عاطف الطيب ونور الشريف وبشير الديك بالخيانة والإساءة لمصر بسبب فيلم «ناجي العلي»
كتب: عبد الرحمن بدر
جدد الهجوم الذي تعرض له فيلم ريش خلال الأيام القليلة الماضية، لإظهاره معاناة الفقراء، الحديث عن التهم المعلبة التي واجهها صناع السينما خلال العقود الماضية، وكأنها ميراث سيئ يدفع ضريبته المبدعون رغم اختلاف الأنظمة وتعاقب الحكام، ومن أبرز هذه الأزمات أزمة فيلم ناجي العلي.
في 1992، قدم نور الشريف فيلم ناجى العلي عن رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير، من تأليف بشير الديك وإخرج عاطف الطيب، ولاقى ثلاثتهم هجوما عنيفا واتهامات بالخيانة، والإساءة لحسني مبارك ولمصر.
حملات صحفية اتهمت صناع العمل بأنهم مجموعة من الخونة صنعوا فيلما خصيصا ضد مصر، وذكرت الحملات أن نور الشريف يقوم ببطولة فيلم الرجل الذى شتم مصر فى رسوماته.
نور ذكر في تصريحات سابقة، أنه قضى فترة مريرة للغاية وقت إنتاج الفيلم، فقد هاجمه بعض الفنانين ممن يعتبرهم أصدقاءه، واتهموه بالحصول على مبلغ 3 ملايين جنيه من منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال إن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات جاء في زيارة إلى مصر ليلتقي بالرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ليمنع عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي.
وأكد نور الشريف أنه كان يُسب يوميًا في 6 صفحات بصحف يومية، ولم يسانده في تلك الفترة من الفنانين سوى محمود ياسين، وسمير صبري، ويحيى الفخراني، فأرسلوا إلى الصحف والمجلات تحذيرات بعدم نشر تصريحات صحفية باسمهم تهاجم نور الشريف أو الفيلم.
كانت الاتهامات ضربة قاصمة للشريف من الناحية الفنية والمادية؛ حيث تأثر الشارع تأثرا كبيرا بها بخاصة أنهم لا يعرفون الكثير عن العلى وقضيته. وتعرض نور لحملة مقاطعة من الدول العربية، التى رفضت أن تعرض أفلامه فى دور السينما لديها، وفى مصر تعرض لحصار كبير منعه من الإنتاج.
الفيلم لم يعرض سوى لمدة أسبوعين فقط فى دور العرض، ليتم سحبه بعدها مباشرة نتيجة الهجوم الذى تعرض له وخاف أصحاب دور العرض من رد فعل الجمهور من جهة أخرى ليظل ممنوعا من العرض لعقود.
الحملة الصحفية المعادية للفيلم حاولت تشويه صورة ناجي العلي واتهامه بذم مصر وتاريخها، في الوقت الذي أكد فيه الكاتب أنه يشارك ناجي العلي رأيه حول سياسة مصر ورفضه لكامب ديفيد وتبعاتها.
ويقول بشير الديك: “ناجي لم يكن يكره مصر، بل هو ضد سياسة مصر وكامب ديفد تماماً مثلنا، فنحن أيضا ضد هذه السياسة وضد كامب ديفيد”. وذكر أنه كان يريد كتابة عمل يتناول القضية الفلسطينية فكان ناجي العلي خير وسيلة لذلك، فحياته ورسوماته تعتبر إلى حد الآن صوت ضمير إنساني واعٍ في وجه السلطات الحاكمة وهذا ما أودى إلى اغتياله عام 1987 في لندن.
ضمن حملة التخوين والذم التي واجهها الفيلم، تم الترويج إلى أن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي هو من موّل الفيلم، إلا أن المنتج وليد الحسيني أكد أن له علاقات قوية مع معمر القذافي لكنه لم يدفع دولاراً واحداً ولم يمول الفيلم.
قصة حياة ناجى العلي، جسدها الفنان نور الشريف فى فيلم يحمل اسمه، بمشاركة ليلى جبر، ومحمود الجندي، وتدور أحداثه حول واقعة الاغتيال الشهيرة التى تعرض لها الفنان الفلسطيني. وظل ممنوعا لما يقرب من اثنين وعشرين عاما، ليعرض للمرة الأولى على التليفزيون المصرى فى 2014.
الكاتب عبد الله السناوي قال في تعليق سابق عن الأزمة: مشكلة الفيلم كانت في التوقيت، وإن كل من شاركوا في ذلك السجال لو كتبوا اليوم ستختلف شهاداتهم بصورة قاطعة، إن غالبية من كانوا طرفاً في الشد والجذب في تلك المرحلة رحلوا وبقي الفيلم وثيقة هامة على مرحلة مهمة لا يمكن أن يطويها أي إنكار.
يذكر أنه قعت أزمة بمهرجان الجونة السينمائي الذي اختتم فعالياته بالأمس في البحر الأحمر، خلال عرض الفيلم الحائز على الجائزة الكبرى لمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان (كان) السينمائي الدولي، لتناول الفيلم معاناة الفقراء في مصر، حيث انسحب عدد من الفنانين من العرض، معتبرين أن الفيلم يقدم صورة غير حقيقة، فيما أكد نقاد أن صورة الوطن لا يمكن اختزالها في مجموعة مشاهد.
ويعد فيلم “ريش” للمخراج عمر الزهيري، وراء تتويج السينما المصرية للمرة الأولى في تاريخها بجائزة من مهرجان “كان” عن عمل فني محدد.
وبعد نحو ساعة من عرض الفيلم، بدأ البعض في المغادرة، والمفارقة أن من غادروا هم من صناع السينما.
وغادر العرض الفنان شريف منير، وظهر غاضبا للغاية، وتبعه الفنان أحمد رزق، ومن خلفه الفنان أشرف عبد الباقي، كما غادر قاعة العرض المخرج عمر عبدالعزيز. وكانت وجهة نظرهم أن الفيلم يحوي مشاهد لا تظهر الصورة الحقيقية لمصر، وبعد أيام خرج عبد الباقي بتصريح، أكد فيه أنه لم ينسحب ولكن خرج لارتباطه بموعد.
يذكر أنه استطاع فيلم ريش السينمائي انتزاع جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي طويل، خلال حفل الختام الذي أقيم مساء الجمعة.