الشوبكي يكتب عن انسحاب فنانين من عرض ريش: إساءة وكارثة مكتملة الأركان.. من يفعل ذلك لا علاقة له بمعنى الفن والإبداع
كتب: عبد الرحمن بدر
وصف الباحث والكاتب الصحفي، عمرو الشوبكي، انسحاب بعض الفنانين من عرض فيلم ريش بمهرجان الجونة بالكارثة مكتملة الأركان.
وقال الشوبكي: “حين يقدم شخص يفترض إنه فنان على الانسحاب من مشاهدة فيلم ريش في مهرجان الجونة بحجة أن مشاهد الفقر التي جاءت في الفيلم تسيء لسمعة مصر، فهذه كارثة مكتملة الأركان، لأن هذا معناه أن هذا الشخص أو هؤلاء الشخوص لا علاقة لهم من الأصل بمعني الفن والابداع الذي ينقل للمشاهد مايراه المخرج واقعا أو خيال أو فانتازيا وفق إحساسه ورؤيته الفنية، التي من الطبيعي ألا تنال إعجاب الجميع بعيدا عن المزايدة بقصة الاساءة لمصر”.
وتابع في تدوينة له: “أفهم أن يقول البعض أن هناك تنظيمات أو توجهات سياسية بعينها تسيء لمصر أو تري فقط الجوانب السلبية وتتجاهل الإيجابيات، لكن أن نطالب فنان بأن يصور فيلمة في كومبوند أو حي شعبي أو منطقة عشوائية، أو يتحدث عن الإغنياء أو البسطاء، أو اللصوص أو الشرفاء، فهذا أمر يخصه لأن جميعهم أنماط موجودة داخل المجتمع، فهو لايعرض تقرير التنمية البشرية ولا البنك الدولي ولا بيانات الحكومة إنما عمل ابداعي محض لن يكون محل إجماع”.
وأضاف الشوبكي: “إن أكبر إساءه لمصر هو هذا النوع من ردود الفعل على عمل حصل على جائزة النقاد في مهرجان كان وإن حصول مخرج شاب من أبناء هذا البلد على جائزة في مهرجان يحلم الكثيرون أن تعرض أفلامهم فيه هو فخر لمصر وليس إساءه لها”.
يذكر أنه قعت أزمة بمهرجان الجونة السينمائي الذي انطلق نهاية الأسبوع الماضي في البحر الأحمر، خلال عرض الفيلم الحائز على الجائزة الكبرى لمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان (كان) السينمائي الدولي، لتناول الفيلم معاناة الفقراء في مصر، حيث انسحب عدد من الفنانين من العرض، معتبرين أن الفيلم يقدم صورة غير حقيقة، فيما أكد نقاد أن صورة الوطن لا يمكن اختزالها في مجموعة مشاهد.
ويعد فيلم “ريش” للمخراج عمر الزهيري، وراء تتويج السينما المصرية للمرة الأولى في تاريخها بجائزة من مهرجان “كان” عن عمل فني محدد.
وبعد نحو ساعة من عرض الفيلم، بدأ البعض في المغادرة، والمفارقة أن من غادروا هم من صناع السينما.
وغادر العرض الفنان شريف منير، وظهر غاضبا للغاية، وتبعه الفنان أحمد رزق، ومن خلفه الفنان أشرف عبد الباقي، كما غادر قاعة العرض المخرج عمر عبدالعزيز. وكانت وجهة نظرهم أن الفيلم يحوي مشاهد لا تظهر الصورة الحقيقية لمصر، لكن عاد عبد الباقي بعد ذلك وأكد أنه لم ينسحب اعتراضًا على الفيلم ولكن لارتباطه بمواعيد أخرى.
يذكر أن “ريش” شارك في بطولته دميانة نصار، سامي بسيون، محمد عبد الهادي، فادي مينا، ابوسفين نبيل، نعيم عبد الملك، محمد صدقي، يوستينا سمير، ناصر جلال، عبدالله، سامية، سيناريو واخراج عمر الزهيري.
والفيلم يقدم قصة أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها، حياة لا تتغير وأيام تتكرر بين جدران المنزل الذى لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه ذات يوم يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل فى إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثا عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة.
وقال المخرج عمر الزهيري: علمت بانتقادات بعض الفنانين للفيلم، ولكني أقدم السينما التي أقتنع بها، وتقدم أفكاري وأمر طبيعي أن يكون هناك اختلاف في الرأي حول الفيلم وحينما وصلت لمهرجان كان لم أكن أعرف ما سيحدث بعدها.
وعن الصعوبات التي واجهها الفيلم قال: كان علي أن أجد كل يوم مفاجأة في العمل أبني عليها مشهد، وكنت أخشى أن أفقد هذه التفاصيل، وكان مصدر قلقي حتى انتهى العمل،
وأضاف الزهيري: أحب السينما منذ صغري والعمل الجيد يجب أن يراه الجميع، وفيلمي أول عمل يخلق ارتباك بين المشاهدين، وهو أمر حدث للكثير من المخرجين الكبار، وإذا شاهدت النقد الأجنبي عن الفيلم سنجده إيجابي وسنطرحه تجاريًا في شهر ديسمبر المقبل.
وقال مخرج الفيلم إن السينما والفن دورهم طرح الأسئلة وترك الإجابة للجمهور وهو ما يخلق الاختلافات، لذلك النهاية المفتوحة كانت مقصودة، فأنا تخيلت كل مشهد بالعمل قبل أن أبدأ تصويره.
وقالت إدارة المهرجان في بيان لها إن مهرجان الجونة قدم على مدار أربع سنوات مضت العديد من الأنشطة في مجال تعزيز الفن السينمائي وتنشيط السياحة المصرية، وعقدت دورته الرابعة فى ظروف عالمية صعبة، للتأكيد على مكانة مصر وحرص المهرجان على إبراز قدرة مصر والمصريين على تقديم مهرجانات فى مستوى العالمية، بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر وبرعاية وزارة الثقافة ووزارة الصحة ووزارة الداخلية، ما يؤكد انتماء المهرجان لمصر وولاءه لها.
وتابع المهرجان أنه يؤكد على تقديره لكل صناع السينما فى العالم وما يقدمون من إبداعات وتجارب سينمائية متميزة، مؤكدا أن فريق العمل فى المهرجان يقوم باختيار الأفلام بناء على جودتها الفنية والسينمائية فقط بمعايير المهرجانات السينمائية العالمية.
وعن اختيار فيلم ريش قال المهرجان إن الفيلم متسقا مع معايير اختيار الأفلام وذلك بناء على ما حققه من نجاحات في بعض المحافل الدولية سواء حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في أكبر المهرجانات العالمية مهرجان “كان”، وهو أول فيلم مصري يحصل على مثل تلك الجائزة المرموقة.
وتابع: كما حصل بالأمس القريب على الجائزة الكبرى لمهرجان “بينجياو” في الصين، كما تم اختياره ليعرض في أيام “قرطاج” السينمائية في دورتها القادمة، كما قامت وزارة الثقافة المصرية بتكريم الفيلم وفريق عمله في فعالية أقيمت قبل بدء مهرجان الجونة السينمائي.
وأضاف المهرجان: “لذا كان اختياره للعرض فى مهرجان الجونة جزء من الاهتمام بالشأن المصري في المجالين الفني والثقافي عالميا، خصوصا وأننا على مدار 125 سنة من تاريخ السينما المصرية لم يحصل فيلم مصري على جائزة بهذه الأهمية. ووفقا لآراء العديد من النقاد المصريين والعالميين، فإن الفيلم تدور أحداثه في زمن ومكان غير محددين، وبالتالي لا يمكن تحميل الفيلم أكثر من ما جاء به، ويؤكد المهرجان أنه لم ولن يعرض أي فيلم بدون الحصول على التصاريح الرسمية تأكيدا لأنه لا يحمل أية أساءة أو ضغينة فى أى من عروضه المختلفة سواء داخل أو خارج المسابقة الرسمية”.
وقال مهرجان الجونة إنه يدعم السينما العالمية والفن بصفة عامة وأهمية أن يأخذ وضعه ضمن خريطة العالمية للمهرجانات ويفتخر المهرجان أنه مهرجان مصرى يقام على أرض مصر التى يكن لها كل الاحترام والتقدير فى كل ما ينتمى للمهرجان.