الأمم المتحدة عن أزمات العمال المهاجرين في قطر: القسم الأكبر من شكاواهم يتعلق بأجور غير مدفوعة
أ ف ب
أفادت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء أنّ شكاوى العمّال المهاجرين في قطر “زادت بأكثر من الضعف” منذ خصّصت الدوحة قبل عام منصّة إلكترونية لتلقّيها، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من هذه الشكاوى تتعلق بأجور غير مدفوعة.
وفي تقريرين نشرتهما قبل 19 يوما من انطلاق كأس العالم في كرة القدم في هذه الدولة الخليجية، قالت المنظمة الأممية إنّ عدد هذه الشكاوى ارتفع بين تشرين الأول/أكتوبر 2021 والشهر نفسه من العام الحالي بأكثر من الضعف ليبلغ حوالي 35 ألف شكوى، مشدّدة على وجوب أن تبذل السلطات القطرية المزيد من الجهود لتطبيق الإصلاحات التي بدأتها في السنوات الأخيرة.
وبحسب المنظمة فإنّ “الأسباب الرئيسية للشكاوى تتعلّق بعدم دفع الأجور ومكافآت نهاية الخدمة، وعدم منح الإجازة السنوية أو دفع تعويض مالي عنها”.
ولفتت إلى أنّ عدد العمّال الذين عولجوا من مشاكل مرتبطة بدرجات الحرارة المرتفعة جداً صيفاً انخفض بعدما فرضت الإمارة قيوداً جديدة في 2021.
وقالت المنظّمة إنّ أربع عيادات مخصّصة للعمّال المهاجرين عالجت 351 عاملاً هذا الصيف، في انخفاض كبير بالمقارنة مع 620 عاملاً في 2021 و1520 عاملاً في 2020.
وأشادت بتنفيذ قطر إصلاحات “مهمّة” أدّت إلى “تحسين ظروف العمل والمعيشة لمئات آلاف العمّال”، وكان لها أيضاً تأثير في منطقة الخليج عموماً، لكنّها شدّدت على “ضرورة فعل المزيد من أجل تطبيق إصلاحات العمل وفرضها بالكامل”.
وقالت المديرة الإقليمية للدول العربية في “منظمة العمل الدولية” ربا جرادات “ندرك جميعاً أنّنا لم نصل بعد إلى خط النهاية، وسنقوم بالبناء على هذا الأساس المتين لمعالجة الثغرات في التنفيذ، والتأكّد من أنّ جميع العمّال وأصحاب العمل يمكنهم الاستفادة بالكامل من هذه الإصلاحات الرئيسية”.
ويأتي نشر هذين التقريرين، أحدهما لما تحقّق في عام والثاني لما تحقق خلال السنوات الأربع الماضية، في وقت تجد فيه قطر نفسها عرضة لسيل من الانتقادات على خلفية سجلّها في مجال حقوق الإنسان ومن بينها خصوصاً حقوق العمّال المهاجرين.
وتردّ السلطات القطرية على هذه الانتقادات بتسليط الضوء على الإصلاحات التي أجرتها في السنوات الخمس الماضية لناحية سلامة مواقع البناء وظروف العمل.
وفي الآونة الأخيرة، أشادت اتحادات العمال الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بهذه الإصلاحات، لكنّها مع ذلك دعت الدوحة إلى القيام بالمزيد على هذا الصعيد.
ويأتي نشر هذين التقريرين غداة وصول وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر إلى الدوحة بعدما أدلت بتصريحات شكّكت في أهلية قطر لاستضافة البطولة، الأمر الذي أثار عاصفة دبلوماسية بين البلدين.
وفي الدوحة التقت فايسر يرافقها رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بيرند نيوندورف بممثّلين عن نقابات ومسؤولين في منظمة العمل الدولية، وفق ما أفاد دبلوماسيون وكالة فرانس برس.
ونوّهت منظمة العمل الدولية بأنّ “قطر أظهرت عزمها على دفع أجندتها الإصلاحية إلى الأمام”، مشيرة إلى أنّ “ثمة اعترافاً عالمياً باستمرار وجود تحدّيات في تنفيذها، وهو أمر لا يثير الاستغراب بالنظر إلى حجم الإصلاحات ووتيرتها”.
واستحدثت منظمة العمل الدولية في 2018 مكتباً موقتاً لها في قطر بعدما رفعت أمامها في 2014 اتّحادات دولية شكوى تتّهم فيها السلطات القطرية بانتهاك حقوق العمال الأجانب.
وتبدي منظّمات حقوقية قلقها لجهة احتمال أن تتخلّى قطر عن كلّ هذه الإصلاحات بعد انتهاء المونديال (20 نوفمبر – 18 ديسمبر)، لكن المنظّمة أكّدت أنّ الحكومة القطرية طلبت منها أن يصبح مكتبها في الدوحة دائماً، وهو أمر، إن حصل، سيؤسّس لسابقة في منطقة غالباً ما تنتقد دولها بسبب ظروف العمالة الأجنبية فيها.
وفي أحد تقريريها شدّدت المنظمة على أنّه من بين المسائل التي ترتدي معالجتها أولوية يتعيّن على الدوحة “ضمان استفادة جميع العمال وأصحاب العمل من القوانين التي ترعى تغيير” العامل مكان عمله من صاحب عمل إلى آخر.
وأضافت “يجب تعزيز الآليات الخاصة بالعمال لتقديم الشكاوى وتحصيل أجورهم”، كما “يجب حماية حقوق العمال المنزليين بشكل أفضل، بما في ذلك أوقات العمل والراحة”.
وأشادت المنظمة بأنّ “قطر هي الدولة الأولى في المنطقة التي تعتمد حدّاً أدنى غير تمييزي للأجور ينطبق على جميع العمال من جميع الجنسيات وفي جميع القطاعات، بما في ذلك العمل المنزلي”.
وكان تقرير للمنظمة صدر في 2021 أفاد أنّ 50 عاملاً لقوا حتفهم في ورش بناء في 2020. ولم تقم المنظمة في أيّ من تقريريها الجديدين بتحديث هذه الأرقام، لكنّها نوّهت بما بذلته الدوحة من “جهود كبيرة” في مجال “حوكمة هجرة اليد العاملة، وإنفاذ قانون العمل والوصول إلى العدالة، وتعزيز صوت العمّال والحوار الاجتماعي”.
ولفتت إلى أنّ أكثر من 300 ألف عامل في قطر تمكّنوا من تغيير وظائفهم بعدما تخلّت السلطات عن كثير من أحكام نظام “الكفالة” الذي كان يمنع العامل من تغيير عمله أو حتى أن يغادر البلاد ما لم يأذن له بذلك صاحب العمل.
ومنذ منح الاتّحاد الدولي لكرة القدم قطر استضافة المونديال عام 2010، تتعرّض أول دولة عربية تستضيف العرس الكروي العالمي لانتقادات بسبب مواضيع شتّى تراوح بين ظروف عمل ومعيشة العمّال المهاجرين في البلاد وحقوق المثليين والنساء فيها فضلًا عن تكييف الملاعب المخصصة لاستضافة المباريات.