اذكروهم وقت منع الزيارات| علاء عبدالفتاح: “التنين البمبي” الذي يدفع ثمن معارضته للقمع.. وتدفع أسرته ثمن المطالبة بحريته

يقضي فترة حبس احتياطي في القضية رقم 1356 لسنة 2019 مع محاميه الذي اعتقله الأمن في طريقه للدفاع عن علاء

كتب- حسين حسنين

في 18 مارس المنصرم، اعتقلت قوات الأمن أسرة السياسي المعارض علاء عبد الفتاح، بعد وقفة صامتة أمام مبنى مجلس النواب ومجلس الوزراء، للمطالبة بالإفراج عن علاء وسجناء آخرين، ضمن مطالب واسعة بالإفراج عن السجناء خوفا من تفشي فيروس كورونا.

علاء لم تنساه أسرته، تجمعت وطالبت بالحرية له ولغيره من السجناء والمحتجزين، لذلك كان قرارنا في “درب” أن نشارك في عدم نسيان علاء وغيره من المحبوسين، ضمن حملة الموقع بعنوان “اذكروهم وقت منع الزيارات”.

في ديسمبر 2013، اعتقلت قوات الأمن علاء عبدالفتاح وأحيل للتحقيق في القضية التي عرفت إعلاميا باسم “أحداث مجلس الشورى”، والتي قضى على أثرها حكما بالسجن 5 سنوات، لكن هذه القضبة لم تكن الأخيرة في حياة الناشط البارز.

صدر الحكم ضد علاء بالسجن 5 سنوات والمراقبة الشرطية 5 سنوات أخرى، أي عليه يوميا أن يظل في قسم الشرطة منذ الساعة 6 مساءً وحتى الـ6 من صباح اليوم التالي، معاناة جديدة تضاف لقوائم الاستهداف ضد علاء فقط لكونه معارضا سياسيا.

ولحوالي 6 أشهر، ظل علاء ملتزما بمراقبته الشرطية اليومية، والتي كثيرا ما تحدث عن سوء أوضاعها وسوء أماكن احتجازه التي تستمر يوميا لمدة 12 ساعة.

ومقابل حديثه عن هذه الانتهاكات آنذاك، كتب علاء “أنا في خطر.. امبارح ضباط أمن وطني صحوني بالليل وهددوني بالحبس مجددا عقابا على كتابتي عن ظروف المراقبة.. دي ثاني مرة يجيلي تهديد بالشكل ده.. المرة دي رفضوا يفصحوا عن هوياتهم وتصرفوا بحدة”.

لم يكن يعلم علاء أنه على موعد مع الاعتقال مرة أخرى، خاصة وأنه كان يقضي أغلب يومه داخل قسم الدقي ومن الطبيعي ألا يتم اتهامه بأي شيء لأنه تحت مراقبتهم، إلا أنه لم يسلم من موجة الاعتقالات التي طالت عدد من المعارضين بالتزامن مع دعوات النزول في 20 سبتمبر 2019.

وفي 29 سبتمبر الماضي، وأثناء انتظار والدته الدكتورة ليلى سويف أمام قسم الشرطة خروجه لانتهاء فترة المراقبة، فوجئت بالقبض عليه، حيث اصطحبته مأمورية من قوات الشرطة من قسم شرطة الدقي، بعد انتهاء فترة مراقبته اليومية، إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق.

ظهر علاء في اليوم التالي على ذمة القضية رقم ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة، وخلال التحقيقات معه وأثناء حضور محاميه، قررت النيابة التحفظ على المحامي محمد الباقر وضمه لنفس القضية أثناء حضوره التحقيقات معه.

وقررت النيابة حبسهما ١٥ يوما على ذمة القضية رقم ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة، بتهمة مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، نشر وإذاعة بيانات وأخبار كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي.

وخلال احتجازه بسجن طره شديد الحراسة المعروف باسم “سجن العقرب”، كشف عبد الفتاح عن تعرضه للضرب والتعذيب، وأثبت ذلك في التحقيقات أمام نيابة أمن الدولة.

وبحسب ما ذكر في التحقيقات فإنه “تم تغمية عينه منذ لحظة وصوله لبوابة السجن حتى دخوله الزنزانة، تم خلع ملابسه ماعدا ملابسه الداخلية وظل معصوب العينين، تم التعدي عليه بالضرب والشتيمة استمر حوالي لمدة ربع ساعة.

وبحسب مبادرة “خريطة التعذيب” التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه “أثناء وصوله السجن اتعمله تشريفة، كان يمشي في ممر، وتعرض للضرب على ظهره ورقبته مصحوب بالسب والشتائم والتهديدات، وبمجرد وصول طبيب السجن الذي سأله عما إذا كان يعاني من أي أمراض، وعلاء وضح له بأن جسده قابلية لتكوين الحصاوي وبحاجه لمياه نظيفة، وبعدها استكملوا الضرب والإهانة”.

وأضافت الخريطة في رصدها: “خلال ضربه ظهر ضابط الكل كان يناديه بـ باشا، قال لعلاء بشكل واضح أنه يكره الثورة، وأن السجن تم عمله لتأديب أمثاله وأنه لن يخرج من هنا، إضافة إلى أن إدارة السجن هددوا علاء قبل نقله للنيابة بعدم الكلام عن الظروف في السجن”.

وفي 21 يناير 2020، نشرت الدكتورة ليلى سويف، الأستاذة بكلية العلوم جامعة القاهرة ووالدة عبدالفتاح، نص بلاغها الذي تقدمت به أمس ضد مأمور سجن طره. وطالبت د. ليلى في بلاغها الذي حمل أرقام ٤١١٧ لسنة ٢٠٢٠ عرائض النائب العام، بالتحقيق مع مأمور وضباط السجن في تعمدهم إيذاء علاء عبد الفتاح في محبسه.

نص البلاغ:

سيادة المستشار/ النائب العام

مقدمة هذا البلاغ لسيادتكم/ ليلى مصطفى اسماعيل سويف

والدة علاء أحمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد، المحبوس احتياطيا بسجن شديد الحراسة 2 بمنطقة طرة ب، على ذمة القضية ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة

سبق أن تقدمت لسيادتكم في اكتوبر الماضي-أي منذ ثلاثة أشهر- بمجموعة من الشكاوى (ارفق صورا منها بهذا البلاغ) حول الانتهاكات التي تعرض لها والتي لايزال يتعرض لها ابني علاء في محبسه بسجن شديد الحراسة 2 بمنطقة طرة ب. إذ كنت قد حضرت إلى الادارة العامة لحقوق الانسان لتقديم تلك الشكاوي يوم 20 أكتوبر 2019 واستقبلني كل من المستشار محمد عبد الرحمن والمستشار محمد ضياء واطلعوا عليها ، وسجلت الشكاوى رسميا بتاريخ 24 اكتوبر 2019 حين حضرت مرة أخرى للادارة بناء على اتصال تليفوني لاستكمال توقيعي عليها.

اليوم بعد ثلاث شهور من تقديم شكواي لم يصل إلى علمي أي اجراء اتخذته النيابة العامة بشأنها ولا تزال الانتهاكات مستمرة بحق علاء ولازالت ادارة سجن شديد الحراسة 2 تتجاهل نصوص لائحة مصلحة السجون وتحرمه من العديد من حقوقه التي تنص عليها اللائحة، علما بأن علاء يكرر اثبات شكواه أمام نيابة أمن الدولة في كل مرة يتم عرضه عليها للنظر في تجديد أمر حبسه.

الانتهاكات

1- رغم برودة الجو الشديدة علاء وزملائه في الزنزانة لم تصرف لهم مراتب ليناموا عليها ولم يستجاب للطلب الذي تقدمنا به لشراء مرتبة له بأي مواصفات تحددها ادارة السجن، كذلك فهم محرومون من استخدام الماء الساخن حيث الزنزانة مغلقة عليهم ولا يسمح لهم باستخدام الحمام المجاور لها والذي به ماء ساخن، ورفض طلبهم بادخال كيتيل لتسخين المياه، وهم أيضا محرومون من المشروبات الساخنة لانهم لا يملكون أدوات لتسخين المياه ولأنهم محرومين من الشراء من الكانتين.

2- علاء ومن معه في الزنزانة محرومون تماما من التريض ولا يخرجون من زنازينهم إلا للزيارة وللمثول أمام النيابة، وادارة السجن باصرارها على حرمان علاء من هذه الحقوق تتعمد ايذاءه بدنيا وتهديد صحته.

3- علاء محروم من كافة مواد القراءة -بما فيها صحيفة الاهرام ومجلة ميكي- ففي كل زيارة نحضر له الجرائد والمجلات وبعض الروايات، وفي كل مرة تجدد ادارة السجن مخالفتها للائحة السجون وترفض تسليمها له وتعيدها معنا، وهو اجراء لا يمكن تفسيره سوى بانه شكل من اشكال التعذيب النفسي.

4- زيارة علاء تتم من خلف حاجز زجاجي ونمنع أنا واخوته من لمسه او احتضانه، كما يتعذر علينا اصطحاب ابنه الى الزيارة حيث نخشى العواقب النفسية لزيارة بهذا الاسلوب على طفل صغير. هذا الاجراء أيضا لا يمكن تفسيره سوى بانه شكل من أشكال التعذيب النفسي للمسجون ولاسرته

5- علاء تعرض للضرب والاهانة ليلة وصوله إلى السجن وقد أوضحنا ذلك بالتفصيل في شكوانا السابقة التي نرفق صورة منها مع هذا البلاغ.

الخلاصة

هذا بلاغ مني أنا ليلى مصطفى اسماعيل سويف والدة علاء أحمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد، المحبوس احتياطيا بسجن شديد الحراسة 2 بمنطقة طرة ب، على ذمة القضية ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة.

ضد مأمور سجن شديد الحراسة 2 بمنطقة سجون طرة ب، وضد باقي الضباط المسئولين بالسجن، لتعمدهم ايذاء ابني بدنيا ونفسيا، واصرارهم على مخالفة لائحة السجون التي من المفترض بحكم وظيفتهم أن يطبقوا أحكامها. وأطالب سيادتكم أن تتخذوا اللازم ليتم التحقيق في بلاغي هذا، واتمنى ألا تمر ثلاثة أشهر أخرى حتى تتوقف الانتهاكات التي يتعرض لها ابني.

لم تنس أسرة علاء عبد الفتاح ابنها إطلاقا، حتى تعرضت جميعها، الأم والشقيقات، للحبس والانتهاكات بسبب مطالبهم بالإفراج عنه خوفا على الابن من خطر الإصابة في أماكن الاحتجاز بفيروس كورونا المستجد، والذي قد يشكل خطرا على حياة الجميع.

واعتقلت قوات الأمن الدكتورة ليلى سويف، وشقيقتها الدكتورة أهداف سويف، ومنى سيف شقيقة علاء والدكتورة رباب المهدي، وأحالتهم للتحقيق في اتهامات بالتظاهر ونشر الأخبار الكاذبة، بعد وقفتهم للمطالبة بالحرية لعلاء عبدالفتاح.

وبعد يوم من الاحتجاز والتحقيقات، تم إخلاء سبيلهن بكفالة 5 آلاف جنيه، بعد اتهامهن بـ:

١-التحريض على تنظيم تظاهرة بقصد تعطيل مصالح المواطنين والتأثير على سير المرافق العامة وقطع الطرق والمواصلات والتأثير على سير المرافق العامة.

٢- نشر وإذاعة أخبار وإشاعات كاذبة بسوء قصد وكان من شأن ذلك تكدير السلم العام وإثارة الفزع بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة بأن تواجدت بقارعة الطريق حاملة لافتات يفيد مضمونها إهمال مكافحة فيروس كورونا فى السجون بما يهدد حياة من هم بداخله على النحو المبين بالأوراق.

٣- حيازة بالذات والواسطة محررات تتضمن إشاعة الأخبار والإشاعات محل الاتهام السابق حال كونها معدة لاطلاع الغير عليها.

إلا أن وبدون سابق إنذار وأثناء انتظار الانتهاء من إجراءات إخلاء السبيل، تم اقتياد الدكتورة ليلى سويف وحدها إلى نيابة أمن الدولة، وجرى اتهامها في قضية جديدة بنفس الاتهامات المكررة بنشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتم إخلاء سبيلها في نهاية المطاف بكفالة 3 ألاف جنيه في القضية الجديدة.

وحتى الآن، مازال مطلب الإفراج عن المعتقلين وسجناء الرأي والسجناء الجنائيين غير الخطيرين وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، مطلبا إنسانيا في المقام الأول قبل أن يكون مطلبا سياسيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *