إلهامي الميرغني يكتب: هل تحسنت مؤشرات أداء الاقتصاد المصري؟!
تتوالي تقارير مؤسسات التمويل الدولية والشركات المالية الكبري التي تشيد بنجاح الاقتصاد المصري ونجاح خطة ما يسمي ” الإصلاح الاقتصادي ” والتي اشادت بها قيادات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وكنا نتمني ان يكون ذلك حقيقيا لولا التقارير الحكومية والدولية التي تعطي مؤشرات مختلفة.
واصل سعر صرف الدولار موجة الهبوط التى بدأها ليفقد قرشاً جديداً فى سعر الشراء مقابل الجنيه مسجلاً 16.06 جنيه ، وفقاً لبيانات البنك المركزى، وخسر الدولار منذ بدء موجة الهبوط نهاية يناير الماضى ما يزيد على 170 قرشًا، أو ما يقرب من 10% من قيمته، وبذلك يكون الدولار عند أدنى مستوى له منذ عامين. ورغم ذلك تتصاعد موجات الغلاء وارتفاع الاسعار.
أذا تحسنت قيمة الجنيه المصري امام الدولار يؤدي ذلك لانخفاض اسعار الصادرات المصرية وزيادة حصتها في التجارة الدولية ورفع قدرتها التنافسية،ويزيد تدفقات الاستثمار الأجنبي لمصر ويقلل تكلفة الاستثمارات الجديدة ، ويخفض تكلفة خلق فرص عمل جديدة فتنخفض البطالة. لذلك من المهم متابعة التقارير الحكومية التي ترصد جوانب مختلفة لأداء الاقتصاد المصري في ظل صعود قيمة الجنيه أمام الدولار.
إرتفاع معدلات الفقر وأعداد الفقراء
- تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء لعام 2017/2018 عن ” الدخل والانفاق والاستهلاك ” اكد أن نسبة الفقراء في مصر وفقاً لخط الفقر الوطني (736 جنيه للفرد شهرياً و 2691 جنيه شهرياً للأسرة المكونة من أب وأم وطفلين) أرتفعت من 27.8% عام 2015 إلي 32.5% سنويا في 2017/2018 . فأين ذهب التحسن الذي تتحدث عنه تقارير الصندوق والبنك.
- أوضحت الدراسة أن 6.2% من المصريين ( 6.2 مليون مواطن ) يعيشون في فقر مدقع أي عاجزين عن تدبير احتياجاتهم اليومية من الطعام والشراب.
- محافظات مطروح والوادي الجديد والمنيا والاقصر وسوهاج واسيوط تزيد نسب الفقر بها عن 50% من السكان وتصل الي 66.7% في محافظة أسيوط.
- – 5.5% من الفقراء في مصر حاصلين علي شهادات فوق الجامعية ، 11.8% حاصلين علي مؤهلات جامعية .
لماذا لم يشعر ثلث الشعب المصري بالتحسن الاقتصادي ولماذا أعلن البنك الدولي في ابريل الماضي ان 62% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر الخاص بالبنك الدولي.
هل أدي تخفيض الدولار لزيادة الصادرات ؟!
أعلن البنك المركزي تقريره عن تطورات ميزان المدفوعـات خلال العام المالي 2018 /2019.
- ارتفع عجز الميزان التجاري ليصل الى نحو 38 مليار دولار مقابل 37 مليارا خلال العام الماضي.
- كما ارتفع عجز الميزان التجارى غير البترولي، بنسبة 13.4% مسجلا نحو 38 مليار دولار مقابل 34 مليار خلال العام المالى الأسبق، وذلك كنتيجة لارتفاع المدفوعات عن الواردات السلعية غير البترولية بنسبة 8.6% حيث بلغت 55 مليار دولار مقابل نحو 51 مليارا بينما استقرت الصادرات السلعية غير البترولية عند 17 مليار دولار.
- رفعت الحكومة دعم المصدرين 50% من 4 مليار دولار الي 6 مليار دولار فانخفضت قيمة الصادرات غير البترولية .
- أوضح الاستاذ عبدالفتاح الجبالي في مقاله المنشور في الأهرام أن 70% من الصادرات المصرية لسلع تقليدية وبالتالي تكون فرص المنافسة بها ضعيفة في الأسواق الدولية رغم انخفاض قيمة الدولار ورغم زيادة دعم المصدرين.
- كانت سياسات صندوق النقد الدولي تستهدف علاج عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات المصري وهو مالم يحدث رغم تنفيذ كل توصيات الصندوق ولأن الميزان التجاري يحتاج الي معالجة مختلفة تعتمد علي تطوير المنتجات الزراعية والتصنيع الزراعي وتحقيق قيمة مضافة ترفع من قيمة الصادرات المصرية من الخضروات والفاكهة التي تمثل 15% من إجمالي الصادرات.وكذلك زيادة التصنيع المحلي بما يدعم فرص تصدير المنتجات الصناعية ومنافستها في الأسواق الدولية.
- إن ضعف الهيكل الانتاجي والخلل الذي يعانيه وارتفاع حجم الطاقات العاطلة يؤدي للمزيد من عجز الميزان التجاري .
- علي مستوي الانتاج الزراعي ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ( دراسة اقتصاديات الأمن الغذائي في مصر خلال الفترة 2006- 2015 – الصادرة في فبراير 2017 ) حول العجز في الاكتفاء الذاتي لبعض السلع الزراعية فقد بلغ 50.9% في القمح و 43.8% في الذرة الشامية و 69% في الفول و 89.4% في العدس و 42.5% في اللحوم الحمراء و 11% في الأسماك وقد ادي ذلك للمزيد من انخفاض متوسط نصيب الفرد من الكثير من السلع الزراعية.وتمت تغطية العجز بالمزيد من الاستيراد من الخارج بدلاً من دعم الزراعة والمزارعين لزيادة نسب الاكتفاء الذاتي وتحقيق السيادة الغذائية كما يحدث في العالم كله .
- كما ارتفعت الطاقات العاطلة بالقطاع الصناعي وارتفع عدد المصانع المتوقفة عن الانتاج من القطاعين العام والخاص.وقد قدر الخبير الاقتصادي عصام رفعت عدد المصانع المتوقفة بأكثر من 4500 مصنع .( المصري اليوم 16/3/2014 ) . كما أعلن وزير الصناعة عن وجود 5000 مصنع متوقف من بين 19 ألف مصنع مرخص ( بوابة فيتو 2/1/2019 ) بينما قدرها الاتحاد العام لعمال مصر بنحو 8222 مصنع ( مبتدأ – 17/10/2017).
رغم ذلك تصر المنظمات الدولية والحكومة علي ان برنامج الاصلاح الاقتصادي حقق نتائج كبيرة .
عجز الموازنة العامة للدولة
كان تخفيض عجز الموازنة أحد أهداف برنامج صندوق النقد. كان العجز الكلي المتوقع في موازنة 2016/2017 والذي بدأ خلال تطبيق اتفاق الصندوق 319.5 مليار جنيه ووصل في مشروع موازنة 2019/2020 وهي نهاية تنفيذ خطة الصندوق إلي 440.1 مليار جنيه .
اي انه بتطبيق خطة الصندوق في التعويم والخصخصة وخفض الدعم لم ينخفض العجز بل ارتفع بقيمة 120.6 مليار جنيه وبنسبة 38% زيادة عن بداية تنفيذ توصيات الصندوق التي يروج لأنها أحدثت طفرة .
عام 2016/2017 قدر العجز في الموازنة بنحو 319.5 مليار جنيه ولكن النتائج الفعلية لتطبيق الموازنة تؤكد أن العجز الفعلي بلغ ٣٧٢،٧ مليار جنيه وبزيادة 53.2 مليار جنيه عن تقديرات الموازنة أي زيادة 17% عن تقديرات الموازنة. أما موازنة 2019/2020 فقد أصدرت وزارة المالية تقرير الأداء عن النصف سنة ( يولية – ديسمبر ) 2019. وجاء فيها ان العجز الكلي خلال النصف الأول من العام الحالي بلغ 236.7 مليار جنيه .
ورغم كل هذا الفشل يخرج علينا محمد معيط وزير المالية، قائلاً : إن مصر ماضية فى طريق الإصلاح الاقتصادى؛ بما يُمَّكنها من تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة . ( جريدة البورصة 15 أكتوبر 2019 ) . وبدلا من محاسبته عن كل هذه الاخفاقات المالية حصل معيط على جائزة مؤسسة جلوبال ماركت باعتباره أفضل وزير مالية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2019، خلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين المنعقدة خلال الفترة من 15 الى 20 أكتوبر.( جريدة المال 15 أكتوبر 2019). إن معيط يعيدنا لعصر أمجاد إسماعيل صديق المفتش الذي أغرق مصر في الديون والدكتور عبدالرزاق عبد المجيد الذي أقسم بشرف أمه في مجلس الشعب إن الموازنة موزونة .
ونظل في حيرة اقتصادية هل فعلا الاقتصاد يتحسن وفقاً لتصريحات المقرضين وبعض المنظمات الدولية وطبقا لتصريحات الحكومة المصرية.أما نصدق الواقع الذي نعيشه يوميا وما نعانيه من غلاء وفقر وبطالة ؟! يبدوا أن للتحسن الاقتصادي وجوده كثيرة.