إبراهيم نوار يكتب: السؤال.. كيف ستدير الحكومة التمويل الجديد من الصندوق والمانحين؟
بعثة صندوق النقد الدولي إختتمت مهمتها في مصر أمس باتفاق مع الحكومة على إطار إجرائي للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية تمت صياغته في مذكرة مستقلة تلتزم بها الحكومة و يتم مراجعتها دوريا. الجانبان اتفقا أيضا على استكمال مناقشة بعض النقاط عبر دائرة إنترنت من واشنطن.
مذكرة التفاهم بشأن السياسات الاقتصادية ستعرض على مجلس مديري الصندوق لبحثها أولا قبل اتخاذ قرار بشأن الحزمة التمويلية. وقد أصبح من المرجح صرف الدفعتين الثانية والثالثة من قرض ال 3 مليارات دولار خلال الأسابيع القليلة القادمة، ربما قبل نهاية الشهر الحالي وبحد أقصى شهر مارس. هذا القرض دين مستحق السداد، كما أن التمويل الجديد أيضا هو دين مستحق السداد، ومن ثم يجب استخدام التمويل بأقصى درجة من الرشد الاقتصادي.
الجديد في مفاوضات بعثة الصندوق في القاهرة هذه المرة هو أن مصر تقدمت بطلب لتغطية احتياجات تمويلية جديدة بسبب التداعيات الاقتصادية السلبية لحرب غزة. وطبقا لما قالته السيدة كريستالينا جورجييفا مساء الخميس أول فبراير في واشنطن فإن هناك موافقة مبدئية من الصندوق على ذلك على أن تشمل الحزمة التمويلية الجديدة إلى جانب قرض من الصندوق قروض ومساهمات مالية من البنك الدولي و البنك الاوروبي، وبنك التنمية الافريقي إضافة إلى مانحين خليجيين.
وبناء على ذلك فإننا نتوقع الآتي بافتراض حسن الظن بالحكومة:
- إعلان تخفيض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار. ولن يكون ذلك باعتماد سعر السوق السوداء ولكن بتخفيض الجنيه بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40%.
- تراجع أسعار الدولار في سوق المعاملات الافتراضية والسوق السوداء
- انتظام مصر في سداد التزاماتها الخارجية بدون تعثر
- حصول المستوردين والمستثمرين على سيولة دولارية جزئية من البنوك لمساعدتهم على فك الاختناقات التمويلية الحالية، بما في ذلك الإفراج عن سلع موجودة فعلا على ارصفة الموانئ، والحصول على موافقات استيرادية ممولة للتعاقد على مستلزمات إنتاج او قطع غيار تسبب نقصها في توقف الانتاج، وكذلك حصول وزارة الصحة (أو هيئة الشراء الموحد) على سيولة لاستيراد انواع من الأدوية والمستحضرات الطبية الشحيحة في السوق.
- استقرار أسعار الذهب على الأقل. وكذلك أسعار السلع في السوق. على أن تعكس أسعار الذهب مستوى المرونة في سعر الصرف، بعد تخفيضه.
- استقرار مؤقت في أسعار السلع في السوق بما في ذلك أسعار السلع الاساسية
ومع ذلك فإن هذه الاستنتاجات ستتوقف على السلوك الفعلي للحكومة في السوق، وليس بما تعلنه من بيانات.
ويسكنها أن نذكر بعض المؤشرات التي قد تعيد الثقة إلى السوق، أو تعزز استمرار عدم الثقة في السياسة الحكومية وانها لن تفعل اكثر من تكرار ما فعلته في أزمة شحة السيولة الدولارية عام 2016 وعام 2021 وان اتفاق مصر الجديدة مع الصندوق لن يؤدي إلى تغيير السياسة الفعلية التي تقوم على احتكار الدولة وحرمان القطاع الخاص من الموارد الاقتصادية والمالية الاستراتيجية.