أميرة فاروق تكتب: بداية اللعنة أم نهايتها؟
شاء الحظ أن أسكن لفترة في منطقة شعبية، لاحظت أنه في نطاق المنطقة عربات تمر بمعدل كل ست ساعات تنعي ميتاً جديدًا، وتُعلن عن ميعاد الدفن والجنازة..
معظم أهالي أصدقائنا الكبار في السن، وافتهم المنية في الفترة الماضية، حتي المشاهير أموالهم لم تشفع لهم في بلد لن تحظى فيه برعاية طبية عادلة لو كنت فقيراً..
أصبح سماع النعي ومشاهدة الجنازات المتوالية شئ مُعتاد علي العقل والنفس، نوع من التعود والرضا بالقضاء حتى لو غاب العدل لأن من ينجو فقط هو من وفرت له دولته العادلة سُبل الحياة الصحية مُنذ البدء وهذا مالم يحدث في حالتنا، ففي بلادي يجب أن تكون ثري حتي تنعم بالنظافة والهدوء وتستنشق هواء نظيف يؤهل رئتيك لمقاومة الأمراض..
تحدث إلي صديقي بالأمس، وهو يعيش حالياً في ولاية واشنطن وليس العاصمة.. حكي لي عن الإجراءات الوقائية الصارمة التي قامت بها حكومتهم وعن المصل الموجود في كل مكان من أصغر لـ أكبر مُنفذ بيع لأي شئ، وعن السيطرة السريعة علي انتشار الوباء حتي أصبحت الولاية خالية تماماً من الحالات بعد أن كان الموت يضرب بجناحيه فوق مدينتهم.. أُغلقت الولاية تماماً واصبح الخروج والدخول منها مستحيل، ثم عاد الناس لحياتهم العادية الخالية من الإجراءات الوقائية والخوف والحزن والموت..
لماذا لا يحدُث مثل هذا من إحترام للإنسان وللإنسانية ولضمير المهنة في بلادنا ؟
مع كثرة التفكير أيضاً والإستسلام لواقع لاتملك أن تغير فيه شئ، وكذب المسؤلين الذي يفضحه الواقع، يلحُ عليك سؤال.. هل من فوائد علي المدي البعيد لكل هذا الموت؟ هل سيستفيد الأبناء بأموال أبائهم وبيوت أمهاتهم في وقت مُبكر حتي ينعموا قبل الأوان بإحساس الحرية والإمتلاك ؟
هل سينتهي الزحام ويعم الهدوء ويُصبح الهواء نقياً حين يقل عدد البشر ؟
هل سيتوقف الشباب عن الإنجاب زهداً في حياة يملأها الموت ؟
هل سيكتشف المُتعصبين لعبة تُجار الدين التي لا تُسمن ولا تُغني من موت؟
هل سيُنهي الموت الذي استهدف كبار السن الفكر القديم المُعلب المُناقض لإحساسنا وواقعنا ؟
وهل هذه فرصة لتداول الحياة بشكل أكثر صحة وبراح ؟
وهل هذا هو حقاً رد الفعل الطبيعي لكوكب ضج بساكنيه وتلوثهم؟
أم هذه إرادة الحُكام ألهة الأرض وهذا مايسعون اليه وما يُبشرهم بعمل أقل وفرض سيطرة أكبر ؟
وهل ما يحدث هو نهاية لعنة حلّت علينا أم هو بدايتها؟