أكثر من 17 ألف ساعة غياب.. الناشط أحمد ماهر ريجو يُكمل سنتين في الحبس الاحتياطي: هل هناك ما يستحق كل هذا النزيف من عمري؟
أكمل الناشط السياسي أحمد ماهر “ريجو”، الأربعاء، سنتين في الحبس الاحتياطي منذ القبض عليه في مايو من العام 2020 وحبسه بقرارات من نيابة أمن الدولة العليا على ذمة قضيتين مختلفتين.
وألقت قوات الأمن القبض على “ريجو” يوم 4 مايو وظل مختفيا إلى أن ظهر يوم 11 مايو في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، حيث جرى التحقيق معه في القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة، وصدر القرار بحبسه.
ووجهت النيابة لـ”ريجو” اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ونشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة.
وكان ماهر ريجو قد عمل كمسؤول عمل جماهيري مركزي لحملة ترشح الفريق سامي عنان رئيسا للجمهورية لانتخابات 2018.
وكان من قبلها مسئول العمل الجماهيري بحزب “مصر القوية” الذي يرأسه الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق والمحبوس حاليا على ذمة قضية أمن دولة عليا.
وظل أحمد ماهر “ريجو” رهن الحبس الاحتياطي في القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العُليا، إلى أن قررت محكمة الجنايات وضعة تحت التدابير الاحترازية بدلًا عن الحبس الاحتياطي في 4 أكتوبر من نفس العام، لكن القرار لم يُنفذ، وتم تدويره في قضية جديدة رقم 855 لسنة 2020.
ومنذ أكتوبر 2020 يجرى التجديد لـ”ريجو” على نحو دوري على ذمة القضية 855 لسنة 2020 التي يواجه فيها ذات الاتهامات التي وجهت له في القضية الأولى. وقضى حتى كتابة هذه السطور 17544 ساعة خلف القضبان.
وفي مارس الماضي، قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن فريق الدفاع عن الناشط السياسي أحمد ماهر “ريجو”، تقدموا ببلاغات لكلًً من النائب العام، ورئيس قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية، ومأمور مركز تأهيل سجن القناطر رجال، ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، بشأن تعرضه لإعتداء جسدي من قِبل سجناء بسجن طرة دون أن تتدخل لوقف الإعتداءات، بحسب المؤسسة.
وجاء ذلك على خلفية إعلان ريجو إضرابه عن الطعام و امتناعه عن استلام الطعام الخاص بالسجن؛ احتجاجًا منه على استمرار حبسه الاحتياطي منذ عام 2020.
كما قررت إدارة سجن طرة نقله إلى سجن القناطر رجال، عقابًا له على دخوله في إضراب عن الطعام، الأمر الذي تسبب في مشقة لأسرته أثناء زيارته، كما قررت إدارة سجن القناطر إيداعه بزنزانة “الدواعي أمنيًا” مودع فيها نزلاء من أصحاب الفكر التفكيري، مما يشكل خطورة بالغة على حياته.
ومن محبسه، كتب “ريجو” لـ”درب” بمناسبة إكماله سنتين في الحبس الاحتياطي، يتساءل عن سبب وجوده في السجن وما هي نتيجة احتجازه سنتين على ذمة التحقيقات وهل هناك ما يستحق كل هذا النزيف من عمره.
نص رسالة “ريجو” إلى “درب”:
اليوم أتم عامي الثاني وعيدي الخامس في السجن تجربة طويلة ودامية، اكتسبت فيها الكثير وفقدت الأكثر، هناك ما أعلم حقيقة حتمية فقدانه وأعلم أن مازال هناك ما لم اكتشفه بعد…..
تعلمت الكثير و من أهم ما تعلمت هو قدرتي على إيجاد الإجابة الأمثل على الأسئلة مستغل أنا وزملائي وفرة ما نملكه من الوقت الذي ينزف من أعمارنا حتى لا يزيدنا هم وقسوة الحقيقة نزيفاً …
في إحدى السجون كان يسألني صديقي وأخي الأكبر د/وليد شوقي وهو ينظر إلى شرفة مطلة على ساحة السجن “لماذا لا يقف أحدهم في الشرفة؟!” سأله موكا عن جدوى وقوف أحدهم في الشرفة؟ فأخبره أن وقوفه يعطي الأمل والإحساس بأن هناك ما ينتظرنا بالخارج…
أجبته أن عدم وقوف أحدهم بالشرفة أفضل لأنه يسمح لي بمزيد من الخيال… فيوم أتخيل أمی وأبی یقفان بها يتحدثان عن قبولهم لي مهما كانت اختیاراتی هوجاء وعشوائية ومهما زدت غرابة…
ويوم اتخيل حبيبتي بشعر غجري مجنون يسافر في كل الدنيا تضحك فيضحك لها قلبي وهي تسخر مني وأنا داخل هذا القفص مثل دب حبيس …
غياب وقوف أحدهم في الشرفة يحيى الخيال بداخلنا ولا يوجد أقوى من الخيال ليدعمنا …يا صاحبي السجن…
ثم نقلنا إلى سجن آخر بلا ساحة وبلا شرفة فسألنا وليد “لماذا لم تعد هنا شرفة؟! ” حتى أملنا في الأمل انتزع منا ؟!
لا أذكر إجابتى أو إجابة موكا ولا كيف تحايلنا وقتها لنجيب ولكني أذكر الآن بكل الأسي كيف تعالت ضحكاتنا ونحن نتحايل متفاخرين بمهارتنا في الإقناع ومتبارين سوياً على من منا أفصح واقوى اقناعاً..
ثم نقلت أنا قسرا إلى سجن أبعد وأبعد لأنزف وقتي وانا أتساءل وحيداً این صاحبي السجن؟!
لماذا أغترب داخل غربتي؟
وعندما عصفت بي الأسئلة بقسوتها قررت أن أسأل أسئلة أخرى تأخرت كثيراً.. لماذا أنا هنا؟!
ماهي نتيجة احتجازي عامين على ذمة تحقيقات؟
إلى ماذا أسفرت هذه التحقيقات؟
على ماذا أدفع الثمن؟
هل هو ثمن نجاحي في تأسيس شركة إنتاج فني شبابية وناجحة؟!
أم أدفع ثمن لشيء آخر لا أعلمه؟!
هل هناك ما يستحق كل هذا النزيف من عمري؟
هل هناك من سيجيب على أسئلتي؟!
ام سأظل في غياهب بئري أنزف عمري بلا مجيب؟!