أحمد عامر يكتب: بعيدًا عن الحدود الروسية
لا شك أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أوروبا على روسيا منذ وقوع الحرب الأوكرانية، أسفرت عن مشكلات جمة في بنية الاقتصاد الروسي، إضافة إلى الحد من قدراتها العسكرية في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
لكن قواعد اللعبة تغيرت بعد وقوع “طوفان الأقصى”، فالتركيز الذي كان منصبًا على دعم أوكرانيا واستهداف التحركات الروسية، انتقل فجأة إلى الكيان الصهيوني الذي يصفه البعض بأنه “الولاية الحادية والخمسين” ورأس الحربة في توسعاتها الاقتصادية وسيطرتها العسكرية على منطقة من أهم مناطق العالم.
بمعنى آخر، يمكن القول إنه بعد أن كانت أنظار العالم تتركز على حرب على حدود روسيا، باتت أنظار العالم تتركز على حرب أقرب ما يكون إلى “الداخل الأمريكي”، وهو ما يستدعي حدوث اضطراب في سيطرة البيت الأبيض على مجريات الأحداث.
لذلك فإن الحرب في غزة أتاحت للروس فرصة التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق، والضغط بأقصى ما لديها لتكبيد أوكرانيا أكبر قدر من الخسائر والسيطرة على مساحات أكبر في أقصر وقت ممكن.
يضاف إلى ذلك توزع المساعدات العسكرية، فبعد أن كانت أوكرانيا تستأثر بالقسط الأوفر من المساعدات الأمريكية والغربية، بل وجزء من المساعدات الإسرائيلية أيضًا، باتت إسرائيل نفسها بحاجة إلى المساعدة.
في الوقت ذاته تعاني الولايات المتحدة في توفير المساعدات من الأصل، وهو ما ظهر جليًا بعد أن فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير مشروع قانون لتوفير مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل، إذ تعطل تشريع من شأنه توفير مساعدات أمنية لأوكرانيا وإسرائيل في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث طالب الجمهوريون بإجراءات أكثر صرامة للسيطرة على الهجرة على الحدود الأمريكية مع المكسيك. ومع استمرار التصويت، بلغت النتيجة 41 صوتا مقابل 43، ما يعني أن الإجراء لم يتمكن من الحصول على موافقة 60 صوتا، وهو أمر لازم في المجلس المؤلف من 100 عضو لتمهيد الطريق لبدء مناقشة مشروع القانون.
عرقلت المعارضة الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي الأربعاء طلبا قدمه البيت الأبيض لإقرار حزمة مساعدات طارئة بقيمة 106 مليارات دولار تستفيد منها بالدرجة الأولى أوكرانيا وإسرائيل، بسبب عدم تضمنها إصلاحات في مجال الهجرة.
الخلافات الداخلية الأمريكية، والتي قد تتجسد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خلقت مساحة حركة أمام موسكو من أجل تعزيز أوضاعها العسكرية والاقتصادية، ووضعت “طوفان الأقصى” أمام روسيا فرصة حقيقية من أجل التقاط أنفاسها وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكتسبات.
أعادت “طوفان الأقصى” روسيا من بعيد، وقطعت الطريق أمام مسار عودة القطب الأوحد مرة أخرى، وهو ما يعني أن تتكفل روسيا بدعم المقاومة الفلسطينية (سياسيًا) بشكل أو بآخر في مقابل محاولات القضاء عليها تمامًا، فليس من مصلحتها على الإطلاق القضاء على المقاومة بشكل نهائي.
Now