أحمد سلامة يكتب: أوضاع الصحافة القومية (2)
قلنا إن هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع دور المؤسسات القومية، وليست تلك أسباب طبيعية، بل هي أسباب قصدية اتخذت بشكل عمدي، منها ما يتعلق بتقييد الحريات وقصور الدعم المادي، ومنها ما يتعلق بطبيعة اختيار قيادات المؤسسات.
لكن، هل يعني ذلك أن المؤسسات القومية سقطت في بئر سحيق لا خروج منه؟
لا أعتقد أن ذلك صحيحًا، فمازال هناك بعض الخطوات التي قد تعيد تلك المؤسسات إلى دورها بدلا من ترك المجتمع نهبًا لإنفاق إعلامي مكثف لمؤسسات مشبوهة، غير أن تلك الخطوات مرتبطة أيضًا بجدية المسئولين عن إدارة ملف الإعلام.
وفي رأيي، فإن هناك أمور تتعلق باختيار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، منها إعادة فتح باب الترشح (رسميًا) إلى الهيئة الوطنية للصحافة، للراغبين في تولي رئاسة المؤسسات، على أن تُجري الهيئة اختبارات تتعلق بقدرات المتقدمين مهنيًا وإداريا وعلى أن تطلع على خططهم لتطوير مؤسساتهم وتعزيز قدراتها الاقتصادية وتناقشهم فيها.
إن علانية الترشح لهي سمة أساسية لضمان جدية المتقدمين، كما أنها تفتح الباب أمام مشاركة العاملين بالمؤسسات في مشروعات التطوير التي يتقدم بها كل مرشح.
كذلك، فإن هناك تعديلات ينبغي النظر إليها تتعلق بتشكيل أعضاء مجالس الإدارات وأعضاء مجالس التحرير، فلا يصح أن يُترك تشكيل أعلى سلطتين في المؤسسات منوطًا باختيار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير فحسب، أو على الأقل يترك لهم السيطرة بنصف المقاعد بما يمنحهم حرية اتخاذ قرارات توافق رغباتهم!
لذلك فإنني أقترح أن يُعاد النظر في آلية التشكيل مجالس الإدارات بالمؤسسات القومية، على أن يكون ثلثي أعضاء المجلس من اختيار العاملين وفق انتخابات حرة، وذلك بدلا من نصف المقاعد وفق ما هو مقرر سابقًا، كما أقترح أن يكون هناك عدد مخصص من مقاعد -وليُقدر بالثلث- مجلس التحرير هو أيضًا بانتخابات حرة بين الصحفيين داخل المؤسسات.
إن عملية الاختيار الحر داخل المؤسسات تضمن ضخ دماء جديدة، وتضمن نقل آليات مستحدثة لتطوير المؤسسات، وتجبر الرؤساء على الاستماع إلى المرؤوسين واتخاذ خطوات حقيقية في طريق التطوير.