أحزان على عتبات الجزويت| حريق مسرح “ستوديو ناصبيان” ومبادرة مجتمعية لتجديده
الأب وليم سيدهم: أمديتونا بطاقات حب ونعدكم بمعاودة الكرة مرة أخرى.. حياتنا مطعمة بالأمل والرغبة في البناء
سامح سامي: مش حابب أنشر صور الحريق والدمار وحابب تظل صور المسرح البديعة هي العالقة في الذهن.. اليوم سنبدأ في خطة تجديده
هشام أصلان باكيا على حريق المسرح: الخسارة فادحة.. ويحيى وجدي: سيعود بأياديكم المخلصة كما كان ونحن معكم
طالب لا يتمالك دموعه بينما يشارك في إخماد الحريق.. وآخر يترك عمله للمساعدة في الجهود
خسارة مفجعة تعرض لها الوسط الثقافي المصري، مساء أمس، بنشوب حريق التهم مسرح ستوديو ناصبيان، في جمعية النهضة العلمية والثقافية “جزويت القاهرة”.
الكثير من المشاعر المؤلمة تملكت القائمين على “الجزويت” ومحبي الفن والثقافة بشكل عام، “كنت بأحاول أتماسك إمبارح قدام زمايلي مينفعش أظهر قدامهم أني ضعيف ولازم أكون مشجع وقوي زي ما أبونا وليم كان بيحاول يعمل مع كل الناس، قوة غريبة رغم عارف أنه من جواه متألم جد، للأسف مقدرتش في الآخر أتماسك خالص، ممكن محزنتش بالمنظر ده من وفاة بابا”، يقول مدير الجمعية الزميل الصحفي سامح سامي.
يضيف سامي: “مش حابب أنشر صور الحريق والدمار، وحابب تظل صور المسرح البديعة هي العالقة في الذهن، يكفي أني إمبارح شوفت حب ومشاركة أصدقاء الجمعية اللي اتصل وأتكلم وجيه يقف معانا وقت الحريق، والبديع أني شوفت واحد من طلبة مدرسة ناس للمسرح يبكي وفي نفس الوقت بيشيل ويطفي الحريق، وكان معاه زميل لنا ترك الشغل والوظيفة بس جه ووقف، وكان من أكتر الناس حزنا وكمان من أكتر الناس مساعدة في إطفاء الحريق، دول هما قوة جزويت القاهرة”.
لم يستطع الأب وليم سيدهم، رئيس مجلس إدارة جمعية النهضة، تمالك نفسه بعد الحادث المؤلم، إلا أنه دائما ما كان مصرا على بث الأمل في عودة المسرح إلى سابق عهده في أسرع وقت، يقول: “الحمد لله على كل شيء، أخمدت كل النيران، وأريد أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل أصدقائنا وصديقاتنا وأهالينا وجيراننا وأبنائنا وبناتنا على تضامنهم معنا في هذا الموقف الأليم في مصر وخارج مصر”.
يعبر سيدهم عن امتنانه لداعمي “الجزويت” قائلا: “لقد أمديتونا بطاقات حب جعلتنا نسجد لله شكرا على هذا الزخم من المساندة والتشجيع، نعدكم أن نكون على مستوى حسن ظنكم بنا، والله وحده معكم يمدنا بقوته وعزته، لنتشجع ونعاود الكرة مرة أخرى، هذه هي حياتنا مطعمة بالهشاشة وقلة الحيلة ولكن بالأمل والرغبة في البناء”.
أخمدت النيران، وما تزال النيابة تواصل تحقيقاتها في أسباب وملابسات الحادث المؤلم، لكن ذلك لم يفتت عضد القائمين على المكان في بدء خطة تجديده سريعا ليعودة منارة ثقافية كهده.
“اليوم سنبدأ في خطة لتجديده ليعود مرة أخرى منارة للجمعية ومنارة للفن، رسائل كل الزملاء والأحباب بتقول إننا نقدر نبني المسرح تاني، كلي أمل في مبادرة المشاركة المجتمعية التي أطلقناها تقدر تجيب تمويل لإعادة البناء”، يقول مدير الجمعية
يؤكد سامي أن المسرح لن يتوقف عن نشاطه واستقباله الفرق المستقلة وعروض مدرسة ناس للمسرح، وبعد الانتهاء من تحقيقات النيابة سيعود المسرح العظيم، ويضيف: “أتخيل أننا يمكن أن نقدم وقوفا وبأقل الإمكانات – يارب نعمل زي الخيم الرمضانية – عرض لطلبة مدرسة المسرح أو عرض موسيقى مبهج لفرقة زي بهججة، شكرا لكم جميعا.. الحمد لله احنا شغالين النهاردة في مدارس السينما والرسوم والمسرح.. لن نتوقف”.
لم يتمالك مدير صالون الجزويت الثقافي هشام أصلان، دموعه تأثرا بحريق المسرح، ويستذكر ذكرياته معه قائلا: “مش فاكر أني بكيت في العشر سنين اللي فاتت أكتر من تلات أربع مرات، واحدة منهم النهارده لما النار التهمت مسرح الجزويت تماما، مكان قضيت فيه مساحة كبيرة من أجمل أوقات حياتي. الخسارة فادحة، الحمدلله على كل شيء”.
قيمة الجزويت ليست فقط لدى القائمين عليه، بل هي في قلوب الكثير من محبيه، يقول الكاتب الصحفي سيد محمود: “مسرح الجزويت هو بقعة نور حقيقية في القاهرة وعنوان مهم من عناوين الثقافة المستقلة التي تسعى لخلق كيانات جديدة تؤدي مهام التثقيف وتهيأة مناخ عام داعم للابداع”.
يواصل: “زي كل الناس اللي بتحب المكان ومدينة له بالكثير بأتمنى من قلبي سرعة استئناف دوره، وواثق أنه هيقوم بسرعة وينهض من جديد، مش بس لأنه تابع لجمعية النهضة العلمية والثقافية، ولكن لأن كل اللي فيه قلبهم علي المكان وهم اللي حافظوا علي تاريخه وأدواره ومد جسور بينه وبين الناس، وإحنا كمان عندنا واجب تجاه المكان”.
للكاتب الصحفي يحيى وجدي، الكثير من الذكريات على في جزويت القاهرة، وكان شاهدا في كثير من الأوقات على الروح التي يعمل بها أبناء المكان.
يقول وجدي: “قلبي مع الإخوة والأصدقاء الأعزاء في جزويت القاهرة، المبدعين الرائعين هشام أصلان وسامح سامي ومحمد طلعت، والأخ الأكبر الأب وليم سيدهم، وكل الشابات والشباب العظام، في مصابهم الكبير بحريق مسرح ناصيبيان التاريخي، أشهد على ما يبذلونه دائما من جهد مخلص واستثنائي في هذا المكان حتى أصبح أهم مؤسسة ثقافية مستقلة في مصر”.
ويواصل: “اتصلت لأطمئن عليهم وسمعت بكاءهم لهول الخسارة، مصابكم مصابنا ومصاب كل من يحب الفن والجزويت، والحمد لله أنكم جميعا بخير، أما المسرح فسيعود بأياديكم المخلصة كما كان، ونحن معكم”.
لن يكون الحريق الأخير هو نهاية القصة، بل ربما يكون بداية لقصة أخرى يشارك محبو اثقافة والفن في كتابة فصولها، بإعادة تجديد المسرح عبر مبادرة المشاركة المجتمعية لتنمية الثقافة والفنون المستقلة اللي أطلقتها الجمعية، للمؤمنين بقيمة وأهمية الجزويت في الحياة الثقافية في مصر.