مستندات| حملة موسّعة بين العاملين والمعاشات بشركة المصرية الاتصالات تطالب بتطوير الرعاية الصحية وإطلاق المعاش التكميلي تحت رقابة مالية مستقلة

كتب – أحمد سلامة

شهدت الشركة المصرية للاتصالات حراكًا واسع النطاق خلال الشهور الماضية، تمثل في توقيع مئات من العاملين وأصحاب المعاشات على مذكرات رسمية موجهة إلى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإلى مجلس إدارة الشركة، مطالبين بإجراء إصلاح شامل في منظومة الرعاية الصحية، وإطلاق نظام للمعاش التكميلي يضمن حياة كريمة لما بعد التقاعد.

واستطاع القائمون على المبادرة حشد أكثر من 1600 توقيع خلال فترة قصيرة، عبر مذكرة جماعية تم توجيهها إلى الجهات المختصة، فضلًا عن تنظيم استطلاع إلكتروني شارك فيه أكثر من 1500 موظف وعامل بالشركة، أبدى فيه 97% من المشاركين تأييدهم الكامل للمطالب المطروحة، ما يعكس حجم التأييد الواسع والتوافق داخل صفوف العاملين تجاه ضرورة إحداث تغيير جذري في المنظومة الحالية.

وتمحورت مطالب العاملين حول نقطتين رئيسيتين.. الأولى: وقف تحميل العاملين نسبة 20% من تكلفة الأدوية، باعتبارها عبئًا إضافيًا على الأجور المتآكلة.. والنقطة الثانية إطلاق مشروع المعاش التكميلي لتوفير مظلة تقاعدية تليق بمن خدموا الشركة لعقود طويلة، خاصة في ظل تراجع قيمة المعاشات الأساسية.

وشملت المذكرات الموجهة إلى المسؤولين مطالب محددة تدعو إلى تحويل مشروع الرعاية الصحية إلى صندوق مستقل يعمل وفق إطار قانوني خاضع لإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، وهو ما يضمن الشفافية والحوكمة والرقابة المالية الدقيقة على أوجه الإنفاق.

كما طالب الموقعون بعرض ميزانية الصندوق على الجمعية العمومية بانتظام، عدم رفع قيمة الاشتراك السنوي إلا بموافقة رسمية من الجمعية العمومية، تشكيل مجلس إدارة منتخب للصندوق يضم ممثلين عن الشركة والعاملين والمعاشات، لضمان المشاركة المجتمعية الفعلية في إدارة الملف الصحي.

وأوضح الموقعون أن الرعاية الصحية بصيغتها الحالية لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات العاملين وأسرهم، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الدواء والخدمات الطبية، مشيرين إلى أن رفع حد التغطية الصحية أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، في وقت تتدهور فيه الأوضاع الاقتصادية للغالبية العظمى من الموظفين.

وحظيت التحركات بدعم واضح من “نقابة معاشات الاتصالات” و”اتحاد تضامن النقابات المستقلة”، حيث تم التوقيع رسميًا على مذكرة مشتركة تطالب بتبني هذه المطالب في أسرع وقت ممكن، مشددين على أن الإصلاحات المقترحة تهدف إلى إعادة الاعتبار للعاملين والمعاشات، وتعزيز الثقة بين الإدارة والموظفين.

وقالت النقابات إن العاملين ليسوا ضد الشركة أو إدارتها، بل يسعون لتطوير منظومة الرعاية بما يخدم الصالح العام، ويعزز مناخ الاستقرار والولاء المؤسسي، مؤكدين أن غياب الشفافية في إدارة المشروع الصحي أضر بمصداقية المؤسسة أمام جمهور العاملين.

وأرفق العاملون في مذكراتهم ملاحظات وشهادات واقعية من أرض الواقع، أبرزت الصعوبات اليومية التي يواجهونها في الحصول على خدمات الرعاية الصحية، ومنها: الذهاب إلى المستشفى ثم العودة للعيادة للحصول على تحويل للصيدلية، أو رفض التغطية لبعض أنواع الأدوية، إلى جانب غياب منظومة إلكترونية ميسرة تسمح بالتعامل المباشر بالكارنيه دون الحاجة إلى وساطة أو تعقيدات بيروقراطية.

وأشار عدد من العاملين إلى أن هذه المعوقات لا تتماشى مع حجم الشركة ومكانتها، كما أنها تتسبب في إهدار الوقت وتعطيل الخدمات وتضر بمصلحة المريض، مطالبين بإعادة تصميم منظومة الخدمة الصحية لتكون رقمية، مباشرة، وعادلة في التوزيع.

في ختام المذكرة، دعا العاملون والمعاشات وزير الاتصالات إلى التدخل المباشر لاحتواء الموقف وفتح حوار مع ممثلي النقابات والعاملين، وإصدار التوجيهات اللازمة نحو إعادة هيكلة المشروع الصحي وإطلاق الصندوق التقاعدي التكميلي وفقًا لما تم اقتراحه.

كما وجهوا رسالة إلى مجلس إدارة الشركة، أكدوا فيها أن معالجة هذه المطالب ستسهم في تحسين المناخ الوظيفي، وزيادة معدلات الرضا والولاء، خاصة في ظل ما وصفوه بـ”الإحساس بالتهميش وعدم الاعتراف بحقوقهم كمشاركين في بناء المؤسسة لعقود طويلة”.

ويشير حجم التفاعل الواسع إلى أن هذه القضية لم تعد مطلبًا فرديًا أو نقابيًا محدودًا، بل أصبحت حراكًا جماعيًا يعبّر عن حاجة حقيقية لتحديث المنظومة الاجتماعية والمالية داخل الشركة.. ويأمل العاملون أن تجد أصواتهم آذانًا صاغية لدى الجهات المعنية، قبل أن تتفاقم الفجوة بين الإدارة والقاعدة العمالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *