عذاب مضاعف| الأزمة الاقتصادية تضرب أسر المحبوسين (شهادات عن تكاليف الزيارات التي تقصم الضهر ورحلات السجون): بنستلف عشان نعيش 

تقصم الضهر

2m

أسرة محبوس منذ عام ونصف: تكاليف الزيارة الواحدة تصل أحيانا إلى 3 ألاف جنيه مع غلاء الأكل والمستلزمات.. وبنستلف وعايشين بالديون 

مسجون سابق يكشف تفاصيل “الطبلية”: كل مسجون مسئول عن إحضار أكل يوم في الأسبوع لجميع السجناء.. وبذلك تقسم الأيام بالعدل على الجميع 

المسجون السابق لـ”درب”: الأمر لا يتوقف عند الزيارات التي يتم مشاركتها بل المستلزمات الشخصية وأدوات النظافة والمياه الصالحة للشرب 

زوجة مسجون منذ 11 نوفمبر: اشتكى من الغلاء فتم القبض عليه.. وعملت جميعة عشان أصرف على الزيارات وبستلف كل شهر مع الغلاء 

رسالة من شقيقة محبوس احتياطي لـ”درب”: العائل الوحيد لأطفاله ووالدته سيدة كبرة ومريضة ولا تقوى على تحمل أعباء الزيارة وتكاليفها الباهظة 

كتب- درب 

ربما عصفت أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار بالبيوت وجيوب المصريين وكلفتهم أعباءً اقتصادية أكبر، ولكن هناك شريحة أخرى تعاني الأمرين، الغلاء من ناحية، وغياب رب الأسرة في بعض الأحيان من ناحية أخرى، ما قد يضاعف الأعباء. 

المقصود هنا هم أسر السجناء السياسيين ممن مر على حبسهم فترات طويلة، خاصة وإذا كان المحبوس هو الأب أو الزوج أو رب الأسرة المسئول عن الإنفاق والعائل الوحيد. ورصد “درب” جزء من معاناة أسر المحبوسين في تكاليف الزيارات وتوفير المستلزمات، والتي وصلت إلى الضعف في بعض الأحيان نتيجة غلاء الأسعار. 

وتقول والدة أحمد عامر حسنين، أحد المحبوسين في قضية سياسية أغسطس 2021، إن نجلها “كان يساعدها وشقيقتها في تكاليف المعيشة، خاصة وأن الوالد على المعاش ومعاشه قليل ولديه شقيق متزوج ويعمل باليومية وشقيقة مازالت دون زواج”. 

وأضافت الأم: “كنا نستطيع في بداية الحبس تدبير تكاليف زيارات (الطبلية)، من أكل سواء لحوم وبقوليات أو مستلزمات أخرى، وكان كثيرا ما يطالبني بعدم إحضار أي زيارات خاصة لمعرفته بضيق الحال”. 

وتشير الأم في تصريحاتها لـ”درب”، إلى أن تكلفة الزيارة الواحدة في الوقت الحالي قد تصل إلى ألفين جنيه و3 ألاف جنيه، سواء ملابس عندما يحتاج أو أكل أو حتى إكراميات للبعض من أجل السماح بدخول الزيارة نفسها. 

وقالت الأم إنها في لحظة ما “فكرت في تقليل الكميات التي يتم إدخالها لابنها في الزيارة، سواء من خلال تقليل اللحوم أو الملابس المطلوبة أو المستلزمات، ولكنها محكومة بمشاركة ابنها مع باقي السجناء، خاصة وأن السجناء الآخرين يتشاركون هما أيضا الطعام مع بعضهم”. 

سجين سياسي سابق حكى لـ”درب” تفاصيل نظام “الطبلية” الذي يستخدمه السجناء لمشاركة الأكل بشكل أسبوعي، مشيرا إلى أن جودة الأكل المقدم من السجن “التعيين” والكميات، لا يمكن الاعتماد عليها. 

وقال السجين الذي طلب عدم ذكر اسمه، والذي كان مسجونا في سجن “برج العرب” بالإسكندرية، إن “أكل التعيين سيء جدا سواء اللحوم أو الأرز أو الفول، إلى جانب أن المياه لا يمكن شربها”. 

وأضاف: “والاعتماد على كانتين السجن شيء صعب جدا، خاصة وأن أسعاره مبالغ فيها وقد تصل إلى الضعف، لذلك كان لابد من اعتماد نظام الطبلية”. 

وعن نظام الطبلية، يقول السجين السابق: “يكون النظام على حسب عدد النزلاء في الزنزانة الواحدة، لو مثلا الزنزانة فيها 12 سجين وكل يوم هيكون في اتنين هيجيلكم زيارة، يبقى الاتنين يتفوا مع أسرهم أنهم يعملوا أكل يكفي 12 شخص يتقسم على عدد النزلاء كلهم”. 

وأضاف: “الهدف من هذا النظام إن يبقى في كل يوم أكل يكفي جميع النزلاء في الزنزانة الواحدة متوزع بالعدل على السجناء”. 

وأشار المتحدث إلى أن التكلفة لا تتوقف عند هذا الحد، ولكن إلى جانب الأكل والأشياء المشتركة، توجد مستلزمات شخصية لا يجوز مشاركتها، مثل أدوات النظافة والمياه المدنية والملابس، ما يعني أن التكلفة مضاعفة”. 

وقال السجين السابق: “كل التفاصيل داخل السجن بيتم تطويعها واستخدامها للضغط على السجناء نفسيا وجسديا، والأمر يكون أسوأ في الأوقات التي يسيطر فيها الأمن الوطني على السجون وخاصة فيما يتعلق بالسجناء السياسيين”. 

رسالة استغاثة أخرى من شقيقة الشاب المحبوس احتياطيا، محمود شعبان غانم حسين، كانت كاشفة عن معاناة عميقة لأسر المحبوسين فيما يتعلق بالمصاريف وتكلفة الزيارات إلى جانب تكاليف الحياة للأسرة نفسها بالخارج والضغوط التي تواجهها. 

وطالبت شقيقة محمود شعبان بالإفراج عن شقيقها بعد أكثر من 3 سنوات حبس احتياطي، على ذمة القضية رقم 277 لسنة 2019 حصر أن دولة عليا. حيث قالت إن: “لديه طفلتين وهو العائل الوحيد لهما، ووالدته سيدة كبرة ومريضة سكر وضغط ولا تقوى على تحمل أعباء الزيارة وتكاليفها الباهظة وأنها من تكون بالمصاريف على أطفاله”. 

وأضافت شقيقة الشاب المحبوس، أن الأسرة قدمت طلبا للإفراج عنه للجنة العفو الرئاسي ولكنه لم يخرج حتى الآن، مطالبين بـ”يد العون” لكي يخرج من السجن. 

“الأسعار غالية.. لا عارفين نعيش من غيره ولا عارفين نصرف عليه ولا على نفسنا”.. كانت هذه مقدمة شكوى أسرة محبوس احتياطي منذ شهور وتحديدا بعد القبض عليه في 11 نوفمبر 2022 مع وقائع القبض التي وقعت آنذاك. 

تقول الزوجة، التي طلبت عدم ذكر اسم زوجها خوفا من تعرضه لأي ضغوط داخل السجن: “محبوس من وقت القبض عليه يوم 11 نوفمبر، ماعملش أي حاجة غير إنه طلع في فيديو يشتكي من الغلاء وعدم قدرته على شراء بضاعة للمحل”. 

وأضافت الزوجة لـ”درب”: “عندنا محل قطع واكسسوارات هواتف محمولة، مع الغلاء وقلة البضاعة لم يكن قادرا على الإنفاق، صور فيديو يشتكي فيه من الأوضاع ويطالب الرئيس بالتدخل ومواجهة الغلاء، فتم القبض عليه عقب الفيديو بيومين”. 

 وقالت: “الأسعار غالية جدا والمحل بتاعه مقفول والناس خايفة تشتغل فيه، عملت جمعية وقبضتها وبقسمها على الزيارات ولكن خايفة لما بستلف كل شهر جزء من قرايبنا عشان أدفع فلوس الجمعية، مش عارفين نعيش ونفسنا يخرج في أسرع وقت”. 

وعن مكونات الزيارة، تقول الزوجة: “أحيانا بجيب له لحوم وأحيانا بجيب معلبات، والتكاليف في كل الحالات غالية، وفي حاجات بشتريها شكك وفي ناس بتستنى وناس بتطالب بفلوسها وده حقهم”. 

وأضافت: “نزلت اشتري له ترينج أبيض تقيل عشان الشتا وعاملة حسابي في 300 جنيه لاقيت أرخص حاجة وصل لـ700 جنيه، الأكل يوم ما ابعت له حاجات بسيطة تتلم في شنطة واحدة بتكلف حوالي 1500 جنيه أقل حاجة، ومش عارفين امتى ينتهي الأمر”. 

وخلال الأشهر الماضية ومع تغيرات مستمرة في أسعار صرف الجنيه المصري وارتفاع الدولار مع وقف البضائع في الموانئ وعدم السماح لها بالخروج، تسبب ذلك كله في ارتفاعات كبيرة جدا في أسعار الأكل والمستلزمات الأساسية. 

وبحسب الأرقام الرسمية المعلنة، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدل التضخم على أساس سنوي بنهاية شهر ديسمبر 2022، وصوله إلى 21.9%، مقابل 19.3% في نوفمبر 2022. 

وبحسب التقرير، وصل معدل التضخم في المدن إلى 21.3% مقابل 18.7%. وجاء في التقرير أبرز السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها خلال العام الماضي ونسبة ارتفاعها في ديسمبر مقارنة بما كانت عليه في ديسمبر 2021، بحسب بيان من جهاز الإحصاء اليوم. 

وبحسب التقرير، زادت أسعار الحبوب والخبز بنسبة 58.3%، الألبان والجبن والبيض: بنسبة 48.9%، الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 44.2%، الخضروات بنسبة 38.8%، البن والشاي والكاكاو بنسبة 36%. 

وقال التقرير إن أسعار اللحوم والدواجن زادت بنسبة 35.5%، والوجبات الجاهزة بنسبة 33.3%، والسكر والأغذية السكرية بنسبة 31%، ومنتجات العناية الشخصية بنسبة 23.6%. 

فيما سجلت الزيوت والدهون زيادة بنسبة 21.8%، والمياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية: بنسبة 20.9%، وخدمات مرضى العيادات الخارجية: بنسبة 20%، وخدمات المستشفيات بنسبة 18%، والفاكهة بنسبة 15.7%. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *