ضحايا لم يصبهم الفيروس: قصة شاب مع الحظ الدكر وفيروس كورونا.. موظف مؤقت أصبح بلا عمل يوم تعيينه رسميا

كتب- إسلام الكلحي

«عشان مستشفى تشرف قدام السياح»، تحولت مستشفى إسنا التخصصي إلى مستشفى عزل تستقبل الحالات المصابة بفيروس كورونا، لكن ذلك جعل محمود علي (اسم مستعار)، يمكث في منزله بلا عمل، بعد أن كان يفصله يوم واحد من توقيع عقد عمل في المستشفى، ولا يعرف مصيره.

كانت وزارة الصحة والسكان المصرية، قد وضعت  مستشفى إسنا، ضمن قائمة المستشفيات التى خصصتها الوزارة على مستوى الجمهورية لعزل أى حالات مصابة بفيروس كورونا، يوم الأحد 15 مارس.. لكن قبل ذلك كان هناك قصة يرويها لنا محمود علي، البالغ من العمر 32 عاما.

ترك «علي» وهو أب لطفلين، عمله في إحدى الشركات الخاصة في محافظة أسوان، وعاد منذ أشهر إلى قريته التي تتبع مركز إسنا بمحافظة الأقصر، ليعمل في مستشفى إسنا التخصصي، بعد أن علم من بعض أقاربه أنها فتحت باب التقديم للتدريب فيها. يقول: «قالولي ابدأ تدريب فيها وبعدين هيعينوك».

أنهى «علي»، وهو خريج كلية حقوق، عمله في أسوان وعاد إلى إسنا، للتدريب ومن ثم العمل في المستشفى التخصصي، التي فتحت أبوابها رسميا أمام المرضى في شهر ديسمبر الماضي.. «الواحد صدق ما يكون جنب البيت وعياله»، هكذا يقول «علي» لموقع «درب». عمل لأشهر دون مقابل، على أمل التعيين، حيث يقول: «كنت محوش قرشين، فبقيت أصرف منهم».

اكتشفت مصر في 14 فبراير الماضي أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)؛ في ذلك الوقت كان محمود علي، يسعى هو وعشرات غيره من العاملين في مستشفى إسنا التخصصي للتعيين في المستشفى، والحصول على أجر مقابل عملهم في الأشهر السابقة. يقول: «قالولنا هنعملكم عقود في شهر 2، لكن ده محصلش، فعملنا اعتصامات، وقدمنا شكاوي في النيابة الإدارية».

على إثر الاعتصامات، طلب الدكتور تامر حامد عبد السلام، مدير مستشفى إسنا التخصصي، من «علي» ورفاقه ممن يعملون في وظائف إدارية، التوقيع على عقود التحاق من خمس ورقات.

وقع محمود علي، وغيره من المتدربين على أوراق الالتحاق، وطُلب منهم إحضار بعض الأوراق اللازمة لإتمام عملية التعيين في المستشفى الذي يتبع الأمانة العامة للمراكز الطبية بعقود مؤقتة.. وكان الموعد المتفق عليه للتوقيع على العقود هو يوم الأحد 15 مارس من الشهر الجاري.

مطلع شهر مارس، اكتشفت مصر ثاني حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، ثم أُعلن عن الإصابة الثالثة في 5 مارس.

وفي 6 مارس أعلنت وزارة الصحة اكتشاف 12 حالة جديدة اُصيبت بالمرض  على متن باخرة سياحية في محافظة الأقصر، ثم أعلنت في 7 مارس تسجيل 33 إصابة جديدة كانوا على متن نفس الباخرة النيلية، قبل أن يُعلن في اليوم التالي عن تسجيل أول حالة وفاة في مصر نتيجة الإصابة بـ«كوفيد-19».

ويشار إلى أن تقارير صحفية قد أشارت آنذاك إلى وضع مستشفى إسنا، ضمن قائمة المستشفيات التى خصصتها الوزارة على مستوى الجمهورية لعزل أى حالات مصابة بفيروس الكورونا، لكن المتحدث باسم الصحة، الدكتور خالد مجاهد، نفي في 6 مارس تخصيصها لاستقبال الحالات المصابة.

استمر مسلسل اكتشاف حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا حتى السبت 14 مارس، قبل يوم واحد من الموعد المحدد سلفا بين العاملين في المستشفى تحت باب «التدريب» والدكتور تامر حامد عبدالسلام، مدير مستشفى إسنا التخصصي، لك يمضوا على عقود التعيين المؤقتة.. كان عدد الإصابات بـ«كوفيد-19» في مصر قد وصل في هذا اليوم لـ 110 حالات مصابة بالمرض.

مساء يوم السبت 14 مارس استقبلت مستشفي إسنا التخصصى أجنبيين كانا على متن باخرتين بنهر النيل، للتأكد من إصابتهما بفيروس كورونا من عدمه. وكانت المستشفى قد رفعت حالة الطوارئ داخلها قبل ذلك بساعات بعد تلقيها إخطارا من مديرية الشئون الصحية بالأقصر، بفحص الحالتين ووضعهما داخل الحجر الصحي لحين انتهاء الإجراءات اللازمة بمعرفة وزارة الصحة.

وفي «اليوم الموعود» الأحد 15 مارس، ذهب «علي» إلى مستشفى إسنا التخصصي لتوقيع عقد العمل المؤقت.. وكان سيحصل على راتب ثلاثة أشهر سابقة يوم الخميس 19 مارس، بحسب ما وعده هو وزملائه، مدير المستشفى؛ لكنه فوجيء بأن المستشفى تحولت إلى مستشفى عزل صحي للمصابين بفيروس كورونا من السياح والمصريين في محافظات الصعيد. لم يدخل إلى مستشفى هو ولم يخرج مدير المستشفى منها حتى كتابة هذه السطور، بحسب ما يقول محمود علي.

أصبح العمل في مستشفى إسنا التخصصي قاصر على أطباء وفريق تمريض يستقبلون الحالات المصابة بفيروس كورونا، ويعملون على رعايتهم وعلاجهم. أما «علي» والعشرات غيره العاملين في الوظائف الإدارية بالمستشفى من غير المعينين، أصبحوا جالسين في منازلهم لا يعرفون مستقبلهم.

«كل أملي أن مدير المستشفى يطلع ويحل المشكلة دي».. يقولها «علي»، الذي يخشى أن يخسر وظيفته نهائيا، فمدير المستشفى الحالي، بحسب ما يقول من القاهرة، وسينتهي عمله في المستشفى في شهر مايو المقبل، ومن المتوقع أن يحل محله مديرا جديدا و«المدير الجديد ممكن يقولنا معرفكمش».

لا يوجد لدى المتدربين في مستشفى إسنا التخصصي، الذين كانوا على أعتاب التعيين بعقود مؤقتة ما يُثبت أنهم كانوا يعملون في المستشفى، وفق «علي» لأن «دفاتر الحضور والانصراف غير موثقة».

يعلم محمود علي، أن تحول المستشفى التي كان يعمل بها إلى «مستشفى عزل» جاء نتيجة وباء عالمي ضرب العديد من الدول وبينها مصر؛ حيث يقول: «أنا عارف أن اللي حصل ده أمر طاريء بسبب موضوع كورونا»؛ لكنه في ذات الوقت يتمنى أن تنتهي أزمة فيروس كورونا قبل أن يترك مدير الميتشفى الحالي منصبه، أو أن يُسمح لهم بملاقاته ليعرفوا مصير العقود التي كانوا سيوقعونها.

لا ينكر  «علي» إنه كان يمني النفس لو تحولت مستشفى أخرى بالمحافظة إلى مستشفى عزل حتى لا يصبح بلا عمل، إذا يقول: «فيه مستشفيات تانيه كتير في المحافظة كان ممكن تتحول لمستشفى عزل غير مستشفى إسنا لأنه المستشفى الوحيدة اللي بتخدم المدينة وقراها، لأن مستشفى إسنا العام ومستشفى الرمد ومستشفى الصدر مقفولين، لكن حظنا فقر.. اختاروا المستشفى بتاعتنا لأنها جديدة وتشرف قدام السياح».

يذكر أن فيروس كورونا، ظهر للمرة الأولى في الصين في ديسمبر الماضي، لكن مركز الوباء انتقل إلى أوروبا في الوقت الراهن.

ووفق آخر إحصائية لوزارة الصحة والسكان المصرية، صدرت مساء الأحد، يبلغ عدد الإصابات في مصر 327، بينها 56 حالة شفاء، و74 تحولت نتائجها من إيجابية لسلبية، إلى جانب 14 حالة وفاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *