سيد صبحي يكتب: حسن النية والحوار الوطني



لا أحد ينكر أن الحوار هو أفضل الطرق لحل الأزمات، بالحوار نصل إلى أرضية مشتركة، به نجدد الثقة بين الأطراف المختلفة، ونُوجِد حلولاً مبتكرة نذلل بها أى عقبات تقف في طريقنا، وللحوار شروط إن توافرت نجح، وقدم النتيجة المرجوة منه، أما ما دون ذلك يكون خداعًا، فلا يشترط أن يمتلك كل المتحاورين عنصر القوة، بل يجب أن يمتلكوا نفس القدر من الحرية، الإنصاف، العدل، الأخلاق، الإيمان بالقضية، أن يكون لديهم رغبة حقيقية في التغيير والأهم من ذلك أن يكونوا صادقين قبل المشاركة في الحوار.
وللحوار – إن كان حقيقيًا – فوائد عظيمة، تبدأ في الظهور بمجرد الدعوة له وقبل بدء الجلسات، أهمها حالة التهدئة التي تحدث داخل كل الكيانات المختلفة واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية مما يصب في مصلحة الاقتصاد وبالتالي يشعر المواطن الطبيعي بفوائد هذا الحوار.
ولا شك أن الجميع في مصر لديه رغبة لتقديم المساعدة لنقل مصر إلى دولة ديمقراطية حديثة تستوعب جميع أبنائها، خصوصا بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل الماضي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية إلى إجراء حوار وطني حول مختلف القضايا يضم جميع الفصائل السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين، ولكن الآن وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من تلك الدعوة ومع توالي جلسات الأمانة العامة كان يجب أن يكون للحوار أثر في الشارع، وأن يشعر المواطن بهذا التأثير في حياته العادية، وهذا ما لم يحدث مع موجة الغلاء الكبيرة التي تعيشها مصر، وتدني سعر العملة المحلية وفقدان المواطن العادي الثقة في ذلك الحوار وأنه قد يعود عليه بالنفع.
لذا يجب أن نعود ونسأل أنفسنا عن المشاركين في الحوار الوطني بكافة أطرافه من حكومة ومعارضة ممثلة في قوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، هل يمتلكون نفس القدر من الحرية؟، هل مؤسسات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة يستطيعون الجلوس وإبداء الرأي بمنتهى الحرية؟ مثل الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في مصر، هل سيوفر النظام مساحة آمنة من الحوار لجميع المشاركين بما فى ذلك القادة السياسيين والاجتماعيين للمطالبة بفتح ملف الحبس الاحتياطي والذي يقبع بسببه شباب المعارضة خلف الجدران لسنين طويلة دون تقديمهم حتى للمحاكمة؟ هل يسمح لهم بالتحدث بحرية حول الإصلاح التشريعي فيما يخص ملف حقوق الإنسان والحريات العامة والأمن القومي والمصالح الوطنية، وتعميق المواطنة ومكافحة التمييز.
على الرغم من دعوة الرئيس للحوار الوطني إلا أن هناك الكثيرين لا يؤمنون أن الحكومة لديها رغبة حقيقية في التغيير إلى الأفضل، فأحزاب المعارضة قد قدمت حسن النية وأثبتت إيمانها بالقضية، ونفت كل مزاعم الحكومة الدائمة واتهامها برفض الانخراط مع الحكومة للمصلحة الوطنية وذلك بعد بيان الحركة المدنية الديمقراطية ووضع 7 ضوابط يجب أن تتوفر في الحوار، منها أن يكون تحت مظلة مؤسسة الرئاسة ليتم تنفيذ المتفق عليه خلال الجلسات بشكل فعلي ولا تكون النتائج عبارة عن توصيات لا تفارق الأدراج المغلقة، وطالبت بأن يجري الحوار بين كل الأطراف بتساوى عدد المقاعد بين المعارضة والنظام حتى يكون الحوار بين شركاء متكافئين بلا مصادرة ولا مكايدة ولا تخوين، وأثبتت جدية مشاركتها بطلبها حضور الحكومة ورؤساء الهيئات البرلمانية جلسات الحوار ومشاركتها بالرأي وتقديم المعلومات التي تطلب منهم بشكل واضح وشفاف، لكي تتخذ أطراف الحوار قراراتها على قاعدة من المعرفة الصحيحة، ومشاركتهم كجهات اختصاص إذا ما تم الاتفاق على التوصيات النهائية في صورة تعديلات تشريعية أو إجراءات تنفيذية.
المهم :
على الحكومة المصرية – حتى ينجح الحوار – إثبات حسن النية بشكل واضح واستيعاب أبناء الشعب بشكل حقيقي وتنفيذ مطالب شباب الثورة والنشطاء السياسيين والذين وقعوا من قبل على بيان موحد طالبوا فيه بالنظر فى استخدام “الاحتجاز التعسفي” و”الحبس الاحتياطي”، وإخلاء سبيل المتهمين فى القضايا التي مر عليها عامان دون إحالة إلى المحاكمة.
وإن تُوقِف حملات القبض على النشطاء السياسيين بتهم واهية، خصوصا المفرج عنهم مؤخرًا مثل الناشط شريف الروبي والذي تم الزج به في السجن بعد الإفراج عنه على خلفية الحوار بثلاثة شهور بعد ظهوره في مداخلة تليفزيونية للمطالبة بتحسين أوضاع المفرج عنهم ودمجهم في المجتمع.

3m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *