درب تحقق في الأرقام الرسمية لإصابات كورونا.. ودراسة لوزيرة الصحة حول الأعداد الحقيقية.. (شهادات لـ أطباء ومرضى حول الفحوص)

بيانات وشهادات لأطباء ومرضى حول فحص كورونا «صعب المنال».. ودعوات للتوسع في الفحوص

ورقة لوزيرة الصحة: الإصابات حتى 31 مارس قد تصل لأكثر من 7 اضعاف المعلن.. ومنى مينا: حالات كثيرة لا يتم تشخيصها وتتحول لمصادر عدوى متنقلة

طبيب بمستشفى أبو خليفة: بروتوكول جديد في مستشفيات العزل لإعادة تقييم الحالات المصابة بعد خمسة أيام

هل تغير بروتوكول الفحص بعد زيادة الإصابات؟ .. ونقابة الأطباء: الكاشف السريع يهدد بنتائج خطيرة وزيادة انتشار العدوى

د. محسن عزام: الأطقم الطبية تواجه صعوبة في إجراء فحوصات كورونا .. ود.إبراهيم الزيات شروط «العزل المنزلي» غير متوفرة في مصر

كتب- إسلام الكلحي ومحمود هاشم

أصيب «مصعب» بفيروس كورونا المستجد، وظهرت أعراض المرض بعد أيام من إصابته على زوجته وكانت أكثر حدة، لكنها لم تتمكن من إجراء مسحة رغم كونها مخالطة لمريض.. وكلاهمها الآن في عزل منزلي.

«هناك العديد من الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد غير المشخصة نتيجة الصعوبات الشديدة في عمل التحاليل»، بحسب الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء سابقا، التي قالت لـ«درب» إن البروتوكولات التي وضعتها وزارة الصحة لإجراء تحليل الـ«P.C.R» الخاص بفيروس كورونا المستجد تتسبب في وجود الكثير من الحالات المصابة بالمرض غير مسجلة رسميا، لتصبح بذلك حصيلة الإصابات التي تعلن عنها وزارة الصحة هي «حصر للأعداد اللي اتعمل ليها فحص وثبت أنها إيجابية».

اعترافات هالة زايد

ما قالته منى مينا اعترفت به الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة و4 من الباحثين المصريين هم محمد حساني ووائل عبد الرازق ونها عصام ومحمد عبد الله  وذلك من خلال ورقة بحثية قاموا بنشرها في مجلة لانسيت يوم 27 ابريل الماضي، اعترفوا فيها بأنه في حالة عدم وجود فحص مفتوح، مثل ما يحدث في مصر يمكن أن يتم تقييم إجمالي عدد المصابين بأقل من المعدلات.[1]

وقدرت الوزيرة والباحثين الأربعة، في ورقتها عدد الإصابات الحقيقية يوم 31 مارس بأكثر من 7 اضعاف الرقم المعلن، مشيرين إلى أنهم اعتمدوا طريقة تستند لنسبة عدد الوفيات ومقارنتها بمعدلات الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، التي طبقت فحصًا مفتوحًا، وفي دول المنطقة ذات الظروف المشابهة لظروف مصر مثل (الجزائر ، البحرين ، إيران ، إسرائيل ، الأردن ، المملكة العربية السعودية ، لبنان ، المغرب ، فلسطين ، قطر ، تونس ، تركيا والإمارات العربية المتحدة). مشيرين إلى أن بالاستناد لتقرير منظمة الصحة العالمية في 31 مارس ، سنجد أن  معدلات الوفيات في جميع البلدان المبلغ عنها تراوحت من 0 إلى 7٪ إلى 11 · 8٪. وبناء على هذه النسبة استنتج الباحثون المصريون عاملاً بقسمة معدل الوفيات لدينا على المعدل العالمي وتلك الموجودة في الدول المدرجة. ثم تم ضرب هذا العامل في عدد الحالات المحددة لدينا لتقدير العدد الإجمالي المتوقع، وخلصت الدراسة إنه بناء على هذه الحسابات فإنه يمكن أن يكون العدد الإجمالي المتوقع لمرضى COVID-19 في مصر ، حتى 31 مارس ، في نطاق 710-5241 مريضًا.

ورغم ما توصلت له الوزيرة في دراستها فإن الوزارة بدلا من أن تلجأ للتوسع في الفحوصات لجئت لطريقة لوضع عراقيل لاجراء الفحوص، حيث أصدرت مديريات الشؤون الصحية أمرا إداريا بعدم إجراء تحليل (P.C.R) إلا بعد عمل أشعة على الصدر وتحليل صورة دم كاملة (CBC)، وتوقيع اثنين من الأطباء الاخصائيين على طلب التحليل، ويتعرض من يخالف ذلك القرار للمسائلة القانونية، وهو ما ترى وكيلة نقابة الأطباء سابقا أنه «يصعب» من عملية إجراء الاختبارات، ويعني أن هناك حالات كثيرة غير مسجلة.

وانتقد طبيب بمستشفى أبو خليفة للعزل الطبي، فضل عدم ذكر اسمه، الشروط الموضوعة لإجراء تحاليل الـ«P.C.R» في مستشفيات الفرز، وقال لـ«درب» إن 80% من مرضى كورونا الذين في مستشفيات العزل تحليل صورة الدم الكاملة الخاصة بهم «طبيعية».

وشدد طبيب «أبو خليفة» على أن شرط وجود تغير في تحليل صورة الدم «كلام غير واقعي»، مشيرا إلى طبيبة لديها أعراض المرض والأشعة تقول إنها مصابة بكورونا، لكن نتيجة صورة الدم الكاملة الخاصة بها طبيعية، وبالتالي لم تستطع إجراء اختبار «P.C.R». (تواصل درب مع الطبيبة لكنها في حالة لا تسمح لها بالإدلاء بأي تصريحات حيث يمكث والدها وهو طبيب مصاب بفيروس كورونا في الرعاية المركزة).

البروتوكولات مخالفة لتنبيهات منظمة الصحة

تشدد الدكتورة منى مينا على أن التنبيهات العلمية سواء من منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات المرموقة تؤكد أن الطريقة الوحيدة لمواجهة المرض والحد من انتشاره «هي التحليل بشكل واسع.. هي الاستقصاء»، موضحة أن ذلك يعني عند وجود شخص إيجابي، لا بد أن أجري تحليلا للمخالطين له لاكتشف الحالات الإيجابية التي لم تظهر عليها أعراض بعد حتى «اعزلها وامنع مزيد من انتشار الوباء».

«احنا بالتعليمات اللي بتقول أنا مش هحلل غير لشخص عليه الأعراض وكمان عنده تغيرات في الأشعة وتغيرات في صورة الدم وكمان يكون في 2 أطباء أخصائيين في المستشفى يمضوا على التقرير احنا كده بنسمح أن يكون هناك حالات غير مشخصة عديدة وهذه الحالات غير المشخصة بتتحرك في المجتمع وتخالط أسرها وزمايلها وجيرانها وده بيساوي المزيد من نشر العدوى»، تقول د. منا مينا.

وفق 6 أطباء تواصل معهم «درب» أكدوا أن البروتوكول السابق كان يقضي بإجراء تحليل الـ«P.C.R» لأي شخص تظهر عليه الأعراض ومخالط لشخص مريض أو قادم من دولة ينتشر بها المرض، لكن الحال تغير مؤخرا وأصبح هناك صعوبة في إجراء تحليل كورونا بسبب الاشتراطات الأخيرة.

وقال أحد الأطباء الستة، إن الحكومة كانت «موفرة المسحات ومستشفيات الحكومة بتعمل الفحوصات لأي حالة هي مشتبهة فيها»، ولكن بسبب زيادة أعداد الإصابات قررت السلطات المختصة تقييد عملية الفحوصات.

أيضا، أكدت همت مصطفى، ممرضة في مستشفى حميات حلوان المختص باستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا، لموقع «درب» أنهم كانوا يجرون فحوصات كورونا للمخالطين ومن تظهر عليهم أعراض المرض بشكل موسع في بداية ظهور المرض في مصر.

لكن الأمر تغير، وفق همت وأصبحوا يوجهون المرضى الذين يتوافدون على المستشفى بالعزل المنزلي 14 يوما باستثناء الحالات الحرجة، حيث يجرون لها أشعة مقطعية، وتحليل صورة دم كاملة، وإذا كانت النتائج ترصح إصابة المريض بكورونا يجرون له تحليل «P.C.R».

تقول همت إن مشكلة صعوبة إجراء الفحوصات يواجهها طاقم التمريض أيضا، لافتة إلى أن عدد من زميلاتها ثبت إصابتها بفيروس كورونا ومع ذلك لم تجري المستشفى لباقي المخالطين تحليل «P.C.R».

محاولات فاشلة لإجراء مسحة

الدكتور مصعب البدراوي، طبيب طوارئ بأحد المستشفيات الحكومية في القاهرة، ومصاب بفيروس كورونا المستجد، أكد لـ«درب» أنه يسعى منذ يوم الخميس 14 مايو، لإجراء تحليل «P.C.R» لزوجته التي ظهر عليها أعراض المرض وكانت أكثر شدة منه في بعض الأيام، ولكن دون جدوى.

البدراوي أبلغ المسؤولين بالطب الوقائي بظهور الأعراض على زوجته؛ وأبلغت الزوجة وهي طبيبة في أحد المستشفيات الجامعية، المسؤولين في جهة عملها بإصابة زوجها وظهور الأعراض عليها، ومع ذلك لم تجري لها المستشفى أي مسحات، وطالبتها بالعزل المنزلي 14 يوما. كما لم يتواصل «الطب الوقائي» معها لإجراء فحص لها، حيث يقول البدراوي: «مفيش أي حد من المستشفى اللي هي شغاله فيها كلمها.. مفيش أي حد من مكافحة العدوى كلمها.. مفيش أي حد من الطب الوقائي كلمها».

يمكث البدراوي في عزل منزلي وبرفقته زوجته، ويقول لـ«درب» إنه من قرر ذلك، ويشير إلى أن مسؤولي الطب الوقائي التي تتبعها منطقته السكنية يتابعون معه بصورة «شبه يومية» حالته الصحية، بالإضافة إلى الحالة الصحية لزوجته، التي لم يتم إجراء أي فحص لها وليست ضمن أعداد المسجلة لإصابات فيروس كورونا المستجد في مصر.

وفق البدراوي من المفترض أن تعود زوجته إلى عملها بعد انتهاء مدة الـ14 يوما التي حصلت عليها من جهة العمل كإجازة، وهذا الأمر مقلق بالنسبة له، حيث يتساءل كيف تعود دون إجراء مسحة لها، مشيرا إلى أنها قد تنقل العدوى لزملائها والمرضى.

بحسب نقابة الأطباء، أصدرت الادارة العامة لمكافحة العدوى منشورا بتاريخ 12 مايو 2020 يفيد تعليماته بأنه فى حالة ظهور حالات ايجابية بين أفراد الطاقم الطبى فلا يتم أخد مسحات من المخالطين وغير مصرح بعزل المخالطين سواء فى المنزل أو بجهة العمل وأن يقوم العاملين بعمل تقيييم ذاتى لأنفسهم  وإخطار جهة العمل لإجراء الكشف.

«عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجد من الأطباء بلغ 11حالة وفاة، ووصلت الإصابات لأكثر من 200 حالة إصابة»، وفقا للدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، الذي أشار إلى أن هذه الأعداد هي فقط ما استطاعت نقابة الأطباء حصرها (زاد عدد الوفيات المذكور لاحقا لأكثر من ذلك).

وقال الزيات في تصريحات لـ«درب» إن شكاوي الأطباء المخالطين لحالات مصابة بفيروس كورونا من عدم إجراء مسحات لهم «تصل إلى درجة من الاستحالة حصرها»، مطالبا بالعودة إلى البروتوكول السابق بإجراء تحليل «P.C.R» للمخالطين للحالات الإيجابية، وأضاف مشددا: «لا بد من العودة إلى البروتوكول والمعايير الدولية لمنظمة الصحة العالمية للمخالطين والفرق الطبية ولغي الكلام الغريب بتاع منع المسحات للأطقم الطبية».

درجة الحرارة 39.9.. والأعراض غير كافية

ضي جمال، مواطنة في العقد الثالث من العمر، كانت تعاني وزوجها من ارتفاع في درجات الحرارة لـ 39.9 درجة، مع سعال وآلام شديدة في العظام، تقول لـ«درب» إنها تواصلت مع الرقم الساخن الخاص بوزارة الصحة والسكان للإبلاغ عن حالات الاشتباه بالإصابة بفيروس كورونا، لكنهم اعتبروا الأعراض غير كافية لكي يرسلوا لها سيارة إسعاف مخصصة لنقلها إلى المستشفى لتجري الفحوصات اللازمة.

مثل ضي، أكد لنا آخرون نفس الأمر، فتواصل محرر «درب» بالخط الساخن الخاص بوزارة الصحة والسكان للإبلاغ عن حالات الاشتباه، شاكيا من بعض أعراض فيروس كورونا (سعال وارتفاع في درجات الحرارة)، فطلبت منه الموظفة بعد مجموعة من الأسئلة التوجه إلى إحدى مستشفيات الصدر أو الحميات، وبسؤالها عن الإجراء الذي سيتم تطبيقه، أوضحت أنه سيتم عمل أشعة على الصدر وتحليل صورة دم كاملة، وفي ضوء النتائج سيتم تحديد ما إن كان سيُجرى تحليل الـ«P.C.R» من عدمه.

في مايو الجاري، قال الدكتور عوض تاج الدين مستشار الرئيس للصحة، خلال لقاء مع المراسلين الأجانب، إن عدد الفحوصات التي أجريت للكشف عن فيروس كورونا المستجد في مصر، تخطت المليون فحص، لكنه استدرك وأوضح في اليوم التالي أن المليون فحص كورونا الذي أعلن عن إجرائها خلال الفترة الماضية تتضمن  100 ألف تحليل «P.C.R»، والباقي تتوزع بين الفحوصات السريعة والأشعة المقطعية.

تحذير من الكاشف السريع

وعن الفحوصات السريعة التي تجريها وزارة الصحة وأشار إليها مستشار الرئيس للصحة، قال الدكتور محسن عزام، عضو مجلس نقابة الأطباء، لـ«درب» إنها غير دقيق وقيمتها العملية لا أحد يعرفها، محذرا من نتائج الاعتماد عليه.

وكانت نقابة الأطباء قد حذرت في وقت سابق وزارة الصحة من مغبة الاعتماد على إجراء الكاشف السريع «Rapid Test» فقط للاطمئنان على خلو أعضاء الفريق الطبى بمستشفيات علاج حالات كورونا، قبل عودتهم للاختلاط بعملهم العادى وأسرهم، وهو التحليل الذى لم تثبت فاعليته أو جدواه.

وقالت نقابة الأطباء إن الكاشف السريع «Rapid Test» يهدد بنتائج خطيرة في زيادة انتشار العدوى وسط الأطقم الطبية والمجتمع، حيث أنه حسب إرشادات منظمة الصحة العالمية هذا التحليل لايمكن الاعتماد عليه للتشخيص ويستخدم فقط للأغراض البحثية وأن التحليل الوحيد المعتمد هو تحليل (بي سي أر).

الأطباء يعانون أيضا

يؤكد الدكتور محسن عزام، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن الأطقم الطبية نفسها التي تتعامل مع حالات مصابة تواجه صعوبة في إجراء فحوصات كورونا، وأشار إلى أن عدم معرفة الرقم الحقيقي للإصابات الخاصة بأي وباء تؤدي بالتأكيد إلى كارثة.

ولفت عزام إلى أن نقابة الأطباء تتلقى شكاوي عديدة من الأطقم الطبية في مختلف المستشفيات تفيد بوجود مشاكل لديهم، وقال مستنكرا: «لما يبقى عندنا أطقم الطبية بتتعامل مع حالات إيجابية ويتقالها مش هنحللكم يبقى فيه مشكلة»، محذرا من خطورة عدم تكثيف فحوصات فيروس كورونا المستجد.

مستشفى منشية البكري العام

في مساء يوم الجمعة 15 مايو، أعلن أطباء مستشفى منشية البكري العام في بيان صحفي ظهور حالات إيجابية بين العاملين في المستشفى بالأسبوع السابق من الأطباء والتمريض والعمال والإداريين. وقال البيان إنه تم عمل مسحات لعدد 20 حالة وظهرت النتيجة يوم الخميس 16 بنسبة أكثر من 75%.

لكن إجراء الفحوصات لحالات مستشفى البكري العام لم يتم بسهولة، وفقا لطبيبان في المستشفى تحدثا لدرب، قبل أن يصدر لاحقا بيان صحفي من أطباء مستشفى منشية البكري العام في 16 مايو، أكدوا خلاله أنهم طالبوا مسؤولة بقطاع الطب الوقائي بعمل مسحات لهم فهددتهم بالأمن الوطني.

وذكر البيان أن «هناك إصرار على أن يستمر العمل بدون حماية للفريق الطبي ولم يتم تطهير المستشفي حتى الآن مع خطورة انتقال المرض لكل المتواجدين للمستشفى، وتم وصول تهديد للأطباء بتبليغ أسمائهم للأمن الوطني من قبل رئيس القطاع والأطباء ترفض التعامل بهذا الأسلوب».

خلال لقاءه مع المراسلين الأجانب، كان مستشار الرئيس للصحة، قد أشار إلى أن الاستراتيجية التي تتبعها مصر هي تتبع المخالطين للمصاب وأن أكثر من 80% من الحالات المعلنة يتم اكتشافها بهذه الطريقة، بدلا من إجراء تحاليل كورونا لعدد ضخم من الناس بهدف ترشيد استخدام الموارد.

لكن طبيب صيدلي في مستشفى منشية البكري العام، وهو من ضمن المخالطين لبعض الحالات التي ثبت إصابتها بالفيروس، أكد لـ«درب» أنه لم يخضع لاختبار فيروس كورنا. وهو ما أكده طبيب آخر في قسم النساء والتوليد بالمستشفى، وكل من المصدرين رفض ذكر اسمه خوفا من التهديدات.

وقال الطبيب بقسم النساء والتوليد بالمستشفى، إن جميع العاملين بالمستشفى من أطباء وفريق تمريض وعمال مخالطين للحالات التي ثبت إيجابيتها بفيروس كورونا، فيما لم تُجرى التحاليل سوى لـ20 شخصا، وجاء ذلك حسبما يقول بعد ظهور الأعراض على وكيل المستشفى «وناس كتير من مكتب الإدارة». 

الرفض في مستشفيات آخرى

رفض إجراء مسحات للطاقم الطبي في المستشفيات متكرر، فالفريق الطبي بمستشفى أسوان الجامعي، هو الآخر قد أصدر بيانا في 7 مايو بيانًا بعد إصابة 16 من الطاقم الطبي بكوورنا، أكدوا خلاله أنه لم يتم سحب المسحات للفريق الطبي المخالط رغم ظهور الأعراض عليهم، وأنه تم عمل تحليل سريع.

وكشف البيان أنه تم إنهاء إعارة 16 طبيبا مقيما و7 أطباء منتدبين بشكل مفاجئ وتعسفي دون سابقة إنذار، وذلك بعد تزايد مطالبة الأطباء بتنفيذ الإجراءات الاحترازية المقررة من وزارة الصحة، لكونهم مخالطين لحالات إيجابية.

وكانت نقابة الأطباء، طالبت في خطاب لرئيس الجمهورية وآخر لوزيرة الصحة، بتخصيص مستشفى للمصابين بكورونا من الطواقم الطبية وزيادة أماكن الحجر، لافتة إلى أنه في الآونة الأخيرة تفاقمت مشكلة التأخير فى نقل الأطباء وأعضاء الفريق الطبى المصابين بفيروس كورونا لمستشفيات العزل وبالتالى تأخر تلقيهم للرعاية الطبية اللازمة لضمان سرعة شفاءها حتى تستطيع العودة بسرعة لممارسة دورها فى مكافحة الوباء .[2]

وأشارت نقابة الأطباء إلى أن قد ورد إليها ملاحظات من الأطباء العاملين بمختلف الجهات، تفيد بأن هناك تكدسا بالمرضى فى مستشفيات العزل التى تعمل حاليا، مما يترتب عليه أحيانا تأخير فى نقل المواطنين المصابين بفيروس كورونا لمستشفيات العزل حال الإحتياج لذلك، وأحيانا التأخير فى نقل المصابين منهم بأعراض بسيطة لأماكن الحجر الأخرى المقررة بخلاف المستشفيات (مثل المدن الجامعية).

السر وراء تقييد الفحوصات

تقييد عملية إجراء تحليل الـ«P.C.R» لاكتشاف إصابات فيروس كورونا المستجد يرجعه طبيب بمستشفى أبو خليفة المخصصة للعزل الطبى للمصابين بفيروس كورونا في محافظة الإسماعيلية، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن مستشفيات العزل تقريبا بلغت الحد الأقصى للاستيعاب و«قربت تبقى على آخرها».

البروتوكول الخاص بإجراء المسحات في مستشفيات العزل، وفق طبيب مستشفى أبو خليفة مختلف عن «مستشفيات الفرز والمستشفيات العادية»، وهو لم يتغير منذ بداية ظهور المرض  في مصر، ويقضي بإجراء تحليل للحالة بعد وصولها بـ4 أيام، وبعد ذلك يتم إجراء مسحة كل 48 ساعة، وإذا جاءت النتيجة في «آخر مسحتين» سلبية فهذا يعني أن المريض تعافي ويخرج من مستشفى العزل.

لكن الطبيب الذي فضل الكشف عن هويته، إن بروتوكول جديد يطبق في ذات الوقت مع هذا التطبيق، يقضي بإعادة تقييم الحالات داخل مستشفيات العزل بعد خمسة أيام من دخولها، موضحا أن المرضى أقل من 60 سنة ولا يعانون من عدة أمراض خاصة الأمراض المزمنة وبحالة جيدة إكلينكيا والأشعة المقطعية «مقبولة أنه يمشي» يتم إخراجهم من المستشفى ليذهبوا إلى العزل بالمدن الجامعية.

وقال إن «البروتوكول اتغير عشان كل 5 أيام نعمل Turn over (تدوير) لأننا لو وقفنا الـTurn over مش هيكون فيه مكان»، لافتا إلى أنهم خلق أماكن جديدة والغرفة التي تستوعب اثنين يضعون فيها ثلاثة، والغرفة التي تستوعب ثلاثة تصبح أربعة، وتابع مستطردا: «فـ دايما في ضغط علينا عشان نطلع ناس من المستشفى».

ويشار إلى أن خلال اجتماعه مع لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب في 4 مايو الجاري، حذر رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية الدكتور أحمد السبكي من تزايد عدد الإصابات في مصر، وقال إن المستشفيات الخاصة بالعزل الصحي للمصابين وصلت هذا الأسبوع للحد الأقصى للاستيعاب.

ووفقا لتصريحات قال للدكتور خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة لشئون الإعلام، إن وزارة الصحة تمتلك 5368 سرير رعاية مركزة بمستشفيات الوزارة على مستوى الجمهورية، و2670 جهاز تنفس صناعي .[3]

خطة العزل المنزلي؟

طبيب آخر في إحدى مستشفيات العزل، فضل عدم كشف هويته، أكد أيضا لـ«درب» أن الأعداد في مستشفيات العزل وصلت إلى الحد الأقصى ولهذا طُلب منهم تحويل الحالات إعادة تقييم الحالات بعد 5 أيام من دخولها المستشفى، فإذا كانت حالتها الإكلينكية والأشعة المقطعية تسمح بنقلها إلى المدن الجامعية، تخرج من مستشفى العزل.

وقال الطبيب الذي تم انتدابه قبل حوالي شهر تقريبا إلى إحدى مستشفيات العزل بمحافظة الجيزة إنه أصيب بفيروس كورونا المستجد منذ أسبوع، وحاليا في عزل منزلي، وأضاف أنه يرى أن الحكومة لا تمتلك خطة للمعزولين منزليا.. «هي مش عارفه هتعملنا مسحات تانية امتى، وهتعملنا مسحات ولا لأ.. طيب هتعملنا مسحات فين؟ طيب هنروح فين؟.. الحكومة معندهاش أي خطة لينا».

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، رفضه تطبيق «العزل المنزلي» في مصر، وقال: «مصاب بأعراض لازم عزل في مستشفى، مصاب من غير أعراض يتعزل في نزل شباب أو في مدينة جامعية»، مشددا على أن شروط العزل المنزلي غير متوفرة في مصر.. «شروط العزل المنزلي إن يبقى عندك أوضة بحمام مستقل، ومحدش يدخل عليك.. فيه بيت عندنا في مصر كده؟ مفيش الكلام».

يذكر أن في مستشفى الزهراء الجامعي التابع لجامعة الأزهر في القاهرة، تخطى عدد إصابات كورونا 140 حالة، وكانت الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء سابقا، قد كشفت في تصريحات سابقة إن أطباء مستشفى الزهراء الجامعي ممن ظهرت نتيجتهم إيجابية لفيروس كورونا يواجهون صعوبة في إيجاد أماكن للحجر.

العدالة في عمل المسحات الطبية

وتداول نشطاء على مواقع التواصل صورة خطاب لأحد مكاتب الشهر العقاري بالاتفاق مع إدارة الطب الوقائي على إغلاق مقر مأمورية 14 يوما بعدما ظهرت فيها حالة إيجابية للفيروس، وتوجيه العاملين للكشف الطبي والمسحات، وتطهير المكان، والتزامهم بالعزل المنزلي، في الوقت الذي أصدرت وزارة الصحة بروتوكولها بمنع المسحات والعزل للأطباء المخالطين للحالات، مع تحويل المخالفين للشؤون القانونية.

وعلقت الأمين العام السابق لنقابة الأطباء الدكتورة منى مينا على الواقعة قائلة: «عيب نكون بذمتين بالشكل ده، خصوصا لما الموضوع يكون في كيفية مقاومة وباء صُنف جائحة عالمية».

وأضافت: «كمان ده ما بينفعش، لما يكون في جائحة في البلد لازم نحاربها ونحاصرها في كل مكان، سواء المستشفيات أو في وزارة العدل، سواء كان المصابين من الناس اللي مش مهمة أو من الناس المهمة، عشان لما العدوى بتنتشرفي حتة، بتروح غصب عننا للحتت التانية وبتصيب أي حد و كل حد، وكلنا عارفين إن مالهاش علاج لحد دلوقتي، حتى لو المصاب حد مهم وله نفوذ، أو تحت إيده أموال الدنيا، يبقى اللي في إدينا إننا نحاول نحاصر العدوى بجدية».

أما الدكتور أيمن صادق، الطبيب الاستشاري في مستشفى العزل بدمنهور، طالب بالعدالة في عمل المسحات الطبية، وعدم توفيرها للحالات التي لا تعاني من أعراض، مراعاة لصعوبة الحصول عليها، مع وضع بروتوكول لإجراء المسحات لجميع المواطنين على حد سواء، حسب درجة الحاجة، داعيا لفتح قنوات تواصل مع أعضاء الفريق الطبي لشرح القرارات التي تخصهم.

وأكد صادق أن أعضاء الفريق الطبي هم أكثر الجهات تعرضا للعدوى لمخالطتهم حالات إيجابية، ما يعني ضرورة إجرائهم مسحات حال ظهور أي أعراض على أي منهم، لافتا إلى تداول أخبار عن إجراء مسحات احترازيا لبعض المخالطين في جهات ما دون التزام بوجود أعراض.

وتابع: «مينفعش حد من الفريق الطبي عنده أعراض يقعد أوتوماتيك ١٤ ساعة في البيت وخلاص بدل المسحة، لأنه ممكن يبقي مريض كورونا ويعدي الآخرين، ولو الفريق الطبي كله قعد في البيت مين يواجه الكورونا، ساعتها هيوصل بيوتنا غصب عننا».

ودعا استشاري الأمراض الصدرية لتوفير الواقيات للفريق الطبي، وتقييم من يعانون من أعراض وتوفير المسحات لهم فورا، تجنبا لانتشار العدوى.

بيان .. و4 مطالب

ونشر حزب العيش والحرية تحت التأسيس بيانا موقعا من 95 شخصية عامة يطالب بالاستماع إلى شكاوى العاملين في القطاع الصحي فيما يتعلق بانتشار فيروس «كورونا»، وخلق آلية دائمة للتنسيق بين وزارة الصحة واتحاد نقابات المهن الطبية ونقابتي التمريض والعلوم الصحية.

وطالب البيان بالتوسع في عمل الاختبارات لمعرفة الحجم الحقيقي للظاهرة في المجتمع، مع توفير الموارد اللازمة لزيادة مستشفيات العزل وتوفير أدوات الحماية والاختبارات وزيادة مكافآت العاملين بالقطاع لتتناسب مع أهمية دورهم وحجم المخاطر التي يواجهونها، وتغيير طريقة الإعلان اليومي عن عدد الحالات لتتضمن عدد الاختبارات اليومية.. منبها  إلى ضرورة الجدية في تطبيق بروتوكولات مكافحة العدوى في كافة مستشفيات الجمهورية منعا لانتشار الإصابة.

مصادر:

Estimation of COVID-19 burden in Egypt

الأطباء تطالب الرئاسة والصحة بالتدخل لتغيير تعليمات مكافحة العدوى الجديدة

الصحة تكشف عدد أسرة الرعاية والتنفس الصناعي بالمستشفيات

One thought on “درب تحقق في الأرقام الرسمية لإصابات كورونا.. ودراسة لوزيرة الصحة حول الأعداد الحقيقية.. (شهادات لـ أطباء ومرضى حول الفحوص)

  • 21 مايو، 2020 at 2:48 م
    Permalink

    تحقيق مهم واستغرق جهد رائع
    نموذج ممتاز للصحافة الاستقصائية

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *