حديث الفرص الضائعة| “درب” تسأل خبراء: ماذا لو انفقت أموال “العاصمة والعلمين”على التعليم والصناعة والزراعة؟.. نحو إعادة ترتيب الأولويات (1)

مطالب بتجميد الانفاق على المشروعات العقارية .. وإعادة ترتيب الأولويات في اتجاه الإنتاج زراعة وصناعة وتعليم وتكنولوجيا وصحة

د. زهدي الشامي: تكلفة العاصمة والعلمين والمونورويل والقطارات تتجاوز تريليون ونصف تريليون جنيه وهو مبلغ هائل استنزف المتاح للتنمية الحقيقية الجادة

الشامي: الحكومة انفقت أموال طائلة على مشروعات غير منتجة فتراجع الناتج الزراعي والصناعي وزاد عجز الميزان التجاري.. ولابد من مراجعة هذه السياسات

الميرغني: فرق كبير بين الاستدانة لتمويل مشرعات إنتاجية تدر عائدا سريعًا وبين الاستدانة للإنفاق على الطرق والكباري

رائد  سلامة: العقارات قطاع خدمي وليس إنتاجي ولا يحقق الهدف.. وما نجح في الخليج ليس شرطا أن ينجح هنا

 مصدر هندسي: الحكومة تتعامل مع المشروعات بمنطق تجاري.. مفيش مدينة بتتعمل ويكون هدفها الأول تحقيق عوائد مادية

 الدول تبدأ بقاعدة اقتصادية تُدر دخلا على المدى البعيد وحول هذه القاعدة الصناعية والزراعية أو إلى جوارها تقوم المُدن

 فيديو لـ د. جودة عبدالخالق: ليس للعاصمة الإدارية دراسة جدوى.. ورجعت لكل الوثائق وخبراء التخطيط العمراني ولم أجد للمشروع أثرًا

كتب – أحمد سلامة

إن الدين العام المقدر بنحو 90 مليون جنيه قد تم فرضه على مصر من جانب المضاربين الأوروبيين، وهو الدين الذي لم تتسلم منه مصر إلا أقل من 45 مليون جنيه، ونتيجة لذلك وحتى تحت الشروط المخففة، فإن الشعب المصري مازال عليه تسديد نحو 8% كفائدة سنوية على المبلغ، وإن مثل هذا الحمل الثقيل يجب استمرار سداده بشكل مستمر لعدم توافر أي آلية لتخفيض الجزء الأكبر من أصل الدين.

مع استثناء مبلغ الـ 16 مليون جنيه التي تم إنفاقها على إنشاء قناة السويس، فإنه لم يتم صرف أي جزء من الـ 45 مليون جنيه التي تسلمتها مصر بالفعل في تطوير البلاد، أما باقي المبلغ فقد تم تبديده أو استخدامه في دفع فوائد الدين وهو الأمر الذي أدى بالتبعية إلى تجريد موارد البلاد سنويًا.

         “نهب المصريين – قصة عار” لـ جون سيموركي 1882

“ما أشبه الليلة بالبارحة”.. تنامت معدلات الدين العام الخارجي التي وصلت حسب بيانات رسمية إلى أكثر من 157 مليار دولار حتى نهاية يونيو الماضي، وتصاعدت ضغوط مواعيد السداد لتشكل جانبا كبيرا من أزمة اقتصادية متفاقمة بعد أن بلغ حجم الديون قصيرة الأجل 26.4 مليار دولار يتعين سدادها خلال عامين فقط، فيما تضمن جدول السداد حتى نهاية 2025 –حسب وسائل إعلام- ديونا متوسطة وطويلة الأجل تجاوز إجماليها الـ 72.4 مليار دولار.. جاء ذلك ليُعيد إلى ذاكرة المصريين مخاوف الديون الخديوية وما أسفرت عنه، وهي الديون التي جاء معظمها لأسباب شبيهة إلى حد كبير بأسباب الديون المتراكمة الحالية.

وبينما تتراكم الديون -بطريق مباشر أو غير مباشر- والتي جاءت في أعقاب “مساعدات” قدمتها دول الخليج لمصر قدّرها عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بـ”عشرات المليارات من الدولارات”، لازالت المشروعات العقارية وأبرزها العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة تبتلعان موارد ضخمة، رغم ما يثيره الخبراء من شكوك حول جدواها ومردودها الاقتصادي.

الاستثمارات في المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة تراوحت ما بين 700 إلى 800 مليار جنيه مصري حسب تصريحات كان قد أدلى بها اللواء أحمد زكي عابدين الرئيس السابق لشركة العاصمة في حين قالت بعض التقديرات إنها قد تصل في جميع مراحلها إلى 60 مليار دولار أي ما يصل حسب الأسعار الحالية للدولار إلى 1200 مليار جنيه.

كل ذلك بعيدًا عن المشروعات الخدمية المحيطة بالعاصمة الإدارية مثل القطار الكهربائي السريع والمحاور المؤدية لها، وأكبر مسجد وأكبر كنيسة وأكبر برج أيقوني، وبعيدًا أيضًا عن تكاليف مدينة العلمين الجديدة التي وصلت إلى نحو 250 مليار جنيه بلغت تكلفة إنشاء 5 أبراج فقط بها نحو 30 مليار جنيه حسب وزير الإسكان عاصم الجزار.

“درب” سألت عددٍ من الخبراء والمختصين، حول جدوى هذه المشروعات العقارية؟ وهل يمكن للقطاع العقاري أن يقود اقتصاد دولة؟ وماذا لو انفقت هذه الأموال على التعليم والصناعة والزراعة؟

🛑 الخبراء عايزينها خرابة؟!!

مع ضغط الأزمة الاقتصادية مؤخرًا تعالت الأصوات المطالبة بمراجعة “جدول الأولويات” في الإنفاق، وشدد عدد من المهتمين بالشأن المحلي على أنه يكفي ما تم إهداره في مشروعات بلا عوائد مرتقبة في ظل أوضاع خانقة، غير أن عددٌ من الإعلاميين المحسوبين على النظام انبرى للدفاع عن تلك المشروعات متهمين المطالبين بذلك بأنهم “عايزين البلد تبقى خرابة وضلمة”.

لكن، هل هؤلاء الخبراء بالفعل “عايزين البلد تبقى خرابة وضلمة” أم أن ما يقدمونه هو محاولة لمراجعة الأولويات وتصحيح المواقف قبل أن تزداد الأمور سوءًا؟.

يقول الدكتور زهدي الشامي، الباحث الاقتصادي، في حديث مع “درب”، “مازالت ما تسمى بالعاصمة الإدارية الجديدة ومعها كذلك العلمين الجديدة تستقطبان اهتمام الشعب المصري، خاصة في ظل ظروف أزمة اقتصادية خانقة نستشعر جميعا صعوبتها، بينما لاتُبدي الحكومة أي نية لمراجعة جدية لخططها التي سارت من الأصل في الاتجاه الخاطئ بإنفاق أموال طائلة على مشروعات غير منتجة، في مقدمتها هاتين المدينتين وما يرتبط بهما من خدمات ومرافق”.

ويضيف الشامي “كم تبلغ تكلفة كل ذلك التبديد والهدر؟  الأرقام غير منضبطة لأنه كثيرًا ما نجد تضاربًا وأيضا تعمية، ولكن أقرب التقديرات للواقع هي تصريحات اللواء أحمد زكي عابدين الرئيس السابق لشركة العاصمة الإدارية، والتي قدر فيها تكلفة المرحلة الأولى للعاصمة بـ ٨٠٠ مليار جنيه، وهو متوافق مع ما كان ذكر في البداية بتقدير التكلفة بـ ٤٠ مليار دولار،  فإذا أضفنا لذلك تكلفة العلمين الجديدة ٢٥٠ مليار جنيه، ثم القطارات الثلاثة السريع والكهربائي و المونوريل، وهي تتجاوز ٥٠٠ مليار جنيه، فإن التكلفة الإجمالية لذلك كله تتجاوز تريليون ونصف تريليون جنيه وهو مبلغ هائل استنزف كل ماهو متاح للتنمية الحقيقية الجادة”.

ويستكمل الدكتور زهدي الشامي “وبالمقارنة لما يتم توجيهه للقطاعات الإنتاجية تكتشف أن ما هو موجه للإنتاج مبالغ هزيلة للغاية.. بلغت الاستثمارات الموجهة لقطاع الزراعة وفق بيانات وزيرة التخطيط مليار جنيه فقط عام ٢٠١٩ – ٣٠٢٠ ووصلت إلى ٤٣ مليار جنيه في العام التالي ثم إلى ٧٣.٨ مليار بنسبة ٥.٩ % فقط من إجمالي الاستثمارات في عام ٢٠٢٢- ٢٠٢٢ . طبعا الرقم هزيل وبعيد للغاية عن تريليونات المدن الجديدة.. ولا يبدو حظ الصناعة أفضل من حظ الزراعة، فقد بلغ الاستثمار في الصناعة وفق بيانات وزيرة التجارة والصناعة ٤٩ مليار جنيه فقط  في عام ٢٠٢٠”.

ويسترسل الشامي “إن النتيجة المنطقية لذلك هي التراجع النسبي الواضح للناتج الزراعي والصناعي، ويتجلى ذلك في استمرار العجز الكبير في الميزان التجاري نتيجة ضعف الصادرات السلعية وزيادة الواردات السلعية، ويقدر عجز الميزان التجاري السلعي بما يتجاوز ٤٠ مليار دولار، كما تعاني مصر كما هو معروف من ضعف الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ويتجلى ذلك في ارتفاع فاتورة واردات السلع الزراعية إلى ١٠.٤ مليار دولار في عام ٢٠٢١، إضافة إلى ٦.٧ مليار أخرى من الصناعات الغذائية”.

ويشدد الشامي على أن مصر تحتاج بشدة فى ظل الأزمة الراهنة لتجميد الانفاق في تلك المشروعات الترفيهية وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، وليس المكابرة والاستمرار في نفس الطريق الخاطئ، وأن تعيد ترتيب الأولويات في اتجاه الإنتاج زراعة وصناعة والعلم والتعليم والتكنولوجيا والصحة، وبدون ذلك ستتعقد الأزمة الراهنة أكثر وأكثر.

يتفق مع ذلك الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني الذي يقول إن الديون قيدًاً على عملية التنمية حيث تخضع الدولة المدينة لشروط الدول والهيئات المانحة فلا يوجد من يعطي قروضا ً بدون شروط.وعادة تغل الديون يد صانع السياسة الاقتصادية وتشكل عبئًاً على التنمية وليس دعمًاً لها.

يشير الميرغني إلى أن تمويل التنمية في معظم دول العالم يتم عن طريق الضرائب العامة وعوائد الصادرات الزراعية والصناعية وعوائد قطاع الخدمات وليس من الممكن -من حيث المبدأ- أن تحدث التنمية المنشودة عبر الإغراق في سياسة الاقتراض.

ويلفت الباحث الاقتصادي النظر إلى أن حجم الديون المحلية بلغ في يونيو عام 2010 حوالي 808.4 مليار جنيه والديون الخارجية 33.7 مليار جنيه وبلغت خدمة الديون المحلية والخارجية 3.711 مليار جنيه. واستمرت نفس السياسة حتى عزل محمد مرسي في يونيو 2013 حيث بلغت ديون مصر المحلية 1.4 تريليون جنيه وديون مصر الخارجية 43.2 مليار دولار وخدمة الدين 218.3 مليار جنيه. وبذلك ارتفعت ديون مصر ما بين 2010 و 2013 خلال حكم المجلس العسكري والإخوان المسلمين 635.7 مليون جنيه كديون محلية و9.5 مليار جنيه ديون خارجية كما ارتفعت ويتابع الميرغني ثم جاء الرئيس السيسي في يونيو 2014 واعتمد على الديون المحلية والخارجية معًا في تمويل التنمية والمشاريع الكبري التي بدأ فيها وقفزت الديون بشكل ضخم حيث وصلت الديون المحلية في يونية 2020 إلى 4.3 تريليون جنيه والديون الخارجية إلى 123.5 مليار دولار مع فرق التعويم حيث كانت قيمة الدولار حتى 2016 تتراوح ما بين 6 – 8 جنيهات ووصلت بعد اتفاق الصندوق إلى 18 جنيهًا ثم انخفضت إلى 16 جنيهًا في عام 2021. وارتفعت أعباء خدمة الديون الي تريليون جنيه ما بين أقساط وفوائد، ثم ارتفعت الديون الخارجية مؤخرًا إلى 158 مليار دولار.

يؤكد الميرغني على أن هناك “فرق كبير بين الاستدانة لتمويل مشرعات إنتاجية ستدر عائدا سريعًا يمكن منه سداد الديون وبين الاستدانة لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية أو الإنفاق على مشروعات الطرق والكباري والأنفاق والقطار المعلق، أو الانفاق العقاري الذي يعد -في أفضل أحواله- استثمارًا طويل الأجل ولا يسمح بتوفير أعباء خدمة الديون.. لذلك يصبح سداد الأقساط والفوائد عبئًاً ثقيًلاً على الاقتصاد المصري وقيدًاً على الاستثمار في مختلف المجالات”.

🛑 لكن.. هل يُمكن للقطاع العقاري أن يقود الاقتصاد؟

طرحت “درب” هذا السؤال على الباحث الاقتصادي المعروف، رائد سلامة، الذي قال “يتوقف ذلك على نظرتنا للاقتصاد، قطاع العقارات بالأساس هو قطاع خدمي وليس إنتاجي بالمفهوم الشامل، وبالتالي إذا نظرنا إلى هذا القطاع باعتباره المصدر الرئيسي للدخل القومي مع وضع كل التركيز عليه فربما لا يحقق هذا الهدف المطلوب”.

يضيف رائد سلامة “ما يردده البعض عن تحقيق دول الخليج لطفرة اقتصادية بسبب قطاع العقارات ليس دقيقا، لأن دول الخليج لم تُحدث تلك الطفرة اعتمادا فقط على العقار، العقار كان جزءًا من مجموعات مكونات من ضمنها نقل التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، أخذًا في الاعتبار أن مكونات المجتمع المصري تختلف تمامًا عن أي مجتمع خليجي، والموارد (بمفهومها الشامل) كذلك مختلفة، وبالتالي لا يجب النظر للمسألة باعتبار أن ما نجح هناك يمكن أن ينجح هنا، الوضع المصري مغاير عن الوضع الخليجي حتى التركيبة الديموغرافية مختلفة تماما، والمقارنة لا تصح ولا تجوز”.

ونبه الباحث الاقتصادي رائد سلامة إلى أن “حالة الركود التضخمي التي يعاني منها العالم حاليا قد تعني أنه لن يكون هناك ضخ لأموال أجنبية في قطاع العقارات كما يتصور البعض، وبالتالي حتى إذا نظرنا إلى أسعار قطاع العقارات التي تعتبر مرتفعة نسبيًا فهذا يجعله ليس مصدرًا موضوعيًا وعمليًا للدخل”.

تواصلت “درب” مع أحد خبراء الهندسة لعلها تصل إلى إجابة حول سؤالها عن قيادة العقار للاقتصاد وهل هو بهذه الأهمية التي يحاول البعض تأكيدها لتبرير المشروعات التي التهمت الموارد.

الخبير الهندسي الذي فضل عدم ذكر اسمه قال “مفيش مدينة بتتعمل ويكون هدفها في المقام الأول تحقيق عوائد اقتصادية، المدينة بتتعمل علشان تقوم بذاتها وتنفق على نفسها وتوفر خدماتها بنفسها، ويكون فيها قاعدة اقتصادية، ففكرة إنك بتعمل مدينة علشان تجيب فلوس هو دا الخطأ، وربما كان ذلك هو الهدف غير المُعلن لكنه مع ذلك يبقى خطأ”.

ويضيف “المُدن حاليًا في مصر يتم التعامل معها بمنطق تجاري، تقسيم أراضي ثم بيع لشركات ومستثمرين ثم بناء وحدات سكنية ثم طرحها على المستهلكين، ودا مردوده على المدى القصير -حتى في حال نجاحه- فلن يحقق العوائد المرجوة، وفي نفس الوقت (مش دورك كدولة إنك تعمل كدا، إنت دورك إنك تبدأ بقاعدة اقتصادية تُدر دخلا للدولة على المدى البعيد، وحول هذه القاعدة الصناعية أو إلى جوارها تقوم المُدن)”.

ويوضح “المشكلة الحالية في بعض المُدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة أنها ليست لها قواعد اقتصادية، وبالتالي يصعب مع ذلك -حتى الآن- التحدث عن تحقيق عوائد بعيدة المدى، مفيش أبدًا مدينة بتقوم على الخدمات فقط، وهي في هذه الحالة -يقصد العاصمة الجديدة- خدمات المدينة فقط، هي ليست حتى خدمات إقليمية لها دور في المنطقة العربية.. نقل القطاعات الإدارية والوزارات من القاهرة إلى العاصمة الإدارية هو بمثابة (نقل خدمات) وبالتالي مفيش مدينة تقوم على نقل الخدمات فقط”.

ويسترسل الاستشاري الذي فضل عدم ذكر اسمه قائلا “المُدن عادة تقوم على الصناعة أو التجارة أو الزراعة أو أي من المشاريع الإنتاجية أو الصناعات، لكن مفيش مدينة بتقوم على خدمات المدينة، يعني على سبيل المثال، أنا النهاردة انتقلت إلى العاصمة الإدارية الجديدة مع أسرتي هشتغل إيه علشان أستفيد بالخدمات المقدمة هناك، هل العاصمة أنشئت فقط للعاملين في الوزارات التي ستنتقل إليها، يفترض أن الإجابة هي لا، وبالتالي فإن السؤال ما هو العمل أو الوظيفة التي سيتم توفيرها للمواطن العادي لكي ينتقل إلى العاصمة؟”.

يتفق ذلك مع ما كان قد قاله الدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، إذ قال في حوار تلفزيوني إن “مشروع العاصمة الإدارية لم تتم له دراسة جدوى، أنا بنفسي رجعت إلى كل مواقع الإسكان الاجتماعي وهيئة التخطيط والعمراني ورجعت للوثائق الحكومية ومنها رؤية 2030 ، وتحدثت مع خبراء التخطيط العمراني الذين يتابعون هذا الملف وشاركوا فيه ولم أجد أثرًا لهذا الموضوع”.

حول تخوفه من العاصمة الإدارية كان قد شرح الدكتور جودة عبدالخالق ذلك حين استكمل قائلا “عدة أمور تدفعني للتخوف من هذا المشروع، أولها الحرص على معالجة آثار النزيف الاقتصادي الداخلي وعلى وجه التحديد السيطرة على عجز الموازنة ذلك يدفعني إلى التركيز على التوازن الكلي في الاقتصاد.. والذي يعني التوازن بين العرض الكُلي للسلع والخدمات في كل القطاعات، من جانب، والطلب الكلي للسلع والخدمات من جانب آخر.. إذا اختل هذا الميزان يحدث الاضطراب سواء من حيث الأسعار والتضخم أو حياة الناس بشكل عام”.

وإذا كان مشروع العاصمة الإدارية ويلحق به مشروع العلمين الجديدة لم يحصلا على حظهما من الدراسة، وفق تأكيد الخبراء، ولن يحققا العوائد المرجوة منهما وفق تقدير خبراء آخرون، وإذا كان الرأي الأرجح عند البعض أن القطاع العقاري ارتكازًا على “الخدمات” من المستحيل أن يقود اقتصاد دولة فإن السؤال يظل قائمًا.. هل بالفعل تم تمويل هذه المشروعات من خارج الميزانية ولم تُكلف الدولة مليمًا واحدًا؟

هذا ما نطرحه في الحلقة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *