“العيش والحرية”.. حلم تأسيس الحزب اليساري الوليد يصطدم بعبثية دعوى الحل

كتب- محمود هاشم:

تصدر دائرة الأحزاب السياسية في المحكمة الإدارية العليا، السبت، حكمها في دعوى تطالب بحل حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، في الوقت الذي تتصاعد حملات التضامن مع الحزب دفاعا عن حقه في التنظيم والمشاركة السياسية، خاصة في ظل إقامة الدعوى ضد الوكيل السابق لمؤسسي الحزب المحامي خالد علي، المستقيل منذ أكثر من 3 أعوام، وإغفال الوكلاء المؤسسين.

الدعوى – التي تحمل رقم 70196 لسنة 66 قضائية – التي رفعها المحامي سمير صبري، في شهر فبراير من العام 2018، أقيمت ضد خالد علي ورئيس لجنة الأحزاب السياسية، وأغفلت وكلاء مؤسسي الحزب الحاليين إلهام عيداروس وسوزان ندا وموسى أبو قرين، الذين تقدموا بطلب لتدارك الإغفال بهدف التدخل في الدعوى، أمام محكمة القضاء الإداري، التي أجلت نظره إلى 17 يوليو المقبل، أي بعد ما يقارب شهر من صدور حكم دائرة الأحزاب السياسية بالفعل.

إغفال الوكلاء المؤسسين.. مؤشر قلق

الحزب، الذي بدأ مشروع تأسيسه منذ 7 سنوات، دعا كافة الشخصيات والمنظمات والأحزاب الديمقراطية إلى التضامن مع حقه في المشاركة السياسية وتأسيس حزب شرعي، وقال إن المحامي سمير صبري – الذي وصفه بأنه “أحد الأشخاص المعتادين على إساءة استخدام حق التقاضي بغرض ملاحقة الشخصيات والتنظيمات المعارضة والمستقلة” – أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، على غير ذي صفة بما أن المطعون ضده الأول (خالد علي) استقال منذ فبراير 2018.

وتم تداول القضية بالجلسات أمام هيئة مفوضي الدولة ومحكمة القضاء الإداري، التي قضت بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الأحزاب السياسية)، بعد تكييف طلب المدعي باعتباره طلب حل حزب سياسي، وقررت المحكمة الإدارية العليا حجزها للحكم اليوم.

وقال الحزب إن محكمة القضاء الإداري أغفلت في حكمها بعدم الاختصاص والإحالة طلب تدخلهم في القضية، رغم أنهم الممثلون القانونيون لجماعة مؤسسي الحزب ومن واجبهم الدفاع عن إرادة المؤسسين، كاشفا عن أنه تم تقديم الدفوع التي تبين أن هذه القضية مهترئة قانونيا من كافة النواحي.

القضية – بحسب العيش والحرية – ليست الوحيدة التي يقيمها نفس الشخص ضده، فقد تقدم ببلاغ للنائب العام ضد مؤسسي الحزب يتهمهم فيه بتأسيس تنظيم عشوائي غير مشروع في العام 2017، وتم فيه التحقيق مع وكلاء المؤسسين الثلاثة في أكتوبر ونوفمبر من العام 2018، ولم تصدر النيابة العامة قرار بشأن هذا التحقيق حتى تاريخه.

وكيلة مؤسسي الحزب إلهام عيداروس، دعت الداعمين لحزب العيش والحرية ورافضي دعوى حله احتراما للحق الدستوري في التنظيم والمشاركة السياسية للتعبير عن موقفه قبل حكم المحكمة يوم السبت.

عدد من القانونيين يرون أن القضية “عبثية”، وليس من المفترض القلق بشأنها، بحسب عيداروس، إلا أن إحالتها من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا، بدلا من عدم قبول الدعوى منذ البداية، يعد مؤشر قلق بالنسبة لها، بالإضافة إلى السياق العام الذي يعد كل شيء فيه واردا، فضلا عن أن هذه ليست قضية ضد “العيش والحرية” ككيان من الشخص نفسه.

اضغط هنا

وتابعت: “العيش والحرية أقل جماعة يسارية موجودة حاليا على الساحة فيها أعضاء من جيل الستينات والسبعينات، لكن العدد المحدود منهم الموجود معنا أظن أنهم الأكثر انفتاحا ومرونة وقدرة على تقبل الروافد الجديدة للحركة اليسارية، من حقنا نكمل تجربتنا، وما يتقطعش عليها الطريق”.

اضغط هنا

واستطردت: “استكمالا للعبث دعوى الإغفال لسه منظورة وجلستها في 17 يوليو، والقضية الأصلية هيتحكم فيها يوم  19 يونيو”.

اضغط هنا

تقول سلمى شاش: “تحمست لدعوة تأسيس العيش والحرية في ٢٠١٣ عشان كنت ومازلت مؤمنة بضرورة وجود حزب يساري “جديد” بيقول خطاب مختلف عن العدالة الاجتماعية  والحقوق والحريات الشخصية وقضايا النوع وديمقراطية الدولة والمجتمع والتنظيم نفسه و”جديد” كمان في صياغة مشروع يساري بعد الثورة”.

وتضيف: “على مدار ٧ سنين اشتغلنا واتناقشنا واتخانقنا على التصور ده ازاي يتحقق. نجحنا في حاجات وأخفقنا في حاجات. وزي اي تجربة حية كان في محطات محبطة وصعبة ودايما بنواجه أسئلة صعبة. بس مع الوقت العيش والحرية مبقاش “مشروع” مقتنعة بيه لكن “مشروعي” السياسي والشخصي، وأكتر مكان بتعلم منه وفيه وأكتر مكان مهتمة اتخانق جواه واتخانق عشانه، العيش والحرية مهدد إنه يتحل يوم ١٩ يونيو. من حقنا نؤسس حزب بدون استهداف وبدون شروط تعجيزية”.

التنظيم حق دستوري

رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد، أكد مساندة حزب العيش والحرية فى الدعوى المقامة ضده، مؤكدا أن الحق فى التنظيم حق دستورى أصيل، وإن “العيش والحرية” مارس هذا الحق فى إطار القانون والدستور، وقدم نموذجا مشرفا لدور الحزب السياسي المعارض الذي يسعى لبلورة حلول وبدائل لما تواجهه مصر من أزمات، وبناء جسور مع قوى اجتماعية متنوعة والتعبير عن همومها والدفاع عن قضايا الحريات والقضايا  الوطنية، ولعب دورا ملموسا فى الحياة السياسية والحزبية على محدويتها.

وتابع: “العيش والحرية تحت التاسيس واجه ما تتعرض له الأحزاب المؤسسة من تقييد نتيجة إغلاق المجال العام، وغياب الشروط المناسبة لقيام الأحزاب بأدوارها”.

وأضاف: “التحالف الشعبى الاشتراكى أكد فى أكثر من مناسبة أن مصادرة الحريات أدت إلى انكماش وتراجع الحياة الحزبية، وأن كل تجريف للمجال السياسى يخلق فراغا تنمو فبه جماعات الإرهاب وفرص الفوضى والانفجارات، وأن التوجه لحصار وحل الأحزاب يضر بمصالح الشعب والوطن”.

واختتم الزاهد: “التحالف يطالب بإلغاء دعاوى الحسبة التى تستخدم للترويع والتكفير والإرهاب وتقييد الحريات، ويطالب بتعديل التشريعات بما يفتح النوافذ لتعزيز الحريات”.

أمين عام مجلس الأمناء بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلهامي الميرغني، بدوره أكد دعم الحزب وتضامنه مع الزملاء في حزب العيش والحرية ضد القضية المرفوعة للمطالبة بحل الحزب، مؤكدا أن حرية التنظيم حق تكفله المواثيق الدولية والدستور والقانون، وأضاف: “أدعم تأسيس حزب العيش والحرية”.

المرشح الرئاسي السابق ومؤسس حزب “تيار الكرامة” حمدين صباحي، عبر عن تضامنه مع “العيش والحرية”، مقدما “كل التحية والدعم لمناضليه المؤسسين ولحقهم الدستوري في التنظيم بدون تضييق ولا ملاحقات أمنية أو إدارية أو جنائية”.

القيادي في حزب الكرامة المهندس عبدالعزيز الحسيني، شدد على حق مصر ان يكون فيها حزب من أجل العيش والحرية، وحق مؤسسيه أن يكون لهم حزب يعبر عن أهدافهم الوطنية والتقدمية.

اضغط هنا

وأوضح الحسيني أن حق التنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي والمدني من الحقوق التى كفلها الدستور المصرى والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة المصرية ويجب على السلطات الثلاث فى مصر الالتزام بها والسعى الجاد لتطبيقها، وأردف: “نأمل الموافقة القانونية على الحزب، ورفض كل سعي يناقض هذا الحق”.

محطة جديدة في قطار اليسار

يحكي العضو المؤسس بـ”العيش والحرية” عماد عطية عن تجربته داخل الحزب، قائلا: “لم يكن قراري أواخر عام 2013 بالانضمام لمساعي تأسيس حزب العيش والحرية قرارا سهلا، بل على العكس يمكن وصفه بأنه من أصعب القرارات اللي اتخذتها في حياتي السياسية، وخصوصا أني كنت أعلم تماما أنها المحطة الأخيرة بالنسبة لي”.

ويضيف: “كنت قد عملت كثيرا في العقد السابق على ثورة يناير على مشروع “وحدة اليسار”، خرجت تدريجيا قبلها بسنوات من قوقعتي الحزبية الصغيرة، واقتربت أكثر من معظم التجمعات / الحركات / التنظيمات اليسارية الموجودة، حوارات وكتابات وعمل مشترك متنوع، ثم شاركت مع رفاق آخرين في اطلاق مبادرات تعمل على إيجاد أشكال تنظيمية تجمع كل أطياف اليسار”.

يتابع عطية: “جاءت الثورة وتجربتي مع حزب التحالف الشعبي، والتي كانت بشكل أو بآخر تجسيدا لهذه الفكرة، حزب اليسار الواسع، تجربة غنية بكل المقاييس في سنوات الثورة الاستثنائية، أعتز بها وبما أتاحت لي من معرفة أكبر بمصر التي جبت محافظاتها من أقصى الجنوب لأقصى الشمال ضمن جهود بناء التنظيم، والأهم بالصداقات والمعارف الجميلة التي شرفت بها خلالها”.

ويستدرك: “لكن لكل شئ آخر كما يقولون. كانت الظروف تتغير، وأنا أتغير معها. وكما أشرت أكثر من مرة، كان حماسي لفكرة “توحيد اليسار” يتراجع مع مراجعة مفهوم اليسار والاشتراكية أصلا في هذا العصر. الدنيا بتتغير واليسار مينفعش يفضل على قديمه، والخلاصة أني أصبحت أكثر اقتناعا بأن المسالة لم تعد توحيد اليسار، نحن في حاجة لأفكار جديدة وأشكال تنظيمية جديدة، بل لإعادة تأسيس لليسار إن شئنا الدقة، وأن هذه مهمة الأجيال الجديدة من اليساريين، لذا كان انضمامي لجهود بناء حزب العيش والحرية، ضمن مجموعة رائعة من الرفاق، أثق في قدرتهم على أداء دور مهم ومؤثر في هذه المهمة الشاقة، رغم الظروف التعيسة التي نعيشها، ويعلمها الجميع”.

وتقول عبير الصفتي، العضوة بالحزب: “انضمامي لحزب العيش والحرية كان أول مشاركة حزبية لي، ورغم أنني كنت ضد فكرة الأحزاب، لكنني وجدت هذا المكان متوافقا مع حلمي، العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لم تكن هذه الكلمات مجرد شعار للحزب فقط، لكنني وجدت أشخاصا يقدمون كل ما في وسعهم، ويبذلون كل جهودهم لتحقيق العدالة والمساواة”.

دعوة للتدوين عن العيش والحرية

وتضيف: “الطلاب والعمال والناس البسيطة الغلبانة، وحق كل إنسان مهدور حقه لمجرد أنه بينتمي لطبقة أقل من متوسطة أو فقيرة أو بينتهَك لأنه بينتمي للأقليات وحتى متضامنين ويدافعون عن كل مظلوم حتى لو ضد آرائهم، أنا لي الفخر والشرف أنني عضوة في حزب العيش والحرية”.

تجربة العضوة في المجلس الأعلى للنوبة، والمرشحة السابقة في انتخابات مجلس النواب وفاء عشري،  مع حزب العيش والحرية بدأت من قبل ما أن تصبح عضوة مؤسسة به، حيث تقول: “بحكم نشاطي في العمل المدني بأسوان تقابلني قضايا سواء جهوية أو نسوية أو عمالية، لم أكن أتردد لحظة في التواصل مع أصدقائي في الحزب، والذين تعرفت عليهم في ٢٠١١، حينما ترشحت في انتخابات مجلس النواب في 2015، ولم أكن عضوة معهم، لكنهم بشكل شخصي كانوا يقدمون الدعم، لقد رأيت في العيش والحرية تجربة مختلفة.

وتابعت: “عايشت اهتمام أعضاء الحزب بقضايا ومشاكل الأطراف والقضية النوبية بقدر اهتمامهم بمشاكل العاصمة، وجدت نفسي داخل هذا الحزب  اليساري مع الرفاق، أجتهد معهم من أجل تجربة مختلفة، اللامركزية بداخلها لأبعد الحدود، والأهم محاولتنا المستمرة للاشتباك مع القضايا اللي تهم الناس في الشارع وليس في غرف مغلقة، تجربتنا مختلفة وهانكملها”.

يمنِّي “العيش والحرية” وداعموه أنفسهم برفض الدعوى، ومنحه حقه الدستوري في المشاركة السياسية ومنع التضييق والملاحقات، مع  الخروج إلى النور كحزب اشتراكي شرعي وعلني وفقا لقانون الأحزاب، بعد ما يقارب 7 سنوات من العمل على تأسيسه، مؤكدا أن العمل على تأسيس الحزب لا ينفصل عن مشاركة أعضائه الفعالة في الحملات والفاعليات الساعية للدفاع عن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحق في المواطنة.

ويستكمل: “يدفع عدد كبير من زملائنا ثمن نضالهم ودورهم الإيجابي في المجتمع شهور وسنوات من أعمارهم في السجون باتهامات ظالمة وملفقة، وسنستمر في الدفاع عن حقنا ومشروعنا بكل السبل المشروعة، ونأمل في أن تقضى المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول دعوى حل الحزب صونًا للمشروعية واحترامًا للدستور والقانون”.

عمرو عبدالرحمن، العضو المؤسس في الحزب، يقول: “اختيارنا تأسيس حزب علني وفقًا لقانون الأحزاب القائم لم يكن محض موائمة مع السياق القانوني، بقدر ما كان اختيار لصيغة واقعية في هذا الوقت اللي بدأنا فيه واللي كان يتسم بحرية نسبية أوسع بكتير مما عليه الحال الآن”.

ويضيف: “لما مجال حركتنا بدأ يضيق سريعًا ازداد تمسكنا بهذه الصيغة، لأننا أدركنا أننا ندافع هنا عن آخر ما تبقى من مكاسب انتزعها جمهور المستغلين والمهمشين المصريين بدمائهم، وهي بضعة نصوص دستورية وقانونية تضيق بها المجموعة الحاكمة النهاردة حتى في ظل انصراف الناس عن الحياة العامة زي ما قلنا، أعتقد إننا أدركنا سريعًا إن تخلينا عن هذه المعركة القانونية حيكون معناه أننا ساهمنا بشكل ما في هزيمة جديدة، وخذلنا رفاقنا اللي بيدفعوا تمن محاولتنا من عمرهم في السجن، فكان خيارنا الاستمرار للنهاية لأننا مش حننسحب مجانًا وبدون معافرة”.

اضغط هنا

“أحسب أننا حاولنا وما زلنا نحاول، وعلى الطريق فقدنا رفاق في السجون، وآخرين للمنفى الإجباري، وآخرين لبراثن الإحباط واليأس، ولكن في كل المحطات الصعبة كنا نتسم بالشجاعة، شجاعة مواجهة النفس بالأسئلة الصعبة وشجاعة التصدي لمهمة تشكيل بديل اشتراكي لعصرنا، أصبنا وأخطأنا، ولكن لم نفقد شجاعتنا تلك في أي لحظة”، يواصل عبدالرحمن.

ويستكمل: “يوم ١٩ يونيو القادم، القضاء الإداري ينظر في بلاغ كيدي ضدنا يعد بدعة سيتحاكى عنها القانونيون طويلًا، وهو بلاغ يطالب المحكمة بحلّ حزب غير مؤسس أصلًا، مقدم البلاغ عايز يحلّ حزب هو قانونًا لسة مش موجود، ولكم الحكم على هذا الأمر العبثي، 

بتضامنكم معنا، حتبقوا شركاء في أحد معارك الديمقراطية في مصر،  معركة صغيرة، وقد تبدو هامشية للكثيرين في الظرف العام المظلم، ولكن كمان سنين – الله أعلم حتكون قد إيه – حيفتكر آخرون هذه المعارك الصغيرة، اللي كانت تبدو يائسة، بوصفها كانت ضرورية لحفظ بعض الخنادق اللي حتخرج من رحمها تيارات ديمقراطية ويسارية جديدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *