رحلة البحث عن “كيلو رز”.. الحكومة تحمل “جشع التجار” المسئولية.. ومواطنون: مش لاقيينه حتى بالغالي.. و”البقالة” جانب أخر للأزمة
رئيس شعبة المواد الغذائية: الحل خلال أيام مع ضخ كميات كبيرة في المجمعات الاستهلاكية ومواجهة “جشع التجار”
الحكومة تقر قانونا جديدا لمعاقبة أي تاجر أو شخص يخفي الأرز أو يرفع أسعاره بالسجن والغرامة.. والأزمة مستمرة بعد 3 أسابيع
مسئول الشعبة: الحكومة توفر حوافز للفلاحين.. وجودة عبد الخالق: أسعار التسليم تظلم الفلاح أقل 40% من التجاري
صاحبة محل بقالة: غياب الرز ساهم في زيادة الخسارة.. وبنلف على الجملة مش لاقيين
مطالب بطرحه للبيع في بورصة السلع الغذائية لضبط الأسعار ومواجهة إخفائه وتوفيره في الأسواق
كتب- درب
“رحلة البحث عن كيلو رز تشبه البحث عن ممنوعات”.. هكذا وصف أحمد عبد العليم، موظف في شركة إنشاءات زراعية يبلغ من العمر 56 عاما، رحلته للبحث عن أرز للطعام، خلال الأيام الماضية، فيما لا يوجد الأرز في أي من المحلات “ألا ما ندر”.
خلال الأيام الماضية، تصاعدت أزمة عدم وجود الأرز في الأسواق والمحال التجارية، فيما اشتكى مواطنون عبر وسائل مختلفة من غياب السلعة الأساسية على مائدة طعام المصريين، بينما تصدر الحكومة عقوبات وغرامات على الممتنعين عن تداوله، ولكنها يبدو أنها لم تؤتي بثمارها.
وقال عبد العليم، الذي تحدث لـ”درب”: “المشكلة ليست في سعره، مستعدين للشراء حتى لو وصل سعره إلى 20 جنيه، مثلما حدث مع السكر الذي بين ليلة والأخرى ارتفع سعره من 17 و18 جنيها إلى 22 جنيها، ولكن المشكلة الحقيقة في أنه ليس موجودا من الأساس في الأسواق”.
كثيرا ما وجهت الحكومة المصرية اللوم في أزمة الأرز على التجار، سواء من خلال متحدثين رسميين أو مسئولين في الغرف والقطاعات المختلفة، مشيرين إلى أن المشكلة في “احتكار بعض التجار للسلعة حتى يزيد سعرها في الأسواق”.
حيث قال عبد المنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين، إن مشكلة الأرز “ما هي إلا مجرد افتعال أزمة من بعض التجار بإخفاء الأرز لزيادة سعره، في حين أنه يباع في التموين بـ10.5، وفي المجمعات الاستهلاكية بـ13 و14 جنيهًا”.
وهذا ما دفع الحكومة إلى إقرار مشروع قانون بشأن اعتبار سلعة “الأرز” من المنتجات الاستراتيجية في تطبيق حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 181 لسنة 2018، ويحظر حبسها عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخري.
ووضح القانون عقوبات المخالفين، حيث يعاقب كل من يخالف بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز مليوني جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، وفي حالة العودة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها، وفى جميع الأحوال، تقضي المحكمة بالمصادرة، وينشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة المحكوم عليه.
ولكن هذا القانون لم يحل أزمة اختفاء السلعة الاستراتيجية وهو ما ظهر جليا خلال الأيام الماضية من عدم قدرة المواطنين من الوصول إليه. فيما أشار آخرون تحدثوا إلى “درب”، إلى أن الأرز قد يكون موجودا في منافذ البيع والمحلات الكبيرة في المولات الشهيرة، ولكن مع إلزام كل شخص بعدد معين من الأكياس لا يزيد عنه.
من جانبه، قال حازم المنوفي، رئيس شعبة المواد الغذائية والبقالة والعطارة، في تصريحات لـ”درب”، إنه من المقرر أن تنتهي أزمة الأرز خلال أيام قليلة، بعد قيام الحكومة بضخ كميات كبيرة من الأرز في المجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة عن الأسواق بكثير وبجودة عالية.
وأضاف المنوفي: “الحكومة تحاول جاهدة مواجهة عملية احتكار الأرز أو حجبه عن البيع، من خلال عمليات تحفيز للفلاحين لتسليم ما لديهم من أرز في المخازن للحكومة حتى نتكمن من إعادة بيعه للمواطنين، وأيضا من خلال تخويف تجار الأزمة وفرض العقوبات والغرامات على المتلاعبين”.
وفيما يرى حازم المنوفي أن الحكومة تقوم بتحفيز الفلاحين لتسليم الأرز، يرى الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق، إن الحكومة بقرارها حول توريد الأرز من الفلاحين، حرمتهم من أي بديل وفرضت المزيد من الأعباء عليهم ما يعادل ضريبة قدرها 40%.
وقال عبد الخالق، إن هناك فلاحين أراضيهم لا تساعدهم على الإنتاج، وإلزامهم بتوريد طن أرز وضعهم في مأزق، كما أن السعر المخصص من الحكومة للفلاح بـ6500 جنيه للطن، في حين أن القطاع الخاص يورد الطن بـ10 إلى 12 ألف جنيه، ما يوضح أن الحكومة حرمت الفلاح من بديل، بما يعادل فرض ضريبة على الفلاح بحوالي 40%.
وأضاف الوزير السابق، أنه على الرغم من أن إنتاج الدولة المصرية من الأرز يبلغ 5 ملايين طن سنويًا، فيما يستهلك المصريون نحو 4 ملايين طن، وهناك فائض نحو مليون طن، وهناك قرارا بمنع تصدير الأرز ومن المفترض حدوث اكتفاء ذاتي، إلا أنه رغم ذلك هناك تهريب للأرز على نطاق واسع.
فيما عاد وطالب حازم المنوفي، رئيس شعبة المواد الغذائية، بطرح الأرز ضمن التداول ببورصة السلع المصرية، في محاولة لضبط الأسعار وحل الأزمة الحالية. حيث قال إن “على الحكومة أن تتدخل بقوة لضبط أسعار الأرز، لأنه سلعة استراتيجية، وأيضا لمواجهة التجار الذين يحاولون احتكار الأغذية وتخزينها وحجبها عن المواطنين”.
جانب أخر كشفته أزمة غياب الأرز عن الأسواق، وهي خسائر صغار البائعين “محلات البقالة”، وذلك بسبب عدم وجود سلعة أساسية في البيع اليومي لديهم وهي الأرز، إلى جانب ارتفاع أسعاره مع بقاء هامش المكسب كما هو.
وتقول صاحبة إحدى محلات البقالة في إمبابة، لـ”درب”: “بقالنا أسبوع نبحث عن الأرز في مختلف محلات الجملة دون فائدة، الأرز والسكر والمكرونة وكل هذه السلع هي وراء المكسب الحقيقي في البقالة، فإذا اختفت سلعة، قل البيع، وقل الربح أيضا”.