بسبب السياسات النقدية المتبعة منذ 2016.. ميدل إيست آي: فقراء مصر يواجهون المزيد من المصاعب بعد تخفيض الجنيه وارتفاع أسعار الغذاء
التقرير: تزايد وتيرة إيذاء النفس كأداة للاحتجاج على المصاعب الاقتصادية في مصر في السنوات الأخيرة
كتب – أحمد سلامة
سلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على التدهور الاقتصادي في مصر، حيث أدى الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه الأسبوع الماضي إلى جعل ملايين المواطنين الفقراء يتساءلون عن كيفية تغطية نفقاتهم مع استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، كما ذكر الموقع.
وأضاف الموقع أنه “بينما تستعد مصر لاستضافة مؤتمر COP27 للأمم المتحدة حول تغير المناخ في شرم الشيخ يوم الأحد، حيث تنفق المليارات على الاستعدادات اللوجستية، فإن العديد من المواطنين أعربوا عن قلقهم من عدم كفاية الرواتب والدخول لتغطية النفقات خلال الأشهر المقبلة”.
ويقول مواطن يُدعى محمد بلال، عامل سكك حديدية يعيش في جزيرة الوراق بالجيزة، ويبلغ من العمر 41 عامًا، إن “الوضع صعب. كيف يمكنني إطعام طفلين وأمهم وأنا بهذا الراتب؟”.. ويضيف بلال، الذي يكسب 2500 جنيه (103 دولارات) شهريًا، لموقع Middle East Eye. إنه يعمل بالفعل في عطلات نهاية الأسبوع كمزارع مع ملاك الأراضي كقناة إضافية لكسب المزيد من المال. إنه يفكر في إخراج أطفاله من المدرسة وتشغيلهم.
وينقل ميدل إيست آي عن بلال قوله “كلما عدت من العمل ليلًا، أجد أشخاصًا رجالًا ونساء وأطفالًا، يقفون بجانب مكبات القمامة يصطادون الطعام. توقفت عن إصدار الأحكام، لأنني قد ينتهي بي الأمر بفعل ذلك. حتى أنني بدأت بإصدار تعليمات لزوجتي برمي أي طعام متبقي في صناديق سليمة في حال أكله أحد”.
ويشير الموقع في تقريره إلى أنه وبصرف النظر عن مأساة وقلق النزوح من منازلهم، فإن سكان الوراق مثلهم مثل ملايين المصريين الآخرين سحقهم السياسات النقدية التي تنفذها الحكومة منذ عام 2016.
ولفت الموقع إلى أنه خلال الأسبوع الماضي، خفضت الحكومة المصرية قيمة الجنيه بنسبة 15 في المائة قبل التوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي بشأن تسهيل تمويل ممتد بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا.
وعقب الإعلان، يضيف التقرير، قال البنك المركزي إنه عازم على تكثيف الإصلاحات الاقتصادية، وإنه “انتقل إلى نظام سعر الصرف المرن بشكل دائم ، تاركًا قوى العرض والطلب لتحديد قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى”.
وقال الموقع “أخبر المحللون موقع ميدل إيست آي، الأسبوع الماضي أن اتفاق مصر الأولي مع صندوق النقد الدولي قد يساعد في استعادة بعض ثقة المستثمرين في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، لكن التقدم الحقيقي يتوقف على رغبة القاهرة في متابعة الإصلاح”.
ووفقًا لمؤسسة “موديز” فإن مصر واحدة من خمس دول في العالم معرضة لخطر الفشل في سداد أقساط ديونها الخارجية ، التي تتجاوز 150 مليار دولار.. وفي أغسطس، قال بنك جولدمان ساكس إن مصر بحاجة إلى حوالي 15 مليار دولار من التمويل الخارجي لتتمكن من سداد ديونها، حسبما ذكر التقرير.
وتابع التقرير “لقد تضرر اقتصاد البلاد المثقل بالديون بالفعل بسبب الحرب في أوكرانيا وارتفاع الدولار الأمريكي. شهدت مصر حوالي 20 مليار دولار من التدفقات الخارجة من المستثمرين الأجانب هذا العام. كما أثرت الحرب على واردات القمح وتدفقات السياح من روسيا وأوكرانيا، وكلاهما تعتمد عليهما مصر إحدى أكبر مستورد للقمح في العالم”.
واستكمل “الصفقة الأخيرة هي المرة الثالثة التي تلجأ فيها مصر إلى صندوق النقد الدولي، بعد أن فعلت ذلك مرتين في السابق خلال السنوات الست الماضية. كانت المرة الأولى في عام 2016 ، عندما حصلت على تسهيل ائتماني بقيمة 12 مليار دولار لدعم برنامج طموح للإصلاحات الاقتصادية. كانت المرة الثانية عندما حصلت على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار للتخفيف من الأثر الاقتصادي لوباء كوفيد”.
وأردف “اقترنت صفقات صندوق النقد الدولي بإجراءات تقشف صارمة أدت إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والسلع الأساسية والمواد الغذائية، مما تسبب في مزيد من المعاناة لعشرات الملايين من الناس في بلد يعتمد ما يقرب من 70 في المائة من السكان البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة على حصص غذائية (بطاقات التموين)”.
واسترسل “ونتيجة للتخفيض الأخير لقيمة العملة، ارتفعت أسعار السلع الغذائية أيضًا، حيث تراوحت بين 5 و 7 في المائة في منتجات الألبان والأجبان، التي تعتمد على منتجات الألبان والزيوت النباتية المستوردة. ومن المرجح أن ترتفع النسبة مع الارتفاع المتوقع في أسعار جميع السلع الأساسية مثل اللحوم والأسماك والدواجن والبيض والأرز والعدس والفول والحبوب والسكر والبن والشاي”.
ونقل الموقع عن مواطنة تُدعى “سميرة” وهي ممرضة قولها إن حياتها تأثرت بشدة بشأن الدولار، مضيفة “مع استمرار ارتفاع الأسعار ، يتناقص دعم الحكومة”، ومشيرة في الوقت ذاته إلى أن جميع أفراد عائلتها قد حُرموا من بطاقة الحصص الغذائية، في حين أن الرسوم المدرسية وتكاليف المواصلات آخذة في الارتفاع”.
واختتم التقرير بالقول “تزايد وتيرة إيذاء النفس كأداة للاحتجاج على المصاعب الاقتصادية في مصر في السنوات الأخيرة.. حيث وسائل الإعلام المصرية تقريبًا كل شهر تقارير عن أشخاص ينتحرون بسبب الصعوبات الاقتصادية”.