إكرام يوسف تكتب لزياد العليمي عن: وجع “عقدة الناجي” في عيون رفاقه المخلى سبيلهم .. وكيف تحولت أسر المحبوسين إلى عائلة واحدة
الجدعان اللي خرجوا مكسوفين يفرحوا وأصحابهم لسة محبوسين.. وباحلم بمعجزة خروجك مع كل سجناء الرأي عشان نفرح من غير إحساس بالذنب
احنا وأسر المحبوسين بقينا عيلة بحب واهتمام حقيقيين.. بقى لنا سنين بنروح الزيارات وشايلين هم بعض من غير مجاملة ولا واجب اجتماعي
أم حسام مؤنس وزوجة هشام فؤاد بيكلموني كل يوم ويسألوني لو عاوزة حاجة.. وكل الشباب اللي خرجوا أهاليهم لسه بيسألوا
أبدت الكاتبة الصحفية إكرام يوسف أملها في خروج نجلها النائب السابق والمحامي الحقوقي زياد العليمي، وجميع سجناء الرأي، وتطرقت في الوقت ذاته إلى معاناة المفرج عنهم مما أسمتها “عقدة الناجي” لاستمرار حبس أصحابهم، معبرة عن امتنانها لأسر المحبوسين والمفرج عنهم لدعمهم بعضهم البعض
وكتبت إكرام، رسالة إلى نجلها، عبر حسابها على “فيسبوك”، اليوم الخميس، قائلة: “صباح الخير يا زياد.. يا رب تكون صحتك بقت أحسن دلوقتي، ويا رب تكون أنت وكل الطيبين اللي معاك بخير، ما تتصورش يا زياد قد إيه بتوجع نظرة الفرحة المطفية في عيون الجدعان اللي خرجوا، زي ما يكونوا مكسوفين يفرحوا كلهم يا حبايبي خارجين بيعانوا من “عقدة الناجي” إحساس عجيب بالذنب لأنهم خرجوا وسابوا أصحابهم في السجن حتى أهاليهم المستنيين الفرحة دي من سنين، مش عارفين يفرحوا”.
وأضافت: “الناس دي غيرت عندي مفهوم العيلة، الناس دول بقوا همه العيلة الحقيقية، بقى لنا سنين بنروح مع بعض الزيارة ونتناقش في الأكل اللي حنوديه، وشايلين هم بعض بجد مش مجاملة ولا واجب اجتماعي، ولا حد فينا بيتكسف يطلب مساعدة من التاني، أو يحس أنه تقيل عليه، واللي عايز فينا يبعت علاج أو جواب قبل ميعاد زيارته يشوف مين رايح الأول عشان يوصله معاه الناس”.
وأوضحت إكرام: “الناس دي هي اللي فعلا بتحس ببعضها بجد، بتسمع بعض بحب واهتمام حقيقيين، ومحدش فينا كان شايف التاني كئيب أو نكدي أو ممل أو بينقل طاقة سلبية، كلنا في نفس الخندق، كلنا نفس الوجع اللي ماحدش – مهما كان قريب – ممكن يحسه عشان كده يا حرام، اللي بيخرج منهم بيفضل حاسس باللي سابهم جوة، وعارف بالضبط بيقضوا كل لحظة في الزنزانة إزاي”.
وتابعت في رسالتها لزياد: “أهل اللي بيخرج بيبقوا حاسين بالضبط، وفاهمين بقية الأهالي عاملين إيه في كل لحظة بيقضيها ولادهم في الزنازين، عارفين يعني إيه النوم بيكون عزيز، وقلق ليلة الزيارة والأكل اللي بنعمله ومش ضامنين يدخل ولا لا، وساعات الانتظار قدام بوابة السجن، ولحظة التفتيش اللي عاملة زي ما تكون رايح امتحان شفوي، وعمال تدعي ربنا يعديها على خير، دقايق الزيارة ما بتلحقش تقول فيها اللي عايزه، ولا تسمع اللي المسجون عايزه، وتبقى بتحضر الكلام قبل ما تروح وتعيد صياغته وتختصر منه عشان الوقت، وعشان الضابط اللي قاعد”.
وذكرت: “الناس دي ما بتحسش أن فيه بينكم مجاملات اجتماعية، وتحسب إزاي حتردها، لأن كل واحد بيقدم اللي يقدر عليه للتاني من غير ما ينتظر رد، لأننا كلنا محتاجين بعض الناس دي هي الأهل اللي بجد، عشان كده مش قادرين يفرحوا وبقية أهلهم مش فرحانين”.
وواصلت إكرام: “لغاية دلوقتي أم حسام (مؤنس) بتكلمني كل يوم وتسألني (مش عايزة حاجة؟) ومديحة كمان اللي كنا بنروح مع بعض الزيارة، والطبلية كل أسبوع، من ساعة ما هشام (فؤاد) خرج بتكلمني كل يوم، وتسألني برضه مش عايزة حاجة، وكل الشباب اللي خرجوا وأهاليهم لسة بيسألوا، ربنا يسعد قلوبهم ويعوضهم أفراح كتير عن كل لحظة ظلم وحزن”.
واستكملت: “أحيانًا اصبر نفسي وأقول؛ ربنا عارف قد إيه أنت هتعاني من عقدة الناجي لو خرجت وسبت أصحاب جوة، عشان كده مؤخر خروجك، وأقعد أحلم حلم يقظة أن معجزة تحصل وتخرج ومعاك كل سجناء الرأي مرة واحدة، عشان نفرح كلنا من غير ألم الإحساس بالذنب، ومصر تفرح بجد، وحشتني”.
يذكر أنه بعد محاكمة استمرت قرابة 4 أشهر، قضت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بالسجن على زياد العليمي 5 سنوات بعد إدانته بنشر أخبار كاذبة عبر حسابات على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، فيما جرى التصديق على الحكم بعد صدوره بأسبوعين فقط.
ولا يوجد أمام العليمي أي فرصة لإنهاء فترة حبسه إلا بصدور قرار من رئيس الجمهورية بالعفو عن عقوبته أو بإلغاء الحكم وإعادته مرة أخرى للمحكمة، خاصة وأن الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة لا يجوز الطعن عليها.
وجرت المحاكمة أمام محكمة استثنائية وتخللت المحاكمة التي استمرت أكثر من 4 أشهر العديد من المخالفات بينها رفض المحكمة لجميع طلبات المحامين المقدمة لها ومنها طلب الاطلاع على القضية، وتمثلت أحراز القضية في مجموعة من المقالات ومقاطع الفيديو والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يعود لسنوات. ورغم طعن المحامين بسقوط الاتهامات وعدم وجود أدلة فنية تؤكد نسب التدوينات المنشورة للمتهمين وطعن المحامين على التلاعب بمقاطع الفيديو فإن المحكمة التفتت عن كل ذلك لتصدر حكمها.
وأطلق نشطاء وحقوقيون وشخصيات عامة في وقت سابق حملة توقيعات على خطاب مفتوح موجه إلى رئيس الجمهورية لإلغاء أحكام محاكم الطوارئ ضد سجناء الرأي، وحفظ الدعاوى وإطلاق سراحهم.
ورصد الخطاب المفتوح لرئيس الجمهورية، ما قال إنها “ضمانات محاكمة عادلة افتقرتها محاكمة المتهمين، مثل حقهم في الحصول على دفاع فعّال، حيث لم يتاح لمحاميهم الحصول على نسخة من أوراق القضية لتحضير دفوعهم أو التواصل الفعّال مع موكليهم”.