هل تنجح المعارضة الفرنسية في محاسبة ماكرون على فضيحة “ملفات أوبر”؟
يورونيوز
فرضت نتائج الانتخابات التشريعية على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ولاية صعبة، حيث سيحكم فرنسا بدون أكثرية مطلقة، في بلد مقسوم بوضوح إلى ثلاث كتل: “الماكرونية” (بحسب المصطلح الفرنسي)، التحالف اليساري الذي أسسه وقاده زعيم حزب فرنسا الأبية الراديكالي، جان-لوك ميلانشون، إضافة إلى اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن.
وكأن هذا لم يكن كافياً بالنسبة للرئيس، فجاءت “وثائق أوبر” لتزيد الطين بلة. فالمعارضة، من اليمين واليسار، تطالب حالياً ماكرون بتقديم توضيحات عن دعمه السابق، و”اللامحدود”، لشركة “أوبر” الأميركية، عندما كان وزيراً للاقتصاد.
وهذا ما كانت أشارت إليه الوثائق التي نشرت الإثنين وجاء فيها أن ماكرون “خصص الشركة بعلاقة مميزة، كما ترك بابه مفتوحاً في تلك الفترة لمسؤولين كبار فيها. ومنذ نشر الوثائق، ندّد نوّاب فرنسيّون معارضون بالعلاقة بين الطرفين خصوصاً وأنها تمتّنت في وقت كانت الشركة تحاول الالتفاف على التنظيم الحكوميّ الصارم لقطاع النقل.
الوثائق التي أرسلها مارك ماكغان، العضو السابق في مجموعة ضغط تعمل لصالح أوبر، لصحيفة الجارديان البريطانية، وتمّ تحويلها إلى لوموند الفرنسية وواشنطن بوست الأميركية والاتّحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين و42 وسيلة إعلامية أخرى، تشير بوضوح إلى أن ماكرون أبرم صفقة، كوزير للاقتصاد، تناسب مصالح أوبر، بعد رسائل نصية متبادلة بين الرئيس التنفيذي السابق لأوبر، ترافيس كالانيك، وماكرون نفسه.
سريعاً حاولت المعارضة استغلال الظرف. حالياً يطالب التحالف اليساري بقيادة جان-لوك ميلانشون (Nupes) بإنشاء لجنة تحقيق برلمانية لتبيان دور ماكرون في الموافقة على الترخيص لشركة أوبر في فرنسا. وقال أليكسي كوربيار، أحد نواب حزب فرنسا الأبية إن فكرة أن يكون الرئيس “تسبب فوضى في شركات الأجرة لقاء صفقة سرية مع شركة خاصة أمر خطير للغاية”.
ولكن المطالبة بالتحقيق لا تقتصر فقط على اليسار حيث طالب فيليب بالار، وهو نائب عن التجمع الوطني (يمين متطرف) بإجراء تحقيق مستقل في هذه المسألة. بالار رأى أيضاً أن الوثائق تثيت نظرة ماكرون الأميركية للاقتصاد، ويرجح أنه قصد بذلك النظرة الليبرالية.
ومن بين الوثائق والتبادلات النصية المنشورة ضمن “وثائق أوبر”، ذكرت الغارديان أن ماكرون راسل كالانيك كاتباً ما يلي: التقينا يوم أمس برئيس الوزراء. سيعمل (بيرنار كازنوف) على تهدئة سائقي التاكسي وسأجمع الفريق للتحضير لقانون إصلاحي الأسبوع المقبل، وتصحيح القانون الحالي. كازنوف قبل بالصفقة.
وردّاً على الوثائق، قال قصر الإليزيه لفرانس برس الإثنين إنّه في ذلك الوقت، كان ماكرون، بصفته وزيراً للاقتصاد، وكان على اتصال، “بطبيعة الحال”، مع “كثير من الشركات المشاركة في التحوّل العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، و(هو تحوّل) كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإداريّة والتنظيميّة”.
وعلى الرغم من أن المعارضة الفرنسية تحاول الاستفادة من الوثائق إلى أبعد حدود من أجل تحقيق مكاسب سياسية، يرى بعض المراقبين أن “وثائق أوبر” ليست مفاجأة كبرى، فهي تكشف فقط عن ممارسات معيارية وطبيعية تتبعها مجموعات الضغط عندما تخاطب الحكومات والمسؤولين، لا في فرنسا فقط، إنما حول العالم.
ويرى كيفن جرنييه من منظمة “Transparency International France” التي تعنى بالشفافية إن أوبر لم تجتز الخط الأحمر المخصص للفساد ولم تنتهك القانون ولكنها لم تكن بعيدة أبداً عن ذلك. حتى أن بعض المقربين من ماكرون، وفاعلين آخرين كثر من مجموعات ضغط أخرى، قلّلوا من قيمة الوثائق المنشورة ووصفوها بـ”الزوبعة في فنجان”.