د. يحيى القزاز يكتب: بيان شخصى من مواطن عربى
فوجئت بصدور بيان مشترك لـ “اللجنة التوجيهية لمتتدى النقب” لـ “حكومات البحرين ومصر وإسرائيل والمغرب والولايات المتحدة الامريكية” صادر عن مكتب وزارة الخارجية الأمريكية – من المنامة عاصمة البحرين- بتاريخ 27 يونيه 2022. وذلك بعد عقد قمة النقب فى سديه بوكير بإسرائيل (فلسطين المحتلة) فى شهر مارس 2022. والذى تقرر فيه تشكيل اطار للتعاون الإقليمى (منتدى النقب) بين الحكومات المذكورة أعلاه.
الهدف الرئيس من اللجنة زيادة تنسيق الجهود الجماعية وتعزيز رؤية مشتركة للمنطقة. بينت وثيقة إطار عمل “منتدى النقب” قوة العلاقات بين الدول المشاركة، وأكدت على الالتزام المشترك بالتعاون، وتحسين العلاقات بين اسرائيل (المغتصبة فلسطين) والأراضى العربية المجاورة لها. والتوصل الى حل تفاوضى للصراع الاسرائيل-الفلسطيني لتحقيق سلام عادل وشامل. ونص البيان صراحة على أن ينعقد الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية سنويا كهيئة حاكمة رئيسية للمنتدى، وأن تستمر إسرائيل رئيسة لمنتدى النقب حتى الاجتماع الوزاري القادم.
يؤكد البيان على متانة قوة علاقة الدول المشاركة، وحدد بوضوح رئاسة إسرائيل لبدايات منتدى النقب في دلالة واضحة على توجه واضح لقيادة إسرائيل المنتدى حتى وان كانت الرئاسة للاجتماع القادم، ففي حياة حكوماتنا العربية التمديد للرئاسة واجب، فهو الأفضل في القيادة والأكثر خبرة في التعامل مع المحيط. والتدليس يكمن في استخدام البيان للقضية الفلسطينية والعمل على حله وتحقيق سلام شامل وعادل. منتدى تقوده إسرائيل يحقق سلام شامل وعادل!! لم تدخر فيه الحكومات العربية ولا الفلسطينية تنازلا إلا وقدمته بدءا بكامب ديفيد مرورا باتفاقية وادى عربة، واتفاقية أوسلو ومبادرة الأرض مقابل السلام، ولم تقدم إسرائيل شيئا، ومازالت مصرة على التهام ماتبقى من الأراضى الفلسطينية وقتل الشعب الفلسطيني، ولم تتوان عن تهويد الدولة الفلسطينية، مما يؤدى إلى إلغاء حق العودة وتطهير الأراضى الفلسطينية من عرب 48 مسلمين ومسيحيين.
لكن مالم يتطرق له البيان هو ما يقال عن أن المنتدى مقدمة لحلف دفاع مشترك تقوده إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، يبدو أنه ضد إيران لكن الحقيقة المرة أنه ضد الدول العربية جميعهم بالإضافة لتركيا أيضا.
طالب أناس وطنيون بالرد على حقيقة ما أثير عن إقامة حلف دفاع مشترك فيه دول عربية تقوده إسرائيل، ولم يحدث. مما أثار الشك والريبة في نفوسنا ودعانا لإعلان موقفنا -عفوا موقفى- أدافع عن حقى في هذا الوطن كمواطن ولا أزعم أننى أدافع عن الوطن. الوطن لا يدافع عنه إلا جموع أهله الأحرار لا الأفراد.
وبناء عليه أعلن: أنني اعتبر منتدى النقب في ظل الصمت على ما تم إثارته، هو مقدمة لتحالف مشبوه تقوده إسرائيل لاحتلال “القارة العربية” والقضاء على الشعوب العربية. وأعلن أن اسرائيل هي العدو الأول للشعوب العربية وليس ايران، التي إن كان بيننا وبينها خلافات تسوى بالتقارب السياسى السلمى، فالعدو هو من يحتل أرضنا ويقتل شيوخنا وشبابنا وأطفالنا ونساءنا، ويصادر حقوقنا التاريخية في ممتلكاتنا.. من يفعل ذلك هو عدونا إسرائيل، وعدونا من يجبرنا على أن نبيع الدم العربى وأوطانه ويعطل سيادة القرار الوطنى.
أعلن رفضى واستنكارى وتجريم وتحريم هذه الاتفاقيات المشبوهة، وأرى أن الحكومات العربية التي تتورط في هذه الاتفاقيات في ظل ما يثار تنزع عنها أي شرعية وعليها الرحيل، بتهمة ممارسة التدليس على شعوبها، والموافقة على ما يخصه بدون الرجوع إليه باستفتاءات حرة غير مُهجنة بالترغيب ولا مُهندَسة بالتطبيع.
أعلن هذا كمواطن عربى -وإن حاول البعض تسيسه وتحريمه على الأكاديمي لعزله عن محيطه العربى وتفريغ المجال العام وتجريمه أيضا- فالأكاديمى هو مواطن أولا ومن حقه ابداء رأيه كمواطن أولا وأكاديمى ثانيا، وإن لم يفعل فمن يفعل!!
أعلن اننى أرفض منتدى النقب وأرفض كل ما أثير عن قيام حلف عربى مع إسرائيل أو غيرها، وأرفض أن تشارك الحكومة المصرية بالذات في هذا المنتدى وحلفه الوليد المشئوم. هذا موقفى أعلنه منفردا متحملا تبعاته كاملة راضيا بها.
وكل مواطن هو حر، يتخذ مايراه من موقف، بدون مزايدة على من يرفض، ولا تطبيل وتفخيم لمن يوافق. هي لحظة صدق مع النفس، كل منا يسجل موقفه بوضوح لا لبس فيه. استقلال الأوطان وحرية الشعوب والحكومات الوطنية ليست وجهات نظر.
#المقاومةهيالحل
يحيى القزاز
مواطن عربى
القاهرة 28 يونيه 2022