مقعد شاغر على مائدة الإفطار.. نحو 25 ألف ساعة غياب.. الصحفي حسام مؤنس عدو اليأس المتهم بـ«الأمل» يقترب من ثلاث سنوات في الحبس
1025 يوما خلف القضبان منها 1500 ساعة في رمضان خلال السنتين الماضيتين .. وثالث رمضان غياب يزيد من الساعات
1025 يوما مروا على الصحفي والسياسي البارز حسام مؤنس وهو قابع خلف القضبان في محبسه، بينما يزداد نزيف الروح. 1025 يوما تمثل 24600 ساعة غياب منها نحو 1500 ساعة في رمضان خلال السنتين الماضيتين وها هو رمضان ثالث يزيد من الساعات ويستمر مقعده شاغر على مائدة الإفطار.
وأصدرت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، نوفمبر الماضي، حكما بحبس الصحفي حسام مؤنس أربع سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
“كنا، ومازلنا، وسنبقى ضد الإرهاب، وكنا، ومازلنا، وسنبقى مع حرية الرأي والتعبير السلمي، دونما أي تناقض بينهما في الموقف”، هكذا تحدث حسام مؤنس ليلخص رؤيته لتطورات الأحداث بعد فترة حكم الإخوان، ليؤكد أن جيل يناير لن يستبدل استبدادًا بآخر، وأن المبادئ لا تتغير مع رحيل نظام وقدوم آخر.
لكن المفارقة أن الشاب الجدع يقبع الآن في السجن بتهمة مشاركة نفس الجماعة – التي ناضل ضدها- في تحقيق أهدافها.
وهكذا صار الصحفي الذي قال في أحد مقالاته إن سلطة مرسى لم تحقق الحد الأدنى من طموح المصريين، ووضعت نفسها فى مواجهة الثورة وإرادة الشعب المصرى، وأعادت إنتاج ذات سياسات الاستبداد والقمع والإفقار والتبعية” شريكا لهم بحسب الاتهامات الرسمية في تحقيق أهداف طالما عارضها بكل قوة ووقف أمامها بالهتاف والمقالات الجريئة.
يذكر أن الزميل حسام مؤنس ولد في 7 يوليو سنة 1982 بميت غمر بمحافظة الداقهلية، وعمل بالصحافة بعد تخرجه من الجامعة، وانخرط في العمل العام مبكرًا وأعلن رفض توريث الحكم لجمال مبارك، وأنضجته تجربة ثورة 25 يناير، وكان عضوا في ائتلاف شباب الثورة بعدها.
وكان مؤنس من أوائل الداعين لرحيل الرئيس الأسبق محمد مرسي، ووصف استمرار الإخوان في الحكم بالجريمة، وكتب في صحيفة “المصري اليوم” قبل شهور من رحيل مرسي مقالا بعنوان: (إسقاط النظام فريضة وطنية): “مبارك قبل خلعه يهدد الشعب المصرى بالفوضى بديلا له، وهو نفس ما يلوح به تقريبا الإخوان المسلمون، لكن كما كان الشعب المصرى مبدعا فى ثورته ومصرا على مطلبه بخلع مبارك، فإنه قادر على أن يعيد تقديم الدرس لمن لم يستوعبوه فى 25 يناير 2011”
وعمل حسام مديرا لحملة الصحفي الكبير والمناضل الناصري حمدين صباحي أثناء ترشحه لرئاسة الجمهورية ومتحدثًا باسم حملة، كما عمل متحدثًا باسم التيار الشعبي وأحد وكلاء مؤسسيه.
وألقت قوات الأمن القبض على مؤنس فجر 25 يونيو 2019 من منزله، وذلك بالتزامن مع القبض على الصحفي هشام فؤاد أيضا. عقب ذلك توقيف المحامي الحقوقي زياد العليمي في أحد شوارع حي المعادي واعتقاله هو الأخر دون الكشف عن أسباب الاعتقال، بالإضافة إلى رامي شعث، منسق حركة “بي دي أس- مقاطعة إسرائيل”، الذي اعتقلته قوات الأمن وظل رهن الاختفاء القسري لمدة أسابيع، قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة بعد ذلك متهما على القضية نفسها، والذي تم إطلاق سراحه في يناير 2022.
وفي اليوم التالي مباشرة، ظهر جميع المعتقلين في نيابة أمن الدولة العليا، يجري التحقيق معهم على ذمة قضية حملت أرقام 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والتي عرفت بعد ذلك باسم “تحالف الأمل”، وحصلوا جميعا على 15 يوما في الحبس الاحتياطي، قبل أن يتواصل حبسهم حتى الآن.
وفى ١٤ يوليو ٢٠٢١، صدر أمر بإحالة حسام مؤنس وهشام فؤاد وزياد العليمى للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارىء، وتحددت جلسة عاجلة لمحاكمتهم فى اليوم التالى مباشرة، رغم أنهم مقبوض عليهم منذ أكثر من سنتين على ذمة تحقيقات القضية ٩٣٠ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة، والتى تم سلخ الجنح منها.
وأصدرت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في 17 نوفمبر 2021 حكمها بحبس كل من زياد العليمي 5 سنوات وللصحفيين حسام مؤنس وهشام فؤاد 4 سنوات و3 سنوات مع الشغل لـ حسام عبد الناصر ومحمد بهنسي، و3 سنوات غيابيا على النقابية فاطمة رمضان وغرامة 500 جنيها لكل منهم بتهمة نشر أخبار في الداخل والخارج .
وجرت المحاكمة أمام محكمة استثنائية وتخللت المحاكمة التي استمرت أكثر من 4 اشهر العديد من المخالفات بينها رفض المحكمة لجميع طلبات المحامين المقدمة لها ومنها طلب الاطلاع على القضية، وتمثلت أحراز القضية في مجموعة من المقالات ومقاطع الفيديو والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يعود لسنوات . ورغم طعن المحامين بسقوط الاتهامات وعدم وجود أدلة فنية تؤكد نسب التدوينات المنشورة للمتهمين وطعن المحامين على التلاعب بمقاطع الفيديو فإن المحكمة التفتت عن كل ذلك لتصدر حكمها.
وتنص المادة 71 من الدستور المصري على أنه “لا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”، وهو نفس نص المادة ٢٩ من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨.
وكان المحامون قد طعنوا بعدم دستورية مواد الاحالة وعدم دستورية محاكمة مؤنس وفؤاد أمام محكمة استثنائية منشأة بقانون الطوارئ والذي تم وقف العمل به خلال نظر القضية وهي الدفوع التي تم الالتفات عنها أيضا.
وأطلق نشطاء وحقوقيون وشخصيات عامة في وقت سابق حملة توقيعات على خطاب مفتوح موجه إلى رئيس الجمهورية لإلغاء أحكام محاكم الطوارئ ضد سجناء الرأي، وحفظ الدعاوى وإطلاق سراحهم. ورصد الخطاب المفتوح لرئيس الجمهورية، ما قال إنه “ضمانات محاكمة عادلة افتقدتها محاكمة المتهمين، مثل حقهم في الحصول على دفاع فعّال، حيث لم يتاح لمحاميهم الحصول على نسخة من أوراق القضية لتحضير دفوعهم أو التواصل الفعّال مع موكليهم”.
وأضاف الخطاب: “لم تنصت المحكمة لطلبات المتهمين المتمثلة في الحصول على نسخة ضوئية من أوراق القضية التي تجاوزت الألف صفحة للاطلاع عليها وتحضير الدفوع، كذلك، صدرت إدانتهم من قبل محكمة، أحكامها نهائية لا يجوز الطعن عليها بطرق الطعن التي يكفلها القانون المصري في المحاكمات الطبيعية، وهي جميعًا خروقات أخلت بشكل صارخ بحق المتهمين في محاكمة عادلة وفقًا للدستور المصري وللمعايير الدولية”.
وجاء أيضا في الخطاب، أن “هؤلاء جميعا قد أمضوا رهن الحبس الاحتياطي ما يزيد عن العامين بالفعل، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد العدالة ويجافي ما أعلنتموه من مرتكزات ومبادئ سوف تتبع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنت منكم في 11 سبتمبر المنصرم”.
واختتم الموقعون على الخطاب والعريضة “أن الاتهامات الموجهة لهم في كلا القضيتين لا يعدو كونه تعبيرا عن الرأي، وأن جميعهم ما عرف عنهم سوي حبا وتضحية وانتماء لوطنهم وشعبهم، لذلك، نطالبكم بإلغاء أي أحكام إدانة صدرت ضد المذكورين أعلاه، وحفظ الدعاوى ضدهم، وإطلاق سراحهم”.
وفي 28 ديسمبر الماضي، قال المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق، خالد علي، إنه تم التصديق على الحكم الصادر بحق هشام فؤاد وزياد العليمي وحسام مؤنس منذ 24 نوفمبر 2021.
وأضاف خالد علي، في تصريح لدرب، “تم التصديق على حكم هشام وزياد وحسام منذ ٢٤ نوفمبر ٢٠٢١، وسوف يتم اعلانهم بالحكم في محبسهم، وسيرتدون الزي الأزرق بدلاً من الأبيض في اليوم التالي لإعلانهم بالتصديق”.