فوق جثامين آلاف الشهداء المصريين والفلسطينيين.. قمة إسرائيلية أمريكية بحضور عربي في النقب تزامنا مع اقتحام جديد للأقصى
كتب- أحمد حسين
عقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني ببلينكن ونظرائه من مصر والإمارات والمغرب والبحرين، فضلا عن وزير الخارجية الإسرائيلي، اجتماعا في منتجع سديه بوكير في صحراء النقب.
والإمارات العربية المتحدة والبحرين هما أول دولتين خليجيتين طبّعتا علاقاتهما مع إسرائيل في سبتمبر 2020 في إطار اتفاقات أبراهام، التي توسطت فيها الولايات المتحدة، ثم تبعهما المغرب والسودان، وسبقتهما مصر في توقيع اتفاقية للسلام في عام 1979، والأردن في عام 1994.
وفي النقب مفاعل ديمونا، وسجون للأسرى الفلسطينيين مثل نفحة وكتيسعوت وبير السبع، ومطارات عسكرية تنطلق منها الطائرات لتقصف العواصم العربية وغزة، وتضم أراض عربية مصادرة، فضلا عن آلاف جثامين الشهداء المصريين والفلسطينيين تحت رمال الصحراء في الحروب مع إسرائيل منذ نكبة 1948 حتى الآن، فضلا عن الجدار العنصري.
صحيفة هآرتس تؤكد وتقول أن إسرائيل لم تستعد لمثل هذه القمة، وهي الان لا تفكر سوى بالحصول على الصورة لاستخدامها عالميا. ولقطع الطريق امام دعاة محاسبة العنصرية والاحتلال.
وتم رصد بلينكن الذي وصل السبت إلى إسرائيل وهو يمارس رياضته الصباحية ويركض في محيط المنتجع، وعلى تلة مقابلة لمنتجع النقب، رفع نشطاء العلمين الإسرائيلي والفلسطيني ولافتات خطوا عليها باللغات الإنكليزية والعبرية والعربية “ألم تنسوا أحد؟”
ووقعت اللافتات الزرقاء والبيضاء باسم نساء يصنعن السلام ونساء الشمس، وهما منظمتان نسويتان تعنيان بالسلام وتسعيان إلى إنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتزامنا مع القمة، اقتحم عشرات المستوطنين على شكل مجموعات، اليوم الاثنين، المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، من جهة باب المغاربة، إلى باب السلسلة، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسًا تلمودية في ساحات المسجد، خاصة في المنطقة الشرقية منه، فيما التقط عدد منهم صورا قبالة مسجد قبة الصخرة المشرفة.
ويتعرض الأقصى يوميا عدا الجمعة والسبت، لاقتحامات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، على فترتين صباحية ومسائية، في محاولة لتغيير الأمر الواقع بالأقصى، ومحاولة تقسيمه زمانيًّا.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إنه مهما حاولت إسرائيل تجاهل حقوقنا والاستمرار في الاستيطان وإقامة الحواجز والقتل والاعتقال وتدمير كل فرص السلام، فإن ذلك لا يزيدنا إلا إصرارا على مواجهة هذه الماكينة الإسرائيلية التدميرية لأرضنا وأهلنا ومقدساتنا.
وأضاف أشتية، في كلمته بمستهل جلسة الحكومة، اليوم الاثنين: “سنبقى أوفياء لأرضنا ولمقدساتنا ولأمتنا العربية، ولتاريخنا وحاضر أمتنا وحرية شعبنا البطل القادر على إفشال كل المخططات الرامية للنيل من حقنا في الاستقلال والسيادة والحرية”.
وحذر إسرائيل من الاستمرار في الاعتداء على أرضنا ومقدساتنا والسماح للمستوطنين في الدخول إلى الأقصى، وقال إن هذا الأمر لم يعد يحتمل، وأهلنا في القدس سيبقون كما دائما بالمرصاد، لكل هذه المحاولات التي ستؤدي حتما إلى تصعيد غير مسبوق خاصة أننا على بعد أيام من يوم الأرض ومن شهر رمضان المبارك، وشدد رئيس الوزراء على أن لقاءات التطبيع العربي دون إنهاء الاحتلال ما هي إلا وهم وسراب ومكافأة مجانية لإسرائيل.
وفي شأن آخر، رحب رئيس الوزراء، بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي استقبله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الاثنين، وقال: “باسم الرئيس والحكومة نرحب بزيارة جلالة الملك بشخصه وبما يمثل وبتوقيت زيارته الهام لمتابعة الحراك الجاري في المنطقة والعالم”.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين، إن انتهاكات قوات الاحتلال والمستوطنين المتواصلة في الأرض الفلسطينية، لا يمكن السكوت عنها، وأدانت في بيان لها، اليوم الاثنين، انتهاكات وجرائم الاحتلال وميليشيات مستوطنيه ومنظماتهم الإرهابية المسلحة ضد المواطنين وأرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي ترتقي لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي.
وأكد أن هذه الجرائم تشمل استمرار عمليات أسرلة وتهويد القدس وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديموغرافي لصالح رواية الاحتلال وأطماعه الاستعمارية التوسعية، وتكريس ضمها وفصلها تماماً عن محيطها الفلسطيني وحسم مستقبلها السياسي من جانب واحد وبقوة الاحتلال، والتي كان آخرها اقتحام المستوطنين وسيطرتهم على فندق البتراء بحماية شرطة الاحتلال وعمليات الاستهداف المتواصل لحي الشيخ جراح والأحياء المقدسية الأخرى وتصعيد اقتحامات المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة والاعتداء على العقارات الفلسطينية والكنسية في القدس وهدم منازل الفلسطينيين وتوزيع إخطارات بالهدم في إطار سياسة تهويدية متواصلة وعمليات تهجير قسرية للمواطنين المقدسيين ودفعهم للخروج من مدينتهم.
كما أدانت عمليات التطهير العرقي وإلغاء الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المصنفة (ج) وتخصيصها لصالح الاستيطان كما حدث في إعادة البناء في بؤر استيطانية مخلاة بالقرب من رام الله بدعم من المتطرف سموتريتش، والاستيلاء على أراضي في قصرة ونصب كرفانات فيها، استمرار عمليات الهدم وتوزيع إخطارات بالهدم في مسافر يطا والأغوار، وتحطيم منشآت تجارية ومركبات في برقة وجالود من قبل قطعان المستوطنين، واستمرار عمليات استباحة البلدة القديمة في الخليل ومحاولة السيطرة عليها وإلغاء الوجود الفلسطيني فيها، وإقدام عصابات المستوطنين على إغلاق الطرق والاعتداء على المواطنين الفلسطينيين ومركباتهم كما حدث في شوفة وحاجز عناب في محافظة طولكرم أيضاً.
وتابعت الخارجية: “تتواصل هذه الجرائم وسط تفاخر حكام سلطة الاحتلال بسلسلة الاجتماعات التي يتم عقدها في محاولة إسرائيلية ممنهجة للقفز عن القضية الفلسطينية وإزاحتها عن سلم الاهتمامات الإقليمية والدولية، والتي لخصها بينت بقوله إن (العالم العربي بدأ يفهم أن إسرائيل مع السلام والاقتصاد والأمن) في تجاهل واضح لأهمية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتجاوز مقصود لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية العادلة والمشروعة”.
وتأتي قمة النقب في وقت خيبت فيه دول الشرق الأوسط عموما آمال الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب عدم اتخاذها موقفا حاسما إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير.
كذلك، رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس إدانة الغزو الروسي، وذهب خلال لقائه مع بلينكن مساء الأحد إلى انتقاد الغرب واتهمه بـ”ازدواجية المعايير بشكل صارخ رغم جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي وصلت حد التطهير العرقي والتمييز العنصري”.