الغلاء يضرب المصريين.. ارتفاع أسعار الأغذية حتى 50%.. زيادة 5 جنيهات للسكر والزيت والأرز.. و اللحم يصل 200 جنيه.. وقفزات للخبز والسندويتشات
اللحم البلدي يرتفع بنسبة 20% والسوداني 30% والبرازيلي 50%.. ومخابز العيش السياحي ترفع أسعار الخبز بنسبة 50%
زيادة سعر طن الزيت بنسبة 10% وارتفاع السعر في محلات التجزئة بنسب تجاوزت 25%.. وسعر اللبن البودرة ارتفع بنحو 10%
زيادات في البيض واللانشون ومنتجات الألبان.. وبسطرمة عمرو أديب ليست في متناول الاغلبية
صاحب سوبر ماركت: الأرز يزرع ويعبأ في مصر لماذا ترتفع أسعاره.. وبائع آخر: اضطررت لتقليل عدد السندوتشات لعمالي بعد ارتفاع أسعارها
موظف في شركة خاصة: “كله بيزود الأسعار” وراتبي لم يتغير منذ سنوات.. وربة منزل: هجيب كيلو لحمة للشهر كله.. لكن ماذا عن الخبز والزيت والسكر ولبن الأطفال؟
كتب- إسلام الكلحي ومحمود هاشم
يخرج أحمد نبيل* الموظف الثلاثيني إلى عمله صباحا حاملا على كتفه حقيبته وهموم أسرته ذات الأفراد الأربعة، يمتلئ رأسه بالمعادلات الحسابية لتدبير صرف مرتبه الذي يزيد قليلا عن 3 آلاف جنيه، يدفع بجزء منه إيجار شقته، ويتولى وأسرته تدبير احتياجاتهم بالجزء القليل المتبقي.
في هذا التقرير رصد “درب” ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية من 10 إلى 50%، ومنها اللحوم، حيث ارتفع اللحم البلدي بنسبة 20%، وزاد اللحم السوداني بنسبة 27 إلى 30%، فيما كانت زيادة اللحم البرازيلي بنسبة 50%. ورفعت مخابز العيش السياحي أسعار الخبز بنسبة 50%، ورغم زيادة سعر طن الزيت بنسبة 10% إلا أن نسبة ارتفاع سعره في محلات التجزئة للجمهور تجاوزت 25%، ولجأت بعض المنافذ كالمخابز الأفرنجية إلى تخفيض وزن منتجاتها للإبقاء على أسعارها كما هي دون زيادة.
يقول الموظف الثلاثيني لـ”درب”: “لا مشكلة لدي للضغط على نفسي في احتياجاتي، رغم أنه لم يعد باستطاعتي ذلك في ظل سوء الأوضاع المالية يوما بعد الآخر، لكن ماذا عن زوجتي وأطفالي؟ هل سيصبر صاحب الشقة التي أستأجرها على أمواله لمجرد معرفته بظروفي، وإن صبر وإن تحمل تأخر شهر هل سيتحمل الآخر”.
نبيل ليس حالة فردية، بل نموذج معبر عن أوضاع عامة يعاني منها ملايين المواطنين منذ فترة ليست بالقصيرة، وزادت حدتها أواخر شهر فبراير الماضي، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت على واردات عدد من السلع الأساسية، واستبقها التجار بزيادات غير مبررة لسلع مخزنة لديهم بالفعل، في الوقت الذي تجدد الحكومة تأكيدها عدم صدور أي قرارات بزيادات في أسعار أي من المنتجات.
“كل حاجة بتزيد”
يشكو مصطفى إسماعيل* من ارتفاع الأسعار الأخير الذي طال العديد من السلع الغذائية في مصر، ويقول لـ«درب» إن «الحياة بقت صعبة» و«كل حاجه بتزيد وكله بيزود على كله» فيما لم يتغير راتبه منذ نحو ثلاث سنوات.
ويوضح إسماعيل لـ«درب»: «كنت بجيب زيت القلي بـ13 جنيه دلوقتي بـ19، والزيت اللي كان بـ17 جنيه رفع لـ24 جنيه، أما زيت الطبخ اللي كان بحوالي 29 سعره زاد لـ34 و35 جنيه، والمكرونة زادت من 5 لـ 7 وفيه أنواع وصلت لـ9 وعشرة».
وارتفع متوسط سعر طن الزيت خلال الفترة الماضية إلى 30 ألف مقابل 25 ألف قبل الزيادة بسبب التخوفات من تداعيات الحرب وأزمة سلاسل التوريد، كما ارتفع سعر اللبن البودرة بنحو 10% ، ليسجل متوسط سعر الطن حوالي 67 ألف جنيه مقابل 65 ألف جنيه، وفقا سعيد البدر عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات.
وقال أحمد فوزي نائب رئيس شعبة البقالة بغرفة القاهرة التجارية، إن أسعار الزيت الخليط –المخصص للقلى- ارتفع ليسجل 31 جنيها مقارنة بـ 28 جنيها للتر، متوقعا احتمالية زيادات أخرى خلال العام الجاري.
الموظف في إحدى الشركات الخاصة كان يشتري كيلو «الفراخ» بـ29 جنيها، لكنه بات يشتريه مؤخرا بـ35 جنيها، فيما ارتفع سعر كرتونة البيض 40 إلى 60 جنيها. ويقول: «اللحمة كانت بـ160 جنيها دلوقتي بقت 180 و 190 للكيلو، والسكر كان بعشرة جنيه حاليا بـ15 و16 جنيها، والرز اللي كان بـ14 جنيه حاليا بقى بـ17 و19 جنيها».
يتوقع إسماعيل ارتفاعا جديدا في الأسعار خلال الأسابيع المقبلة تأثرا بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، قائلا: «الزيادات دي مش مرتبطة بالحرب، الموضوع مرتبط بزيادة أسعار الوقود والكهرباء وطبعا كله بيتلكك، إنما تأثير الحرب هيكون قدام وهيكون كبير جدا، كل حاجة مرتبطة بالقمح هتزيد قدام».
مسلسل زيادة الأسعار
ورصدت منال حسن*، ربة منزل، ارتفاع أسعار بعض السلع مؤخرا وخلال السنوات القليلة الماضية لافتة إلى أنها كانت تشتري زجاجة الزيت 1 لتر بـ23 جنيها ثم ارتفع سعرها لـ27 جنيها، ثم ارتفع مرة ثالثة لـ33 جنيها، وبات مؤخرا بـ38 جنيها و«لو هوفر هجيب 3 لتر بـ75 جنيها وبردوا مش توفير، المبلغ اللي هوفره قليل».
«مفيش حاجة أقدر استغنى عنها»، تقولها منال وهي تشير إلى أبرز السلع التي طالتها زيادة الأسعار: «السكر كنت بجيبه من جمعيات القوات المسلحة بـ٧ جنيهات، بعدين بـ٩ جنيهات، ودلوقتى بقى بـ١٣ جنيها، أما الدقيق بقى بـ١٦ جنيها الكيلو، والرز بـ١٦ جنيها، والمكرونة اللي كانت بـ ٤.٣٠ جنيهات بقت بـ٧ جنيهات، اللحمة كانت بـ١٤٠ جنيها بقت ١٧٠ جنيها، والفراخ الكيلو بقى بـ55 جنيها، والبانيه بقى بـ85 جنيها بعد ما كان بـ60 جنيها».
وتشتري منال – التي لا تملك بطاقة تموين – العيش السياحي الذي زاد سعره الرغيف الكبير من جنيه إلى جنيه ونصف الجنيه.
وتقول: «كل دى سلع مقدرش أستغنى عنها وكلها غالية مفيش حاجة فيها مش ضرورية، وفى أطفال لازم تتغذى، سعر كيلو اللبن، وارتفع إلى 16 جنيها وهيوصل إلى 20 جنيها»، حسبما تؤكد.
وعن كيفية مواجهة هذه الزيادة في الأسعار، قالت منال: «للأسف مينفعش أستغنى عن حاجة، لكن اللي أقدر أعمله أني هقلل الكميات، يعني بدل ما أجيب البانيه هجيب فراخ، وبدل ما أجيب 2 كيلو لحمة هجيب كيلو وأقسمه على الشهر كله».
الزيادة في المجمعات الاستهلاكية أيضا
ولم تتوقف الزيادة على المحلات الخاصة، حسبما يؤكد محمد الشرقاوي* الذي كان يشتري اللحم من المجمعات الاستهلاكية بسعر مخفض وهو 80 جنيها للكيلو لكنه يقول لـ«درب» إن سعرها زاد في المجمعات التابعة للدولة إلى 120 جنيها.
أيضا، يشير محمد الذي يتقاضي راتب قدره ثلاثة آلاف جنيه، إلى أن الخبز الحر الذي يباع للمواطنين خارج منظومة الدعم زاد سعره أيضا «العيش لو هتجيبه حر تبع بطاقات التموين بدل العشرة بـ5 جنيه دلوقتي بقى الـ8 بخمسة جنيهات».
مع هذه الزيادات عزف الشرقاوي، وهو أب لأربعة أطفال، عن شراء مأكولات من المطاعم خلال الفترة التي يقضيها في عمله والتي لا تقل عن 8 ساعات، حيث يقول «بقيت أحد أكل من البيت عشان أوفر».
الزيادات تعصف بجميع السلع
نهاية فبراير، ارتفعت أسعار السلع في مصر ما بين 20 -50%، وقال هيثم عبدالباسط، عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية في القاهرة، إن كيلو اللحم البلدي زاد 10%، أما كيلو اللحم السوداني ارتفع من 90 جنيهًا إلى 120 جنيهًا للكيلو (أكثر من 30%)، فيما ارتفع سعر اللحم البرازيلي المستورد إلى نحو 50 جنيهًا في الكيلو. لكن ما رصده “درب” من خلال عدد من المواطنين يكشف زيادة سعر كيلو اللحم البلدي لنحو 20%.
وارتفع سعر طن الدقيق السياحي لأكثر من 30%، حيث أكد عطية حماد، رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية في القاهرة، في تصريحات صحفية إن سعر الطن كان 9 آلاف جنيه والآن أصبح 12 ألف جنيه.
وأدى صعود سعر الدقيق إلى رفع أسعار جميع أنواع الخبز السياحى، حيث ارتفع سعر الرغيف الذي يباع بـ50 قرشًا أصبح سعره 75 قرشًا، والكبير من جنيه إلى جنيه ونصف الجنيه في بعض المناطق وجنيه و25 قرشا في مناطق أخرى.
وقال رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية في القاهرة، إن أسعار رغيف “الفينو” لاتزال مستقرة حتى الآن عند جنيه لكن عددا كبيرا من المخابز الأفرنجية بدأت تخفيض الوزن ليتراوح من 25 إلى 30 جراما بدلا من 35 و 40.
وكان نائب وزير التموين، إبراهيم عشماوي، قال في مقابلة مع وكالة “رويترز” إن احتياطيات مصر جعلتها لا تتعجل عمليات الشراء لأنها تقيم أسعار الحبوب من خارج أوكرانيا وروسيا.
وتسبب ارتفاع أسعار القمح في زيادة أسعار الدقيق، وبالتالي المكرونة التي أصبح سعر الطن منها يصل إلى عشرة آلاف جنيه مقابل 7500 جنيه و8 آلاف جنيه، قبل الزيادة.
وقال عبد الفتاح مصطفى، عضو شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية إنه “تم تحريك أسعار غالبية السلع في مصر نظرًا لحالة العرض والطلب الموجودة في السوق، وندرة المواد المعروضة خلال الفترة الأخيرة”.
وأضاف في تصريحات نقلها موقع “سكاي نيوز” أن مصر تستورد “100 في المئة من زيوت الطعام من أوكرانيا ماعدا زيت النخيل المصنع محليًا”.لكن زكريا الشافعي، رئيس شعبة الزيوت سابقا باتحاد الصناعات، قال في تصريحات نشرها موقع “مصراوي” إلى أن مصر تستورد الزيوت من الأرجنتين، ودول البحر الأسود وإندونيسيا وماليزيا.
لماذا يرتفع الأرز المصري؟!
ويقول سمير، صاحب سوبر ماركت بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة، وهو يمسك جدول أسعار المنتجات «بقالي أسبوع كل يوم أسعار جديدة بالزيادة، الرز والمكرونة وكل المخبوزات والأجبان زادت، وكل يوم الناس تشتكي من الزيادة».
ويضيف «مش عارف الأسعار هتروح لحد فين بعد الزيادة دي»، لافتا إلى أن الزيادات تؤثر على الشراء سواء بإقبال الناس على الشراء والتخزين للمنتجات الضرورية أو الامتناع تماما بسبب الزيادة وانتظار انخفاضها مرة أخرى، وهناك سلع أخرى تظل راكدة.
واستغرب أحمد صاحب سوبر ماركت آخر من ارتفاع الأسعار، قائلا: “هناك منتجات لا أعرف لماذا ارتفعت أسعارها، فالأرز يزرع وتتم تعبئته في مصر، ويتم نقله داخليا، وأسعار المنتج نفسه لم ترتفع والبنزين لم يرتفع فلماذا الزيادة، وفي النهاية نحن من نواجه الزبون الذي يعتقد أن المحلات هي التي ترفع الأسعار”.
أكثر الشكاوى
وقال أحد أصحاب السوبر ماركت في السيدة زينب: “أكثر شيء الناس بتشتكي منه هو زيادة أسعار الزيت والأرز”، مشيرا إلى أن سعر لتر زيت القلي قفز خلال الأسبوع الأخير 7 جنيهات كاملة ليصل 37 جنيها، وأن سعر الزجاجة نفسها قبل عام من الآن كان أقل من 22 جنيها، ما يعني زيادة قدرها 15 جنيها كاملة في عام.
كما شهد الأرز زيادة كبيرة، حيث ارتفع سعر طن الأرز بالجملة أكثر من 2000 إلى 3 آلاف جنيه وهو ما تسبب في زيادة كيلو الأرز لما يقرب من 5 جنيهات، وزاد كيلو اللانشون 20 جنيها، ووصلت الزيادة في سعر كيلو السكر إلى 5 جنيهات، بينما بلغ سعر كرتونة البيض إلى 60 جنيها، وشهد سعر الكرتونة قفزات كبيرة خلال العام الماضي تقترب من الضعف ليرتفع سعر البيضة إلى جنيهين، وامتدت الزيادات لأسعار الجبن ومنتجات الألبان.
البائع نفسه اشتكى من ارتفاع سعر كيلو اللحوم والدواجن، قائلا إنه كان يشتري كيلو اللحم بـ140 جنيها ولكنه قفز إلى 200 جنيه منها 20 جنيها خلال الأسبوع الأخير، كما ارتفع كيلو الدواجن من 28 جنيها إلى 35 جنيها، كما زادت أسعار السندوتشات بمقدار جنيه للفول والطعمية وجنيهين للبطاطس والبيض، مؤكدا أنه لجأ لتقليل عدد السندوتشات التي كان يشتريها لعمال المحل من وقت لآخر.
المواطن هو الخاسر الوحيد في الأزمة
وبرر رجب مصطفى* بائع، رفعه أسعار السلع المخزنة لديه بما يقارب 25 إلى 50% رغم شرائها بالأسعار القديمة، بأنه حال بيعها بالأسعار القديمة سيخسر ما يقارب نصف حجم تجارته حال رغبته في شراء بضائع أخرى بالزيادات الجديدة، وبالتالي فإنه يبيع بأسعار السوق الحالية لتأمين أعماله، مضيفا: “التجار والمستوردين الكبار هم السبب الرئيسي في الأزمة، ونحن نضطر للشراء منهم بأسعارهم وليس بأوضاع السوق”.
وتابع: “المواطن هو الخاسر الوحيد في الأزمة، لكننا لا نملك أن نفعل شيئا، الأسعار في تصاعد مستمر، ولا نعلم متى تنتهى الأزمة، تجاراتنا معرضة للخسارة، لأن ارتفاع الأسعار قد يدفع المستهلكين إلى الاستغناء عن عدد كبير من السلع، مراعاة لأوضاعهم المادية، خاصة مع تزايد الإنفاقات المالية خلال شهر رمضان”.
الحرب على أوكرانيا ليست السبب
من جانبه، استنكر محمود العسقلاني رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء” الاثنين الماضي، الارتفاعات الجنونية “غير المبررة” لأسعار السلع الغذائية وإيهام الرأي العام بأن الزيادات جاءت تأثرا بالحرب الروسية/ الأوكرانية على الرغم من وجود مخزون كبير من السلع الغذائية استعدادا لشهر رمضان المبارك.
وقال رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء في بيان صحفي إن الزيادات جاءت بمبررات وهمية مكذوبة بل ومفضوحة وفيها من التبجح والحماقة ما يستدعي موقفا موحدا من الدولة والبرلمان والمستهلكين لوقف هذا الجنون.
البيض الأورجانيك وبسطرمة عمرو أديب
وعن ارتفاع الأسعار الذي يقصم ظهر الكثير من أرباب الأسر، قال الإعلامي عمرو أديب، إن غلاء الأسعار الحالي بدأ قبل الحرب الأوكرانية، مضيفا إن “الغلاء اللي إحنا فيه ده بتاع قبل الحرب، بتاع الحرب لسه جاي”.
وتابع خلال تقديم برنامجه “الحكاية” عبر فضائية “mbc مصر” مساء الإثنين الماضي «مش لازم نأكل بيض أورجانيك ماله البيض العادي، كله البسطرمة يبقى حلو، مش لازم نشتري المنتج الغالي طالما الأرخص منه نفس الجودة، وبالنسبة لأزمة العيش ليه مانرجعش نخبز في البيوت زي ما كنا بنعمل من 100 سنة» لافتا إلى إن «فيه ناس في أمريكا ابتدت تعمل العيش عندها في البيت، وده إحنا كنا بنعمله من تريليون سنة».
وأضاف أديب الذي يتقاضى أكثر من 40 مليون جنيه سنويا بحسب تقارير صحفية: «هاجي في وقت يا هقلل شرائي للسلع الغذائية دي، أو مش هشتريها خالص، الدولة تضبط الأسعار ده أمر ملكش دعوة بيه ومتحطوش في دماغك لأنه مفيش حاجة بتيجي كده»، وشدد على أن دور الدولة في هذا الأمر يتمثل في «أنها تيجي تقولك آن الأوان إن يكون عندك تجربة في جمعية استهلاكية فيها كل حاجة.. وقارن وقول لي».
تحرك برلماني بسبب موجة «غير مبررة»
وأعلنت سناء برغش، عضو مجلس النواب عن دائرة دمنهور، مطلع الأسبوع الجاري، تقدمها بطلب إحاطة عاجل لرئيس الوزراء ووزيري التموين والتنمية المحلية، ورئيس هيئة الغذاء، بسبب موجة غلاء غير مبررة بالأسواق وخاصة المنتجات الزراعية واللحوم والدواجن والألبان. وقالت سناء إنها خصت في طلبها القفزة الكبيرة في أسعار المخبوزات والخبز الحر بنسبة أكثر من ٥٠% دون أسباب ودون ارتفاع في أسعار المواد الأولية.
وتساءلت النائبة عن دور الأجهزة المعنية من تلك الموجة غير المبررة من الغلاء في الحاصلات الزراعية، وعرض كميات كبيرة في الأسواق الشعبية من المنتجات غير الصالحة للاستخدام، وكذلك المنتجات ذات الجودة الرديئة.
ودعت سناء برغش الحكومة للقيام بحزمة إجراءات حازمة حيال ضبط الأسعار بالأسواق، وتفعيل القانون في مواجهة مستغلي المواطن في ظل ثبات الدخل خاصة لعمال اليومية، وخاصة ونحن مقبلين على شهر رمضان، كما دعت وزارة التموين والجهات المعنية الأخرى بتشديد الرقابة على الأسواق وردع المخالفين وطرح بدائل فورية لعمل توازن بالأسعار وإعلان تسعيرات المنتجات، بحسب طلب الإحاطة.
نائب يُطالب الحكومة بمصارحة الشعب بأزمة ارتفاع الأسعار
وقال النائب محمود سامي، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس الشيوخ، وعضو اللجنة الاقتصادية بالمجلس، إن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن تنعكس بصورة كبيرة على الدول الناشئة وخصوصا الدول التي لديها ميزان تجاري سلبي والتي يكون فيها الاستيراد أكثر من التصدير، والدولة المصرية من الدول التي ستتأثر بقوة من هذه الأزمة العالمية.
وتابع سامي في بيان له، الخميس: “بالإضافة إلى أن أكبر سلعتين تستوردهما مصر وهما القمح ومشتقات البترول، تسببا في مستويات كبيرة للتضخم، وارتفاع الأسعار، كما أن أزمة الشحن وسلاسل الإمداد وزيادة أسعار النقل بشكل كبير سيتسبب في أزمة أكبر في القمح خلال الفترة المقبلة في ظل ما يشهده العالم من أحداث وقد انعكس ذلك بالفعل علي الارتفاع الكبير في أسعار الدقيق”.
وشدد عضو اللجنة الاقتصادية بالشيوخ، على ضرورة أن تصارح الحكومة الشعب المصري بالأزمة، متابعا: “على الحكومة ألا ترمي الحمل بالكامل على مسألة جشع التجار، لأن هذه ليست حقيقة كاملة مسلم بها أو مطلقة”.
وأضاف سامي: “مش كل التجار يقومون برفع الأسعار بدون سبب، فتكلفة إحلال السلع بأسعار اليوم هي جزء لا يجب إغفاله في تسعير المنتجات، ولكن ذلك لا يمنع أن هناك جشع من قلة من التجار، يجب التوقف عنده ومراقبته من الحكومة في الأوقات الاستثنائية التي تمر بها البلاد”.
وأشار النائب إلى ضرورة المصارحة بالأزمة وأسباب زيادة الأسعار والسياسات الحكومية لمواجهتها، حتى يتسنى للنواب في دوائرهم مناقشة هذا الأمر مع المواطنين عن قرب ومن ثم وجب مناقشة هذا الأمر بالبرلمان بغرفتيه، حتى يستطيع النواب توصيل تفاصيل الأزمة كاملة للمواطنين والجهود الحكومية للتعامل معها.
وتابع النائب محمود سامي أنه حاول قدر المستطاع أن يقوم بدوره في مجلس الشيوخ من خلال تقديم اقتراحين برغبة، أولهما في ديسمبر العام الماضي بشأن وجود أزمة تضخم قادمة ستؤثر على الأسعار في مصر وأسعار الفوائد على الديون والثاني قدم الشهر الماضي بخصوص متابعة الموازنة العامة للدولة، وخطة التنمية المستدامة وخطط الحكومة للعام القادم، وكلا الاقتراحين برغبة لم يعط الأولوية بعد.
وقال سامي إنه حال عدم مناقشتهما الآن، فلن يكون لهما جدوى بعد ذلك، في ظل الأزمة التي تستلزم مثل هذه المناقشات والمتابعات.
ولفت إلى أن هناك عدد من المقترحات التي من الممكن أن تكون حلول في الوقت الراهن منها على سبيل المثال، ضرورة تباطؤ الصرف على المشروعات الكبرى، وإعادة ترتيب الأولويات بخصوص الموازنة العامة والخطة الاستثمارية، مضيفًا: أتعجب كيف لم يذهب وزير المالية إلى مجلس النواب حتى الآن طالبا ضرورة المناقلة بين أبواب الموازنة. اعتقد أن زيادة الدعم السلعي أصبحت ضرورة الأن في ظل أزمة ارتفاع الأسعار، واعتقد أن بند دعم المشتقات البترولية قد تجاوز المخطط بالتأكيد خلال الشهور الحالية.
وأضاف أن تخفيف الصرف على المشروعات الكبرى سيؤثر بالتأكيد على معدلات التشغيل، ونسبة البطالة، ولكن من الممكن توجيه العمالة بشكل مباشر للمشروعات الزراعية، والتوسع في الصناعات الغذائية لحين انتهاء الأزمة واستقرار الأوضاع.
وتابع: اعتقد أن هذه الأزمة يجب أن تلفت نظرنا أكثر وأكثر إلى ضرورة إعطاء الأولوية لقطاعات الاقتصاد الحقيقي الذي طالبنا به أكثر من مرة وهي الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، مختتما يجب أن نفكر كيف نحقق الاكتفاء الذاتي من السلع التي تعتبر أمنا قوميا.
مطالب بتشديد الرقابة على الأسواق
النائبة البرلمانية ميرفت عبدالعظيم، تقدمت أيضا بطلب إحاطة لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، ورئيس جهاز حماية المستهلك، بشأن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمنتجات والخضروات والفواكه خلال الأيام الماضية بشكل مبالغ فيه.
وطالبت النائبة البرلمانية بفرض غرامات وإصدار قرارات فورية بغلق المطاحن والمخابز السياحية التي رفعت أسعار الدقيق، ورغيف الخبز بمعدل 50%، رغم أن القمح الموجود حاليا تم شراؤه بالأسعار السابقة، وليست بالأسعار الحالية، التي شهدت بعض الارتفاعات على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
ودعت عبدالعظيم وزارة التموين والأجهزة الرقابية إلى شديد الرقابة على الأسواق، والتعامل بحسم شديد مع جشع التجار الذين يستغلون تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية لاحتكار السلع بمختلف أنواعها وزيادة أسعارها، خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك.
وتابعت: “يجب عدم السماح لتلك الممارسات السيئة للتجار الجشعين، والتى يدفع فاتورتها المواطن البسيط”.
وارتفعت أسعار الدقيق مؤخرًا، عقب الصراع العسكري في أوكرانيا، واجتياح قوات روسية لأراضي أوكرانيا. وتسيطر روسيا وأوكرانيا على نحو 29% من تجارة القمح العالمية، وفقًا لبيانات CNBC، فيما تشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن روسيا كانت أكبر مورد للقمح إلى مصر في الموسم الماضي.
وتعد مصر ثالث أكبر مستورد للقمح في العالم. وروسيا وأوكرانيا هما عادة أكبر مصدري القمح إلى مصر، إذ بلغت نسبة الواردات الروسية نحو 50%، في حين بلغت الأوكرانية 30% من إجمالي واردات مصر من القمح في 2021.
مخزون استراتيجي من القمح لـ4 أشهر
ووفقا لتصريحات سابقة لوزير التموين، فإن مصر لديها مخزون استراتيجي من القمح لـ4 أشهر، لكن هيئة السلع التموينية أكبر مستورد في مصر للقمح ألغت مناقصتين هذا الأسبوع لشراء القمح بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض العروض المقدمة.
وفي وقت سابق قال مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة تناقش كافة السيناريوهات المتعلقة بسعر رغيف الخبز المدعم.
وأضاف مدبولي: “آخر تحريك لسعر الخبز كان عام 1988 حينما ارتفع لـ5 قروش، حينها كانت تكلفة الرغيف 17 قرشا، النهاردة تكلفته 65 قرشا، يجب أن ننظر لهذا الموضوع، نضع السيناريوهات والاحتمالات، هنتحرك هنتحرك”.
وتابع: «هنشوف الفئات المهمشة ونشوف التأثير عليهم، لكن نشوف السيناريوهات عشان نطمن على الفئات المهمشة وكيف نضمن عدم تأثرهم بشكل كبير».
وأكد مدبولي أنه عند اتخاذ خطوة رفع أسعار الخبز سنضمن عدم تضرر الفئات الأكثر فقرا، متابعًا: “لازم يبقى فيه تحرك طفيف بشكل منتظم، عشان منجيش بعد 30 سنة نلاقي الدنيا خربت”.
يذكر أنه بحسب آخر مسح للبنك الدولي تم إجراؤه في العام 2019 فإن 60 % من المصريين فقراء أو عرضة للفقر.
وأصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أكتوبر 2021 بيانا أشار فيه إلى تراجع معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% عام (2019-2020 ) مقارنة بـ 32.5% عام (2017-2018 ) بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.
وتبلغ نسبة الفقر المدقع التي يقصد بها من لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم من الغذاء 4.5% عام 2019/ 2020.
__________________________________________
* اسم مستعار بناءً على طلب صاحبه.