ماذا تنتظر مصر من الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة؟
تبدأ اليوم في واشنطن الاجتماعات الرسمية لوزراء الخارجية والري والوفود القانونية والفنية المرافقة لها بدعوة من وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، لمواصلة التفاوض على مشروع اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، الذي بدأت أثيوبيا تشييده في 2011 على النيل الأزرق.
وقد تكون الجولة ، التي تستمر لمدة يومين حتى غد، الأخيرة من أجل الوصول إلى الصيغة النهائية لاتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل السد، تمهيدا لتوقيعها نهاية هذا الشهر، حيث تتبقى نقاط متعلقة بشأن التشغيل، منها الاتفاق على وضع جدول زمنى للملء، في ظل الإجراءات المتبعة في سنوات الجفاف.
يشارك في الجلسة النهائية كلًا من: وزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، بمشاركة البنك الدولي، وبرئاسة وزير الخزانة الأمريكية.
وعقد وزير الخارجية سامح شكري، ووزير الموارد المائية والري محمد عبدالعاطي، اجتماعا تنسيقيا مع الفريق التفاوضي المصري، للنظر فى مشروع الاتفاق الخاص بملء وتشغيل السد.
وحسب بيان لوزارة الخارجية، عقد الاجتماع الذى يضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والري والمخابرات العامة، فضلاً عن خبراء القانون الدولي وأساتذة الجامعات المصرية، على ضوء نتائج مفاوضات اللجان القانونية التي عقدت في واشنطن على مدار الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك الاقتراحات المختلفة المطروحة من جانب إثيوبيا والسودان ونقاط الاتفاق والخلاف فى المواقف بين الدول الثلاث.
كما تم التواصل خلال الاجتماع التنسيقي مع خبراء قانونيين دوليين مصريين للوقوف على آرائهم واقتراحاتهم إزاء مشروع الاتفاق، وكذلك خلية العمل القانونية بوزارة الخارجية.
وفي سياق متصل، التقى وزير الخارجية، خلال وجوده فى واشنطن للمشاركة في مفاوضات سد النهضة، مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، حيث تناول اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تطويرها.
واستعرض شكري وأوبراين، خلال المقابلة، تطورات المفاوضات الخاصة بسد النهضة، وسعي الإدارة الأمريكية للتوصل الى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث، بحسب البيان.
كما بحثا ضرورة تعزيز التنسيق بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا الإقليمية المرتبطة بالشرق الأوسط، وبشكل أخص الأزمة السورية والوضع في ليبيا بما في ذلك ضرورة مكافحة الإرهاب والتصدي لانتقال المقاتلين الإرهابيين إلى ليبيا ومنها إلى دول الساحل والصحراء، وبما يدعو إلى تكثيف التنسيق والتعاون لتعزيز الأمن والاستقرار بالقارة الأفريقية والقضاء التام على ظاهرة الإرهاب.
وتضمن البيان الختامي الصادر عن اجتماع واشنطن السابق، بعض العناصر والمحددات الرئيسية للاتفاق النهائي حول سد النهضة، التي تشمل القواعد المنظمة لملء وتشغيل السد، وكذلك الإجراءات الواجب اتباعها للتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد، بما يؤمن عدم الإضرار بالمصالح المائية المصرية، كما اتفق الوزراء على أن يتضمن الاتفاق النهائي آلية للتنسيق بين الدول الثلاث لمتابعة تنفيذ الاتفاق، بالإضافة إلى آلية لفض المنازعات.
وقال وزير الري السوداني، في بيان الاثنين الماضى، إن من المنتظر أن توقع الدول الثلاث بالأحرف الأولى، على مسودة اتفاق في حال تجاوز القضايا مثار الخلاف، لافتا إلى مواصلة أعمال الفرق القانونية من الدول الثلاث والمراقبين بواشنطن منذ الاجتماع الأخير لصياغة الاتفاقية في شكلها النهائي.
وأعلنت وزارة الخارجية، فى بيان سابق، التوصل لاتفاق مبدئي بين الدول الثلاث، “بعد جولات من المفاوضات المضنية والشاقة”، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة البنك الدولي.
وأخفقت 4 اجتماعات سابقة تم الاتفاق عليها في واشنطن بين وزراء المياه والري في الدول الثلاث، بوجود ممثل للولايات المتحدة وممثل للبنك الدولي، حتى التاسع من يناير الماضي، قبل أن تدعوهم الملايات المتحدة لاجتاماعت بواشنطن بحضور وزراء المياه والخارجية في الدول الثلاث، فضلا عن ممثلي البنك الدولي.
وبحسب موقع “National Interest”، تطلب مصر 7 سنوات على الأقل لملء الخزان، في حين تحرص إثيوبيا على جني فوائد السد التي طال انتظارها، ولا تقبل بأكثر من 5 سنوات .
قد يبدو العامان غير مهمين، لكن بالنسبة لأديس أبابا، فهذا يعني عامين آخرين قبل أن تحصل المدارس التمهيدية والمستشفيات والمجمعات الصناعية على الكهرباء، أما بالنسبة لمصر يمنع العامان حدوث أضرار دائمة في مساحة كبيرة من دلتا نهر النيل، وفقدان سبل العيش لما يقدر بنحو مليون مزارع، وما يترتب على ذلك من 1.8 مليار دولار في الاقتصاد الوطني. .
وتوصلت البلدان الثلاث إلى حل وسط عن طريق معالجة المرحلة الأولى فقط من الحجز وتأجيل مناقشة المراحل اللاحقة، واتفقوا في بيان مشترك، صادر عن وزراء الخارجية والموارد المائية المصريين والإثيوبيين والسودانيين، على ملء سد النهضة على مراحل، وتنفيذ ذلك بطريقة تكيفية وتعاونية تأخذ في الاعتبار الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق والتأثير المحتمل لملء الخزانات في مجرى النهر.
ووافق الوزراء على تفاصيل المرحلة الأولى، لكنهم أجلوا المحادثات حول المراحل المتبقية حتى عودتهم إلى واشنطن في 28 و29 يناير، حيث ستجري مناقشات تقنية وقانونية إضافية قبل ذلك.
بالنسبة لمصر، يعد ضمان ضمان المجموعة الثلاثية للنظر في الحالة الهيدرولوجية للنهر طوال عملية الملء بأكملها مصلحة حيوية، حيث تمثل فترة الحجز فترة من المخاطر المتزايدة بالنسبة لها، فالجفاف خلال هذا الوقت من شأنه أن يدمر القطاع الزراعي في مصر بشكل لا رجعة فيه.
كجزء من الإجماع، ستملأ إثيوبيا السد خلال موسم الأمطار، الذي يحدث بشكل عام بين يوليو وأغسطس، وإذا سمحت الظروف الهيدرولوجية، سيتم تمديد الفترة إلى سبتمبر.
وحدد البيان المشترك أن المرحلة الأولى، التي سيتم فيها ملء الخزان إلى 595 مترًا فوق مستوى سطح البحر، ستتحقق بسرعة لتوليد الجيل المبكر من الكهرباء عبر الإنترنت في أقرب وقت ممكن، مع توفير تدابير التخفيف المناسبة لمصر والسودان في حالة الجفاف الشديد خلال هذه المرحلة.
واتفق الطرفان على تقاسم المسئولية عن إدارة الجفاف، إلا أن الخلاف قد يكون حول ما تحتاجه مصر لإصلاح نظام إدارة المياه لديها، حيث تستهلك المياه حاليا بمعدل غير مستدام، مع زيادة الضغط على الطلب، وهو ما يزيد العجز المائي للدولة.