انتبه| خبراء يحذرون من طرح ديون مصر بالبورصات الأجنبية: تتجاوز حدود الخطر وتُعرضنا لاحتلال اقتصادي
زهدي الشامي: الدين الخارجي دين للحكومات والمؤسسات الدولية.. واليوم يجري التحول للوجهة الأخطر أن نكون مدينين لرجال المال
الشامي: لا يوجد أكثر تشابها مع هذا النمط من الاستدانة سوى ديون عصر الخديو إسماعيل التي انتهت بإفلاس مصر واحتلالها
وهبة: بيع الديون في المقاصة الأوروبية “كارثة” يليها رهن أصول البلد إن لم تسدد الديون
علاء السيد:مانحو القروض سيضعون أيديهم على أصول داخلية مقابل ذلك في تغول جديد للاحتلال الاقتصادي
كتب- أحمد سلامة
كارثة جديدة على وشك التحقق، ونفق مظلم آخر اقتربنا من دخوله، واستدانة أشبه بتلك التي حدثت في عصر الخديو إسماعيل وأسفرت عن إفلاس مصر واحتلالها.. بهذه الكلمات وصف عددٌ من “الخبراء” و”المتخصصين” ما أقدمت عليه الحكومة المصرية من طرح ديونها بالبورصات الأجنبية.
في أبريل الماضي، قال وزير المالية محمد معيط إن مصر تتوقع أن يكون دينها المحلي مؤهلا للمقاصة الأوروبية ومفتوحا أمام عدد أكبر من المستثمرين الأجانب بحلول نوفمبر.
قبل ذلك، وبالتحديد في عام 2019 وقعت مصر اتفاقا للربط عبر الحدود مع يورو-كلير، أكبر دور المقاصة الأوروبية لتسوية معاملات الأوراق المالية.
خلال شهر سبتمبر الماضي، جدد وزير المالية التأكيد على أن مصر مقبلة على طرح ديونها بالبورصة حتى ولو تأخر حدوث ذلك لعدة أشهر، مضيفا “دعني أقول إننا أنهينا أكثر من 95٪ من المتطلبات، ونأمل أن يتم تسويتها في الأشهر القليلة المقبلة”، مضيفا: “ربما يكون مارس من العام المقبل ، لست متأكدًا”.
العديد من الخبراء الاقتصاديين أعربوا عن تخوفهم الشديد من الإقدام على تلك الخطوة، شارحين أسباب تلك المخاوف ومبرراتها، وما دفعهم إلى تشبيه ذلك بما حدث في عصر سابق أسفر عن احتلال مصر.
الخبير الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، زهدي الشامي، قال إن “مسألة طرح ديون مصر الداخلية للتداول الدولي في بورصة يورو كلير في بلجيكا مسألة تتجاوز حدود الخطر ولا يجوز التهوين من هذا الخطر على نحو ماذهب البعض”.
ويضيف الشامي “الدين الخارجي المصري تضخم في فترة سابقة واقتربنا من العجز عن الدفع، إلى أن تمت تسوية بدوافع سياسية بعد مشاركة مصر في حرب الخليج مع التحالف الدولي”.
ويستكمل “وفى السنوات الأخيرة عاد هذا الدين للتضخم من جديد من حوالي 44 مليار دولار فقط عام 2014، إلى نحو 140 مليار حاليًا، أي زاد أكثر من 300% في ستة سنوات، ومع ذلك تؤكد الحكومة أنه في الحدود الآمنة”.
ويتابع “والدين الداخلي وصل الآن إلى 4.5 تريليون جنيه مصري، بما يعني أن نسبة الدين داخلي وخارجي تصل لحوالي 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم كل ما تدعيه الحكومة من نجاح في خفض الدين هو ثرثرات لا قيمة لها، نجحت فقط فى إفقار المواطنين”.
ويسترسل “والآن وبعد هذا التضخم للديون والصعوبات في الحصول على قروض جديدة لجأت الحكومة المصرية للأساليب الأكثر خطورة في تنويع الاقتراض، وهي إصدار سندات دولارية في الأسواق الدولية بسعر فائدة هو من بين الأعلى في العالم، وقد أصدرت دفعتين منها هذا العام بقيمة تربو على 8 مليار دولار”.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن “هذا يعني وجود قنوات أخرى لتضخم الدين الخارجى غير محسوبة في الرقم الرسمي المتداول.. ثم هي تقدم الآن على الخطوة الأخطر، تداول أو في النهاية بيع الديون الداخلية المصرية الهائلة في أسواق المال الدولية”.
ويتساءل الشامي “ولأي عاقل أن يسأل نفسه لماذا سيشتري من يسمونهم المستثمرين الدوليين -والذين هم هنا في البورصات بالطبع مضاربون ومقامرون دوليون- الديون المصرية؟!”
ويجيب “طبعا ليس من أجل عيون المصريين، وإنما لأغراض المضاربة الصريحة. ويجب هنا أن نذكر أن الحكومة المصرية تورطت بالفعل في عدد من التعاملات والالتزامات الدولية الضارة، ونتيجة لها رفعت ضدها قضايا متعددة من مستثمرين وشركات أجانب، وصدرت وتصدر لصالحهم أحكام تعويض كبيرة، وما الأحكام التي تحصلت عليها إسرائيل في قضية وقف توريد الغاز سوى مثال، فماذا يكون الحال وقد تورطنا بالوقوع في الشبكة العنكبوتية الدولية للمقامرين؟”
ويوضح “بعبارة أخرى يجري الآن إلى جانب تضخم الدين الخارجي، وإصدار سندات دولارية متزايدة، تدويل الدين الداخلي المصري الهائل وتوريقه في البورصات العالمية لصالح المضاربين الدوليين”.
ويشرح زهدي الشامي “تقليديا كان الدين الخارجي المصري دينا للحكومات والمؤسسات الدولية، واليوم يجري التحول للوجهة الأخطر التي هي أن نكون مدينين لرجال المال المقامرين والمضاربين، وبمبالغ يمكن أن تصل لتريليونات الجنيهات المصرية”.
ويضيف “ولا يوجد أكثر تشابها أو تطابقا مع هذا النمط من الإستدانة أكثر من ديون عصر الخديو إسماعيل التي انتهت بإفلاس مصر واحتلالها. وخطر انتقال أصول مصر المهمة لمثل هؤلاء المقامرين موجود فى كل الأحوال في نهاية المطاف لو لم نستطع السداد، أو حتى بشكل مباشر إذا أجازت الحكومة المصرية أي مخطط لمبادلة الديون بالأصول، وهو أمر مطروح، بل سبق استخدامه في السنوات الأخيرة لحكم مبارك. وتم حينها بيع ديون مصرية مشكوك فيها لمستثمرين بأسعار منخفضة، واستخدمت حصيلة البيع التي وضعت في حساب خاص بالبنك المركزي في مبادلة بعض الأصول ( الخصخصة )، وهو أمر به قدر كبير من الشبهات لوجود بعض ذوي النفوذ الكبار وراء تلك العملية، يستفيدون من فساد بيع الديون وفساد تقييم وخصخصة الأصول، أي استفادة مزدوجة. غياب الشفافية وانعدام الرقابة والمحاسبة فيما يجرى أمر شديد الخطورة”.
ويختتم الشامي “لعل المصريين ينتبهون للخطورة الشديدة لما يجري من سياسات تهدد بتجريدهم من كل الأصول المهمة التي يمتلكونها، بعد تضخم الديون التي تم استخدامها في المقابل في إقامة سلسلة كاملة من المشروعات الفاشلة والعقيمة، والتي لا تخدم سوى قلة من الشركات والجهات الدولية والمحلية المنفذة، وقلة محدودة أيضا من المنتفعين بها من أثرياء مصر الجدد”.
عبر صفحته علي “فيسبوك”، حذر الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال والأكاديمي المصري الأمريكي محمود وهبة، في سلسلة من المنشورات، من تحكم الأجانب في أصول مصر، معتبرا أن بيع الديون للأجانب يفتح الباب لرهن أصول الدولة للأجانب ثم استيلائهم عليها.
وهبة أشار إلى أن وزارة المالية وضعت يدها على تريليون جنيه من أموال المعاشات، وتم صدور أحكام محلية لإعادتها دون أن يتم تنفيذها، مضيفا أيضًا أنه من المقرر أن يتم بيع مليار جنيه من أموال المعاشات في بورصة لوكسمبورج في نوفمبر مع الديون المحلية، منوها بأن “الأجانب سيتحكمون في معاشات المصريين بعد ذلك”.
حذر من أن “بيع الديون السيادية للأجانب بمقاصة تنقل ملكية الديون وترهن الأصول تمنحهم حق الاستيلاء عليها”، مؤكدا أن “مصر أصبحت للبيع حرفيا؛ بعد الاقتراض الخارجي الفاحش”.
ووصف وهبة بيع الديون في المقاصة الأوروبية بـ”كارثة رهن مصر ببيع 5.7 تريليون جنيه من الديون الداخلية في بورصة يوروكلير، ويليها رهن أصول البلد إن لم تسدد الديون”.
الخبير الاقتصادي والاستراتيجي علاء السيد، قال إن عرض الديون المحلية للمبادلة الدولية معناه الحصول على قروض جديدة مقابل رهن الأصول المصرية، وتدخل أجنبي، ووضع يد الأجانب على الأصول المصرية، وبيع لها قولا واحدا، والمعتاد بهذه النوعية من مبادلة الديون أن يتم الاستيلاء على الأصول بأقل من أسعارها وقيمتها السوقية الحقيقية، بنصف قيمتها أو 60 بالمئة منها، وبالتالي سيضع مانحو القروض أيديهم على أصول داخلية مقابل ذلك، في تغول جديد للاحتلال الاقتصادي الواقع بمصر.