الخبير الاقتصادي زهدي الشامي يحذر من طرح ديون مصر الداخلية ببورصة “يورو كلير”: أكثر أساليب تنويع الاقتراض خطورة
الشامي: الحكومة لجأت للأساليب الأكثر خطورة بإصدار سندات دولارية في الأسواق الدولية بأعلى سعر فائدة
يجري الآن تدويل الدين الداخلي المصري الهائل وتوريقه في البورصات العالمية لصالح المضاربين الدوليين
كتب- أحمد سلامة
حذر الخبير الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الدكتور زهدي الشامي، من إقدام الحكومة المصرية على طرح ديون مصر الداخلية للتداول في بورصة “يورو كلير” في بلجيكا، مؤكدًا أنها قضية شديدة الخطورة والمساس بالأمن القومي.
وقال الشامي إن “مسألة طرح ديون مصر الداخلية للتداول الدولي في بورصة يورو كلير في بلجيكا مسألة تتجاوز حدود الخطر ولا يجوز التهوين من هذا الخطر على نحو ماذهب البعض”.
وأضاف “الدين الخارجي المصري تضخم في فترة سابقة واقتربنا من العجز عن الدفع، إلى أن تمت تسوية بدوافع سياسية بعد مشاركة مصر في حرب الخليج مع التحالف الدولي”.
واستكمل “وفى السنوات الأخيرة عاد هذا الدين للتضخم من جديد من حوالي 44 مليار دولار فقط عام 2014، إلى نحو 140 مليار حاليًا، أي زاد أكثر من 300% في ستة سنوات، ومع ذلك تؤكد الحكومة أنه في الحدود الآمنة”.
وتابع “والدين الداخلي وصل الآن إلى 4.5 تريليون جنيه مصري، بما يعني أن نسبة الدين داخلي وخارجي تصل لحوالي 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم كل ما تدعيه الحكومة من نجاح في خفض الدين هو ثرثرات لا قيمة لها، نجحت فقط فى إفقار المواطنين”.
وأردف “والآن وبعد هذا التضخم للديون والصعوبات في الحصول على قروض جديدة لجأت الحكومة المصرية للأساليب الأكثر خطورة في تنويع الاقتراض، وهي إصدار سندات دولارية في الأسواق الدولية بسعر فائدة هو من بين الأعلى في العالم، وقد أصدرت دفعتين منها هذا العام بقيمة تربو على 8 مليار دولار”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “هذا يعني وجود قنوات أخرى لتضخم الدين الخارجى غير محسوبة في الرقم الرسمي المتداول.. ثم هي تقدم الآن على الخطوة الأخطر، تداول أو في النهاية بيع الديون الداخلية المصرية الهائلة في أسواق المال الدولية”.
وتساءل الشامي “ولأي عاقل أن يسأل نفسه لماذا سيشتري من يسمونهم المستثمرين الدوليين -والذين هم هنا في البورصات بالطبع مضاربون ومقامرون دوليون- الديون المصرية؟!”
وأوضح “طبعا ليس من أجل عيون المصريين، وإنما لأغراض المضاربة الصريحة. ويجب هنا أن نذكر أن الحكومة المصرية تورطت بالفعل في عدد من التعاملات والالتزامات الدولية الضارة، ونتيجة لها رفعت ضدها قضايا متعددة من مستثمرين وشركات أجانب، وصدرت وتصدر لصالحهم أحكام تعويض كبيرة، وما الأحكام التي تحصلت عليها إسرائيل في قضية وقف توريد الغاز سوى مثال، فماذا يكون الحال وقد تورطنا بالوقوع في الشبكة العنكبوتية الدولية للمقامرين؟”
واسترسل “بعبارة أخرى يجري الآن إلى جانب تضخم الدين الخارجي، وإصدار سندات دولارية متزايدة، تدويل الدين الداخلي المصري الهائل وتوريقه في البورصات العالمية لصالح المضاربين الدوليين”.
وشرح زهدي الشامي “تقليديا كان الدين الخارجي المصري دينا للحكومات والمؤسسات الدولية، واليوم يجري التحول للوجهة الأخطر التي هي أن نكون مدينين لرجال المال المقامرين والمضاربين، وبمبالغ يمكن أن تصل لتريليونات الجنيهات المصرية”.
وأضاف “ولا يوجد أكثر تشابها أو تطابقا مع هذا النمط من الإستدانة أكثر من ديون عصر الخديو إسماعيل التي انتهت بإفلاس مصر واحتلالها. وخطر انتقال أصول مصر المهمة لمثل هؤلاء المقامرين موجود فى كل الأحوال في نهاية المطاف لو لم نستطع السداد، أو حتى بشكل مباشر إذا أجازت الحكومة المصرية أي مخطط لمبادلة الديون بالأصول، وهو أمر مطروح، بل سبق استخدامه في السنوات الأخيرة لحكم مبارك. وتم حينها بيع ديون مصرية مشكوك فيها لمستثمرين بأسعار منخفضة، واستخدمت حصيلة البيع التي وضعت في حساب خاص بالبنك المركزي في مبادلة بعض الأصول ( الخصخصة )، وهو أمر به قدر كبير من الشبهات لوجود بعض ذوي النفوذ الكبار وراء تلك العملية، يستفيدون من فساد بيع الديون وفساد تقييم وخصخصة الأصول، أي استفادة مزدوجة. غياب الشفافية وانعدام الرقابة والمحاسبة فيما يجرى أمر شديد الخطورة”.
واختتم “لعل المصريين ينتبهون للخطورة الشديدة لما يجري من سياسات تهدد بتجريدهم من كل الأصول المهمة التي يمتلكونها، بعد تضخم الديون التي تم استخدامها في المقابل في إقامة سلسلة كاملة من المشروعات الفاشلة والعقيمة، والتي لا تخدم سوى قلة من الشركات والجهات الدولية والمحلية المنفذة، وقلة محدودة أيضا من المنتفعين بها من أثرياء مصر الجدد”.
وخلال عام 2019 وقعت مصر اتفاقا للربط عبر الحدود مع يورو-كلير، أكبر دور المقاصة الأوروبية لتسوية معاملات الأوراق المالية.. وفي أبريل الماضي، قال وزير المالية محمد معيط إن مصر تتوقع أن يكون دينها المحلي مؤهلا للمقاصة الأوروبية ومفتوحا أمام عدد أكبر من المستثمرين الأجانب بحلول نوفمبر.