صالون التحالف يناقش أوضاع الصحة في تقرير التنمية البشرية.. الدولة تنسحب من تقديم الخدمة وتركت القطاع الخاص يستغل المواطنين
منى مينا: الحكومة أطلقت يد القطاع الخاص يستغل المواطنين خلال جائحة كورونا.. وتعاملت بقسوة مع الفريق الطبي
سامح مرقس: ليس هناك إدارة واحدة مسئولة عن الأطباء والطب في مصر.. وتدني الأجور يدفع الأطباء إلى الهجرة
محمد حسن خليل: الإنفاق الحكومي على الصحة يمثل 1.2% من إجمالي الناتج المحلي.. والتأمين الصحي الجديد اختياري لا يشمل كل المصريين
كتبت- آية أنور
عبر ثلاثة خبراء ناقش صالون التحالف الشعبي أوضاع الصحة في مصر من خلال ندوة إلكرونية أمس الاثنين بمنسابة صدور تقرير التنمية البشرية الذي استعرض أوضاع الصحة في مصر.
وأكد الخبراء الثلاثة ان الأزمة الصحية في مصر تتلخص في انسحاب الدولة من تقديم الخدمة الصحية لتفسح المجال للقطاع الخاص، ما جعل الخدمة تتحول إلى سلعة تحقق أرباح، يأتي هذا بالتوازي مع إهمال حقوق العاملين في المجال الطبي.
وقالت منى مينا وكيلة نقابة الأطباء الأسبق إن التقرير تحدث عن تعامل متوازن في مصر مع جاحة كورونا وهو كلام غير صحيح فتم إطلاق يد القطاع الخاص الذي يستغل المواطنين بشكل كبير وبدون وجود أي قواعد من ناحية، وعدم مساعدة الفرق الطبية وتوفير المعدات الطبية والوقائية لهم، فضلا عن تركهم يواجهون الموت دون ضم شهداء الفريق الطبي لقانون وصندوق شهداء مكافحة الإرهاب من الجيش والشرطة باعتبار كورونا خطر يهدد الأمن القومي.
وقال الدكتور سامح مرقس أستاذ الأشعة في جامعة شيفلد بانجلترا إن الوضع الصحي في مصر مشتت الجهود بين وزارت متعددة دون مسار واحد يقدم الخدمة، ففي مصر مستشفيات تابعة لوزارة الصحة وأخرى لوزارة التعليم العالي وأخرى لمؤسسات الجيش والشرطة هذا بخلاف القطاع الخاص، وهذا يجعل كل الجهود تذهب هباء، فليس هناك إدارة واحدة مسئولة عن الأطباء وعن ممارسة الطب في مصر، هذا بالإضافة إلى ضعف تدريب التمريض وعدم تقديرهم.
وقال الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة وعضو سكرتارية الحزب الاشتراكي المصري إن الإنفاق الحكومي على الصحة يمثل نسبة 1.2% من إجمالي الناتج المحلي والتي تعد من أدنى النسب في العالم، وأشار أن ما ينفق على الصحة في مصر من قبل التمويل الحكومي والتمويل التأميني هو 29% فقط، ما يشكل مشكلة حادة في تمويل النظام الصحي.
لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
في البداية قال الدكتور سامح مرقس أستاذ الأشعة في جامعة شيفلد بانجلترا إن من أسباب وعكة النظام الصحي في مصر ومنذ إنشاء وزارة الصحة عام 1936 هي وجود قرارات بشكل ارتجالي، بالإضافة إلى التجزئة الشديدة في تقديم الخدمات الصحية بين وزارات وهيئات متعددة ما بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والمؤسسة العسكرية والتأمين الصحي والمستشفيات والشركات الخاصة وغيرهم، مما يؤدي إلى تفكيك أسلوب إدارة الصحة في مصر.
وأضاف مرقس أن هناك اتجاه بعدم الاستفادة من خبرات الآخرين خاصة النظام البريطاني الذي يعد هو أقرب نظام لنا في مصر والذي يميزه هو التزامه بفعالية التكلفة وأن جميع العلاجات تعتمد على أدلة وأن قرارات الأطباء ليس لها علاقة بأي مكاسب شخصية، والهدف الأساسي هو تقديم أفضل علاجات للمريض بدون أي تكلفة مادية.
واستكمل مرقس أن إدارة الصحة في مصر تفتقروجود فلسفة واضحة للإدارة، وتستورد حلول من جهات مختلفة، وينتهي الأمر بعمل إصلاحات ليس لها اتجاه واحد، كما أن هناك مشكله في التعليم الطبي والتدريب التخصصي، وليس هناك إدارة واحدة مسئولة عن الأطباء وعن ممارسة الطب في مصر، كذلك كل الخدمات الصحية المساعدة فهناك فوضى في الإشراف على قوانين ممارسة المهن المختلفة التي تقدم المساعدة للخدمات الصحية، بالإضافة إلى المشكلات التي تواجه جهاز التمريض من ضعف التدريب وعدم التقدير الكافي لمهنة التمريض.
وأشار مرقس إلى أن رواتب الأطباء الهزيلة وظروف العمل الصعبة تدفعهم إلى الهجرة من مصر إلى الدول العربية والغربية،
وأضاف أن الضعف في الوعي الصحي العام وانتشارعدم الثقة في الخدمات الصحية الحكومية أدى إلى زيادة الإتكال على القطاع الصحي الخاص فوفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2021 استخدام الخدمات الصحية في القطاع الخاص تصل إلى 62% من كل الخدمات.
وأكد مرقس على أن نجاح أي منظومة صحية يتطلب موارد كافية وهيكل نظامي حديث وعناصر بشرية مميزة وبدون تكامل تلك العوامل لن يمكن تقديم خدمات بمستوى جيد، وأضاف أن المنابع المادية لإدارة الصحة تختلف من بلد إلى أخرى، وأكد على أن أفضل نظام هو النظام الصحي الوطني في انجلترا والذي يوفر رعاية صحية مجانية على مستوى عالي من خلال نظام ضريبي تصاعدي.
واستعرض مرقس نظام إدارة المستشفيات في بريطانيا، وأشار إلى أن جميع المستشفيات في بريطانيا بما فيها المستشفيات الجامعية خاضعة لإشراف وزارة الصحة.
وأكد أن الجامعات ليس لها أي دور في إدارة المستشفيات ودورها الأساسي يتلخص في التعليم والبحث العلمي، ما ينتج عنه نظام موحد يؤدي إلى تماثل الخدمات الطبية بين أغلب المستشفيات، وما يميز المستشفيات الجامعية عن باقي المستشفيات هو تمثيل للجامعة في مجلس إدارة المستشفى للتأكد من وجود تسهيلات كافية لتعليم الطلبة والبحث العلمي، كما تحصل على ميزانية إضافية لدورها التعليمي وتلك الميزانية تكون معتمدة على عدد الطلاب المتدربين في المستشفى.
وأكد مرقس ضرورة التعاون بين المستشفيات الجامعية في مصر ومستشفيات وزارة الصحة لرفع مستوى الخدمات في مستشفيات وزارة الصحة وتحسين فرص التدريب وتوزيع الأطباء بدلاً من تكدسهم في المستشفيات الجامعية.
قالت الدكتورة منى مينا وكيلة نقابة الأطباء الأسبق ومنسق حركة أطباء بلا حقوق إن هناك مفارقة شديدة بين الواقع الذي نشاهده في منظمات الصحة وبين ما تم ذكره عن أوضاع الصحة في تقرير التنمية البشرية لعام 2021، فالتقرير تحدث عن التعامل المتوازن مع أزمة كورونا، وهذا ما يتعارض مع الواقع، خاصة وأن وقت الجائحة كان هناك وجود مطلق للقطاع الخاص الذي يستغل المواطنين بشكل كبير وبدون وجود أي قواعد.
وأضافت منى أن منذ بداية الجائحة كان هناك عجز في توفير لوازم مكافحة العدوى في المستشفيات، بالإضافة إلى توفير مسحات الفحص عند الاشتباه للأطباء الظاهر عليهم أعراض واللذين كانوا في مواجهة مئات المرضى.
واستكملت أن كان هناك فارق كبير بين الأرقام المعلنة من وزارة الصحة عن عدد المصابين وبين الأرقام الحقيقية، فوفقاً لدراسة أجرتها الـ BBC بمقارنة أعداد الوفيات في الثلاثة أشهر التي مثلت ذروة الجائحة في عام 2020 بالوفيات في عام 2019، ولوحظ أن هناك ارتفاع كبير في معدل الوفيات عن السنة التي سبقتها، وأضافت أن وزيرة الصحة لم تنفي ذلك وقالت إن الوفيات المسجلين نتيجة للإصابة بكورونا هم الذي سبق وأجروا المسحات.
وأشارت وكيلة نقابة الأطباء الأسبق أن عدم توفر المسحات دفع العديد من المرضى إلى اللجوء للمعامل الخاصة التي بها تكلفة المسحة يتراوح ما بين ال1000 وال2000 جنيه وهي تكلفة كبيرة جداً مقارنة بمستويات الدخل الموجودة في مصر، بالإضافة إلى تكلفة الأشعات المقطعية والتحليلات المعملية وأنابيب الأكسجين في ظل عجز الدولة عن توفيرها.
وأكدت أن هناك تعامل شديد القسوة مع الفريق الطبي، فمنذ بداية الجائحة صرح رئيس الوزراء بأن هناك إجازات استثنائية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة تؤثر على المناعة وتم تطبيق القرار على جميع القطاعات باستثناء الفريق الطبي الذي يواجه الجائحة، وأضافت أن كان هناك اقتراح قُدم للنقابة بالاستفادة من طاقات العاملين بالقطاع الطبي الذين يعانون من أمراض مزمنة من خلال وضعهم في أقسام بعيدة عن مرضى كورونا أو من خلال المتابعة الإلكترونية وتقديم الاستشارات الطبية عبر الخط الساخن ولكن كل ذلك تم رفضه، كما تم رفض مقترح نقابة الأطباء بضم شهداء الفريق الطبي لقانون وصندوق تكرم شهداء مكافحة الإرهاب من الجيش والشرطة باعتبار كورونا خطر يهدد الأمن القومي مثله مثل الإرهاب.
وقال الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة وعضو سكرتارية الحزب الاشتراكي المصري إنه وفقاً لتقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة فإن مصر تأتي في المرتبة الـ116 من بين 189 دولة وهو ما يعد مركزاً أقل من المتوسط أقرب إلى الضعيف، وأضاف أن التقرير يذكر أهم التحديات التي تواجه النظام الصحي هي ضعف تمويل النظم الصحية، ومشكلات الأدوية، والنقص المزمن في الاستثمار في التعليم والتدريب للعاملين في مجال الصحة من أطباء وفنيين وتمريض وصيادله، بالإضافة إلى ضعف المرافق العامة.
واستكمل أن الإنفاق الحكومي على الصحة يمثل نسبة 1.2% من إجمالي الناتج المحلي والتي تعد من أدنى النسب في العالم، وأشار أن ما ينفق على الصحة في مصر من قبل التمويل الحكومي والتمويل التأميني هو 29% فقط، مما يشكل مشكلة حادة في تمويل النظام الصحي.
وأشار إلى أن التقرير يتناول التأمين الصحي الشامل بشكل متفائل ويقول أن هناك مشكلات في التأمين الصحي وتم حلها نهائياً بصدور قانون التأمين الصحي الجديد رقم 2 لسنة 2018 وهو ما يؤكد على أن جميع سكان مصر سيكون مؤمن عليهم تأمين شامل بنسبة 100% بحلول عام 2030، وهو كلام غير صحيح بحكم نص القانون وتطبيقه نظراً لأنه تأمين صحي اختياري والتأمين الاختياري لا يمكن أن يكون شامل، كما أن التوقف عن دفع الاشتراك في أي وقت يؤدي إلى وقف التأمين.